بعدها تقول في كلام إنشائي طويل تتلاعب فيه بالمسكينة ( ربما ) وتضرب أمثلة سخيفة لا تمت للواقع ولا لموضوعنا بصلة :
أنا لا أدعي أن لدي احصائية تثبت أن المجتمعات التي تعمل فيها المرأة ارتفعت نسب التحرش مع أن المنطق يقول أنها سوف تكون نسبتها أعلى بلى شك.
لكن ما أريدك أن تفهمه أخي الفاضل أن هذا الذي نتحدث عنه واجب وطني فوق أنه يحل مشاكل كثير من العائلات وما أريدك أن تفهمه أيضاً أن النظام والقانون فوق الجميع ومن يخطئ يتعرض للعقاب, لأنه لو طبقنا كلامك هذا على جميع شؤون حياتنا لفسدت الحياة لأنك سوف تغلق المحلات التجارية بحجة أنها ((ربما)) تتعرض للسرقة, وسوف تحبس النساء في البيوت بحجة أنها (((ربما))) تتعرض للمضايقة وسوف تمنع السيارات من السير لأنه(( ربما )) أحد الشباب يفحط أو يقطع اشارة ويصطدم , أيضاًوسوف تقتل جميع النساء لأنها ((ربما)) تزني...إلخ
لكن الفيصل بين هذا وذاك هو القانون فعندما يعلم الجميع أن هناك عقاب ينتظر المخالف فلن يخالف أحد, ومن يخالف يتعرض للعقاب هذه جدلية يجب أن تعيها ويعيها جميع التيار التقليدي برمته.
أنا قولي أني أريد اختلاطاً مسؤولاً فأنا أقصد أنه اختلاط في المناحي الحياتية المختلفة التي تكون عامة وبين جميع الناس كالأسواق والمنتزهات والشارع وأماكن العمل في المطارات والأسواق التجارية والمستشفيات فهذه أماكن عامة لا يوجد فيها خلوة.
أما أن تقول أنه ((( ربما ))) و((قد)) يحدث فيها محظور شرعي فأنا أقول لك إذن عليك بقتل جميع النساء التي تعرفهن لأنهن ((ربما)) يقعن في أخطاء شرعية.
وللرد عليك أقول :
ما دمت قد اعترفت أن المنطق والواقع يقول أن نسبة التحرش والاعتداء على المرأة تزيد كثيراً في المجتمعات التي تعمل فيها المرأة مع الرجل فلماذا يا عزيزي تريدون ظلم المرأة وجمعها مع الرجل في أماكن العمل لدينا ؟!!
لماذا لا تفكرون في طرق أخرى لاستحداث وظائف للمرأة دون أن تجمعوها مع الرجل في مكان واحد وتعرضوها للتحرش والاعتداء ما دمتم تتبجحون بحرصكم على مصالحها ؟!!
لماذا لا تطالبون باستحداث حقائب وزارية للمرأة تكون مستقلة بمبانيها وميزانياتها وخاصة بالمرأة وحدها ؟!!
لماذا لا تطالبون مثلاً بأن يكون هناك وزيرة لتعليم المرأة لتدير قطاع تعليم المرأة بالكامل وكل ما يتعلق بتدريسها وتوظيفها وتنقلاتها وغير ذلك ؟!! .. وكذلك الأمر بالنسبة لبقية القطاعات والمؤسسات الحكومية ...
لماذا لا يصح عمل المرأة في شريعتكم إلا بجمعها مع الرجل في مكان واحد رغم ما يترتب عليه من محظورات شرعية وما ينتج عنه من مشاكل اجتماعية وأسرية جمة ؟!!
هللا أجبتني من فضلك ؟!!
أما حديثك عن القانون فقد أصابني بالدهشة ! ..
أي قوانين هذه التي ستحمي المرأة من دشير المجتمع ؟! .. وهل حالت تلك القوانين الوضعية الوضيعة دون الاعتداء على المرأة في المجتمعات المتحررة ؟!!
بعدها تقول :
أما سؤالك عن كنه التيار التقليدي فأنا أقول لك أن التيارالتقليدي هو التيار العريض ذو الشعبية الجارفة في هذا المجتمع للأسف.
أما مفهومه فهو تيار يعتمد على التراث اعتماداً مطلقاً ويتقبل ما جاء به بكل خنوع وهو (يقلد) ويكرر ماقاله (السلف) بدون مراعات لظروف الزمان والمكان , فهو يجر هذا المجتمع للوراء أو على أقل تقدير يعيق تقدم المجتمع لأنه يعيش في القرن الواحد والعشرين بعقلية القرون الوسطى. لا أتكلم عن الثوابت ولكن عن الاجتهادات التي اجتهدها السلف التي ربما أنها ناسبتهم ولم تصطدم مع الواقع الذي عاشوا فيه ولكنها بالتأكيد لا تناسبنا في هذا العصر.
فمن الذي أعطاهم الحق في الاجتهاد_ أقصد السلف_ وسلبه منا؟؟وهل هم يمتلكون عقولاً تفوق قدرتنا العقلية؟؟
وهل عمر ابن الخطاب مثلا نبي عندما ألغى حد السرقة في عام الرمادة.؟؟
عندما طالب من تسميهم بالليبراليين قبل فترة بتحديد النسل لأن الإنجاب العشوائي يعوق خطط الدولة المستقبلية للسنوات القادمة, لأن الدول يجب أن تعلم كم سيكون تعداد سكانها بعد عشر أو عشرين أو خمسين سنة لتستطيع رسم خططها الإقتصادية بما يناسب تعداد سكانها؛ أقول عندما طالبوا بهذا ؛ قام التيار التقليدي يشن الحملات النصوصية على من يطالب بهذا , بحجة أن هذا يخالف قول الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم ( تزوجوا الودود الولود)
ولم يراعوا الفرق بين الزمنين وبين القوتين, أو أن الرسول قال هذا الكلام عندما كانت الدولة مستضعفة وعدد المسلمين قليل.أو أن الرسول قال هذا القول من باب الحث وليس من باب الوجوب. فهذا النص قابل للتأويل. التقليديون مشكلتهم المستعصية أنهم لا يستطيعون إعمال الجزء الأعلى من أجسامهم.
وعمر بن الخطاب ألغى حداً من حدود الله لأنه أعمل عقله وأبطل النص القرآني الصريح مقابل الحالة الموجودة ولم يعترض أحد.
هذا مثال بسيط على الاعتراض من هؤلاء بدون مراعات للظروف.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة نحو حديث ( ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) مع أننا رأينا قوما أفلحوا عندما ولوا أمرهم امرأة فالبريطانيين تولتهم مارجريت تاتشر وما زادتهم الا رفعة
أو حتى لو ضربنا مثالاً من القرآن في قصة بلقيس مع النبي سليمان عندما أتاها كتاب سليمان ماذا قالت ( يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون) فماذا رد كبار رجالاتها (قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) فالرجال كانوا يريدون الحرب ولكن الحنكة النسائية تجلت عندما قالت ( قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون * وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون)
انظر الفرق بين الرؤيتين الذكورية والأنثوية.
فعند إذ يجب أن تؤول هذا الحديث لأنه عارض واقعاً ملموساً ونصاً مقدساً . لكن التقليديون لا يريدون لهذه الأمثلة أن تظهر ويريدون المرأة وعاءً جنسياً ليس الا, وبالمناسبة هذه النظرة للمرأة والحب في اخفائها هي رواسب جاهلية لم تتحلل بعد , ففي الجاهلية كنوا يئدون المرأة والآن يئدون شخصيتها .
والمقام لا يتسع للاسترسال بالأمثلة ولكن قس على هذا الكثير.
وللرد عليك أقول أن ما أدعيته عن التيار التقليدي كما تسميه كلام باطل ولا يمت للواقع بصلة ! .. فالعلماء اليوم يجتهدون في مسائلنا ومشاكلنا المعاصرة التي لا يوجد فيها نص ولم يجمع عليها علماء الأمة ... وكل ما قلته عن تقليدهم للسلف وتكرار ما يقولونه دون مراعاة ظروف الزمان والمكان كذب وبهتان !! ..
نعم كثير من علمائنا ينهجون نهج السلف الصالح في طريقة فهمهم للكتاب والسنة واجتهادهم في المسائل التي لم يرد فيها نص صريح
ولكن ذلك لا يعني أنهم عطلوا عقولهم عن التفكير والاجتهاد في المسائل المعاصرة واكتفوا بفتاوى واجتهادات السلف !..إلا إن كنت تدعي أن السلف الصالح هم من صدر لنا مئات الفتاوى حول التلفزيون والانترنت والجينز والمكياج وقيادة المرأة للسيارة وغيرها من الأمور المعاصرة !
أما قولك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ألغى حد السرقة في عام الرمادة ...فأقول لك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكن نبي عندما ألغى تطبيق حد السرقة في عام الرمادة .. ولكنه أوقف تطبيق حكم شرعي نزل به نص قرآني بنصوص من القرآن والسنة تبيح المحظورات وقت الضرورة .. بمعنى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يلغي حد السرقة من تلقاء نفسه لأنه أعمل عقله كما تدعي وقرر إلغاء تطبيق حد السرقة .. بل لأنه وجد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يبيح له إيقاف تطبيق النص القرآني حول حد السرقة نظراً لحالة المجاعة الشديدة التي كان يعيشها الناس في عام الرمادة ويضطر معها الفقراء للسرقة حتى لا يموتوا من الجوع ..
ولو لم يجد عمر بن الخطاب ما يجيز له ذلك التصرف في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لما تجرأ على إلغاء حد السرقة في عام الرمادة ! ..
والمضحك المبكي أنك تحاول المقارنة بين تصرف سيدنا عمر بن الخطاب وما قام به بنو ليبرال عندما خالفوا شرع الله القويم وطالبوا بتحديد النسل !! ..
والحقيقة يا عزيزي أن العلماء والمشايخ الذين حرموا تحديد النسل استدلوا بأكثر من الحديث الذي أوردته وأوردوا نصوص كثيرة من القرآن والسنة تؤيد ما ذهبوا إليه بعد أن فرقوا بين مسألة تحديد النسل ومسألة تنظيم النسل ! ..وأعتقد أنكم لا تفرقون بين المسألتين !.
أنت هنا تتحدث عن الفائدة الاقتصادية لتحديد النسل .. ولكن الواقع يا عزيزي والأرقام والدراسات الاقتصادية تتحدث عن أضرار اقتصادية فادحة تترتب على تحديد النسل !! . هذا ليس كلام إنشائي أسوقه هنا كما تفعل .. هذه حقائق استطيع إثباتها بالأدلة والبراهين والشواهد ولو كان المجال يتسع هنا لذكرها لذكرتها .
ثم عن أي خطط اقتصادية تتحدث ؟! .
ما هذه الخطط الاقتصادية التي ترسم لعشرين وخمسين سنة ويحدد مصير المجتمع وفق نتائجها بينما أكبر اقتصاديات العالم معرضة للانهيار في يوم وليلة !. ولنا في الإتحاد السوفيتي أكبر مثل ! .
وليت خطر تحديد النسل يقتصر على الناحية الاقتصادية فقط لهان الأمر ..لكن في تحديد النسل أضرار صحية واجتماعية وأمنية كفيلة بتدمير أي مجتمع !..
وهنا بعض مضار تحديد النسل وجدتها مرتبة ومختصرة بشكل جميل في أحد الأبحاث العلمية القيمة :
أضرار تحديد النسل :
(أ) انتشار جريمة الزنا وانتهاك الحرمات، فإن الذي يردع الإنسان ويقف به عند حده هو خوفه من الله تعالى أولاً وخوفه من العار ثانياً، فإذ لم يكن هناك خوف من الله تعالى، فإنّ انتشار وسائل منع الحمل وسهولة الحصول عليها يذهب الخوف من العار، حيث تأمن المرأة على نفسها من الحمل واكتشاف أمرها.
(ب) وبانتشار الزنا تنتشر الأمراض الفتّاكة الخبيثة كمرض الأيدز والزهري والسيلان وغيره.
(ج) انتزاع جلباب الحياء وفساد الأخلاق وضياع الأنساب وضعف الروابط بين الأسر.
(د) نقص الأيدي العاملة وكثرة العجزة والعجائز لقلة التناسل، ممّا من شأنه إضعاف قوة الدفاع عن هذه الأمة.
(هـ) ضعف العلاقة الزوجية بين الزوجين لعدم وجود الأولاد أو لقلتهم باستعمال وسائل تورث العقم ابتداءً أو تقف بالتناسل عند حد معيّن.
(و) ضياع نظام الأسرة وكثرة حالات الطلاق ما دام الشاب يجد حاجته من الفتاة متى شاء وما دامت وسائل منع الحمل تستر أمرهما إن كان لا زال يوجد عندهما شيء من الحياء.
(ز) أثبت العلم أنه يَنْجُب عن تحديد النسل مضار على الرجل والمرأة، منها سقوط الرحم في حق المرأة، وكذلك تصاب بالانهيار العصبي والقلق والأرق والتوتر والصُداع وشلل اليدين والرجلين وفساد الذاكرة، وأحياناً تصاب بالجنون؛ أما بحق الرجل فيقول الأطباء أنه يصاب بالاختلال في نظامه الجسماني والضعف في قوته التناسلية كما يُصاب بالقلق .
فما رأيك في هذا الكلام ؟
وبالمناسبة فإن كلامك عن تحديد النسل يمكن ببساطة أن أستخدمه ضدك من خلال ما ورد في بعض ردودك وما يطالب به الليبراليون بشكل عام ! .
فأنت مثلاً تتهكم علينا وتستعين بخدمات الأخت ربما وتقول لنا بالحرف الواحد (فأنا أقول لك إذن عليك بقتل جميع النساء التي تعرفهن لأنهن ((ربما)) يقعن في أخطاء شرعية
طيب يا عزيزي أنت بكلامك عن تحديد النسل تدعو لقتل الرجال والنساء على حد سواء لأنه ( ربما ) يكون في حياتهم خطر على اقتصادنا بعد خمسين سنة !!
وتقول أيضاً (إذ لو صحت هذه القاعدة للزم منا مثلاً أن نقتل كل طفل يولد لاحتمال أن يكبر هذا الوليد ويصبح سفاحاً!! صحيح أنه محتمل أن يصبح عالم ذرة لكن درء المفسدة مقدم على جلب المصحة. )
طيب يا عزيزي أنت لا تسمح للطفل المسكين حتى أن يتكون ويولد !. وبالتأكيد فإن ملايين الأطفال الذين لن يسمح بولادتهم لن يكون فيهم علماء ذرة ولا مفكرين ولا تجار يدعمون اقتصاد البلد ولا أطباء ولا معلمين ولا مهندسين ولا جنود يحمون البلد .. الخ .. بل سيكونون عبارة عن آفات بشرية تأكل اقتصاد العواجيز الذين سيتبقون من السكان بعد خمسين سنة !!
|