المحطة الرابعة .... سفير الحزن
[align=center:df77ff9124]1-هل أنت راضي عن موقف العرب من قضية فلسطين؟
أنا غير راضٍ عن القضية برمتها
فما بالك بجزء واحد من القضية وهو موقف العرب
إذا أردت مزيداً من التوضيح فعليك أن تتحمل الإجابة
فقط !
إسمح لي يا سفير الحزن
أن أقتبس بعض الذي كتبته أنا ونشرته ضمن مقالاتي في الوطن
كي أستطيع أن أغطي كل الإجابات على سؤالك هذا .
إن من يتتبع مسارات التاريخ يجد ألا مجال للتفاؤل
فالكل يعلم أن القدس سقطت منذ عام 1948، وبقيت حتى الآن 2004 .
لا جديد !
فكل يوم جرحى وقتلى، وبناء مستعمرات جديدة لإسرائيل... إلخ
وما زالت القضية الفلسطينية على رفوف الأمم المتحدة منذ 56 عاماً
نعم !
لا شيء يتكرر إلا الموقف
فموقف العرب لم يتغير
بل يتقدم هذا الموقف نحو الخلف دائماً .
الكل يعلم أن فلسطين خضعت قبل 56 عاماً لحاكم بريطاني
وتخضع العراق اليوم لحاكم أمريكي
لقد تناثرت أشلاؤنا في فلسطين حتى بلغت العراق اليوم
لقد طالت المسلمين في البوسنة والهرسك
وما زالت تتناثر في أفغانستان.
هل سيتوقف تمزيق الأجساد وتطاير أشلائها في العراق؟
أم إن الغيمة السوداء في بغداد اليوم ستنتقل إلى تراب عربي آخر.
ربما كانت مشكلتي أن تفاؤلي كدولاب خلفي لسيارة ذات دفع أمامي
إنها بحاجة إلى من يدفعها إلى الأمام.
فأنا أرى العالم من زاوية أشك أنها نافذة للأحلام
أقرب إلى الكوابيس من الرؤية
وهذه الكوابيس تتمثل لي في شعلة حذر داخل نفق مظلم
ربما هو مستقبل الشرق الأوسط برمته لا فلسطين وحدها
إن قراءتي للمستقبل بحاجة إلى أقراص تفاؤل
خاصة بعد انتشار موجة طويلة من الإحباط العام في معظم الأجواء
والتي بثتها شاشات التلفزة
خلال فترة الحرب على العراق
تلك المصيبة الأحدث في العالم العربي الآن
فالتمهيد للهدم والدمار قادم نحو سوريا حتى يطال إيران
ومن بعدهما ؟
لا أحد يعلم إلا علام الغيوب .
أما زلت يا سفير الحزن بعد هذا الذي ذكرته أنا
تصر على معرفة رأيي تجاه موقف العرب من قضية فلسطين ؟
حسناً .. سأتكلم
هل من المصادفة !
أن يعقد مؤتمر سلام في مدريد في نفس اليوم التي سقطت فيه غرناطة عام 1453؟.
كما هي الأرقام تتكرر فإن الحروف في هذا التاريخ أيضاً لا تأتي دائماً صدفة
نعم إنه التاريخ الذي يتكرر منذ وعد بلفور حتى وعد بلير
فلم يأت حرف الباء عبثاً ليجمع بين "بلير" و"بلفور"
إن حرفي اللام والراء يؤكدان تكرار التاريخ
فالرجلان من بريطانيا وكلاهما يتعهد بالحفاظ على أمن إسرائيل.
من المناسب استعراض موقفهما
وسأبدأ بالرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية
في الثاني من نوفمبر عام 1917 إلى اللورد روتشيلد
أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة
والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور
إن هذه الرسالة تعتبر أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين.
وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين.
حيث جاء في نص الرسالة ما يلي:
عزيزي اللورد روتشيلد
"يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته
التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية
وقد عرض على الوزارة وأقرته:
" إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين
وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية
على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية
التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين
ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى.
وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح"
المخلص آرثر بلفور.
أما بلير رئيس وزراء بريطانيا
فقد كتب مقالاً خاصاً لـ"الوطن" في 30 مارس 2003
علمت فيما بعد أنه بعث به إلى صحيفة الأهرام في القاهرة
وقد تحدث فيه إلى العرب
ربما بعث بمثله لصحف صهيونية يتحدث فيه إلى إسرائيل، إن كان كذلك !
فمن المؤكد أن المقال سيكون مختلفاً تبعاً لاختلاف المقام
فتعهده لإسرائيل سيختلف عنه مع العرب
لقد جاء في مقاله ما يلي :
أنه ملتزم مع الرئيس بوش بالتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة بالتفاوض في عام 2005
تتمثل في إقامة دولة قابلة للاستمرار والحياة للشعب الفلسطيني وبتوفير الأمن لإسرائيل.
إنها الأشياء تتكرر والظروف والتعهدات
فما زال التاريخ يرصد تصريحات البريطانيين تجاه أمن إسرائيل
أما الآن وقد انتهت الحرب على العراق فما عسى أن يفعله بلير؟
السؤال المهم الآن:
هل يفاجئنا وعد بلير بارتدائه لباس وعد بلفور؟
أم إنه مكمل له حيث بلغ الفرات الآن؟.
لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال سوى التاريخ !
أعتقد أن أقراص التفاؤل التي حصلت عليها من صيدلية التاريخ لأمتنا المجيدة التي تناولتها مجبراً ومنها :
قرص القادسية
وقرص اليرموك
وقرص حطين
قد جاء مفعولها، حيث تقافز أمامي سؤالان:
كم دولة عربية بعد 56 سنة مقبلة ستصمد أمام خارطة الطريق؟
وهل ستتماسك حدودها في الألفية الثالثة؟ بعودة صلاح الدين الثاني أم بلير الخامس؟.
إذا كانت الأرقام والحروف تتكرر في هذا التاريخ
فللأسماء نصيب أيضاً
حيث إن إعلامنا ما زال يتكرر في تشويه الحقيقة!
منذ تصريحات الإعلامي الشهير أحمد سعيد من إذاعة صوت العرب
حيث قال أنذاك وسمعه كل العرب إبان احرب 67 :
"لقد بلغنا تل أبيب"
إلى تصريحات وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف
حيث كان يقول وقتئذ :
"العلوج الأمريكان محاصرون في بغداد داخل دباباتهم"
لقد تقاطعت الشخصيتان الإعلاميتين عند اسم "سعيد"
يا لهذا التكرار العجيب في التاريخ
ألم أقل بأن التاريخ يعيد نفسه؟.
أرجو ألا يفهم من هذا كلامي هذا أنه استبصار للمستقبل
بقدر ما هو مجرد تقليب في دفتر التاريخ.
يمكن بعد استعراض هذا التاريخ
معرفة موقف العرب
ليس فقط تجاه قضية فلسطين بل تجاه كل قضايانا ومشاكل أمتنا العربية .[/align:df77ff9124]
|