بداية أشكرك أخي الحر النادر على هذا الموضوع ..
هذه المحاولات تأتي في سياق مخططات ترمي إلى انتاج جيل مهجن لا يرتبط بسبب أو صلة بأي أمة أو تاريخ أو مصير واحد ، جيل لا يعرف إلا كلمة واحدة كانت هي السبب الأول في تأزم الأوضاع الراهنة على العديد من الأصعدة .. ألا وهي التعايش السلمي مع اليهود ...
ولو لا حظت أن من يقوم بهذه المبادرات هم اليهود أنفسهم ، والذين أجريت معهم اللقاءات في التقرير الآنف هم من اليهود أو اليهود العرب الغير معترف بهم داخل الأوساط اليهودية الأصولية ، وقد يأخذك العجب حينما تسمع مثل هذه المشاريع التقاربية ، مع أن اليهود هم من أشد المجتمعات البشرية عنصرية و انغلاقا و إقصاء للآخر ... وأنا لا أقول هذا الكلام اعتباطا وبدون دليل ، بل من قرأ كتاب - الأصولية اليهودية في إسرائيل - علم ذلك جيدا والكتاب لم يؤلفه أحد مخالف لليهود فكريا أو دينيا ، بل ألفه رجلان يهوديان أحدهما إسرائيلي والآخر يهودي أمريكي ، هما إسرائيل شاحاك و نورتون ميزفينسكي ، والكتاب ترجمه ناصر عفيفي وطبعته مكتبة الشروق الدولية ، يحكي الكتاب عن ذلك الصراع المحتدم داخل الوسط اليهودي بين اليساريين أو الأصوليين اليهود أو من يسمون بالغة العبرية بالحريديم ، وهم الذين منهم الحاخامات أو رجال الدين ، وبين اليمينيين أو الصهيونيين ، والصهيونية بالمختصر المفيد هي اليهودية العلمانية ، والصهاينة هم اليهود الأقرب للعلمانية من الأصولية اليهودية ، وقد كانوا يمثلون الأقلية سابقا ولكنهم اليوم أصبحوا يشكلون نسبة كبيرة وخاصة في الأوساط الثقافية ، أما الأصوليون - الحريديم - الذين يتميزون باللباس الأسود والقبعات السوداء ، فهم من أشد الناس إنغلاقا وعنصرية حتى ضد المرأة والتي يعتبرونها مخلوقا حقيرا ما خلق إلا ليمتهن ويحتقر ، وهم المتحكم الأول في العملية الإنتخابية في إسرائيل بل وفي أمريكا ويمثلهم اللوبي اليهودي الأمريكي ، فمن كسب رضاهم من المرشحين ، فإنه وبلا خلاف سيفوز بالرهان ، ومن خالف منهجهم وسار على غير رغبتهم فإن نهايته ستكون مؤلمة ، ولعل إغتيال الرئيس الأمريكي كندي واغتيال رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين ، والجرائم التي إرتكبها الإبن البار شارون هي من الأمثلة الدالة على تلك السياسات اليهودية الأصولية ، ولذلك فإن المجتمع اليهودي منشق بين الصهيونية المنفتحة والأصولية المنغلقة ، والتي تحارب الصهيونية لأن الصهيونية تريد القضاء على التعاليم اليهودية الموجودة في كتابهم - التلمود -
وقد كان شيخنا الشيخ سفر الحوالي حفظه الله وأنا أسمع منه في مجلسه يقول (( إن شارون هو الذي يمسك العصا من الوسط بين هذين التياريين ، وهو الذي يشكل صمام الأمان لهذا المجتمع الإسرائيلي والذي سينفجر فيه الخلاف بعد رحيله عن السلطة )) وما يجري ليهود باراك دليل عل صدق ذلك التوقع ..
هذا الكلام سقته لأدلل على أن اليهود لا يمكن أن يقوموا بأي عمل فيه تقارب مع المسلمين أو العرب وهم بهذا القدر من العنصرية والإلتزام بالتعاليم التلمودية ، إلا إذا كان وراء هذا التقارب خدمة لأهدافهم ، مثل العمل على إذابة الهوية الإسلامية التي هي المحرك الوحيد للنضال والمقاومة ، أو للحصول على أكبر قدر من التنازلات في سياق مشروع المفاوضات الماكر ...
ولكن أقول إن شعب دولة فلسطين هو أعرف الشعوب بهذه المخططات ، هو شعب السنوات المليئة بالتضحية والجهاد والبطولات ، هو شعب الشهداء وسادات التحرير ، هو الشعب الأشرف بين شعوب العالم كلها ، هو الشعب الذي يركع التاريخ والمجد تحت هامته إكبارا وإجلالا ... شعب لا يعرف قدره إلا من قرأ قول الله تعالى (( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين )) هل تأملت قوله تعالى (( ويتخذ منكم شهداء )) أليس هذا الشعب هو الذي يختار الله منه الشهداء على مدى أكثر من ستين عاما .. الله لا يتخذ إلا من اصطفاهم للشهاده ..
هذا الشعب هو الشعب الوحيد الذي يمكنه أن يسترد هذا الحق المغتصب ، بعد هذا الخذلان المخزي من العالم الإسلامي كله ...
ختاما أيها المشرف العزيز ، لا يمكن للذئب أن يرعى يوما ما مع الغنم ... وشكرا .