تالي الليل
29 / 12 / 2002, 47 : 04 AM
[poet font="Arial,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/7.gif" border="groove,5,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter="":a190c75f39]
كـم أُمـةٍ سكرتْ بكأسِ غرورها
-
مَنْ لي، ومَنْ لصغيرتي وصغيري = فـي زحـمةِ الـغاراتِ والتفجيرِ؟
مَنْ لي، إذا هَجَم الظلامُ، وليس لي = إلاَّ رُكـام الـمـنزلِ الـمطمور
مَنْ لي، إذا جُنَّ الرَّصاص وأتقنتْ = لـغـةُ الـمَدافعِ لـهجةَ الـتدمير؟
وإذا تـبـدَّلتِ الـمـعالمُ كـلُّـها= وتـحيَّرتْ فـي الأمر عينُ بَصيرِ؟
وإذا تـراءى وجـهُ كـلِّ رزيَّـةٍ = والأهـلُ بـين مُـجندَلٍ وأَسـير؟
يا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ، أما ترى = فـي الأرض وجـهَ فقيرةٍ وفقيرِ؟!
أَوَمـا ترى في الأرض بغياً ظاهراً = يـبني عـلى المأساة دارَ فجورِ؟!
أَوَ مـا تشاهد في الملاجئ صورةً = للبؤس تغلب صَبْرَ كلِّ صَبور؟
يا عَصْرَ مركبةِ الفضاءِ، إلى متى = تـغزو الـفضاءَ بعقلكَ المغرور؟
وإلـى مـتى تـجتازُ حدَّكَ غافلاً = عـمَّا وراءَ الـكونِ مـن تـدبيرِ؟
انْـظُرْ إلـى الأرض التيأشعلتَها= بـالمُوبقاتِ وبـالهوى الـمَسْعور
لا تَـنْسَ أنَّ الأرضَ تحتَكَ تشتكي = مـن بَـغْي طـاغوتٍ وكُفْر كَفورِ
يـا مَـنْ رفـعتم للفضاءِ رؤوسَكم = والأرض مـنكم فـي أشـدِّ نُفور
صـوغوا قوانينَ الحروب لبعضكم = لـكنْ، دعـوا عـيشي بلا تكدير
أنا والصِّغارُ على الرَّصيفِ، وأنتمو = تـتـدارسونَ وسـائـلَ الـتَّغييرِ
وتـناقشون بـدايةَ الـحربِ الـتي = سـتزيد مـن قـتلٍ ومـن تَهجير
فَـلْـتـعقدوا آلافَ مـؤتـمراتكم = ولْـتُـلْحِقُوا الـتـقريرَ بـالتقريرِ
لـكنْ، هَـبُوني كـسرةً من خبزةٍ = نَـسيتْ مـتى خـرجتْ من التنُّور
وإذا تـكـرَّمْتُم بـرُبْـعِ وسـادةٍ = وبـنصفِ مِـلْحَفَةٍ ونصفِ حصيرِ
فـأنا أَنـام عـلى الجنادلِ والثَّرى = وعـلى رَصـاص الغارةِ المنثور
يـا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ إلى متى = تـلقى مـآسينا بـموتِ ضَـمير؟
وإلـى مـتى يـبقى فؤادُكَ قاسيا = وإلـى مـتى تـبقى بغيرِ شعورِ؟
هـلاَّ قـرأتَ مـلامحَ الأمِّ الـتي = ذَبُـلَتْ مـحاسنُ وجـهها المذعورِ
هـلاَّ اسـتمعْتَ إلى بكاءِ صغيرها = وإلـى أَنـينِ فـؤادها الـمفطورِ
هـلاَّ نـظرتَ إلـى دموع عَفافها = وإلـى جـناحِ إبـائها الـمكسور
أنـا يـا دُعاةَ الحربِ أُمٌّ، يا تُرى = هـل تـفهمون دِلالـةَ الـتَّعبيرِ؟!
خوفي على الأطفالِ أحرقمُهجتي = فـأنا وهـم فـي خـندقٍ محفورِ
زوجـي تَـخطَّفه الرَّصاصُ عشيَّةً = فـمضى بفرحةِ خاطري وسروري
وأبـي الـعزيزُ تـناثرتْ أَشـلاؤه = فـي يـومِ قَـصْفٍ غاشمٍ مَسْعورِ
أنـا أمُّ أَطـفالٍ صـغارٍ، لم تَزَلْ = تـشكو وُعـورةَ دربـها المهجور
هرَبتْ من القَصْف الشديد فواجهتْ = شَـبَحَ الـفَناءِ وظُـلْمةَ الـدَّيْجور
أنـا أمُّ أطـفالٍ صـغارٍ لـم تجدْ = مـأوى، ولـم تَظْفَرْ بعطفِ مُجيرِ؟
أوَمـا سـمعتم صرختي وتوجُّعي = أوَمـا فـهمتم مـا يقول صغيري؟
إنـي أقـول لـكلِّ صاحبِ حكمةٍ = فـيكم، وكـلِّ مـفوَّضٍ وسَـفيرِ:
أَتُـعاقبونَ بـنا الـجُناةَ، مـا لكم = وعـيٌ يـقوِّم مـنهجَ الـتَّفكير؟!
أَيُـحارَبُ الإِرهـابُ بي وَبِصِبْيَتي = وبـقطع أعـناقٍ وطَـعْنِ ظُهور؟!
أَوَ كـلَّما ارتـكبَ الـجُناةُ جريمةً = هُدِمَتْ على درب الأنين جُسوري؟!
وتـحطَّمتْ آمـالُ أَطـفالي بـما = نَـلْقاه مـن رُعْـبٍ ومـن تَقتير؟
مـاذا يُـفيد غـذاؤكم، إنْ لم أجدْ = أَمْـناً، ولـم أسـمعْ نَـشيدَ طيورِ؟
عَـجَباً لكم، أَمِنَ الحَضارةِ ما أرى = مـن حَـمْلةِ الإِرجـافِ والتَّشهيرِ؟
أنـا لستُ أعرفُ للحضارة صورةً = مرسـومةً بـالـوهم والـتزويرِ
أَنـا أمُّ أطـفالٍ صـغارٍ فارحموا = مـعنى الأمومةِ واعذروا تَقصيري
أخـتـاه يـا أُمَّ الـصِّغار تـعلَّقي = باللهِ، إنَّ اللهَ خَــيْـرُ نَـصـيـر
فـي لـحظةِ اليأس العميقةِ، حينما = نـهـفو إلـيه، يـجود بـالتيسير
قـولي مـعي أُخـتاه قَوْلَة مؤمنٍ = لا يـنـثني لـوسـائل الـتخدير
كـم أُمـةٍ سكرتْ بكأسِ غرورها = ذَهَـبَ الإلـه بجيشها الأُسطوري
-
عبدالـرحـمن الـعـشماوي
-[/poet:a190c75f39]
كـم أُمـةٍ سكرتْ بكأسِ غرورها
-
مَنْ لي، ومَنْ لصغيرتي وصغيري = فـي زحـمةِ الـغاراتِ والتفجيرِ؟
مَنْ لي، إذا هَجَم الظلامُ، وليس لي = إلاَّ رُكـام الـمـنزلِ الـمطمور
مَنْ لي، إذا جُنَّ الرَّصاص وأتقنتْ = لـغـةُ الـمَدافعِ لـهجةَ الـتدمير؟
وإذا تـبـدَّلتِ الـمـعالمُ كـلُّـها= وتـحيَّرتْ فـي الأمر عينُ بَصيرِ؟
وإذا تـراءى وجـهُ كـلِّ رزيَّـةٍ = والأهـلُ بـين مُـجندَلٍ وأَسـير؟
يا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ، أما ترى = فـي الأرض وجـهَ فقيرةٍ وفقيرِ؟!
أَوَمـا ترى في الأرض بغياً ظاهراً = يـبني عـلى المأساة دارَ فجورِ؟!
أَوَ مـا تشاهد في الملاجئ صورةً = للبؤس تغلب صَبْرَ كلِّ صَبور؟
يا عَصْرَ مركبةِ الفضاءِ، إلى متى = تـغزو الـفضاءَ بعقلكَ المغرور؟
وإلـى مـتى تـجتازُ حدَّكَ غافلاً = عـمَّا وراءَ الـكونِ مـن تـدبيرِ؟
انْـظُرْ إلـى الأرض التيأشعلتَها= بـالمُوبقاتِ وبـالهوى الـمَسْعور
لا تَـنْسَ أنَّ الأرضَ تحتَكَ تشتكي = مـن بَـغْي طـاغوتٍ وكُفْر كَفورِ
يـا مَـنْ رفـعتم للفضاءِ رؤوسَكم = والأرض مـنكم فـي أشـدِّ نُفور
صـوغوا قوانينَ الحروب لبعضكم = لـكنْ، دعـوا عـيشي بلا تكدير
أنا والصِّغارُ على الرَّصيفِ، وأنتمو = تـتـدارسونَ وسـائـلَ الـتَّغييرِ
وتـناقشون بـدايةَ الـحربِ الـتي = سـتزيد مـن قـتلٍ ومـن تَهجير
فَـلْـتـعقدوا آلافَ مـؤتـمراتكم = ولْـتُـلْحِقُوا الـتـقريرَ بـالتقريرِ
لـكنْ، هَـبُوني كـسرةً من خبزةٍ = نَـسيتْ مـتى خـرجتْ من التنُّور
وإذا تـكـرَّمْتُم بـرُبْـعِ وسـادةٍ = وبـنصفِ مِـلْحَفَةٍ ونصفِ حصيرِ
فـأنا أَنـام عـلى الجنادلِ والثَّرى = وعـلى رَصـاص الغارةِ المنثور
يـا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ إلى متى = تـلقى مـآسينا بـموتِ ضَـمير؟
وإلـى مـتى يـبقى فؤادُكَ قاسيا = وإلـى مـتى تـبقى بغيرِ شعورِ؟
هـلاَّ قـرأتَ مـلامحَ الأمِّ الـتي = ذَبُـلَتْ مـحاسنُ وجـهها المذعورِ
هـلاَّ اسـتمعْتَ إلى بكاءِ صغيرها = وإلـى أَنـينِ فـؤادها الـمفطورِ
هـلاَّ نـظرتَ إلـى دموع عَفافها = وإلـى جـناحِ إبـائها الـمكسور
أنـا يـا دُعاةَ الحربِ أُمٌّ، يا تُرى = هـل تـفهمون دِلالـةَ الـتَّعبيرِ؟!
خوفي على الأطفالِ أحرقمُهجتي = فـأنا وهـم فـي خـندقٍ محفورِ
زوجـي تَـخطَّفه الرَّصاصُ عشيَّةً = فـمضى بفرحةِ خاطري وسروري
وأبـي الـعزيزُ تـناثرتْ أَشـلاؤه = فـي يـومِ قَـصْفٍ غاشمٍ مَسْعورِ
أنـا أمُّ أَطـفالٍ صـغارٍ، لم تَزَلْ = تـشكو وُعـورةَ دربـها المهجور
هرَبتْ من القَصْف الشديد فواجهتْ = شَـبَحَ الـفَناءِ وظُـلْمةَ الـدَّيْجور
أنـا أمُّ أطـفالٍ صـغارٍ لـم تجدْ = مـأوى، ولـم تَظْفَرْ بعطفِ مُجيرِ؟
أوَمـا سـمعتم صرختي وتوجُّعي = أوَمـا فـهمتم مـا يقول صغيري؟
إنـي أقـول لـكلِّ صاحبِ حكمةٍ = فـيكم، وكـلِّ مـفوَّضٍ وسَـفيرِ:
أَتُـعاقبونَ بـنا الـجُناةَ، مـا لكم = وعـيٌ يـقوِّم مـنهجَ الـتَّفكير؟!
أَيُـحارَبُ الإِرهـابُ بي وَبِصِبْيَتي = وبـقطع أعـناقٍ وطَـعْنِ ظُهور؟!
أَوَ كـلَّما ارتـكبَ الـجُناةُ جريمةً = هُدِمَتْ على درب الأنين جُسوري؟!
وتـحطَّمتْ آمـالُ أَطـفالي بـما = نَـلْقاه مـن رُعْـبٍ ومـن تَقتير؟
مـاذا يُـفيد غـذاؤكم، إنْ لم أجدْ = أَمْـناً، ولـم أسـمعْ نَـشيدَ طيورِ؟
عَـجَباً لكم، أَمِنَ الحَضارةِ ما أرى = مـن حَـمْلةِ الإِرجـافِ والتَّشهيرِ؟
أنـا لستُ أعرفُ للحضارة صورةً = مرسـومةً بـالـوهم والـتزويرِ
أَنـا أمُّ أطـفالٍ صـغارٍ فارحموا = مـعنى الأمومةِ واعذروا تَقصيري
أخـتـاه يـا أُمَّ الـصِّغار تـعلَّقي = باللهِ، إنَّ اللهَ خَــيْـرُ نَـصـيـر
فـي لـحظةِ اليأس العميقةِ، حينما = نـهـفو إلـيه، يـجود بـالتيسير
قـولي مـعي أُخـتاه قَوْلَة مؤمنٍ = لا يـنـثني لـوسـائل الـتخدير
كـم أُمـةٍ سكرتْ بكأسِ غرورها = ذَهَـبَ الإلـه بجيشها الأُسطوري
-
عبدالـرحـمن الـعـشماوي
-[/poet:a190c75f39]