المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان كأداة!


مـحـايـد
03 / 06 / 2009, 30 : 01 PM
عبدالله المطيري

الإنسان كأداة!


كثيرا ما كان الطلاب يشتكون من زيف الصداقات التي يمرّون بها في حياتهم المبكرة.فصداقة المصلحة

هي الرعب الذي يحوم حول كل صداقة في عمرهم. وصداقة المصلحة كما هو معروف أن يتخذ إنسان

إنسانا آخر صديقا ظاهريا من أجل تحقيق منفعة ما وبمجرد انتهاء هذه المنفعة تكون هذه الصداقة قد

انتهت أيضا.

المراهقون أكثر حساسية من غيرهم في هذا الشأن بسبب أن القدرة على إقامة علاقات اجتماعية

ناجحة والحصول على أصدقاء هو مؤشر على نضج المراهق وتخطيه لمرحلة الطفولة.ولكنهم لا يعلمون

أن هذه القضية، أي قضية خلل العلاقات الإنسانية والشعور بالظلم فيها، لن تنتهي بنهاية المراهقة وإن

تغيّرت واختلفت صورها.

لن أتحدث هنا عن أزمة العلاقات المزيفة بقصد التزييف، أي العلاقات التي يبدأها الطرفان أو أحدهما بنية

التزييف، فهذه متفق عليها ولا تحتاج إلى كثير تحليل، سأتحدث هنا عن علاقات صادقة في أساسها ولكنها

زائفة في مضمونها بسبب انغلاق أحد الطرفين على نفسه وعدم قدرته على رؤية الآخر..وهو بهذا

الشكل لن يعرف هذا الآخر إلا كأداة، مهما كانت نواياه طيبة وسليمة، إلا أن انغلاقه لا يسمح بمدى

أوسع لهذه العلاقة.

الإنسان المنغلق،نفسيا لا فكريا، هو الإنسان المشغول بذاته، الإنسان الذي لا يرى الأشياء والآخرين

إلا من خلال علاقتهم به. أي إنه الإنسان الذي لا ينكشف على الأشياء والآخرين إلا من جهة ما هم

نافعون له. فصديقه هو الذي يصغي له ويواسيه ويهتم به. وزميله هو ذلك الذي يمارس معه منفعة

مشتركة وهكذا.. يجب أن نلاحظ هنا أننا لسنا أمام إنسان شرير أو يكره الآخرين أو استغلالي بطبعه، لا

أبدا..نحن أمام إنسان منغلق على ذاته ولم يحاول بجدية أن ينظر للآخرين.

النظر للآخرين هنا يعني أن نرى الآخرين خارج علاقتنا بهم، أي كونهم أفراداً مستقلين لهم علينا كما لنا

عليهم. أفراد يجب أن نحاول أن نصل إلى دواخلهم من أجل أن نتعرف عليهم.أن ننكشف عليهم. أذكر في

هذا الصدد،وقت العمل في التعليم، أن عامل النظافة،اسمه محيي الدين، الذي عاش معنا سنين في

ذات المدرسة وكنا نلتقي به في كل صباح، رحل ونحن لم نعرفه بعد. لم نعرفه لأن أحدنا لم يحاول أن

يتعامل معه كإنسان قبل أن يكون عامل نظافة، لم ينكشف أحد يوما ما على مشاعره الإنسانية أو رؤاه

أو أفكاره، لم ينصت له أحد ليعرف من هو فعلا. دائما كان أداة للاستخدام. حتى أثناء التعاملات المرحة

معه، كان مكاناً للتسلية، للترفيه، لكنه كإنسان لم يعرَف أبدا.تتعمق هذه الأزمة أكثر إلى العلاقات الأكثر

قربا والأكثر حميمية، فغالبها تكون إما علاقة مصمتة أو علاقة من طرف واحد، والعلاقة السعيدة هي

علاقة الطرفين الحقيقية. العلاقة المصمتة، هي العلاقة بين كائنين منغلقين، كل منهما يثرثر على الآخر

ولا أحد يسمع. السماع هنا بمعنى الإحساس والمشاركة والتفاعل, العلاقة المصمتة هي علاقة بائسة

لا تمثل أكثر من التزام شكلي متبادل بين شخصين ولكنها ليست علاقة حقيقية، أي إنها لم تصل

لمستوى العلاقة التي يمكن أن يرى الإنسان فيها نفسه بعين الآخر أو أن يصل منها إلى عمق إنسان

آخر فيرى فيها هذا الآخر كما هو، لا كما يريد أن يراه.

أما العلاقة من طرف واحد فهي العلاقة الغالبة، باعتبار أن العلاقة المصمتة لا تلبي لأحد من الطرفين

مبتغاه وهي علاقة تحقق العدالة. أما علاقة الطرف الواحد فهي علاقة استغلالية أنانية، يستخدم فيها

الطرف المنغلق صديقه أو صاحبه، لينفّس عن أحزانه، ويعبّر عن أفكاره ويحكي أحلامه وطموحاته

ويستعرض بطولاته، وحتى انكساراته. ولكنه لا يرضى بعكس العلاقة. أي لا يرضى بأن يكون هو الطرف

المستمع، الطرف المنصت، الطرف المهتم والمتقبل للآخر. هذه العلاقة علاقة ظالمة والطرف المستبد

فيها يجب أن يصحو من انغلاقه الذي يعيش فيه.وهذه مهمة الطرف الآخر، الإيجابي الذي لن يلبث حتى

يشعر بالظلم في هذه العلاقة ويطلب من الطرف الآخر المساواة أو إنهاء العلاقة أو يستمر في التضحية.

في الغالب أن الطرف المستبد لا يفهم هذه الشكوى ولا يستوعبها بسبب انغلاقه ويؤولها تأويلات

مختلفة ويبحث، كما هي عادته، عن علاقة أخرى يمارس فيها أنانيته. الأمر هنا يتعلق بالتركيبة النفسية

تحديدا للأفراد ويمكن تتبع هذه التركيبة من مرحلة الطفولة، فالطفل الذي اعتاد على الدلال والاهتمام

يريد أن يستمر الأمر على ما هو عليه، والطفل الذي اعتاد على الأخذ ولم يعرف العطاء سيستمر على ما

هو عليه في علاقاته المستقبلية ما لم يستيقظ يوما من الأيام على حقيقته.

العلاقة المثالية هي العلاقة التي يتوفر فيها وعي لدى كل الأطراف بمعنى العلاقة بينهما ومتطلباتها

وشروطها واستحقاقها. هي العلاقة التي يحس فيها كل طرف بالآخر، إحساسا عميقا. هي العلاقة

العادلة التي يلتزم كل الأطرف فيها بالحقوق والواجبات.وأول واجب في العلاقة الإنسانية أن لا نستخدم

الإنسان كوسيلة وأن نتعامل معه باستمرار كغاية.أن لا نحوّل الإنسان إلى أداة لا نعرف منها إلا منفعتها

لنا. العلاقة العادلة هي علاقة يحاول فيها كل طرف أن يصل إلى عمق الطرف الآخر، أن ينصت له جيدا،

أن يتحمل عبء مشاركته أفكاره وأحزانه وأفراحه وأحلامه وحتى سخافاته. العلاقة التي ينظر كل طرف

فيها للآخر بنظرة تتسع كل يوم علّها تحيط به وتفهمه. هي العلاقة التي يقاوم فيها الإنسان أنانيته

الطبيعية، الأنانية التي ستحكمه بدون أن يعلم إذا لم يتساءل باستمرار عن الآخرين من حوله. هذه

الأنانية لا تسمح لنا إلا أن نرى الأشياء والآخرين من منظارنا الصغير، أي من جهة علاقتهم بنا وموقفنا

منهم. الأنانية هي الحاجز بيننا وبين الآخرين.بيننا وبينهم كبشر مستقلين عنّا، كبشر لهم ظروفهم

وأوضاعهم الخاصة، بشر لهم قيمتهم الخاصة بغض النظر عن تقييمنا لهم.

نقلا عن جريدة الوطن

أبو الطيب المتنبي
03 / 06 / 2009, 51 : 07 PM
الأخ محايد موضوع جميل ويستحق النشر ...............
العلاقة المثالية هي العلاقة التي يتوفر فيها وعي لدى كل الأطراف بمعنى العلاقة بينهما ومتطلباتها
وشروطها واستحقاقها. هي العلاقة التي يحس فيها كل طرف بالآخر، إحساسا عميقا. هي العلاقة
العادلة التي يلتزم كل الأطرف فيها بالحقوق والواجبات.وأول واجب في العلاقة الإنسانية أن لا نستخدم
الإنسان كوسيلة وأن نتعامل معه باستمرار كغاية.أن لا نحوّل الإنسان إلى أداة لا نعرف منها إلا منفعتها
لنا. العلاقة العادلة هي علاقة يحاول فيها كل طرف أن يصل إلى عمق الطرف الآخر، أن ينصت له جيدا،
أن يتحمل عبء مشاركته أفكاره وأحزانه وأفراحه وأحلامه وحتى سخافاته. العلاقة التي ينظر كل طرف
فيها للآخر بنظرة تتسع كل يوم علّها تحيط به وتفهمه. هي العلاقة التي يقاوم فيها الإنسان أنانيته
الطبيعية، الأنانية التي ستحكمه بدون أن يعلم إذا لم يتساءل باستمرار عن الآخرين من حوله. هذه
الأنانية لا تسمح لنا إلا أن نرى الأشياء والآخرين من منظارنا الصغير، أي من جهة علاقتهم بنا وموقفنا
منهم. الأنانية هي الحاجز بيننا وبين الآخرين.بيننا وبينهم كبشر مستقلين عنّا، كبشر لهم ظروفهم
وأوضاعهم الخاصة، بشر لهم قيمتهم الخاصة بغض النظر عن تقييمنا لهم.
نعم إنها العلاقة الحقيقية التي تكون شبه مفقودة في مجتمعنا ...........
تقبل مروري موضوع جميل يامحايد ...............

محمد بن عايض المسردي
04 / 06 / 2009, 20 : 06 AM
مشكور..يامحايــــــد..
&دمــــــــتـ...متألــــــــقـ...&