لهيب
05 / 08 / 2011, 36 : 03 AM
بالأمس كنت بمنزل أحد الأخوة ودار بيننا نقاش حول " المثقفين السعوديين" هكذا أسماهم كما رآهم يزعمون ذلك أيضا
وهذا اللقب يكاد يتفق الجميع على أن معناه هو يصدق على العالم الأديب الذي بقر بحور العلم ولم يدع فنا إلا وقد سبح فيه وحقق معانيه وأحاط به إحاطة كلية وهو معنى عظيم
كما ترى يقابله في تراثنا : العلامة والمحقق والأديب والمتفنن والأستاذ... ولذا تراهم يطلقونه في مقابل العامة وأغلب من يحمل هذا اللقب وينتسب إليه هو كالمتشبع بما لم يعط فبالكاد يطيق أن يكتب كتابة مستبينة صحيحة فضلا أن يعرف معنى ما يدرك
ومن ذلك لفظة الثقافة نفسها التي يؤول معناها في اللسان إلى مطلق الحذق والإجادة وإن كان في الشيء اليسير ولاتمت بصلة لشيء مما يعنونه بها، فلن تجد أن لهذا اللفظ الموهم أي ارتباط بما اصطلح هؤلاء اطلاقه عليه
وإن كان لامشاحة في الاصطلاح فهذا في مجال الجدل والمناظرة وإلا فكل من يزعم أنه يتكلم بلسان عربي عليه أن يتقيد به ولايستعمل الألفاظ العربية إلا فيما وضعت
له فالأصل السماع لا الابتداع
وهذا قد يدل على أن هذا اللفظ من بقايا ما خلفه المستشرقون في كتبهم وتداوله صبيانهم من بني جلدتنا على عواهنه دون تحقيق إن صح أنهم من أهله أصلا
بداية
أريد أن أبين أني حين أتحدث عن ابهام هذا اللقب فإني أستحضر أمام ناظري جملة كتاب الصحافة في بلادنا هذه الذي استأثروا بهذا اللقب ممن يطلق لسانه في الحديث عن الشأن الثقافي والاجتماعي المحلي والدولي والسياسي وحتى الشرعي وهو يجهل صلاته وطهارته بفن الإنشاء والبيان وعلم الاجتماع والسياسة وهم كثير
وقد استرعتهم تلك الصحف واحتوتهم بعد أن لفظهم الناس وهم يشكلون أزمة كبرى من حيث جهلهم المطبق من جهة وقلة حيائهم في طرق مواضيع هي أكبر منهم بكثير بطريقة سخيفة لاينقضي منها العجب
وقد أشار لذلك غازي القصيبي نفسه في لقاء له في قناة العربية،
وهي أزمة مستفحلة أسهمت في ضعف الوعي المتفشي في المجتمع المتابع لها في مجمله حيال إدراك هذه المعاني الاجتماعية والشرعية العميقة كمشكلة الفقر والعنوسة والعطالة وتقسيم الثروة ونظام الحكم في الإسلام وكون الحاكم لايعد أن يكون نائبا عن عموم المسلمين في تدبير شؤون الدولة الإسلامية وتولي إقامة الحدود ونصب الولاة وجبي الخراج والأموال وتوزيعها بين المسلمين دون أن يكون له مزيد فضل على أدنى فرد فيهم ومبدأ الشورى والمعاهدات الدولية وطرق ابرامها وما يجب الاتزام به مما لايجب ومددها وأسباب نقضها وغيرها من تلك المفاهيم التي يعد سبرها والتحقق منها أمراً يستبعد من هؤلاء التحلي به وهم يكتبون بنفَس سطحي يستجلب الضحك
ومن وقف على بعض مقالاتهم عرف ما أقول ويكفي للتدليل على ذلك أن تتناول أقرب مقال بأي صحيفة حديثة وكان لديك قليل من إدراك بأصل ما يُكتب عنه
وأبرز ما تتصف به تلك العصبة هو اختلاق جدال سفسطائي عقيم مع واقعة افتراضية وأشخاص يخالفونهم في الطريقة والمبادئ ويظلون على هذا أزمانا وهو مصرون على تكرار تلك الجدليات التي لن تكون منصفة أبداً فيما لوكانوا أهلا للجدل في تلك الأمور من أصله لأن الجدال في ظل تكميم الأفواه كما هو الواقع في صحافتنا سيكون أشبه بإلقاء الأوامر والمسلمات
وعلى المتابع والمعني بذلك الشأن أن يتجرع ما يقال بكل أسى متقمصا دور العبد المأمور المغلوب على نفسه فما بالك وهم لم يكتبوا حرفاً صحيحا يقبله العقل والواقع محل الجدال والمناقشة لاسيما حين يخوضون في فروع الشرعية المحضة !
إن ذلك الكساء الفضفاض والمدعو بال(المثقفين) لابد من وضع حد فاصل له يعرف منه من ينطبق عليه ممن لايستحقه وهو بريء منه ، وإغفاله هو ما جعلنا في أشبه بفضاء عائم غير محدد المعالم من المصطلحات على غرار كثير من المصطلحات التي يختلقونها نحو : الصحويين والمتشددين والمثقفين والمعتدلين والتنويرين والليبراليين ...الخ
ينتقي منها كل فرد في المجتمع ما ناسب هواه دون تعقل لمعناها أو سعي صادق لبيان ماهيتها والصحافة هي الكفيل بإبراز ما يناسبها من هؤلاء المتلقبين متى كان يساير الطريق الذي انتقته الجريدة لسلوكه والالتزام به وإن كان مضاداً لدستور الدولة مضادة مطلقة في تناقض عجيب لاينفك عنه واقعنا المحلي في الصحافة وغيرها والله المستعان
بقي أن يقال إن الناظر لحال الإرث العربي و الإسلامي من علوم وفنون وحضارة يجده متراكبا متسلسلا آخذا بعضه برقاب بعض في تناسق عجيب لايطغى صغيره على كبيره ولاحديثه على قديمة فكل العلوم الموروثة كانت تعنى بالتسلسل المعرفي مراعاة لضيق الإدراك المبدئي لدى الإنسان الذي يتوسع تدريجيا بطول الممارسة وليس من أول وهلة كما يظن هؤلاء دون انتقاء أو إغفال لشيء من هذا الفن الذي يحيط مطالعه بكل جوانبه إحاطة تكسب من يتقيد بها بتلك الملكة التي ترسخ في النفس ولاتكاد تنفك منه وما فعل هؤلاء هو ضرب من الانتقاء والخلط عجيب حتى ظهر ذلك جليا في اطروحاتهم الفكرية التي عبثاً قد ترقى للاطلاع على مضض وهذا يبين لك أثر ما فعله هذا الخلط في لجوء هؤلاء للتشبث برأي وافق ما بداخله ومالت له نفسه دون تحقيق وحيث عدم المناظر والمحاور في عالم الصحافة فإن تلك الآراء تمر دوما دون نقاش مما يوسع هوة الثقافة ويزيد من عتمتها وإبهامها وبذلك تنحدر (الثقافة) بفعل (المثقفين ) انفسهم
-على التسليم بصحة هذا اللقب وكونهم من ماصدقاته- لواد مظلم سحيق يتخبط فيه كل من ولجه ورضي بأن ينحدر فيه...
وهذا اللقب يكاد يتفق الجميع على أن معناه هو يصدق على العالم الأديب الذي بقر بحور العلم ولم يدع فنا إلا وقد سبح فيه وحقق معانيه وأحاط به إحاطة كلية وهو معنى عظيم
كما ترى يقابله في تراثنا : العلامة والمحقق والأديب والمتفنن والأستاذ... ولذا تراهم يطلقونه في مقابل العامة وأغلب من يحمل هذا اللقب وينتسب إليه هو كالمتشبع بما لم يعط فبالكاد يطيق أن يكتب كتابة مستبينة صحيحة فضلا أن يعرف معنى ما يدرك
ومن ذلك لفظة الثقافة نفسها التي يؤول معناها في اللسان إلى مطلق الحذق والإجادة وإن كان في الشيء اليسير ولاتمت بصلة لشيء مما يعنونه بها، فلن تجد أن لهذا اللفظ الموهم أي ارتباط بما اصطلح هؤلاء اطلاقه عليه
وإن كان لامشاحة في الاصطلاح فهذا في مجال الجدل والمناظرة وإلا فكل من يزعم أنه يتكلم بلسان عربي عليه أن يتقيد به ولايستعمل الألفاظ العربية إلا فيما وضعت
له فالأصل السماع لا الابتداع
وهذا قد يدل على أن هذا اللفظ من بقايا ما خلفه المستشرقون في كتبهم وتداوله صبيانهم من بني جلدتنا على عواهنه دون تحقيق إن صح أنهم من أهله أصلا
بداية
أريد أن أبين أني حين أتحدث عن ابهام هذا اللقب فإني أستحضر أمام ناظري جملة كتاب الصحافة في بلادنا هذه الذي استأثروا بهذا اللقب ممن يطلق لسانه في الحديث عن الشأن الثقافي والاجتماعي المحلي والدولي والسياسي وحتى الشرعي وهو يجهل صلاته وطهارته بفن الإنشاء والبيان وعلم الاجتماع والسياسة وهم كثير
وقد استرعتهم تلك الصحف واحتوتهم بعد أن لفظهم الناس وهم يشكلون أزمة كبرى من حيث جهلهم المطبق من جهة وقلة حيائهم في طرق مواضيع هي أكبر منهم بكثير بطريقة سخيفة لاينقضي منها العجب
وقد أشار لذلك غازي القصيبي نفسه في لقاء له في قناة العربية،
وهي أزمة مستفحلة أسهمت في ضعف الوعي المتفشي في المجتمع المتابع لها في مجمله حيال إدراك هذه المعاني الاجتماعية والشرعية العميقة كمشكلة الفقر والعنوسة والعطالة وتقسيم الثروة ونظام الحكم في الإسلام وكون الحاكم لايعد أن يكون نائبا عن عموم المسلمين في تدبير شؤون الدولة الإسلامية وتولي إقامة الحدود ونصب الولاة وجبي الخراج والأموال وتوزيعها بين المسلمين دون أن يكون له مزيد فضل على أدنى فرد فيهم ومبدأ الشورى والمعاهدات الدولية وطرق ابرامها وما يجب الاتزام به مما لايجب ومددها وأسباب نقضها وغيرها من تلك المفاهيم التي يعد سبرها والتحقق منها أمراً يستبعد من هؤلاء التحلي به وهم يكتبون بنفَس سطحي يستجلب الضحك
ومن وقف على بعض مقالاتهم عرف ما أقول ويكفي للتدليل على ذلك أن تتناول أقرب مقال بأي صحيفة حديثة وكان لديك قليل من إدراك بأصل ما يُكتب عنه
وأبرز ما تتصف به تلك العصبة هو اختلاق جدال سفسطائي عقيم مع واقعة افتراضية وأشخاص يخالفونهم في الطريقة والمبادئ ويظلون على هذا أزمانا وهو مصرون على تكرار تلك الجدليات التي لن تكون منصفة أبداً فيما لوكانوا أهلا للجدل في تلك الأمور من أصله لأن الجدال في ظل تكميم الأفواه كما هو الواقع في صحافتنا سيكون أشبه بإلقاء الأوامر والمسلمات
وعلى المتابع والمعني بذلك الشأن أن يتجرع ما يقال بكل أسى متقمصا دور العبد المأمور المغلوب على نفسه فما بالك وهم لم يكتبوا حرفاً صحيحا يقبله العقل والواقع محل الجدال والمناقشة لاسيما حين يخوضون في فروع الشرعية المحضة !
إن ذلك الكساء الفضفاض والمدعو بال(المثقفين) لابد من وضع حد فاصل له يعرف منه من ينطبق عليه ممن لايستحقه وهو بريء منه ، وإغفاله هو ما جعلنا في أشبه بفضاء عائم غير محدد المعالم من المصطلحات على غرار كثير من المصطلحات التي يختلقونها نحو : الصحويين والمتشددين والمثقفين والمعتدلين والتنويرين والليبراليين ...الخ
ينتقي منها كل فرد في المجتمع ما ناسب هواه دون تعقل لمعناها أو سعي صادق لبيان ماهيتها والصحافة هي الكفيل بإبراز ما يناسبها من هؤلاء المتلقبين متى كان يساير الطريق الذي انتقته الجريدة لسلوكه والالتزام به وإن كان مضاداً لدستور الدولة مضادة مطلقة في تناقض عجيب لاينفك عنه واقعنا المحلي في الصحافة وغيرها والله المستعان
بقي أن يقال إن الناظر لحال الإرث العربي و الإسلامي من علوم وفنون وحضارة يجده متراكبا متسلسلا آخذا بعضه برقاب بعض في تناسق عجيب لايطغى صغيره على كبيره ولاحديثه على قديمة فكل العلوم الموروثة كانت تعنى بالتسلسل المعرفي مراعاة لضيق الإدراك المبدئي لدى الإنسان الذي يتوسع تدريجيا بطول الممارسة وليس من أول وهلة كما يظن هؤلاء دون انتقاء أو إغفال لشيء من هذا الفن الذي يحيط مطالعه بكل جوانبه إحاطة تكسب من يتقيد بها بتلك الملكة التي ترسخ في النفس ولاتكاد تنفك منه وما فعل هؤلاء هو ضرب من الانتقاء والخلط عجيب حتى ظهر ذلك جليا في اطروحاتهم الفكرية التي عبثاً قد ترقى للاطلاع على مضض وهذا يبين لك أثر ما فعله هذا الخلط في لجوء هؤلاء للتشبث برأي وافق ما بداخله ومالت له نفسه دون تحقيق وحيث عدم المناظر والمحاور في عالم الصحافة فإن تلك الآراء تمر دوما دون نقاش مما يوسع هوة الثقافة ويزيد من عتمتها وإبهامها وبذلك تنحدر (الثقافة) بفعل (المثقفين ) انفسهم
-على التسليم بصحة هذا اللقب وكونهم من ماصدقاته- لواد مظلم سحيق يتخبط فيه كل من ولجه ورضي بأن ينحدر فيه...