المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غربة الجسد والروح ... أحمد بن يحيى


عمر السلفي
02 / 09 / 2007, 22 : 09 AM
للشــــاعر/ أحمد بن يحيى


يا دمعة العين من أجـراكِ بالكمَـدِ

ويا جفونيَ مـن أغـراكِ بالسهَـدِ

ويا أخا الليـلِ مـا للّيـل مُتَّئِـداً

وكان من قبـلِ هـذا غيـرَ متئـدِ

يا ساريَ البرقِ هلْ ذكرى فتبعثُهـا

من ومضة الشوق لا من ومضة الرَّعَد

هذا حبيبكَ مَطْـويٌّ علـى حُـرَقٍ

فكيف أصبحتَ بعديْ يا جَوَى كَبِدي

حَمَّلْتَ قلبيَ حِمْـلاً لا يطيـقُ بـه

صبراً ، ولو كان موقوفاً على الجَلَـد

حسبيْ من الشوقِ أني قد بلغتُ بـه

حدّاً من الحدّ لمْ ينقـصْ ولـم يـزِدِ

أكفكفُ الدمع من وَقْدِ النـوى بَيَـد

وأحملُ القلبَ من جَهْدِ النـوى بِيَـدِ

وكنت أشكوكَ نار الوجد من كَثَـبٍ

فصرتُ أشكوكَ نارَ الوجد من بُعُـدِ

فلا تلمنـي بقلـبٍ لسـت أملكـه

وكيف أملكه ، لو كان ذا بيـدي !

إني وإن بِنْتُ عن أهلي وعن بلـدي

لَموقِـنٌ بالتقـاءِ الـروحِ والجَسَـد

وإنْ يكنْ سُرَّ حسـاديْ بمـا فعلـوا

فإنمـا يُغْبَـنُ الحسَّـادُ بالحـسـد

كَمْ مُظْهِرِ الفضلِ يبغيْ نقصَ صاحبه

لو كان يـدريْ لَمَـا أوْرَاهُ بالزَّنَـدِ

وغايةُ الحاسدِ النـارُ التـي اتَّقَـدَتْ

في قلبه ، ولهيبُ النـار فـي الكَبِـد

واللهِ ما ساءنـيْ مـا قـال قائلهـم

زوراً، ولا هدّني ، أو فَتَّ في عضُدي

ماضٍ على سُنَّتي ، ماضٍ على سَنَنـي

مسترشـدٌ بمضـاء العـزم والرّشَـد

أخطو إلى المجد لا فَظّـاً ولا صَلِفـاً

ولا أقيـمُ كعَيْـرِ الحَـيِّ والوَتِـدِ

ولـي فرائـدُ أشعـارٍ تدبّجُـهـا

لُحُونُ شوقٍ وقلبٌ بالحنيـنِ شَـدِي

هُمُ يقولون : قـال الشعـرَ مُرْتَفِـداً

وأيُّ شعـرٍ لِقَلْـبٍ غيـرِ مرْتَفِـدِ

ما الرِّفْدُ عنـديَ إلا أنْ أنـال بـه

صِدْقَ الوِدادِ وصَفْـواً غيـرَ مُرْتَـدِدِ

والشعرُ يُحْيِيْ قلوبَ الواجِدِين كمـا

يحيا بشربةِ ماءِ السّلسبيـلِ صَـدِي

وما عليهمْ إذا ما هِمْتُ مِـنْ طَـرَبٍ

برائـقٍ لـم يُدَنَّـسْ مِـنْ دَدٍ ودَدِ

لعَمْـركَ الله إنَّ القـومَ مـا فَقِهُـوا

حقيقةَ الشعر ، بلْ لَجُّوا على الحَـرَدِ

كم صاحبٍ لم تكن يوماً صحابتُـهُ

إلا على جُـرُفٍ هـارٍ مـن الفَنَـدِ

" تغيّر الناسُ عمّا كنـتُ أعهدهـم"

فجُلُّهمْ وَغِدٌ قـد هـام فـي وغِـدِ

"إني لأفتـحُ عينـي حيـن أفتحهـا

على كثير " ولا أشْتـامُ مِـنْ أحـدِ

لمْ يبقَ في الناسِ من تُرجَـى مودّتُـهُ

إلا أخـا زُلْفَـةٍ ، أو رَبَّ مُعْتَـقَـدِ

فلا تَرِدْ غيرَ صَفْوِ المـاء مِـن خُلَـلٍ

وإنْ يَكُنْ غيرُ صَفْـوِ المـاءِ لا تَـرِدِ

إنّ الصديقَ الـذيْ يرعـاكَ صادِقُـهُ

ليسَ الصديقُ الذيْ يرعاكَ في جَهَـدِ

ومن تكلَّفَ صِدْقَ الـوُدِّ نَـمَّ بـه

وَحْيُ الضميرِ ، وسِرٌ غيـرُ مُرْتَصَـدِ

مَنْ ليْ بِخِلٍّ أصافيـه الـودادَ ولـو

أني بذلـتُ طريـفَ المـال والتَلَـدِ

بلوتُ دهريْ فلمذا أنْ عَيِيْـتُ بـه

علمتُ أني ككلِّ النـاس فـي كَبَـدِ

واهاً لمن يعشـق الدنيـا ويطلبهـا

ووصلُها بعضُهُ ضَرْبٌ مـن النكـدِ

واهاً لمن غَرَّهُ مـن زَهْـوِ وردتِهـا

ما دونَهُ المُرُّ مشن شوكٍ ومـن قَتَـدِ

تمضي الأمانـيْ بنـا حتـى تغربِلُنـا

يَدُ المَنـونِ وتُدْنينـا إلـى اللُّحُـدِ

يا جامعـاً عَتَـدَ الدنيـا وعُدَّتَهـا

ماذا سيغنيكَ عند الموتِ مـن عُـدَدِ

إلا عتادَكَ من خيـرٍ ومـن عَمَـلٍ

إلا متاعكَ من تقـوى ومـن زُهُـدِ






انتهت الأبيات ، والحمد لله اولا وآخرا .