إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

انا .. وهو .. وأقاصيص .. الحب!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

    #16
    كان من الصعوبة بمكان ان اطلب كل هذا...وان اجعل من امرأة بسيطه....لا تتكلم سوى العربيه قادره على التعامل مع فتاة اسبانيه يفترض انها تعيش معها في بلدها اسبانيا منذ سنين.

    ياإلهي لم اكتشف انني احتاج الى هذا الا عندما بدأت اشرح لسيده لماذا كذبتُ وان هذا في مصلحتي, وفي اثناء حديثي وعندما توصلتُ الى هذه المرحلة من تخيل ما يجب ان يحدث مساء السبت توقفتُ فجأة عن الكلام, لدرجة اخافت سيده وجعلتها توافق ان تفعل ما اريد ربما ظناً منها بأنني توقفت فجأة لانني كنت متضايقه جدا بسبب الدراسه او أنني اعاني من صعوبة لغوية بالغه دفعتني الى هذا الكذب.

    "حبل الكذب قصير"...سيطر هذا المثل على تفكيري ذلك المساء عندما يئست ان اجد حلا آمنا لتلك المشكله المعقده, فكرت ان ابعد ليث عن البيت وعن سيدة, ولكن كيف اغير رأيي واقول له انني لا استطيع استقباله في البيت؟! العرض كان لاعطاءه الشعور بالامتنان او دفع ثمن الدرس ولكن في جو يحتمل ان يكون عربي وهذا ما قال انه يحن اليه. حسناً سوف اعرفه بسيده ثم اطلب منها الانصراف لكي لا يستمر تعاملي معها طويلا في وجوده, ولكن كيف اتكلم معها في اي طلب ولو كان بسيط..

    لن اطلب شيء سأتعامل وكأنه ليس مطلوبا منها ان تقدم لي اي شيء وان لا تكون خادمه بالمعنى المعروف وهي في الحقيقه ليست كذلك وان كانت تفعل ذلك فذلك لرغبتها الشديده في تقديم جميع السبل لراحتي والتي ترى انها شغلها الوحيد في هذه البلد..

    كما يجب ان اطلب منها ان لا تتحدث اليه عن عائلتي كي لا تخطئ, يجب ان لا اتركهم طويلا وحدهم لأمنع حديث سيده الطيب الذي يمكن ان تقول فيه مثلا "سي الاستاز ابو محمد –والدي- بيحب ياكل المكرونه صنيه مابيحبهاش ..." او مثلا تقول"ست ام محمد دي اميره وطيبه "...
    اوه.. ياإلهي يجب ان ابتعد عن هذا الخطأ, ولكن خروجي خارج البيت ليس الحل ..
    الحل ان احدد تواجدها في وجودي لأمنع احتمال اضطرارى لتوجيه الحديث إليها ولكي لا يصبح الموضوع ملحوظا..
    كيف سأعرفها به؟ بأي لغه؟...
    حسنا يجب ان اقضي ساعتين مع سيدة لأُدربها على ما يجب ان تعرفه بالاسبانيه وليكن مصحوبا بأشارات تحفظها فتتبع حركة يدي اكثر من كلماتي..
    نعم هو ذا الحل الامثل..
    لن يكون هناك حديث يتعدى التعريف بليث, اخذت افكر بهذا الشكل واينما ذهبت كان هذا ماأحدث به نفسي, لدرجة انني نسيت كل ما تعودت عمله في اي يوم كهذا....
    نسيت رياضتي, نسيت موعدي مع زملائي في الجامعه في السادسه لقضاء بعض الوقت في مواقف الجامعه الفارغه في هذا الوقت التى تعّود هواة الدراجات الناريه من طلبة الجامعه استعراض قدراتهم فيه كنوع من التسليه, نسيت برنامج المسابقات المفضل لدي في الساعه الثامنه.

    تلك اليلة مضت دون نوم اخذت افتح باب الغرفه واحيي ليث بالايطاليه انادي سيدة بأسمها اقدمها لليث بأسم "زيا سيدة" لكي تقرب الى ذهنه اكثر انها كخالتي او اقرب لقريبتي منها لخادمتي حتى ابعد عنه وساوس قلة تواجدها للخدمه او عدم طلب الكثير منها.. اتحدث لسيده بالاسبانيه حيث اقدم لها ليث على انه استاذ اللغة الايطاليه.. اخذت اراجع كل كلمة اسبانيه يجب ان اقولها كي لا أخطيء وهذا خطأ لا يغتفر لو كان يتحدث الاسبانيه بطلاقة لغته الايطاليه... مضت البروفات على ما يرام..

    يتبع ... :غمزه:

    تعليق


      #17
      بقي ان اعيد كل هذا على مرأى ومسمع من سيدة ويجب ان تستوعب جيدا ان ما خططته يمكن ان يختلف بسبب الضلع الثالث والذي توقعت دوره ولا اضمنه, مهما اختلف دوره يجب ان تظهر انها مشغوله ويجب ان تنصرف...
      هذا لاول يوم سبت وسيستمر الوضع كذلك الا لو واجهتني صعوبه او ظهرت مشكله جديده يخلقها الواقع..
      مر الوقت بطيء حتى وصلت الى "كافيه اليقرا".
      أيشغلني لقائي به؟! ليس لاهتمام خاص بشخصه – ولا انكر جاذبية ثقته بنفسه- ولكن إهتمام شديد باستمرار اللعبه هو ما كان يسيطر على كل تفكيري..
      وصلت كافيه اليقرا وقبل ان أُسكت فيروز وهي تغني "دخيلك يا امي ميدري شوبني تركيني بهمي زهائنيه الدني بازكر من سنيه وأكتر من سنه...." اكتشفت ان ليث يجلس مكاني, احسست بشعور غريب وكأني املك المقعد, الم اقل لكم انني ظننت ذلك الكرسي يمنع الجميع من الجلوس لانني مذ اعتدت عليه لم ارى يوما احداً يجلس فيه ...
      شعور بالاستغراب وكأنني صدقت ظنوني بأن الكرسي يمنعهم.. شعور بالغضب كيف يجلس مكاني..
      كل هذا تبدد سريعا حين نزعت الهدفونز ووضعتها في الحقيبه وأغلقتها خوفا ان يقع الجهاز فيعرف انني اسمع فيروز..
      "بونجورنو ليث" ..
      لم يجب بالايطالية ايضا وكأنه لم يسمع تحيتي وكأنه يكمل شيئاًً بدأه قبل حضوري.. فقال (تلك الابيات التي لن انساها.............):
      بالأمس حين مررت بالمقهى ، سمعتك يا عراق
      وكنت دورة أسطوانه
      هي دورة الأفلاك في عمري، تكور لي زمانه.
      في لحظتين من الأمان ، و إن تكن فقدت مكانه
      هي وجه أمي في الظلام،
      وصوتها، يتزلقان مع الرؤى حتى أنام
      و هي النخيل أخاف منه إذا ادلهم مع الغروب
      -مي اسكوزي ليث؟!
      وكأنني لم اقاطع, او كأنني افهم ما قال ..
      استرسل قائلاً:
      أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه
      يا أنتما - مصباح روحي أنتما - و أتى المساء
      و الليل أطبق ، فلتشعا في دجاه فلا أتيه
      لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء
      الملتقى بك و العراق على يدي .. هو اللقاء
      شوق يخض دمي إليه ، كأن كل دمي اشتهاء
      جوع إليه .. كجوع كل دم الغريق إلى الهواء
      شوق الجنين إذا اشرأب من الظلام إلى الولاده
      إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
      أيخون إنسان بلاده؟
      إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟
      الشمس أجمل في بلادي من سواها ، و الظلام
      حتى الظلام - هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق..


      لم اتنبه لنفسي الا حينما بدأت اسمع طربا تلك الابيات التي اسمعها لاول مره ..
      فجلست احدق به انتظر المزيد, ولكنني تنبهت في الوقت المناسب واشحت عيني عنه لاستطيع الكذب من جديد..
      -هل كنت تغني بلغتك؟
      -لا ذاك كان شعرا من بلادي العراق..
      - سمعتك تقول العراق,,
      -احسست بنغماً جميل فيما قلت,,
      -سأسمعك المزيد اذا احببتي..
      -لن افهمه ولكنه يطربني حتما,,

      يتبع ... :غمزه:

      تعليق


        #18
        - سأحاول شرحه لك اذا احببتي..
        فكرت ان يشرح لي شعر لساني الام بلغةً اوروبية كالايطاليه فوجدت ذلك غبيا جدا فقلت له:
        -لا, يكفي ان اسمعه كما هو واذا احسست بطرب زائد حتما سأطلب ترجمة بسيطه, اظن ذلك عادلاً
        -يكفي ان اكتشف السياب في وجهك من جديد..
        - السياب؟ من جديد؟؟!
        -السياب هو الشاعر الذي كتب ما كنت القي منذ قليل, وان اكتشفه من جديد فهذا لانني قرأته فحفظته لروعته كشعر ولكن ان أُولقي ما حفظت لعيون اراها عربيه فهذا يعني ان ارى في شعره صدقا اراه لاول مره.. وهذا ما سأكتشف من جديد..
        اتعلمين يا نورا في كل مره اعيد هذه الابيات ارى شيئا لذيذا في كلماته, لغويا او تصويرا جميلا وربما موسيقى واحيانا خيالا لا يمكن ان اكتشفه في اول ترديد..
        اليوم علمت ان السياب عندما يكتب حتى حزنه يكتبه في عيني امرأه, قرأت مرة انه احب نساء كثر ولم يكن وسيما فلم تحبه النساء... ..
        اوه..لقت بدأت انسى نفسي واضجرك..
        لنبدأ من جديد..
        هل قلت لك صباح الخير...
        ابتسمت وقلت:
        -قلت لى ,,
        -ظننت اني لم اقل الا اسم السياب..
        -بل سألتني كيف انا,,
        -اصبحت اقول اشياء فأنسى (قالها بطريقة الواثق انه يعلم ما فعل ولكنه يجاري من معه)..
        -واصبحت ارى اشياء لا تقال, ,
        ولكي انهي هذا الحديث اخذته الى حاسوبه ..
        -هل ستخبرني الان كيف سأتخلص من مشاكل قواعد اللغه الايطاليه,,
        -هذا ما حضرنا له اليوم اليس كذلك؟
        -بالتأكيد..
        -تناول حقيبته من الارض وفتحها, اخرج حاسوبا انيقا ذا لونا فضي وليس من الماركات التي اعرفها, تعودنا في ذلك الوقت ان يكون "الاب توب" من ماركات محدده اشهرها كان الكومباك... عندما وضعه امامه قلت له
        -ايطالي الصنع؟
        -لا هذه ماركة المانيه رخيصة الثمن قليلا ولكنها ممتازه..
        -اردت ان اخبرك قبل ان تبدأ, انا لا افقه في هذا الجهاز شيئا,,
        -سأعلمك..


        يتبع..... :غمزه:

        تعليق


          #19
          هذا كثير,,
          -اخبرتك اني انا من يستفيد من حضورك..
          -لم يقنعني ان تقدم لي كل هذا مقابل ان ترى بلادك في عيوني..
          -نورا, انا لن اضايقك كثيرا سأشرح لك ما تحتاجيه في البدايه, وسأوضح لك كيف تتعاملين مع برنامج اللغة الذي ملكته واستخدمته كثيرا في بداية دراستي للباكلوريوس ولا استعمله الان, لن اعطيك البرنامج فانا اهتم بأشيائي القديمه وتربطني بها علاقة خاصه, ولكن سوف امنحك فرصة الاستفادة منه, هل يزعجك هذا؟
          -لم اقصد انك تضايقني ولكن احس بأن ما تقدمه اكبر من أن استطيع قبوله دون مقابل ,,
          -قاطعني قائلا تصّرين انه دون مقابل, وأصر انه بمقابل. لك القرار آنستي..
          - حسنا, لنشرب القهوه وسوف افكر بالموضوع واخبرك بقراري فيما بعد,,
          ضل صامتاً يشرب الشاي بهدوء ملفت وكنت اراه احياناً ينظر الى وجهي واحيانا يذهب بعيدا وكأنه في عالم آخر,,
          -ليث,, هل يزعجك ترددي في قبول عرضك,,
          -لا, هذه حريتك الشخصيه , انا ارتاح لوجودي بقربك وربما لا يكون ذلك شعورك انت.
          كنت سأقول له لو تعلم انك اعدتني لطفولتي, كنت سأخبره كم اشتاق لأمي, كنت سأقول له كم تمنيت ان اسمع حديث عربيا كحديثك, ولكنني لم افعل..
          -لا لا انا ارتاح لوجودك,,
          -قراتسي..
          -في اي سنه تدرس؟
          -انا احضر الماجستير ..
          -ضننتك طالب في الاقتصاد,,
          -انا طالب في الدراسات العليا, ولكنني اشارك في التدريس في القسم..
          - واو, لا اصدق , انا اجلس مع استاذ من جامعتي وانا مازلت طالبه,,
          -في سنه؟
          -هي سنتي الاولى ,,
          -ضننتك في الثانيه على الاقل,, اعتبر لغتك اقوى من مبتدأه, مع انك تبدين صغيره,,
          كدت أخطأ واقول له انني تقويت بدورات لغويه خاصه في الاجازات الصيفيه في دمشق, ولكنني عدت لتركيزي في شخصيتي الاسبانيه فقلت..
          -تعلم ان لا فرق كبير بين لغتي واللغة الايطاليه,,
          -معك حق, فقد كنت اقيس على نفسي كعربي ..
          اذا فقد اقتنع تماما الان... هل يجب ان افرح كممثله ناجحه.....
          -لماذا اخترت هذه الجامعه, انا اعلم ان مودنا مدينة صناعة وليس علم وجامعتها ليست مشهورةً لدرجة ان يلتحق بها عربي,,
          -ولا اوروبي غير ايطالي(بطريقة استغراب مازال يساوروه نحو وجودي في مودنا)
          -معك حق (بهدوء استفزازي, قصدت منه ان اثير فضوله اكثر)
          - اها (بشيطنة طفولية اراد منها ان يعلن انه هادئ ايضاً)
          سكتُ لاحسسه انني لا افهم ما اراد
          وسكتَ ليثبت لي ان لاشيء يثير فضوله..
          لم يستطع الصمت ان يستمر طويلا..
          ضننت انني من سيكسر الصمت اولا, لكنه لم يجعل لضنوني فرصة طويله ..
          -هل نهارك طويل غدا؟
          -لا مجرد محاضرات الى الثانيه عشره,,
          -ذلك مريح..
          -احتاج للوقت لاراجع محاضرات الاسبوع؟
          -لن اعرض المساعده, فما زلتي لم تقرري ما مصير عروضي السابقه..
          وكأنه يحثني على قبول عروضه السابقه دون ان امضي الى محاضرتي القادمه..
          كان الوقت قد مضى فأستأذنت لامضي وقف وقال سنمضى سويا, لدي عمل في القسم..
          دفع ثمن قهوتي. كنت سأمضى دون اعتراض ولكن شخصية الاسبانيه اصبحت تذكرني بوجودها . فقلت له ..
          -نو قراتسي, انا من شرب تلك القهوه,,
          -ابتسم وقال انا من دفع ..
          -ضحكت لرده الذي لا يفسر ما قلت, وقلت له ذلك لا يفسر شيء..
          -لنمضي وافسره لك في الطريق واذا لم اقنعك أخذت منك ثمن القهوه ..
          -حسناً, ليس عن اقتناع لتأخير الدفع ولكن حتى لا أتأخر اكثر,,
          مضينا الى الجامعه وفي الطريق شرح لي انهم العرب يعتبرون من غير الائق ان تدفع امرأة مالا في حضور رجل, حاولت الاستغباء وقلت له من الممكن ان تستغل هذا اي امرأة عابره, فوضح لي انه يتكلم عن مواقف تشبه ما حدث بيننا هذا الصباح او مثلا صديقته او زوجته او اخته وقريبته..
          قررت ان هذا لايقنعني ولن ادفع له اليوم فقط لان عادته حتمت عليه ذلك و يجب ان يعلم انني سأدفع في المرة القادمه ثمن الشاي بدلا عنه ..


          يتبع.... :غمزه:

          تعليق


            #20
            عزيزتي .. سمارا ..

            كلماتك تأتي كا الأنغام .. تابعي الابحار بنا في بحارك ..

            سأكون بالتأكيد بالقرب من هنا ..

            ايتها الرائعة .. رائع ما تسطرين والله ..

            مودتي

            تعليق


              #21
              الأخ مجموعة انسان

              شكرا لك مرة أخرى على شعورك الطيب وثقتك الرائعة

              أرجو أن أكون عند حسن ظنكم جميعا

              تحياتي لك أيضا

              الأخ فيصل_المملكة المتحدة

              اعتز بوجودك سيدي ومجرد مرورك يجبرني على الاستمرار

              و اعتز بكل هذه الشهادات التي احس انها اكبر مني

              لك مودتي يا أخي ,,, وشكرا لك من القلب.

              سمارا

              تعليق


                #22
                وصلنا للجامعه تركته واتجهت لمحاضرتي واتجه هو الى كلية الاقتصاد, بعد ساعة تماما وعلى عادتي توجهت الى طاولتي القصيه في مكتبة الجامعه الفارغه في مثل هذا الوقت.... الا من عدد يعد على الاصابع ولا يستمر بقائهم طويلا فقد عبرو لاستلام كتاب او تسليم كتاب, يتجهون بعدها لتناول غدائهم, لا يتبقي في المكتبه سواي....وربما اثنين او ثلاثة ممن يعوض شيئا فاته... او من شعر برغبة بألتهام كتاب بدلا عن صحن مكرونه او قطعة بيتزا.....!

                في لحظة دخولي الاولى وجدته يجلس في مكاني ولكن هذه المره في كرسيي الذي اعتدت الجلوس به في المكتبه بدلا من المقهى, لم أجد تفسيرا لتصرفه مرةً اخرى.

                لم ارتبك هذه المره فلم يكن معي دليل عروبة يجب ان اخفيه, ذهبت للطاوله حيث جلس بعد ان اخذت كتابا من امين المكتبه ...
                -اليس غريبا ان تجلس في مكانا اعتدتُ الجلوس فيه مرتين في نفس اليوم؟
                -بوناسيرا سنيوريتا..(ابتسم وكأنه يقول لا داعي لهذا الحماس)..
                -بوناسيرا ليث ,,
                -يزعجك استخدامي لمكانك..
                -ليس ازعاج بمعنى الكلمه, انه مجرد شيئ مثير للفضول,,
                -ضننت فضولك صعب الاستفزاز..
                -الا فيما يخص مكان جلوسي (بدا ذلك سخيفا, وكأنني افكر للحظتي تلك فقط)
                -افهم ذلك (بخبث ينم عن فهم لمدى فضولي)
                -الن تجلسي؟
                -سأجلس ولكن في مكاني,,

                نهض بكل ادب وقدم لي الكرسي لاجلس, وجلس على يميني .

                -الا زالت نورا غاضبه..
                -لم يكن غضبا هو فضول فقط,,
                -وهل اختفى؟..
                -لا,,
                -(دون اي مقدمات وجدته يقول), في العراق لنا منزل عربي بتصميم كتصميم بيوت الاندلس وفسرها بالاسبانيه فقال "لا أندلوثيا"
                استوقفته ليس لفضول هذه المره ولكن لامنع الريبة والخوف من التسرب لقلبي لصعوبة ستطرأ على مهمتي..
                -ابلا اسبانيول؟
                -اجاب بالايطاليه...No, po' de espressioni

                كدت اتنفس الصعداء ولكنني لم ابد اي فرح او حزن وكأن الامر عابر.

                اشرت برأسي ليكمل ما بدأه ..

                -اعني ان للبيت ساحة داخليه تحيط بها غرف البيت ولكل غرفة نوافذ تطل عليها..تتوسط الساحه نافورةً جميله تسمع صوت الماء فيها طوال النهار تحيط بها مجموعة من الشجيرات والورود, تعتبرها امي صديقاتها وتغني لها كل صباح اغنيات ناظم وسعدون
                اشتاق لصوتها تردد اغنية عراقيه اسمحي لي ان أغنيها..
                هززت رأسي فرحا ..
                فراح يغني:

                "شامه ودقه بالحنتش من يشتريها آآآه لو تنباع آنا اشتريها الشامه البخدك آنا اشتريها بعمري اشتريها بروحي اتشريها"

                لم اكن اعرف الاغاني العراقيه القديمه في ذلك الوقت ولكنني طربت لتلك الاغنية اللذيذه.
                لم يطل في الغناء ظناً منه ان ذلك لا يعني لي الكثير بما انني لا أفهم تلك اللغة وبدأ يفسر لي معانيها سريعا..

                أخبرته انها تروق لي وانني اتمنى ان اسمعها منه مرة اخرى..

                استرسل قائلا..
                -كانت امي تضع كرسيين لها ولابي امام النافوره كل مساء ليشربو القهوه ولم يكن لي كرسيا لانه ليس من المسموح لي ان ازعج حديث مسائهم وجلستهم الحميمية تلك فهي من المقدسات.

                تعلمت وقتها ان استشف ما يحسان به فآتي قبل موعد القهوه لأجلس مكان امي يوما فأتخيل ما تراه كاملا من ماء وشجيرات حبيبه وورد احمر وفل ذا رائحة فواحة.. وابي..

                اتخيل بأي زاوية تراه وكيف تقرأه كل مساء حسب حرارة الجو وبرودته... حسب رائحة الفل وعدم وجوده... حسب صوت العصافير وصوت الماء.
                فلكل مساء في العراق طعم ورائحة ولون يختلف حسب فصول السنه وارض العراق تذكر فصولها جيدا وتتذوقها فتنشر رائحة في الجو تعطي بيتنا طعما مختلفا لكل مساء..

                اكرر مافعلت في كرسيي ابي فأرى جمال أمي في تفاصيل وجهها العربي الملامح .... عينيها ..أنفها ... شعرها الاسود الاجعد وحاجبيها العاليين.... , اشتم رائحة المسك في ثيابها بأنف ابي..

                فعلت ذلك معك هذا الصباح مع فارق المكان والزمان, اردت ان ارى كيف تبدو مارلا ...؟ وما رائحة قهوتك من تلك الزاويه ؟, ماطعم كوب الشاي في مكانك...؟ وما لون عينيكِ ان انا رأيتك في ضوء الشمس بينما اجلس في الظل مكانك؟..

                الان لو لم تُصري على ان تستردي مكانك بعنادكِ الاسباني, لكنت رأيت جهة وجهك اليمنى في ضوء المكتبه..
                بالامس رأيت جهته اليسرى من مكاني فوجودته جميلا لدرجةً دفعتني لأبحث عن ما يمكني ان افرق جهتي وجهك عن بعضهما بعلامة بسيطه وسأفعل ..

                -هل ترسم؟
                -كهوايه..
                -ذلك يفسر الكثير,,

                يتبع ....... :غمزه:

                تعليق


                  #23
                  - يفسر ماذا..

                  - يفسراهتمامك بالتفاصيل, دقتك في الوصف, اختيارك للالوان, حركة يديك وخصوصا عندما القيت الشعر العربي,,

                  - لم اتوقع انك لاحظتِ كل ذلك في هذا الوقت القصير..
                  - هي اشياء لا تحتاج الى دقة في الملاحظه,,
                  - ربما..

                  نظرت الى ساعتي فوجدت الوقت مضى سريعا, وقبل ان اخبره بنيتي في الانصراف, قال لي:

                  - يجب ان تذهبي الان, سأراكِ غداً؟
                  - غدا لا اذهب الى اليقرا, في العاشره اكون هنا, هل تعمل في هذا الوقت؟
                  - ساعاتي المكتبيه تنتهي في العاشره والنصف, ساحضر الى هنا اذا لم يكن ذلك يزعجك..

                  - سأنتظرك,,
                  - داكويردو تشيفيديامو دوماني دي كوا
                  - تشاو

                  خرجت وبقي هو في المكتبه, ذهبت لمحاضراتي وانصرفت الى البيت في الرابعه.

                  ما كان يشغلني ذلك المساء هو اقتراب يوم السبت وانا لم افاتح سيده بالتفاصيل, قررت ان افعل خصوصا انني حصلت على موافقتها المبدئيه بأستقباله والتصرف بحذر في وجوده.

                  -"سيدة, الشاب اللي انا قولتلك عليه انو حيدرسني الايطالي جاي بعد بكرى عالغدا ومش عاوزاه يحس بأي حاجه, ولا يشك ان انا كدبت عليه عشان كدا انا حأعلمك شوية حاجات تعمليها قدامو, حاجات بسيطه ما تحمليش همها"

                  -" زي أيه يا نورا؟"
                  -"مالك خايفه كدا"
                  لم تجب وانتظرت التعليمات..

                  جذبتها من يدها الى باب الشقه طلبت ان تفتحه لاشرح لها المطلوب..,...
                  فتحت الباب..
                  مثلتُ دور ليث, وضحكت سيده لان طريقتي في التقليد دائما تضحكها حتى عندما كنت طفله. ربما كان شكلي يبدو مضحكا عندما احاول تقليد اي انسان..

                  اتفقت معها انني عندما اشير جهة المطبخ خلال حديثي اليها هذا يعني انه يجب ان تقول لليث عن اذنك, وانني عندما اطلب الماء سأشير الى الكوب على الطاوله.

                  الشاي يجب ان تحضره دون طلب بعد الغداء بربع ساعه..

                  بدا ذلك سهلا جدا بعكس ما تصورت, تمنيت ان يحدث ما توقعت وبقيت احلل الامر لارى ما يمكن ان يغير الاحداث, وجدت ان لاشيء مفاجئ يمكن ان يحدث الا ان يحدث شيء فوق الطبيعي كأن تقع سيده وهي في المطبخ.. فتستنجد او شيء نادر كهذا, ولمنع شيئا كهذا طلبت اليها الهدوء وعدم التسرع والبقاء في غرفتها بعد تقديم الشاي..

                  ذهبت الى غرفتي باكرا ذلك اليوم قرأت بعضا من دروسي ولانني امضيت ليلتي الماضيه ساهرةً, كان آخر ما اذكره انني احمل كتابا اقرأه وانا اجلس على سريري...

                  اخبرتني سيده في الصباح انني كنت نائمه دون غطاء وان كتابي وقع في الارض..

                  في الساعه العاشره ذهبت غير متعجله الى المكتبه فلم اتوقع وجود ليث هناك, دخلت واخذت نفس الكتاب الذي اخذته بالامس -ولم افتحه- وبدأت اقرأ.

                  اعتقدت ان وقتا طويلا مضى وانا اقرأ ولكنني فوجئت ان الساعه لم تتعد العاشره والربع..
                  عدت للكتاب وركزت تفكيري في ما اقرأ لدرجة كبيره, فقد كان كتاباً شيقا يتحدث عن حالة الاطفال المكدسون في ملاجيء أوروبا الشرقيه ومدى تخلفهم العقلي الناتج عن احتكاكهم بالعالم الخارجي وبؤس الضروف الداخليه..

                  سرقني الكتاب من محيطي, فلم افطن لليث حين جاء بكل هدوء ولم يحاول ان يقطع اهتمامي بما اقرأ فجلس في الطاولة المجاورة ينتظر ان ارفع رأسي لانتبه لوجوده..

                  لم يطل تركيزي فمازال شيئا ما في داخلي يحسسني ان لدي ما يشغلني غير الكتاب رفعت رأسي فرأيت ليث يجلس بعيدا ويبتسم, نظرت اليه باستغراب فحمل حقيبته واقترب ........


                  يتبع ........ :غمزه:

                  تعليق


                    #24
                    ......من طاولتي ودون ان اتكلم فسر لي جلوسه بعيدا..

                    -لم اشأ ان اقطع قرائتك..
                    -لم يكن شيئا مهما, فقط نفس الاهتمام بتحسين اللغه,,
                    -ظننتك منهمكةًً في قصة او روايه..
                    -هو موضوع محزن شدني ربما لغرابته,,
                    -سأستعير الكتاب فيما بعد, يجب ان ارى ما جعلك تنهمكين في القراءه لذلك الحد, بالمناسبه..

                    يحق لي كأستاذ ان استعير الكتاب لمدة ثلاث اسابيع اي اكثر من المدة المسموحة لكِ بأسبوعين, يمكنني ان استعير اي كتاب ترغبين في الاحتفاظ به لمدة اطول..

                    -ذلك لطف منك يا استاذ,,
                    -هههههه
                    -لماذا تضحك؟
                    -لا اعلم ربما لانني لا اشعر بأني استاذك..
                    -يجب ان نتفق بخصوص الغد,,
                    -حسناً..
                    - تناولت ورقه من حقيبتي وكتبت له العنوان, اخبرته انني على استعداد لاستقباله في الساعه الثالثه مساءاً.
                    اتمنى ان تحضر معك جهاز الحاسوب ربما كان جو المنزل ملائما اكثر لنبدأ الدرس,,

                    ابتسم ابتسامة عريضه وقال..
                    - شكرا لقبول العرض..
                    - الشكر لك ليث,,
                    - لا تشكريني انا من يستفيد من كل هذا صدقيني..
                    - لا تجاملني كثيرا,, يجب ان استأذن الان, اراك غداً,,
                    - تشيفديامو دوماني الا تري
                    - سي الا ميو كازا

                    ذهبت للمحاضره وانصرفت في الثانيه عشره الى البيت, طلبت من سيدة كوبا من القهوه ..تناولته وأخذت اراجع كل شيء..

                    في الصاله وخلف الطاولة الصغيره التي اعتدنا تناول الغداء عليها,, يوجد باب المطبخ يقابل الباب تماما شباك يطل على البناية المجاوره ولكن في مودنا ومدن ايطاليا الصناعية عموما.. يمنعون الابنيه المتلاصقه, وقانونا يجب ان تبتعد البنايات عن بعضها البعض ما يقارب 400-500متر على الاقل, هذا لزيادة المساحات الخضراء لكي لا تقتل المدينة الطبيعه, ولزيادة نسبة النقاء في الجو لانها مدينة صناعية تحتاج إلى كثير من الهواء النقى..

                    على يمين الباب مباشرةً رف صغير تضع عليه امي بعض كتيبات الطبخ الصغيره... ويمكن للجالس في الصالة على تلك الطاوله ان يرى هذا الرف بوضوح...

                    انتبهت لها فأخفيت كتب امي,,
                    على المكتب يوجد مجموعة كتب تخص والدي اخذتها جميعا ووضعتها في غرفتي..

                    اخذت اجوب الصاله واراقب علني انتبه لشيئًً يمكن ان يثير الريبة او يدل على ان هذا المكان له روحاً عربيه..

                    في الفترينه خلف طاولة الطعام الكبيره يوجد دلة عربيه ومبخرة ومرش عطر عربي, يمكن ان تكون كجزء من " اورينتالي كولكسيوني " ولكنني فضلت اخفائها..
                    مضى وقت طويل وانا اعيد النظر في الزوايا .........

                    يتبع......

                    تعليق


                      #25
                      [align=center:a25847cf16]

                      الأخت سمارا يسعد لي جميع اوقاتك بالخير والمسرات


                      بصراحه:

                      1- خيال واسع :رهيب:

                      2-تصوير جميل :رهيب:

                      3- اسلوب رائع :رهيب:

                      كل الشكر لك يالغاليه انشديت مع الموضوع كثير :رائق:
                      اتمنى ان يطول وان لاينتهي قريبآ :خايف:


                      كما اتمنى من المشرف على هذا القسم تثبيت هذا الموضوع لمدة من الزمن


                      وايضآ اسف :لا: واسف :لا: واسف :لا: على اللقافه والمقاطعه لحديثك يالغاليه :يصفق: [/align:a25847cf16]

                      تعليق


                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة مجموعة انسان
                        [align=center:8e0228efa4]

                        الأخت سمارا يسعد لي جميع اوقاتك بالخير والمسرات


                        بصراحه:

                        1- خيال واسع :رهيب:

                        2-تصوير جميل :رهيب:

                        3- اسلوب رائع :رهيب:

                        كل الشكر لك يالغاليه انشديت مع الموضوع كثير :رائق:
                        اتمنى ان يطول وان لاينتهي قريبآ :خايف:


                        كما اتمنى من المشرف على هذا القسم تثبيت هذا الموضوع لمدة من الزمن


                        وايضآ اسف :لا: واسف :لا: واسف :لا: على اللقافه والمقاطعه لحديثك يالغاليه :يصفق: [/align:8e0228efa4]
                        مجموعة انسان

                        كم هي سعادتي لاتوصف ,, بوجود شخص مثلك ايها النيبل يتابع ما أكتب

                        شكرا لمجاملتك الرقيقة ,, وكلماتك العذبة , التي بلا شك ستكون دافعا لي للعطاء.

                        دمت أخي مشرقا بروح الود

                        شكرا لك

                        سمارا

                        تعليق


                          #27
                          .....ابحث عن اي شيء يمكن ان يدل على سكان البيت, اعدت النظر كثيرا وعندما لم اجد شيئاً قررت الجلوس في الكرسي الذي يفترض ان يجلس عليه ليث وقت الغداء واخذت اجوب بنظري في جميع الاركان....كان كل شيء يبدو طبيعيا وغير ملفت للانتباه ...

                          قررت الخروج للتسوق مع سيده في السادسه وقررنا ان نذهب الى "قراند اميليا" -أحد المراكز التجاريه في مودنا- لنبتعد قليلا عن محيط المنزل..

                          في الساعه التاسعه كنا قد انهينا تسوقنا واتجهنا الى البيت, اخذت سيدة ترتب الاشياء في المطبخ وذهبت لغرفتي..

                          كان هناك اشياء كثيره تشغلني, جميعها كانت تتعلق بلقاء الثالثه يوم غداً, حاولت ان اطرد هذه الهواجس, استطعت ان اهرب من هذه الافكار الى كتاب كنت بدأت قراءته في ليلة سابقه, لم يدم هذا الهروب طويلا فقد دق جرس الهاتف وكانت والدتي على الطرف الآخر, صوتها الحبيب اخذني من اي شيء ومن اي فكار وهواجس...

                          حدثتني عن احوالهم جميعا وعن دراسة اخوتي وصحتهم جميعا, كانت تتعمد ان تتحدث إلي عندما يكون الجميع خارج البيت حتى استطيع ان ارتوي من صوتها الغالي وربما كانت هي من كانت تتوق لسماع صوتي عندما لا يزعجها احد فيطلب السماعه..

                          كانت من عادتها ان تتصل بي مرة في الاسبوع عندما تكون في المنزل وحدها ومرة عندما يكون والدي بقربها فيحدثاني سويا ولايترك احدهم الفرصة للاخر للحديث فيتخاطفان سماعة الهادف عدة مرات حتى أظن انني أراهم واضحك بينهم...

                          في المرات الاخرى يمكن ان تتصل بي عندما تشرب قهوة المغرب بين اخوتي وابي او حتى عندما يكون معها ايً من اقاربنا فيسأل عني ...
                          كانت تحاول ان تمنع شعوري بالغربة بشتى الطرق وقد نجحت في خلق الشعور بالقوة داخلي دائما لان صوتها لم يرتجف يوما وهي تبثني شوقها وشوق ابي واخوتي..

                          كانت تحدثني عن كل شيء وهي قوية, حتى عندما تذكرني بالاشياء التي كنت اشاركها عملها ومازلت تفعلها الان في بُعدي كانت تتحدث وكأن الاشياء لا تختلف كثيرا سوى ان نكهتها خفت لعدم وجودي وسوف تستعيد تلك النكهة بعودتي وقد اصبحت احمل ماطمحت الى الحصول عليه.

                          فتعلمت ان ما اذهب اليه لا يعدو ان يكون هدف قوي يجب ان احققه بكل سعادة ...

                          انتهت المكالمه بعد ان شعرت بسعادة تملئ روحي لدرجة انني نسيت ماكان يشغلني ...

                          ناديت على سيدة واخبرتها انني سوف أذهب للنوم, واخذت كتاب معي و استلقيت على سريري الى ان غلبني النوم..

                          في الصباح الباكر نظرت الى الساعه فوجدتها تشير الى السابعه, تذكرت انه يوم عطلتي ولا يجب ان استعجل في النهوض, حاولت العودة للنوم ولكن دون فائدة ...

                          الجو كان باردا جدا في الصباح الباكر, فضلت البقاء تحت الاغطيه, مددت يدي واختطفت كتابي من فوق الكومودينو, ادخلته معي تحت لحافي ولكن الضوء لم يكن كافيا لأرى الكلمات...

                          البرد غلبني فبقيت في سريري افكر مرةً اخرى في غداء اليوم..
                          شعرت بأنني يجب ان اتحرك واقوم بجولة بسيطة خارج البيت... تسللت خارج اغطية فراشي وادرت ماء المغطس على الساخن حتى اصبحت الابخره تعبأ الحمام ... عندها فقط تجرأت فوضعت يدي في الماء ... تحممت سريعا.. توجهت الى المطبخ فلم اجد سيدة...علمت انها مازالت نائمه.... اخذت حقيبتي وخرجت ....


                          مشيت الى ان وصلت الى "كافيه المار" لانها تفتح في الصباح الباكر وايام السبت والاحد فهي تقع على”via emilia” وهذا الطريق من اهم الطرق الرابطه بين جنوب وشمال ايطاليا ومنه يستطيع اي انسان ان يتجه الى دول الشمال جميعا...

                          كان المقهى يعج بالمسافرين الذين يقضي معظمهم عطلة نهاية الاسبوع في التزلج في كومو والاقو...اعداد كبيره يشربون القهوة وقوفاً وبعظهم يتناول افطارا سريعا وبعض سائقي السيارات الكبيره يشربون الاكسبريسو المركزه جدا, التى حاولت استساغتها اكثر من مره ولم استطع...


                          لي مع "الاكسبريسو" حكايات اعجاب متكرر, كلما رأيت مكائنها التي تختلف من مقهى الى مقهى ومن مكان الى مكان في ايطاليا كلها, احس بأني اشتهي كوبا منها وأعد نفسي دائما ان اضيف لها كمية مهولة من السكر حتى اعتاد على طعمها القوي.... أحاول مرةً تلو المره وفي كل مره انسى تجربتي الاخيره كلما رأيت كوبا انيقا مصفوفا بعناية فوق مكينة من نوع جديد او بلون يشدني...

                          اوووه ....يالهي اين اخذتكم معي...كم انسى نفسي عندما اتذكر الألوان الجميله ورائحة قهوةً التى لم احبها ولكنني حاولت وربما احاول مرةً اخرى ...

                          اخترت كرسياً في الشمس, احضرت كوبا من الشاي وقطعة كروسون ساخنه وجلست اتابع المسافرين , مضى الوقت سريعا في حرارة الشمس الرائعة..

                          بقيت في مكاني اسمع فيروز وانظر لحركة المسافرين لساعة او اكثر... حملت حقيبتي وقررت الذهاب الى مكتبة الجامعة...اتجهت مشيا الى الجامعه وفي الطريق حاولت التقاط ايا من الاذاعات العربية التي يمكن ان اسمعها في هذا المكان من العالم, لم استطع ان احصل الا على احدى الاذاعات المغربيه التي تبث بثا تبشيريا خاصاً لسكان اوروبا من العرب...

                          لم افهم ان كانت مغربية, او ايطاليه تبث بالغة العربية, ولكنني اظنهم كانو يتحدثون عن مواقع تجمعاً خاصه بمناسبات مسيحية معينه في كازا بلانكا... وقد شدتني اغنية جميلة اسمعها لاول مرة كانت تغنيها مطربة ذات صوت قوي لم اعرف من هي في البداية ولكنني علمت لاحقا انها تدعى ذكرى...

                          وصلت الى الجامعه وقد احسست بأنني في عز الصيف لان الشمس كانت تسطع بشدة في ذلك اليوم من أوآخر ايام نوفمبر....

                          اتجهت الى المكتبة, تناولت كتاباً عن خوف الاطفال وبدأت اركز تفكيري في الكتاب وقد استطعت ان اغرق في كل فكرةً يحملها الكتاب...ولشدة ما غرقت لم اتنبة الا عندما نبهني أمين المكتبه أنه يجب ان تغلق المكتبة خلال عشر دقائق من الان...

                          اوه هذا يعني ان الساعه اصبحت الثانية عشر ظهرا.. هذا رائع.. استطعت ان ابتعد عن كل ذلك التفكير السخيف الذي ما انفك يلاحقني منذ ثلاث ليالي متتاليه.. جميل ان تواجه ماتقلق منه مهما كان لينتهي القلق ولا تهم النتيجه.. الاهم ان ينتهي القلق..



                          يتبع..... :غمزه:

                          تعليق


                            #28
                            اظنني ابالغ, لا داعي لكل ذلك القلق...هكذا بدأت احدث نفسي في طريق عودتي للمنزل..

                            لماذا كل هذا؟ انني اقوم بما يجب بطريقة صحيحه...لم انسى شيئا..

                            حسنا سوف اراجع كل شيء بيني وبيني ..حسنا حسنا يا نورا, دور سيدة واضح ولا يحتمل الخطأ, لوحات البيت, الاشرطه العربيه, الطعام الذي سيقدم على الغداء, مادة الحديث, موعد الانصراف, احتمال اكمال الحديث في بيتزريا لا ترتوكا حيث يمكن ان تقدم لنا "أنا ماريا" مشروبا دافئا...

                            هل بقي شيء؟ هل نسيت اي تفاصيل؟

                            وصلت البيت وجدت سيده قد بدأت ترتيب كل شيء لضيف هذا المساء واصبحت الساعه الواحده بعد الظهر..

                            القيت تحية سريعه وذكرتها بدورها واهمية التصرف بهدوء وبُعد عن الحديث الغير ضروري...

                            اتجهت الى غرفتي, اخذت حماما ساخنا وغيرت ملابسي جففت شعري, كدت اخرج من غرفتي ولكن شيئا ما استوقفني امام مرآتي, اخذت انظر الى ملابسي وجدت انني البس ملابس كل يوم, لم يتغير في مظهري شيء, لم اعط وجود ليث خصوصية او معنى مختلف في مظهري, ولكن لو حاولت ان البس ملابس مختلفه ..ماذا ستعتقد سيدة؟
                            ماذا لو وضعت شيئا من الكحل؟ ايضا سيكون غريبا بالنسبة لسيدة, وليث ايضا..لماذا اضع الكحل؟!...

                            خرجت من غرفتي ولم اغير في مظهري شيئا, اتجهت الى المطبخ وقد كانت الساعة قد تعدت الثانية, كانت سيدة قد جهزت كل شيء, وكان المطبخ نظيفا براقا وكأن امي موجودة معنا...

                            نظرت الي سيدة باستغراب شديد وقالت:

                            - اي ده, معقوله يا نورا لسا مالبستيش؟
                            - ازاي بقه امال دا ايه يا سيدة ..

                            - دا لبس الجامعة,
                            - انتي عاوزاني البس سواريه يا سوسو..

                            - بلاش لماضه وخشي غيري لبسك, مايصحش كدا,
                            - لماضة ايه, انا مش رايحه حفله, الحكايه ان مدرس الطالياني جاي يتغدي ويمكن يدرسني شويه..

                            - برضو مايصحش, انتي بتستقبليه في بيتك, عالاقل تغيري في شكلك شويه عشان يحس انك محضرة نفسك لاستقباله, دا غريب مش من بقية العيله..

                            - طيب يا سيده حأخش اغير هدومي ما تتعصبيش ربنا يخليكي..
                            - مش حأتعصب بس الاصول اصول يا نورا..اشحال لو ما كونتيش كبيرة وعاقله,

                            كدت اضحك واقول لها عاقلة مين؟ دا انا عامله مصيبة وكدابه فأصل وشي ..لكنني ذهبت لغرفتي...

                            اخترت تايورا بسيطا من الصوف الخفيف بألوان هادئة تمتزج فيها ألوان الشتاء الدافئه مع وردات بلون النبيذ الاحمر تنتشر على كل مساحات القماش بتنورة طويلة وبلوزةً بقصة ناعمه على الخصر..

                            لممت شعري بربطة خاصه, واضفت ايشاربا بسيطا للتايور...وضعت قليلا من الماسكارا وقليل من كحل اسود بسيط وشيئا من احمر الشفاة بلون شفاهي, يكاد لا يلاحظه الا خبير تزيين...

                            اسرعت للصاله لان الساعة قاربت الثالثة وجدت سيدة تنتظرني هناك نظرت اليّ وهي تجلس على كرسيها الذي تعودت الجلوس عليه اثناء تناول الطعام...
                            عندما رأتني ابتسمت وتحركت لتلف خلفي وتنزع الربطة من شعري واخفتها في جيب مريولها الخاص بالمطبخ..

                            - ليه بس يا سيدة, هاتي الربطه مفيش وقت للحركات دي ..
                            لم تجبني وكأنها تمارس سلطتها القديمه التي تعودت استخدامها عندما كانت تصفف شعري قبل ذهابي للمدرسة..

                            حاولتُ اللحاق بها لاستعيد ربطة شعري ولكنها لم تترك لي فرصة لأخذها وبينما انا التف حولها لأسرقها من جيبها رن جرس البيت ....


                            يتبع...... :غمزه:

                            تعليق


                              #29
                              كانت لحظة غريبة..

                              انتابني ذلك الشعور الغريب الذي يتملكني عندما يضع احدهم امامي ورقة امتحان مقلوبه ويُطلب مني ان لا اقلبها الا عندما ينتهي التوزيع...

                              شعور بالخوف والرهبة من المجهول الذي اعرفه عن ظهر قلب فقد ذاكرت جيداً...

                              شعور بعدم الصبر يلح ان اقلب الورقة لأتأكد من ان الاسئلة تشبه توقعي تماما, ولكن احدهم منعني..

                              شعور بعدم الرغبة في قلب الورق لان قلبه يمكن ان يسبب لي مشكلةً ما..
                              شعور وشعور وشعور...

                              مشاعر اطفال وكهول..وهل للمشاعر عمر؟ اتذكر عندما كانت امي تخرج من البيت وتتأخر الى وقت عودتي من المدرسة فأعود ولا أجد من يفتح لي الباب ينتابني شعور بالخوف وعدم الثقة بالعالم .. مازال ذلك الشعور ينتابني احيانا فهل مازلت طفلة؟! ام ان مشاعري مشاعر اطفال؟ ام ان هذا النوع من الشعور يكبر؟؟

                              رن الجرس, وبقيت اقف في مكاني دون حراك لمدة اعتقدت انها ساعات, رأيت ارجل الكراسي تلتصق بالسقف, رأيت لوحات الحائط تمشي في الارض...

                              - نورا نورا,, تنبهت لسيدة وهي تطلب مني ان اصحو من ما انا فيه وان اعطيها اشارة بفتح الباب او افتحه بنفسي, كانت فقط تريد مني ان استقبل الضيف بأي شكل من الاشكال...
                              لم استطع ان استوعب ما كان يحدث الا بعد ان رن الجرس للمرة الثانية, افقت من ما كنت فيه واتجهت جهة الباب.
                              في طريقي الى هناك وحيث كنت افقد اي تركيز لي التفت الى المكتب فوجدت على اليمين وخلف جهاز الهاتف صورة قديمة لوالدي صورها بالزي الخليجي!!

                              يالهي, كيف لم اتنبه لشيء كهذا من قبل, ربما لانها صورة ابي ولا يمكن ان تكون غير مألوفة بالنسبة لي بأي شكل من الاشكال..

                              اسرعت ووضعت الصورة في اول درج من ادراج المكتب, اغلقته سريعا ولحقت بسيدة وانا احمد الله انني رأيتها قبل ان يدخل..
                              وقفت في نهاية الانتريه وأشرت لسيدة بأن تفتح, فتحت سيدة الباب وقالت بصوت هادئ "اهلا وسهلا نورتنا يا استاز", ابتسم ليث ابتسامة عريضة والتفت اليها مد يده مصافحا وسألها عن احوالها وعن اسمها...

                              تركتُ له الفرصة ليفعل كل هذا بعيدا عن تدخلي لان هذا التدخل كان مستحيلا تقريبا في هذه المرحلة وربما جعل سيدة تتصرف تصرفا خاطئا, بالاضافة الى انني اردت ان يشبع ليث رغبته القوية في سماع صوت عربي وكلمات تروي حنينه...

                              لم يستمر طويلا في هذا الحديث حيث التفت ناحيتي ليجدني ابتسم. ولكن ذلك من المفروض ان يكون طبيعيا لانني ارى شخصين يتحدثان بطريقة فرحة مهما كانت لغتهما, فلا مانع ان يكون ذلك سبب للسعادة ولا يعني هذا انني أخطأت...هكذا كنت احلل الامر في مخيلتي عندما فاجئني بالتفاتته المباغتة...

                              حياني بالعربية مرة أخرى, التفت الى سيدة في حركة غبية دون تفكير ان هذا يمكن ان يسبب ارتباك واضح لدي سيدة التي ليس من المطلوب منها ان تقوم بأي مجهود عقلي أو اي واجبات ترجمة مستحيلة!!

                              تداركت الامر والتفت اليه بعد ان اشرت بحركة سريعة لسيدة بأن تغلق الباب..

                              - بوناسيرا ليث, بنفنيتو,,
                              - بوناسيرا نورا, قراتسي..

                              اشرت له بالتفضل بالجلوس على طاولة الاكل مباشرةً.
                              أستأذنني بوضع حقيبتة على كرسي بقرب المكتب..

                              كانت سيدة قد ذهبت الى المطبخ في هذه الاثناء, وكنت ايضا قد بدأت التقاط انفاسي وكأنني كنت أجري منذ ساعات...

                              الان اصبح الوضع عادياً تقريبا واصبحت اتصرف دون قلق. الذي لم اكن قد لاحظته الى تلك اللحظه هو ارتباك ليث!

                              انتظرت ان يتخلص من ثقل حقيبته وينزلها عن ظهره, وانا انظر له, في تلك الثانية فقط لمحت يدة تتحرك بسرعة وكأنه يرتجف!

                              هل كان يحسب ألف حساب لحضوره الى هنا؟! هل كان ذلك القلق مشتركا, ولم اكن وحدي انتظر التخلص من هذه الورطة؟! هل يعقل ان ليث الشاب الشديد الثقة بنفسة يرتبك لدخولة بيتي انا طالبة السنة الاولى؟!

                              لم احاول ان اجعله يشك للحظة انني اكتشفت ارتباكه, دعوتة مرةً اخرى للجلوس الى طاولة الطعام..

                              تقدم ليجلس وحددت له الكرسي المقرر حسب الخطة, سحبت كرسيي وجلست فجلس..

                              لم ارد ان تفوتني فرصة ارتباكه النادرة فباغته بسؤال عن كيفية وصوله للبيت, كنت اريد ان اسمع مدى تأثر صوته بهذا الارتباك وكذلك احببت أن أتأكد انه لم يحتج الى اي مساعدة من اي شخص في البناية للوصول الى هنا..

                              أعلم ان الشخص الايطالي العادي لن يقدم معلومة ليست مطلوبة منه -على انه شعب ثرثار اذا تعرف اليك اكثر- لكنني آثرت ازالة الشك باليقين..

                              أطمئن قلبي كثيرا عندما علمت منه انه لم يحتج اي نوع من المساعدة بل على العكس كان الطريق سهلا جدا..

                              بدأ يختفي ارتباكه شيئا فشيئا وبطريقة سريعة جدا. وفي اقل من ثلاث دقائق من جلوسة احسست بأنه لم يكن مرتبكا وانني ربما كنت واهمة..

                              البيت كان خاليا تماما من اي نوع من المشروبات الكحولية او حتى من حاوياتها التي تزين بيوت الايطاليين والاوروبيين عموما..

                              في ذلك الجزء من ايطاليا يوجد تراثا عريق لصناعة براميل البيرة بجميع احجامها, منها ما يوضع للزينة ومنها ما يستعمل الاستعمال اليومي, وكذلك صناعة اخرى قديمة جدا لنوع خاص من الخل الاسود يدعى "الاشتو بالساميكو"..

                              في اي بيت في مودنا يجب ان ترى اثرا لهذا التراث ولابد ان ترى برميلا من هذه البراميل, جزء من ديكور البيت او من اثاث المطبخ..

                              هذا الجزء من التراث كان معدوما في بيتنا تماما وكذلك لا أثر لاي شراب كحولي!

                              هل سيلاحظ ليث ذلك؟ هل اعتاد القيام بزيارات منزلية كثيرة لمعارفة في مودنا ليلاحظ الفرق؟

                              كنت اتمنى ان لا يلاحظ ذلك واذا استغرب غياب هذه الاشياء فسيكون التفسير انني لا أشرب أيا من هذه المشروبات.. اولا لانني مازلت الى السنة الماضية دون السن القانونية لاستعمال الكحوليات وثانيا لانني لا استسيغ طعمها اصلا وبما انني اعيش الان وحدي فلا داعي لتواجدها في البيت..
                              سوف اشرح له ايضا ان "سيدة" مسلمة واعتقد ان دينها يمنعها من شرب الكحول كما اظن..

                              يجب ان اشرح عدم شرب سيدة للكحول لسببين اولها ان هذا الشيء ليس مسلما به بما انني لست عربية, والثاني لاثبات ان سيدة ليست مجرد خادمة بالمعنى العربي المعروف, حيث لا يعامل الخادم غالبا, كشخص له الحق في القيام بكل شيء يمكن ان يقوم به صاحب البيت..

                              لم يبق ليث صامتا لمدة طويلة, اثنى على جمال البيت وعلى رائحتة المألوفة بالنسبة له والتى لا تشبه البيوت الايطالية , وقد عزى ذلك لوجود شخص عربي يسكن البيت ربما او لاختلاف نكهات الطبخ الاسبانية..

                              لم يرد ان يقول لي ان رائحةً ما اجمل في هذا البيت تميزه من البيوت الاخرى لكي لا افسر ذلك بعنصرية عربية بما انني لست منهم... او ربما لم يستطع تفسير ألفة هذه الرائحة, والتى كنت اعلم بالتأكيد ان سببها غياب سببين رئيسين من مسببات استغراب الانف العربي وهما الخمر ولحم الخنزير المجفف او المعفن..

                              اراد ان يستطرد حديثة عن الرائحة حين قطعت حديثة سيدة بقدومها تحمل طبق السلطة ..


                              يتبع..... :غمزه:

                              تعليق


                                #30
                                وضعته على السفرة وعادت لتحضر صحناً آخر ..
                                عادت تحمل صحناً من الاسباقتي ...
                                وضعته ايضا وعادت الى المطبخ..

                                كان المشروب الوحيد الموجود على السفرة بالاضافة الى الماء هو الكوكا كولا, لم احاول سؤاله عن مشروبه المفضل في البداية لان ذلك سيجعلني في ورطة تحتم طلب ذلك من سيدة مادامت لا تزال قريبة..
                                تجاهلت الامر, وبدأت اسكب لنفسي واخبرته انه يستطيع خدمة نفسه, احسست بأنه ارتاح لذلك..وربما انا من ارتاح..

                                بعد اقل من نصف ساعة وكما حددت لسيدة قامت بإبعاد السلطة من السفرة والتأكد من ان ليث قد انتهى من أكل الاسباقتي فقامت بحمل الاطباق للمنزل وعادت بصحنين آخرين, وضع في كلا منهما قطعة من الستيك البقري ...

                                احضرت سيدة معه زجاجة من "الآشتو بالساميكو" المركز...
                                اخذ ليث يستنشق رائحة اللحم بطريقة لا توحي بشماً استطلاعي بقدر ما أوحت لي بإعجاباً شديد بالرائحة.... بعد ان أخذ السكين والشوكة وبدأ بقطع اللحم تأكدت انه لا يشك الان بأني اسبانية, فقد اخذ يتفحص اللحم بعين مسلم يعلم اختلاف انواع اللحوم وتدقيق من نوع خاص ضد لحم الخنزير..

                                أردت ان اجعله يستمتع بما يأكل فطمأنته بأن ما امامه هو لحم بقري وانني لن استضيف انسان على الغداء في بيتي كي لا يأكل!!


                                لم يستغرب هذه المرة ملاحظتي لانه احس بطريقة حياتي على اساس شخص مسلم معي طوال الوقت. وأعتقد ان ذلك اعطاه شعور مختلف ايضا من ناحيتي, وكأنني افهمهم أكثر كعرب او كمسلمين..

                                تناول زجاجة البالساميكو وقرأ ما كتب عليها ورفع حاجبيه اعجابا ثم سكب بكل اتقان كمية منها في صحنه واعادها مكانها...

                                من الصعب دائما ان ابقى افكر فيما يجب ان افعل او ما يجب ان اتوقع او ما يجب ان يفكر به الشخص الذي معي, ولكن ذلك ما حدث بيني وبين ليث بسبب لعبتي ال ال ال لا اعلم ماذا ادعوها, ربما الغبية لا المتهورة لا الغير مسئولة..

                                على الغداء كان يمتدح كل شيء يأكله, اخبرني انه يأكل السلطة وكأنها طبق من يد أمه وأنه لم يتذوق سلطة بهذه النكهة منذ سنين رغم ان الايطاليين يجيدون تتبيل السلطة... أخبرني ان للاسباقتي نكهة عربية ايضا رغم انها طبق ايطالي...

                                كنت اجيبه بأن لسيدة طريقة خاصة في تحضير كل شيء وان لها طابع خاص في تتبيل الطعام, لم اخبره ان أمي تذّكر سيدة دائما ان لا تنسى حمل زجاجة محكمة الاغلاق من بهار خاص تخلطة امي بنفسها يحمل نكهات عربية وهندية لا يمكن ان افهم سرها حتى لو بقيت معها في المطبخ سنين طوال...

                                حتى اللحم كان ناضجا بطريقة مختلفة وليس كما يفعل الاوروبيون غالبا حيث يبقى طريا من الداخل وأحيانا يقطر دما بعد قطعه..هذه فسرتها بأنني اكره منظر الدم في الطعام وان سيدة تراعي ذلك في طبخها وانني اعتذر اذا كان لا يعجبة..

                                لكنه استنكر اعتذاري وقال انه ايضا لا يأكل اللحم نيا وهو يضحك..
                                بعد ان ابتعدت سيدة تماما عن السفرة وتركت المطبخ, سألته متأخرا اذا كان يفضل اي مشروب غازي او اي عصير عدا عن الكوكا كولا لكنه اخبرني انه لا يشرب سوى الماء مع الغداء. أعتذرت كذلك بأنني لا استطيع تقديم نبيذا مع اللحم لانني لم اعتد شرائه او حتى شربه وخاصةًً عندما اكون وحيدة ..
                                عندها ابلغني انه لا يشرب اي مشروب روحي ابدا..

                                في الرابعه كنا قد فرغنا تماما من تناول الغداء, طلبت منه ان ينتظرني في الصالة امام جهاز التلفزيون الى ان اعود اليه خلال دقائق..

                                توجهت الى غرفة سيدة شكرتها وطلبت منها ان ترفع الأطباق وتضعها في المطبخ وتأخر عملية التنظيف الى ان يذهب الاستاذ.. اخبرتها ايضا انني سوف اصنع الشاي بنفسي..

                                كانت في غاية الحذر والهدوء ...نفذت ما طلبت وعادت لتغيب عن نظر ليث ولتعطيني مساحة من الراحة الداخلية لاخفف حالة المراقبة والتأهب التى اعيشها عندما تكون حول ليث..

                                اعتقد الان ان الامور تسير بأفضل مما تصورت..

                                عدت حيث يوجد ليث, كان قد اشعل التلفاز ووضع قناة عربية لا اتذكر ما هي..عندما حضرت اقفل التلفاز, سالته اذا كان يفضل البقاء هناك او نذهب الى طولة المكتب؟..

                                لم يجبني ونهض من مكانه سريعا, حمل حقيبته وضعها على الكرسي الذي تناول الغداء عليه وقبل ان يجلس سحب لي الكرسي المقابل لباب المطبخ. قال لي تفضلي, ثم جلس الى يميني فتح الحقيبة وأخرج جهازه الانيق...

                                وضع الجهاز على الطاولة امامه و اشعله ..

                                أخرج من حقيبته دفتر صغير انيق وقلم حبر بلون ترابي غريب وضعها امامي وطلب مني ان ادون اي شيء يقوله لانه سيطالبني بإختبار في نهاية كل مرحلة تدريبية كما قال..

                                قلت له ستمارس سلطتك كمعلم يالهي... انا من اعطاك الفرصة..

                                ضحك وقال وسيكون امتحانا معقدا كي لا تنسي المادة

                                - اي مادة؟ هل اصبحت طالبة لمادة في قسم الاقتصاد؟!
                                - لا اصبحت طالبة في قسم الكمبيوتر..
                                - وهل دّرست هذه المادة من قبل؟

                                - هذه اول تجربة لي كمدرس حاسب..
                                - اذا سأكون كبش الفداء,,

                                - وسأكون مستجدا وسأخلص في الشرح..
                                - وانا مستجدة تخلص في الدراسة,,

                                - هذا جيد..
                                - هذا يزيد مهامي الدراسية في هذه المرحلة,,

                                - عندما ننهي دراسة المبادئ وتستطيعين تشغيل البرنامج الخاص باللغة سيصبح لديك متسع اكبر من الوقت لتعلم اللغة في البيت بطريقة افضل..لقد جربت هذه الطريقة بنفسي قبلك..
                                - متى تعلمت الايطالية؟

                                - عندما درست البكالوريس..اي في نفس مرحلتك هذه...
                                - هل كان صعباً ان توفق بين اللغة ومواد الاقتصاد ,,

                                - كنت لا اعرف كلمات ايطالية كثيرة ولانني عربي كانت اللغة اصعب بكثير من ماهي صعبة عليك.. فأنا لا اعرف اي اساسات لاتينية كالتي تملكين..
                                (اذا فقد اقتنع تماما)

                                - خطر ببالي ذلك السؤال الغريب في تلك اللحظة فسألته..


                                - كم عمرك؟


                                يتبع...... :غمزه:

                                تعليق

                                يعمل...
                                X