عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [1]  
قديم 10 / 08 / 2011, 41 : 12 AM
أبو ياسر
 


افتراضي معركتي مع القطط [9]



مرحباً بالجميع ، هذه المقالات كما سبق و أعلنت و لم أضمر ، متنوعة المواضيع لا أجنح فيها لمعالجة قضايا فكرية أو مطارحات علمية ، بل هي عفو الخاطر ، أشبه ما تكون بشوارد الذهن التي تمر بنا جميعاً ، فأسدد سهامي فأصيب واحدة و يفر الكثير ،أما الليلة فسأحدثكم عن موقعة جرت بيني و بين قطتين ، أصنعها من نسيج الواقع لا الخيال و أنمقها بمبالغة مقبولة في شرع الأدب .
المكان منزلي المتواضع ، و الزمان الساعة الثانية عشر ليلاً ، زارني أحد الأخوان ولما طرق الباب نزلت إليه من الدور الثاني ، رحبت به وأجزلت ثم تركت الباب خلفي مشرعاً ، صعدنا إلى المجلس وكانت جلسة ساخنة نتدارس فيها كتاباً في الفرائض (المواريث) ، ولما أن أنهينا الدرس بعد جهد ذهني و كد نفسي ، قتلنا فيه جميع الأقارب و وزعنا عليهم المواريث ، استأذن صاحبي للانصراف ، قلت له بأدب إذا ما خرجت فأغلق الباب وراءك ولا تكترث بوصية الأول : خل الباب مفتوح ! ، لأننا في زمان قد يدخل فيه من الباب ثقيل دم أو سكران أو هامة من الهوام ، ولا سبيل إلى راحة البال إلا بإغلاق الباب و هذه الوصايا و مثيلاتها في ستين داهية ، وبينا أنا أتهيئ للنوم و أمرر يدي على وسادتي ، وسوس لي الشيطان و قال قم بإطلالة من النافذة على الباب فقد نسيه صاحبك مفتوحاً بالتأكيد ، لما نظرت من النافذة وجدت الباب مفتوحاً على ساقه ، شتمت صاحبي في نفسي ولا بأس بهذه الشتيمة لأننا لا نؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ما لم نقل أو نفعل ، نزلت مهرولاً إلى الباب و كان لباسي مبتذلاً لا يصلح إلا للنوم ، أغلقته و لما استدرت – ياِسادة – لم يرعني إلا قطتان لا ثالث لهما إلا الشيطان الرجيم ، انطلقا إلي من تحت الدرج و قصدتا الباب فاصطدمتا به إذ كان مغلقاً ولا فوت ،ِ وبدأتا تبحثان عن مخرج ولكن لا سبيل! ، قفزتا إلى الأعلى ولكن لا فائدة !، أخرجتا من تحت الباب ما أمكنهما إخراجه و لكن لا جدوى، فإسقط في يدهما فالباب من ورائهما و أنا من أمامهما ، تراجعت قليلاً و رأيت أن لا سبيل لخلاصهما و راحت بالي إلا بأن أفتح الباب ، ولكن كيف؟! فالمسار إلى الباب ضيق لا يؤخذني معهما ، تقدمت بخطو متئد وبدأت أقترب، ولما مددت يدي لأفتح الباب ، انقضت علي إحداهن و فغرت عن فيها إذ بأنياب حدة تشطر الشعرة ، و مخالب معوجة لا تفارق الجلد إلا بعد أن تفته ،تراجعت بسرعة و طلبت السلامة و قلت في نفسي إذا ما جاء الصبح أكون فيه نشيطاً و صاف الذهن سأحرر أسرهما ، أما الآن و الذهن يغالب النوم فلا مجال ( للقروشة ) ، تركتهما ورائي ورحت أعتلي الدرج درجة درجة ،و أنا في منتصف السلم بدأت أسمع مواء يقطع نياط القلب ، لو سمعه فيل لسقط خرطومه، ولو سمعه بعير لغار سنامه ، فتذكرت عندها حديث النبي – صلى الله عليه و سلم – في المرأة التي دخلت النار من أجل هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض ، و صوت القطتان بدا يخفت و كأنهما تصارعان سكرات الموت ، توقفت و عدت إليهن و حاولت جهدي أن أصل للباب و كلما تقدمت خطوة ، ازددن هياج ، فبرقت في رأسي فكرة ، وقلت لنفسي – لا تنسون أني سهران !!! – لما لا أتسلح بسلاح خفيف لأرد عني الأذى ، بالفعل صعدت للمنزل ودخلت المطبخ ، فرأيت عصى مكنسه (يدوية) فأخذتها وأنا أقول هذا هو سيفي الذي سأضرب به ، ولكن من أين أأتي بالدرع الذي أرد به الهجمات ، فرأيت في أعلى الأدراج قدراً كبير ، فأخذت غطاءه ترساً لا تنفذ منه مخالب هاتين القطتين الـ ....
استعنت بالله ونزلت مهرولاً ومكبر ، وصوت زعيم الثائرين القذافي يرن في إذني زنقه زنقه ، فو الله لأزنقهن زنقة لن ينسياها في حياتهما القصيرة!، و لما أن وقفت أمامهن جنتا جنوناً عجيباً إذ رأتا العصى في يدي ..
حقاً سخرت من نفسي و من هذا الموقف بين قوسين ( مهزلة ) ، وقلت رجل بطوله و عرضه يصنع هذه الأصانيع ، لا! وعدوه قطتان صغيرتان ( ياعيب الشوم ) ، عندها استجمعت قواي و تقدمت بخطى ثابتة لا ألوي على شيء إلا أن أفتح الباب و أحرر هاتين الشريرتين ، اعتلى موائهن ، و بدأت أقترب غير آبه أو هائب ، ولما مددت العصى انقضت إحداهن عليها وتشبثت بها ، فما كان مني إلا أن أهويت على رأسها بضربة خفيفة و لذيذة تنسيها شيء من جنونها ، ابتعدت عن المكنسه مرغمة ، أما صاحبتها فسرى الرعب في (جنانها) فلم تنفك تنظر إلي وخيل إلي أنها تقول : رحماك بي أيها الفارس الضرغام فأنا قطة أليفة كما ترى ، إلا أن مثل هذه الألاعيب لا تنطلي علي ، و ازددت قرباً من الباب و المواء يرتفع حتى سمعه كل أنسي وجان في حارتنا ، و أنا في حالة من التردد الشديد لأن الخطوة التالية تعني أن أنتهك حماهم و أقتحم خطوط دفاعهم الأمامية ، هنا برقت فكرة أخرى – شوي و ينزل مطر – فرأيت أن قفل الباب وهو الهدف بالقرب من مرمى المكنسة ، فمددت عصى المكنسة لقفل الباب و رفعت غطى( طباقة ) القدر ناحية وجهي و رحت محاولاً فتحه ، والقطتان تحاولان التشويش علي فتقفزان في السماء ، و تحكان بمخالبهن الباب وهذه لا أحتملها – يا سادة - أبداً لأن جسدي ينفر و أشعر بألم في أسناني ، إلا أني كنت مصراً على إصابة الهدف وبعد محاولات مضنية فعلتها و فتحت الباب ، ثم تراجعت و وضعت غطى القدر جانباً ، ورميت بعصى المكنسة ، واستلقيت على ظهري محتفلاً بالنصر ، ولكن ما الذي أسمعه ، تباً! إنهما مازالتا هنا ، الباب مفتوح و لم تعلما بعد بذلك – (ياليل مطولك ) – ، أخذت سلاحي ثانية وحاولت أن أستثيرهما للخروج ولكن ما زالتا مصرتان على أن الباب مغلق يبدو أن السهر ما أثر علي لوحدي بل أثر عليهما أيضاً ، هنا كان ولابد أن أضع حداً لهذه المهزلة ، فصعدت إلى فوق و أخذت عدداً من الأحذية – أجلكم الله – و بدأت بالتسديد عليهما بحرفية حتى خرجتا ،ولكن مكسورتا الأنف وأنا عالي الأنف و الجبين أيضاً! ، ووصيتي خل الباب مغلق!! ، إلى اللقاء غداً مع موضوع جديد على مائدة السحور