الأســـتاذ
07 / 05 / 2009, 56 : 12 PM
تظل الدولة السعودية أنموذجاً فريداً من نوعه بين جميع دول العالم الإسلامي في القرون الثلاثة الأخيرة ،لأمور منها : -
1/ الأساس الديني الذي قامت عليه هذه الدولة ،والمرتبط بصفاء العقيدة .
2/ اللحمة الفريدة بين القيادة والعلماء ،واعتبار العلماء هم (أهل الحل والعقد والمشورة ) لا ينافسهم في ذلك علماني رذيل أو صوفي مخرف أو رافضي خبيث ،وهذا الالتحام هو المتبع في أطوار الدولة الثلاث ،قد يحصل بعض الفتور لكن الانفصال يكاد يكون شبه معدوم .
3/ النسيج الفكري والتكويني لسكان هذه البلاد بدءاً من الثقافة الإسلامية المتأصلة في نفسية الشعب إلى الصفات التي حباها الله لأهل هذه الجزيرة من شيم وغيرة وعزة نفس ، مما جعل هذا النسيج أحد دعائم تثبيت الحكم بلا مبالغة .فهذا النسيج بأركانه الرئيسية- الدين،الثقافة،التكوين- يرى الشعب أمر حمايته مرتبطا بولاة الأمر ،وأن مسئولية المحافظة عليه تقع على كاهل الولاة ،وقد لا أبالغ القول في أن مقياس( الولاء) يكون بمقياس (البقاء) على هذه الحماية، فإذا ما عجز الولاة عن الحماية فسيضطر الشعب إلى القيام بهذا الأمر نيابة عنهم .
وكل ما سبق ذكره يتعرض اليوم لاختبار صعب ،ومحك قاس ،قد يزيده صلابة وثباتاً ،أو عكس ذلك تماماً ،وعليه ولما لهذا الوطن في صدورنا من ولاء نعتبره من الديانة ،وأيضاً لما لولاة أمرنا من مكانة في قلوبنا امتزجت فيها وعلى مدى قرنين ونصف من الزمان مشاعر من الولاء والألفة ، فلكل هذا وجب على كل غيور المناصحة والشفقة على هذه البلاد وولاتها ومجتمعها من هذه الأزمة الخانقة التي نمر بها ،وليكن شفيعنا في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة )) قلنا لمن يا رسول الله ؟. قال (( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) .
وفي الحديث : (( إن الله يرضى لكم ثلاثاً : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ))
واليوم يدور الزمان دورته التي لا مناص من تداولها بين الناس ،ويتعرض أهل الإيمان للاختبار الدوري الذي ينزله الله تعالى على عباده ليرى الصادق من الكاذب ،والهالك من الحي ،والثابت من المتحول ،وكل سيصدر عن بينة .ولعل المتابع للأحداث المتسارعة في السنتين الأخيرتين في بلادنا قد يعجب من كثرة الأعداء ضد هذه الدولة ،ويزداد عجب المتابع أضعافاً عندما يرى هذا الكم الهائل منهم يعيشون بيننا ويتكلمون بألسنتنا ويحملون جنسيتنا !!فالعلمانية التي كانت مستترة بلحن القول تكشف وجهها الذي طالما غطته بكثير أقنعة ،يؤازرها في ذلك كل صاحب معتقد مشبوه من رافضة ومتصوفة وكل يغني على خبثه ،ولله الأمر من قبل ومن بعد . وبطبيعة الحال فإن هؤلاء ما انتفشوا إلا لأن أحد أوليائهم من الذين كفروا قد حل بدارهم أو قريباً منها ،فبدءوا بالصياح والعويل ، لسان حالهم : إما أن تعطونا ما نريد وإلا فإن لنا من أسيادنا لقاء ،وكأن هذا اللقاء لم يتم بعد !!
والقارئ لجادة المكر الصليبي يعلم جيداً أن الأساليب البطيئة الهادئة ،والأكيدة المفعول والنتيجة كانت من أنجح الأساليب الصليبية في تقويض أحكام الدين ،وتقليص نفوذه وحضوره الفاعل في حياة المسلمين بدون أن يشعروا بذلك .وما على أحدنا إلا أن يقرأ عن تلك الفيروسات الخبيثة التي دكت صرح الخلافة العثمانية من الداخل وحطمتها بمباركة بل ومساعدة وتخطيط ودعم من الخارج ،ليزداد عجبه من تشابه المخطط الذي نفذ في إسقاط الخلافة العثمانية ،وشقيقه الآخر الذي هو في طور التنفيذ في بلادنا الآن .
والآن لنذهب سوياً ونرى هذه الأيدي وتلك الأدوات الصليبية والتي صنعت تابوت الخلافة العثمانية وقدمته إلى ذمة التاريخ غير آسفة عليه،ولنقل بعدها (ما أشبه الليلة بالبارحة) !!
**تمهيد**
كانت الدولة العثمانية في سنين ضعفها تعاني من تخلف حاد في أنواع شتى من حياتها ليس هذا مكان بسطها ،هذا التخلف قادها إلى أن تتوسع في سياسة الإبتعاث للشبان العثمانيين إلى أوروبا والتي كانت قد انتعشت في مجال العلوم التجريبية والتنظيمية وتطورت فيه تطوراً أخاذاً وملحوظاً،وتم هذا بالفعل وبدأت الدولة سياسة الإبتعاث هذه ،ولكن هؤلاء الشبان قد عادوا غير عثمانيين وإنما عادوا أوربيين بزي عثماني ،بل وصاروا فرنجة أكثر من الفرنجة ذاتهم ،ومن خلال هؤلاء المبتعثين بدأت الدولة العثمانية طريقاً جديداً اصطلح على تسميته تاريخياً بــ (الإصلاحات) وذاك تلبيةً لضغوط خارجية كانت الدولة العثمانية تعاني منها بين الفينة والأخرى !!
بدأ مشوار( الإصلاحات) في عهد السلطان عبد المجيد الأول سنة 1255 ،ولكنه إصلاح كان على طريقة (حتى لو دخلوا جحر ضب) .فالنمط الإصلاحي تفصيله أوروبي ،وخياطته كانت أوروبية بأيد عثمانية علمانية .
ولنشاهد سوياً هذا الطريق الإصلاحي والقادم من الضغط الأوروبي على الدولة العثمانية، والمعبد بأيد عملائها العثمانيين اللبراليين، ولننظر لأدواته وآلياته الإصلاحية ( العظيمة) والتي أدت في النهاية إلى سقوط الدولة نهائياً !!
1/الإصلاحات الداخلية
نعم كانت ( الإصلاحات) من أهم أسباب السقوط السريع للدولة العثمانية لأنها جاءت عن طريق حفنة من العلمانيين المنافقين والذين جادة إصلاحهم معروف وصفها (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ،ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون )
وإليك عزيزي القارئ هذا النص الذي ذكره المؤرخ لويس برنا رد صاحب كتاب: (the emergence of madern turkey) حيث قال ما نصه: ( وهكذا فإن الإصلاح على المبادئ الأوروبية الحديثة ،كان من العوامل الفعالة التي ساعدت على هلاك الدولة وانحلالها ....) ويقول: ( وكان في رأي الكثيرين من المؤرخين أن السبب الحقيقي لزوال الدولة ،هو الإصلاح على النمط الأوروبي ) ا.هـ
فهل بعد هذه الشهادة والتي هي من خير أنواع الشهادات- شهادة الأعداء- من محيص ؟! نعم إن عدوك لا يعقل أنه يريد لك خيراً وإن قاسمك أنه لك من الناصحين !!
إن الإصلاح الحقيقي هو الإصلاح النابع من الذات ( وأصلحوا ذات بينكم) ،وليس بـ(الإصلاح ) المفروض على الأمة وممن يا ترى ؟ من عدوها المتربص بها وعملائه المدسوسين في صفوفها!!
يقول السلطان عبد الحميد في مذكراته ص193( والتجديد الذي يطالبون به تحت اسم الإصلاح سيكون سبباً في اضمحلالنا ، ترى لماذا يوصي أعداؤنا الذين عاهدوا الشيطان بهذه الوصية بالذات ؟ لا شك أنهم يعلمون علم اليقين أن الإصلاح هو الداء وليس الدواء ، وأنه كفيل بالقضاء على هذه الإمبراطورية ) ا. هـ ويقول السلطان عبد الحميد أيضاً في ص 89 من المذكرات نفسها ما نصه ( إنها دسيسة كبرى اختلقوها وسموها إصلاحاً !! خير لنا أن يتركونا وشأننا) ا.هـ
هذه النصوص لم يقلها أحد المعاصرين ، بل قالها أناس عاصروا تلك الفترة وقرءوها جيداً ،بل وكانوا على رأس الهرم السياسي فيها، ثم هاهي النتيجة أمامنا واضحة بعد خلع السلطان عبد الحميد الثاني الذي عارض مثل هذه الإصلاحات ( علمانية تركيا – إلغاء للخلافة – طرد الخليفة - منعٌ لسلالة آل عثمان من المرور فوق تركيا ولو بالطائرة – إلغاء للشريعة الإسلامية – منع الحجاب – تصاريح رسمية للبغاء – تحالف وتآلف مع إسرائيل – انحناء وذله لأوروبا- تغيير الأحرف العربية باللاتينية ....... الخ ) فهل هذا هو الإصلاح المرتجى من تحت الحذاء الأمريكي لنا ولمجتمعنا ؟!!
العلمانيون واللبراليون شر ، والشر لا يجنى منه خير أبداً ، فهل من متعظ بالتاريخ ؟! أتمنى أن أجد !!
2/ الضغوط الأجنبية
كانت الدولة العثمانية وبصفتها حاميةً لحمى الإسلام في تلك الفترة – وإن كانت قد انحرفت عن مساره الحقيقي ولكن الغرب لا يفهم ذلك- قد واجهت ضغوطا بريطانية وفرنسية وروسية عن طريق التدخل السافر في شؤونها الداخلية ،وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من التركة العثمانية المرتقب توزيعها فيما بعد !!ومما يؤسف له أن الدولة العثمانية قد استجابت لهذا الضغوط أملاً منها في كف أيدي هؤلاء عن التدخل في شئونها ،ولكن هذه التنازلات لم تغن عنها شيئاً ،تصديقاً لقوله تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) !!ولم يزد الدولة العثمانية التنازل إلا أخاً له أكبر منه !! فالتنازلات هي الوحيدة التي اخوتها الذين يجيئون بعدها أكبر منها !!كما سنرى بعد قليل .
ولذا فنتمنى على دولتنا – وفقها الله تعالى – أن تقف بحزم أمام هذه الضغوط ، وأن تعلم أن اليهود والنصارى لا يكفيهم دمج رئاسة ،ولا إلغاء مقرر ، فرضاهم مقرون بـ ( حتى تتبع ملتهم ) !!
يقول السلطان عبد الحميد الثاني عن هذه الضغوط ص 89 بما نصه " مطالب الدول في الإصلاحات لا تكاد تنتهي بالرغم أنها لا تعرف شيئاً عن البناء الاجتماعي لبلادنا فإنها لا تتوانى عن تقديم التوصيات تلو التوصيات " . وهذا ما نشاهده في التدخل حتى في شئون إدارتنا لمنازلنا ومحارمنا !
1/ الأساس الديني الذي قامت عليه هذه الدولة ،والمرتبط بصفاء العقيدة .
2/ اللحمة الفريدة بين القيادة والعلماء ،واعتبار العلماء هم (أهل الحل والعقد والمشورة ) لا ينافسهم في ذلك علماني رذيل أو صوفي مخرف أو رافضي خبيث ،وهذا الالتحام هو المتبع في أطوار الدولة الثلاث ،قد يحصل بعض الفتور لكن الانفصال يكاد يكون شبه معدوم .
3/ النسيج الفكري والتكويني لسكان هذه البلاد بدءاً من الثقافة الإسلامية المتأصلة في نفسية الشعب إلى الصفات التي حباها الله لأهل هذه الجزيرة من شيم وغيرة وعزة نفس ، مما جعل هذا النسيج أحد دعائم تثبيت الحكم بلا مبالغة .فهذا النسيج بأركانه الرئيسية- الدين،الثقافة،التكوين- يرى الشعب أمر حمايته مرتبطا بولاة الأمر ،وأن مسئولية المحافظة عليه تقع على كاهل الولاة ،وقد لا أبالغ القول في أن مقياس( الولاء) يكون بمقياس (البقاء) على هذه الحماية، فإذا ما عجز الولاة عن الحماية فسيضطر الشعب إلى القيام بهذا الأمر نيابة عنهم .
وكل ما سبق ذكره يتعرض اليوم لاختبار صعب ،ومحك قاس ،قد يزيده صلابة وثباتاً ،أو عكس ذلك تماماً ،وعليه ولما لهذا الوطن في صدورنا من ولاء نعتبره من الديانة ،وأيضاً لما لولاة أمرنا من مكانة في قلوبنا امتزجت فيها وعلى مدى قرنين ونصف من الزمان مشاعر من الولاء والألفة ، فلكل هذا وجب على كل غيور المناصحة والشفقة على هذه البلاد وولاتها ومجتمعها من هذه الأزمة الخانقة التي نمر بها ،وليكن شفيعنا في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة )) قلنا لمن يا رسول الله ؟. قال (( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) .
وفي الحديث : (( إن الله يرضى لكم ثلاثاً : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ))
واليوم يدور الزمان دورته التي لا مناص من تداولها بين الناس ،ويتعرض أهل الإيمان للاختبار الدوري الذي ينزله الله تعالى على عباده ليرى الصادق من الكاذب ،والهالك من الحي ،والثابت من المتحول ،وكل سيصدر عن بينة .ولعل المتابع للأحداث المتسارعة في السنتين الأخيرتين في بلادنا قد يعجب من كثرة الأعداء ضد هذه الدولة ،ويزداد عجب المتابع أضعافاً عندما يرى هذا الكم الهائل منهم يعيشون بيننا ويتكلمون بألسنتنا ويحملون جنسيتنا !!فالعلمانية التي كانت مستترة بلحن القول تكشف وجهها الذي طالما غطته بكثير أقنعة ،يؤازرها في ذلك كل صاحب معتقد مشبوه من رافضة ومتصوفة وكل يغني على خبثه ،ولله الأمر من قبل ومن بعد . وبطبيعة الحال فإن هؤلاء ما انتفشوا إلا لأن أحد أوليائهم من الذين كفروا قد حل بدارهم أو قريباً منها ،فبدءوا بالصياح والعويل ، لسان حالهم : إما أن تعطونا ما نريد وإلا فإن لنا من أسيادنا لقاء ،وكأن هذا اللقاء لم يتم بعد !!
والقارئ لجادة المكر الصليبي يعلم جيداً أن الأساليب البطيئة الهادئة ،والأكيدة المفعول والنتيجة كانت من أنجح الأساليب الصليبية في تقويض أحكام الدين ،وتقليص نفوذه وحضوره الفاعل في حياة المسلمين بدون أن يشعروا بذلك .وما على أحدنا إلا أن يقرأ عن تلك الفيروسات الخبيثة التي دكت صرح الخلافة العثمانية من الداخل وحطمتها بمباركة بل ومساعدة وتخطيط ودعم من الخارج ،ليزداد عجبه من تشابه المخطط الذي نفذ في إسقاط الخلافة العثمانية ،وشقيقه الآخر الذي هو في طور التنفيذ في بلادنا الآن .
والآن لنذهب سوياً ونرى هذه الأيدي وتلك الأدوات الصليبية والتي صنعت تابوت الخلافة العثمانية وقدمته إلى ذمة التاريخ غير آسفة عليه،ولنقل بعدها (ما أشبه الليلة بالبارحة) !!
**تمهيد**
كانت الدولة العثمانية في سنين ضعفها تعاني من تخلف حاد في أنواع شتى من حياتها ليس هذا مكان بسطها ،هذا التخلف قادها إلى أن تتوسع في سياسة الإبتعاث للشبان العثمانيين إلى أوروبا والتي كانت قد انتعشت في مجال العلوم التجريبية والتنظيمية وتطورت فيه تطوراً أخاذاً وملحوظاً،وتم هذا بالفعل وبدأت الدولة سياسة الإبتعاث هذه ،ولكن هؤلاء الشبان قد عادوا غير عثمانيين وإنما عادوا أوربيين بزي عثماني ،بل وصاروا فرنجة أكثر من الفرنجة ذاتهم ،ومن خلال هؤلاء المبتعثين بدأت الدولة العثمانية طريقاً جديداً اصطلح على تسميته تاريخياً بــ (الإصلاحات) وذاك تلبيةً لضغوط خارجية كانت الدولة العثمانية تعاني منها بين الفينة والأخرى !!
بدأ مشوار( الإصلاحات) في عهد السلطان عبد المجيد الأول سنة 1255 ،ولكنه إصلاح كان على طريقة (حتى لو دخلوا جحر ضب) .فالنمط الإصلاحي تفصيله أوروبي ،وخياطته كانت أوروبية بأيد عثمانية علمانية .
ولنشاهد سوياً هذا الطريق الإصلاحي والقادم من الضغط الأوروبي على الدولة العثمانية، والمعبد بأيد عملائها العثمانيين اللبراليين، ولننظر لأدواته وآلياته الإصلاحية ( العظيمة) والتي أدت في النهاية إلى سقوط الدولة نهائياً !!
1/الإصلاحات الداخلية
نعم كانت ( الإصلاحات) من أهم أسباب السقوط السريع للدولة العثمانية لأنها جاءت عن طريق حفنة من العلمانيين المنافقين والذين جادة إصلاحهم معروف وصفها (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ،ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون )
وإليك عزيزي القارئ هذا النص الذي ذكره المؤرخ لويس برنا رد صاحب كتاب: (the emergence of madern turkey) حيث قال ما نصه: ( وهكذا فإن الإصلاح على المبادئ الأوروبية الحديثة ،كان من العوامل الفعالة التي ساعدت على هلاك الدولة وانحلالها ....) ويقول: ( وكان في رأي الكثيرين من المؤرخين أن السبب الحقيقي لزوال الدولة ،هو الإصلاح على النمط الأوروبي ) ا.هـ
فهل بعد هذه الشهادة والتي هي من خير أنواع الشهادات- شهادة الأعداء- من محيص ؟! نعم إن عدوك لا يعقل أنه يريد لك خيراً وإن قاسمك أنه لك من الناصحين !!
إن الإصلاح الحقيقي هو الإصلاح النابع من الذات ( وأصلحوا ذات بينكم) ،وليس بـ(الإصلاح ) المفروض على الأمة وممن يا ترى ؟ من عدوها المتربص بها وعملائه المدسوسين في صفوفها!!
يقول السلطان عبد الحميد في مذكراته ص193( والتجديد الذي يطالبون به تحت اسم الإصلاح سيكون سبباً في اضمحلالنا ، ترى لماذا يوصي أعداؤنا الذين عاهدوا الشيطان بهذه الوصية بالذات ؟ لا شك أنهم يعلمون علم اليقين أن الإصلاح هو الداء وليس الدواء ، وأنه كفيل بالقضاء على هذه الإمبراطورية ) ا. هـ ويقول السلطان عبد الحميد أيضاً في ص 89 من المذكرات نفسها ما نصه ( إنها دسيسة كبرى اختلقوها وسموها إصلاحاً !! خير لنا أن يتركونا وشأننا) ا.هـ
هذه النصوص لم يقلها أحد المعاصرين ، بل قالها أناس عاصروا تلك الفترة وقرءوها جيداً ،بل وكانوا على رأس الهرم السياسي فيها، ثم هاهي النتيجة أمامنا واضحة بعد خلع السلطان عبد الحميد الثاني الذي عارض مثل هذه الإصلاحات ( علمانية تركيا – إلغاء للخلافة – طرد الخليفة - منعٌ لسلالة آل عثمان من المرور فوق تركيا ولو بالطائرة – إلغاء للشريعة الإسلامية – منع الحجاب – تصاريح رسمية للبغاء – تحالف وتآلف مع إسرائيل – انحناء وذله لأوروبا- تغيير الأحرف العربية باللاتينية ....... الخ ) فهل هذا هو الإصلاح المرتجى من تحت الحذاء الأمريكي لنا ولمجتمعنا ؟!!
العلمانيون واللبراليون شر ، والشر لا يجنى منه خير أبداً ، فهل من متعظ بالتاريخ ؟! أتمنى أن أجد !!
2/ الضغوط الأجنبية
كانت الدولة العثمانية وبصفتها حاميةً لحمى الإسلام في تلك الفترة – وإن كانت قد انحرفت عن مساره الحقيقي ولكن الغرب لا يفهم ذلك- قد واجهت ضغوطا بريطانية وفرنسية وروسية عن طريق التدخل السافر في شؤونها الداخلية ،وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من التركة العثمانية المرتقب توزيعها فيما بعد !!ومما يؤسف له أن الدولة العثمانية قد استجابت لهذا الضغوط أملاً منها في كف أيدي هؤلاء عن التدخل في شئونها ،ولكن هذه التنازلات لم تغن عنها شيئاً ،تصديقاً لقوله تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) !!ولم يزد الدولة العثمانية التنازل إلا أخاً له أكبر منه !! فالتنازلات هي الوحيدة التي اخوتها الذين يجيئون بعدها أكبر منها !!كما سنرى بعد قليل .
ولذا فنتمنى على دولتنا – وفقها الله تعالى – أن تقف بحزم أمام هذه الضغوط ، وأن تعلم أن اليهود والنصارى لا يكفيهم دمج رئاسة ،ولا إلغاء مقرر ، فرضاهم مقرون بـ ( حتى تتبع ملتهم ) !!
يقول السلطان عبد الحميد الثاني عن هذه الضغوط ص 89 بما نصه " مطالب الدول في الإصلاحات لا تكاد تنتهي بالرغم أنها لا تعرف شيئاً عن البناء الاجتماعي لبلادنا فإنها لا تتوانى عن تقديم التوصيات تلو التوصيات " . وهذا ما نشاهده في التدخل حتى في شئون إدارتنا لمنازلنا ومحارمنا !