أستويت في جلستي ....وقد تنفست الصعداء بعد رحيل الثقيل جداً... وحينها سمعت المتكلم على الميكرفون والذي يتكلم واقف تزلفاً... ومعلقاً على كلمة ابو عيون جرئيه وصحبه ... حيث قال أن النمط الصوري للروايه قد فسر لنا مثالية الراوي .... وثقافة الناقد ... حيث تحل الألوان مراتب في سيكولوجية الإنسان حسب ترتيب طول أمواج اللون ... وردة فعل ذلك على انطباعه العام ..... بتأثير فيزيلوجي من الدماغ .... و ...و....و... ( قلت في نفس ... هل نجح الطب الحديث في استنساخ .... على المحمود ؟!!)
رحم الله العقول التي من الله علينا بها ... لنتفكر في ملكوت الله .... فسيئ استخدامها عند بعض القوم ... فملوها بالكلام الفارغ ... الذي لو فصلته كله ....ثم جمعته...وقسمته ...وضربته .... ثم سميت بسم الله ..وطرحته ... اكتشفت ... انه لا يوجد فيه شي يستفاد منه وتفهمه على الوجه الصحيح ...ألا ... حروف الهجاء التي كتبت بها .....
انا لا اعلم لماذا لا يتكلمون بلغة مفهومه ... وسهله على المتلقي .... أليس هذا هدف المثقف ألأول ... هو تبسيط المفاهيم وجعله ابسط لفهم ألعامه ؟ ...
ومن المفارقة العجيبة .. هو عندما تعلم أنهم يحرفون الحديث من أجل .. إضافة مصطلحات ...رغم أنف النص ... والحاجة .... ويدمجونه في كلامهم قسراً .... لما يظنونه أنه ...ربما يمنح نصهم نوعاً من الآلق ولامعان ...والعلمية المزعومه ... وهو ما لا يحتاجه النص بل ربما .... شوش ألصوره الواضحة في النص ... أمثال ( سيكولوجي – أثربيلوجي – ميتافيزيقي – ريدكالي – ديالكتيكي ..... وهلم جرى ) .... كيف يدعون أنهم مثقفون ...والمثقفون هم من يفسرون الظواهر ويعيدون قراءتها بشكل مبسط للعامة ..... ونحن ألعامه نرى أن مثقفونا في حاجه لشخص آخر .... يقرأهم كظاهر تحتاج إلى تفسير ...... وأظن أننا لن نجد سوى تفسير علماء عزيز مصر الذي أخطئوا في تفسير رؤيا عزيزهم .... بتفسير ظاهرتنا (قالوا أضغاثُ أحلامِ وما نحنُ بتأويل الأحلامٍ بعالمين) .
وقطع استرسالي ... للمرة الألف الثقيل ذو العيون النارية وهو يفاجئني ويقول لي ....
أهلاً بالقحطاني ... أنا أول ما شفتك عرفتك ... ولكن تعرف مضى على ألقاء الأول قرابة ستة عشر سنه .. الأمر الذي جعلني أحاول التأكد هل هو أنت أم لا ...!
قلت تعرفني أنا ؟!! .. لا ذكرك ... ومتى ؟!! من ستة عشر سنه... لاذكر !!...
قطعني قائلاً :- لا ... لا ... أنت لا أظن أنك تتذكرني ... ولكني أذكر ... وأذكرك جيداً .... سألت أحمد بن عمي عنك .. وأخبرني ..
قلت له :- إذاً ... وقد أبديت له تذمري من محادثته .... لم حملت له من صوره سابقه سيئة بسبب نظراته المغروره لي .
قال أريد محادثتك لأمر مهم بيننا ألآ خرجنا من ألقاعه ... فصوت المكبر عالي ....
لم أرى بد من الخروج معه ... لأنهي هذا الأمر الذي لا أعرفه .. ولا ماذا يريد هذا المغرور .....أومأت براسي ....وقلت له طبعاً .... وخرجت معه .
تجاوزنا باب ألقاعه وانحرف يميناً متجهاً إلى باب خشب كبير على يسار المغاسل ويمين الداخل للقاعه ... فتحه ودخلت فدخلت معه ... كان شبه مكتب جزأً من حائطه ألمنيوم .... وفي اقصأه طاولة مكتب فيها بعض الكتب والمجلدات .... أومأ لي بالجلوس على الأريكة ألمقابله للمكتب وقال تفضل ....وجلس أمامي على المقعد الدوار الذي أمام الطاولة مقابل لي مباشره .....وقال : مرحباً بك ....ياقحطاني ... هل قد زرتنا سابقاً .. أعني في هذه الأثنينيه ؟
وضعت رجلاً على رجل ... واصطنعت التذكر ...ثم قلت له ..... لا ... لا فيما أذكر .
فقال وقد صر أحد عيناه كتشكيك فيما افول :- ربما أنك نسيت ... لقد كان هذا قبل ..... ستة عشر سنه كما قلت لك .... أنه وقت طويل ... وربما كانت حادثه ليست مهمه في حياتك .... فنحن ننسى الكثير من ذكرياتنا ...والتي لا تعتبر مهمه في حياتنا ؟؟!
قلت بنوع من الضجر منه ومن أسلوبه ألتحقيقي ... إذا كان هناك شي تذكره لي و يهمك ... فأخبرني عنه ... بدلاً من أسلوب الفوازير ......أنا لا أذكر شي ألبتا .... يتعلق بك ...أو بثنينيت عمك ..... فأختصر ما عندك ... أنني ارغب في أكمال سماعي لندوه ....
استعدل في جلسته ....ونظر ألي ...ورسم ابتسامه دبلوماسيه ساذجة وقال :-
ياقحطاني ... لقد زرتنا في وقت مضاء كنت صغير أظن أن عمرك في بداية البلوغ .... كنت صبياً وقد وقفت لأمراً ما ..ولكنك حاولت تغيير موضوع تلك ألليله .... قد كنت خائفاً جداً ... وقد قلت كلاماً كثيراً ... عن أزمة الخليج وعن وطننا ... وإصلاح وأمور أخرى ... لا أذكرها ....ألا أنك قد ذكرت أن أحد أساتذتك شجعك ... وانك تدرس في مدرسة ألامين ولكنك لم تكن صادقاً .... ولقد سحبتك أنا بطلب من عمي .. الذي نهرك وقال انك فاسد ألفكره .... وقد زاجروك الكثير من الحضور ونهروك ووبخوك ...وقد أتيت بك إلى هذا المكتب .... - والتفت في جنبات المكتب وستمر قائلاً :- ربما تغير عليك المكتب ولكن ليس كثيراً .... الأثاث فقط تغير.... أطلاء هو نفسه – ثم قال مبتسماً – ربما يساعدك ذلك في التذكر .. قاطعته ساخراً :- ممتاز المساعد .. الطلاء !! ثم قهقهت تصنعاً .. ثم وضعت رجلاً على أرجل الأخرى وقلت له :- على كل حال .. هل تذكر ما قلت أناء في ذلك اليوم الذي لم أكن أنا فيه موجوداً ... فربما ساعدتك ..؟
فقالي باستغراب ... لم تكن فيه موجوداً ... قالت له نعم ... لم أحضر هذه الاثنينيه قط .. وهي أول حضور لي ... ولا اعرف عما تتحدث عنه شياً .
قال لكنك تشبه ...وأنا ذاكرتي لا تخيب ظني أبداء .... فقلت له .. لا تمدح ذاكرتك فقد اختبرتها معي الآن ... وأخبرك بكل صدق أنها لم تكن دقيقه ....... على كل حال لنتحدث ... هل يهمك ذلك الصبي في شي ؟ ( أريد معرفة سر هذا الكره الذي أره في عينيه لي ) .
قال لقد تم تسجيل كلامه من بعض رجال الامن الحاضرون تلك الليله..... وقد طلب منا إحضارك ... ومع شديد الاسف ـ فقاطعته مغضباً – أنا ؟؟ أحضاري أنا؟؟ ... فأومأ بيديه مستدركاً كلامه : أعني الصبي الذي حسبتك أياه .. ولكن مع شديد الأسف لقد طلبت منه عدم ألعوده ... كما أنني لم اعثر عليه في المدرسة الذي زعم انه يدرس بها ... وذلك ليتحقق رجال الأمن فيمن يستغله ...
فقلت مستفهماً : ولم تحضروه إذاً !!.... فماذا حصل ؟.... فزم شفتيه وشبك بين أصابعه ... وقال :- أغلقت الاثنينيه ستة أشهر ... لم تغلق منذ أسسها جدي ( فلان ) .. ثم في عهد عمي الحالي (فلان).. أي لأكثر من خمسين سنه مضت .. إلا تلك الفترة ..
أنزلت رجلي من رجلي الأخرى وقلت بصوت هادي لأبدي له أنني أريد أن أغادر ....:- أذا ... أنا لست المعني ... فهذا أول حضور لي في هذه الاثنينيه ... وكان حضوراً حافل .. بوجودك يأستاذ لقد انتهت الندوة ـ (وكان مكبر الصوت يدوي بشكر المشاركين كإجراء لانتهاء الندوة) – وقد حرمتني من الاستمتاع بها والاستفادة بسبب شكك .... هل تسمح لي بالانصراف ... وقف وصافحني بعد وقوفي واتجهت للباب وفتحته وغادرت المبنى وانا أتسأل وأقول في نفسي :-
( ماذا تنتظر من ثقيل ألطينه ... سوى الأذى والغثى ... لأنه مشبهاً على بصبي أتاهم قبل 16 سنه ... فبادرني بنظرتاً يستفز منها الفولاذ ... ويعيى على الصخرة الصماء تحملها .... ويشك أني أتيتهم صبياً ... لا ...والحمد الله أنني لم أحضر هذه الفعاليات الثقافية .. ألا وقد كبرت ... وقوى جسدي على سماع الغثاء ... والكلام الفارغ ...لو حضرت صبياً ... لا ربما أصبت بتشنج عصبي بسبب .. بعض أمراضهم السارية من نوع ( سيكلوجي – بيلوجي – كلنيكي – بجبيجي – فغافيسي – وهلم جرى ) وأمراضهم لها طرازات ( علماني – لليبرالي – أشتراكي – قومي – بعثي – حداثي – وهلم جرى ) اللهم عافنا وعفو عنا ...
ثم من هوا ذلك الصبي ... هه .. صبي يتكلم عن الإصلاح هناء ... كم هو فتى مجنون ... لو تمعن لاعلم أن من يحتاج الإصلاح هو من أتى طلباً في مساعدتهم في الإصلاح .... فهاؤلاء هم أحوج الناس للإصلاح ... ومن جميع الطرق بداية من العلاج النفسي نهايتاً بالتربيه البديلة التي تؤمن عن طريق دور الإحداث من عصي وفلكه وماء بارد لنائم فيهم ...... ثم يتلوا ذلك صعق كهربائي لجماجمهم المتعطلة لعل وعسى أن تدب الحياة في بعض الخلايا المتأكسدة .
ثم لو كان حديث هذا المغرور صحيحاً أن صبياً جاءهم ذات يوم قبل عقد من الزمن وقال ما قال ... هل يعتقد هذا المغرور أن الصبي سيعود ؟؟؟ بعد النهر والزجر والتوبيخ المقذع !!!!.... أنا لا ظن انه سيعود ... فهو سيكره كل من شاهده تلك الليلة وسيكره الثنينيات والخميسيات والثلاثينيات والاربعيات وسيكره الثقافة وما أوصل أليها من قول وعمل ... وسيكره كل من أنتسب لثقافة كره اقل قليله أطنان ... وأن عاد ... وهو ظن بعيد الأمد أن يعود..... ولكن أقول جدلاً.........أن عاد ... فأنه سيعود ليسخر منهم ... ويضحك عليهم .... ولو داخل نفسه ... أرضاءً ربما لكبريائه ......وانا لست هو ......فأنا أحب المثقفين
|