العودة   منتديات بوابة جاش > المنتديات العامه > نزف المحـابر
   
 
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : [1]  
قديم 10 / 11 / 2009, 54 : 06 PM
أبو ياسر
 


Exclamation حديث الثلاثاء2/الرجولة المقهورة!!




الرجولة مطلب تشرأب إليه أعناق الشباب ، ومبدأ سامي تتغنى به الإنسانية، و معنى مقدس تغرسه المدارس الأدبية في النفوس، وفي سبيل نيله ضربت أعناق و شجت رؤوس ، و الرجولة عقدة سحرية تنفث فيها طلاسم الخلود و البقاء، من علقها على رقبته سطر اسمه بمداد من نور في سجل العظماء.

بيد أن ماهية الرجولة لم تزل تدار حولها قداح التكهنات، و كثيرة هي الأخلاقيات التي تساق على أنها من معالم الرجولة وهي منها براء!! ؛ فترى الشاب الدعي يفرد عضلات لسانه في المجامع الغفيرة، و يهيم في كل واد من أودية الحديث السحيقة، في إغارة سافرة على أدب الحديث ، و غمط لحق الجلاس من ذوي الهيئات ، و مع ذلك يراه المجتمع رجلاً إذ تحدث دون حرج، و أقام كلمات متتابعة دون عثرة،و عند أهل السلوك ما هو إلا قليل حياء وأدب ،حقه أن يضرب على قفاه بحذائه حتى يثوب إلى رشده ، ومنهم من حصر محيط الرجولة في خليج الجاه و المنصب، فمن كان عالي المكانة الدنيوية و تنوء خزانته بالنقود و الممتلكات الثمينة فهو رجل لا يضاهيه أحد ، وآخرون اعتبروا الرجولة ( سندا بها تغاريس ) ولعنوا ( أبو من لا يعشق دبلها) ، فكان باحثي الرجولة ضحايا على طرق الموت من جراء التعشيقات و النطلات ذات اليمين و الشمال فيما يسمى عند أرباب الشوارع ( تفحيطاً) ، و كثير من ( المطانيخ) أضحوا من رواد السجن و الحديد ، فذاك يقتل بسم الرجولة و آخر يغتصب حق أخيه باسم الرجولة ، بل مروجي المخدرات و متعاطي المسكرات رجال اليوم عند قصار الفكر و النظر.
إن الرجولة العربية مقهورة اليوم – يا سادة - فلم يعد هناك ما يهتمون له غير حيازة كسر العيش المقفر، لتقيهم من هجير الجوع و صقيع الفقر، أطلقوا النظر من الخليج إلى المحيط ، وانظروا لحال الرجال اليوم ، لقد ضاعت كثير من الأحلام و لم يعد هناك همم كهمم الرعيل الأول!!
إن الرجولة تطمح للفداء و تأبى الظلم ، فلما تلحظ عيني الرجل مشاهد الظلم ، و تسمع أذنيه صراخ الثكالى المستضعفين، يجد نفسه تدفعه للتضحية و الفداء، فإذا حيل بينه و بين الإجابة ترتد عليه مشاعر القهر و الذل ، و تبدأ معالم الرجولة تذبل في نفسه حتى تنقضي ، كما أن طوفان الفساد الذي نال الإدارة و المال و هاهو يضرب ضفاف الدين ، في ترقب من الرجال المخلصين، وهم لا يملكون تجاهه نفعاً ولا ضراً ، لهو الضربة القاضية التي تقع على رأس الرجولة فترديها على أرض الذل مضرجة بدماء الطموح و الآمال .
يا ترى ما هي الرجولة ، في اعتقادي أن الرجولة عند الإطلاق يصعب حدها، إذ هي في النهاية مجموعة من الأخلاق و القيم تقوم على صوغها العادات و الديانات ، و يمكننا أن نقول في الجملة أن الرجولة كلمة جامعة للأخلاق التي ندب إليها الإسلام و المكرمات التي عرف بها العرب، فالنبي – صلى الله عليه و سلم – قال:( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ، كما أن الرجولة- فيما أرى- لا تختص بالذكور من بني الإنسان، فيمكن أن يكون طفل رجلاً إذا أتى بخلق رفيع من أخلاق الرجولة ، وكذلك المرأة لما تأتي بسمة من سمات الرجولة ، قد يصلح أن نقول هذا فعل رجولي، و إنما كانت الرجولة مختصة بالرجال لتغليب ، ففي الغالب أن هذه الصفات تطلب من الرجال ، فهي في حقهم أركان لازمة ، وفي غيرهم من الأجناس مندوبات ثانوية ، وقد وردت لفظة الرجولة في القران ، وفي مجملها لم ترد لفظة الرجولة إلا في المواطن التي يحبها الله تعالى ، منها /
الأولى / يقول الله سبحانه وتعالى:( من المؤمنين [رجال]صدقوا ما عاهدوا الله عليه )
فالصفة الأولى للرجولة هي الصدق، ولله ما أعظم هذه الصفة ، فالصدق قليل من يقوله من الرجال اليوم ، ألستم تسمعون عن الرجل الذي على نياته !!
أي أنه صادق لا يحب المراوغة في الحديث ، فالصدق أصبح عند الكثيرين قسيم السذاجة و السفه ، و الكذب و الخداع يوصم صاحبه بأنه ذو دربة و حنكة ، لذا امتدح الله الصادقين الذين إذا عاهدوا أو وعدوا بروا و لم يغدروا ، فلنحرص – يا رجال – على هذه الصفة و لنعملها في أنفسنا مهما كان الثمن غالياً ..
الثانية/ قال الله تعالى (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال [رجال] لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ))
الرجولة الحقة هي في طاعة الله ، فالله – تعالى – هنا وصف الذين يقيمون الصلوات و يؤتون الزكوات و يبتهلون بالذكر و الدعوات و يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب و الأبصار رجالاً ..
أصدقكم القول ، أن لا رجولة بغير الدين و الالتزام بأحكامه ، لأن مريدي ثواب الله لا ينتظرون شكراً من أحد ولا ثناء من أحد ، استغنوا بالله فأغناهم عن كل أحد ، فعلى من يريد أن يكون رجلاً يحبه الله أن يمتثل لأوامره و ينتهي عن مناهيه ، فذاك هو الرجل لعمري !!
وهب أن رجلاً كان متسماً بكل صفة عليا إلا صفة الدين ، فأي ثواب سيناله بعد أن يموت غير الخسارة و العذاب ، فإذا أردت الجنتين فكن رجلاً بالدين قائماً في الدنيا تحضا بجنتها و جزائك في الأخرى جنة عرضها السموات و الأرض ..
الثالثة/ قال تعالى : (( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ،فيه [رجال] يحبون أن يتطهرون ، والله يحب المتطهرين))
الطهارة تكون حسية و معنوية، فالطهارة الحسية هي الطهارة من النجاسات وبابها ضيق كما تعلم، و أما الطهارة المعنوية فبابها أوسع، إذ هي الطهارة من الشرك بالله و معاصيه ، من كذب و نفاق و خديعة و غدر و ما تعرفه من الصفات التي تبوء صاحبها الخسارة في الآخرة، فاستحق شرف الرجولة من حرص على طهارته من كل رجس و نجس !!
الرابعة/ قال الله تعالى (( وجاء من أقصى المدينة [رجل] يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين ))
انظروا لحال هذا الرجل ، فهو لم بأتي ماشياً بل ساعياً ، لأنه حريص على هداية قومه، هو لا يحب لنفسه الخير فقط ، بل يرجو أن يعم الخير جميع أفراد قومه ، وإيه!! ما أجل هذه الصفة
الدعوة إلى الخير هي صفة الرجال الأحرار ، و قد يهلكون في سبيل هذه الدعوة أرواحهم ، لأنهم كما تقدم معنا لا يريدون إلا ثواب الله و الآخرة .. فلما كانت غايته سامية كان حقه أن ينال شرف الرجولة !!
ختاماً ..الرجل لا يعرف الكبر إلى قلبه طريق ، فهو لين رحيم بالمؤمنين ، غضوب شديد بأعداء الدين ، يمتثل أوامر الله ، و يعيش هم الأمة ، فالرجل الذي يهتم لصغائر يعيش صغيراً و يموت صغيراً و يبعث صغيراً، و الرجل الذي يهتم للأعالي يعيش كبيراً و يموت كبيراً ويبعث كبيراً ، و من أراد أن يشحذ رجولته فاليقراُ للعظماء في التأريخ و يحاول جهده أن يتقمص صفاتهم السامية ..
اللهم وفقنا للرجولة و اجعلنا هداة مهدين لا ضالين ولا مضلين ، وهيئ للأمة أمرا رشداً يعز فيه أهل الطاعة و يذل فيه أهل المعصية ..
طاب مساؤكم ..
   
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 14 : 03 PM.


جميع المشاركات ملك لكاتبيها
 
مجموعة ترايدنت العربية