إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كلام جميل بس وين أهل العقول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

    كلام جميل بس وين أهل العقول

    سؤال سوف يجيب عليه الكل بنعم .. فكل واحد يتصور أنه صادق و انه لا
    يكذب .. و قد يعترف أحدهم بكذبة أو بكذبتين و يعتبر نفسه بلغ الغاية من
    الدقة و الصراحة مع النفس و انه أدلى بحقيقة لا تقبل مراجعة

    و مع ذلك فدعونا نراجع معا هذا الإدعاء العريض و سوف نكتشف أن الصدق
    شيء نادر جدا .. و أن الصادق الحقيقي يكاد يكون غير موجود

    و أكثرنا في الواقع مغشوش في نفسه حينما يتصور انه من أهل الصدق
    بل إننا نبدأ في الكذب من لحظة أن نتيقظ في الصباح و قبل أن نفتح فمنا
    بكلمة

    أحيانا تكون مجرد تسريحة الشعر التي نختارها كذبة

    الكهل الذي يسرح شعره خنافس ليبدو أصغر من سنه يكذب ,


    و المرأة العجوز التي تصبغ شعرها لتبدو أصغر من سنها تكذب

    و الباروكة على رأس الأصلع كذبة

    و طقم الأسنان في فم الأهتم كذبة

    و البدلة السبور الخفيفة التي تخفي تحتها فانلة صوف كذبة

    و الكورسيه و المشدات حول البطن المترهلة كذبة

    و النهد الكاوتشوك على الصدر المنهك من الرضاع كذبة

    و المكياج الذي يحاول صاحبه إن يخفي به التجاعيد هو نوع آخر من الكذب
    الصامت

    و البودرة و الأحمر و الكحل و الريميل والرموش الصناعية .. كلها أكاذيب

    ينطق بها لسان الحال قبل أن يفتح الواحد منا فمه و يتكلم

    بل إن مجرد ضفيرة المدارس على رأس بنت الثلاثين كذبة

    و اللبانة في فم رجل كهل هي كذبة أكثر وقاحة

    كل هذا و لم يبدأ اللسان ينطق و لم يفتح الفم بعد

    فإذا فتح الواحد منا فمه و قال صباح الخير .. فإنه يقولها على سبيل العرف
    و العادة .. لم ينوي له الخير و لم ينوي له الشر .. فهو يكذب .. و هو يقرأ
    السلام على من يبيت له العدوان .. فهو يكذب

    فإذا رفع سماعة التلفون مضى يطلب ما لا يريد من الأشياء لمجرد أنها
    مظاهر و مجاملات .. فهو يكذب .. و قد يرفض ما يريد خجلا و ادعاء .. فهو
    يكذب

    و الولد و البنت يتكلمان طوال ساعتين في كل شيء إلا ما يتحرقان شوقا
    إلى أن يتصارحا به .. فهما يكذبان

    و فتاة البار تبدؤك الحديث بالحب و هو لا يخطر لها على بال و لا تشغلها
    سوى حافظة نقودك . و كم زجاجة من الشمبانيا ستفتح لها

    و الإعلان الذي يصف لك نكهة السيجارة و فوائدها الصحية يكذب عليك

    و الإعلان الذي يقول لك إن قرص الإسبرين يشفي من الإنفلونزا كذب
    حتى بالقياس إلى علم الأدوية ذاته

    و كل ما يدور في عالم البيع و الشراء يبدأ بالكذب

    و صورة لاعب التنس في يده زجاجة ويسمي و صورة الأسد الذي يحتضن
    زجاجة الكينا .. و بطل الجري الذي يدخن سيجارة فرجينيا كلها صنوف من
    الأكاذيب الظريفة التي تراها ملصقة على الجدران و على أغلفة الصحف و
    في إعلانات السينما و التلفزيون و كأنما أصبح الكذب عرفا تجاريا لا لوم
    عليه

    و في عالم السياسة و السياسيين و في أروقة الأمم المتحدة و على
    أفواه الدبلوماسيين نجد أن الكذب هو القاعدة

    بل إن فن الدبلوماسية الرفيع هو كيف تستطيع أن تجعل الكذب يبدو
    كالصدق .. و كيف تقول ما لا تعني .. و كيف تخفي ما تريد .. و كيف تحب
    ما تكره .. و كيف تكره ما تحب

    و أذكر بهذه المناسبة النكتة التي رويت عن تشرشل حينما رأى شاهدة
    مقبرة مكتوبا عليها ..
    ((هنا يرقد الرجل الصادق و السياسي العظيم))

    فقال ضاحكا :
    هذه أول مرة أرى فيها رجلين يدفنان في تابوت واحد

    فلم يكن من الممكن إطلاقا في نظر تشرشل أن يكون الرجل الصادق و
    السياسي العظيم رجلا واحدا .. إذ أن أول مؤهلات العظمة السياسية في
    نظر تشرشل هو الكذب

    و شرط السياسة هو أن تخفي الحقيقة لحساب المصلحة .. و تتأخر
    العاطفة لتتقدم الحيلة .. و الفطنة .. و الذكاء .. و المراوغة

    و الدبلوماسي الذي يجاهر بعاطفته هو دبلوماسي أبله .. بل إنه لا يكون
    دبلوماسيا على الإطلاق

    و في عالم الدين و دنيا العبادات يطل الكذب الخفي من وراء الطقوس والمراسيم

    شهر الصيام الذي هو امتناع عن الأكل يتحول إلى شهر أكل فتظهر المشهيات و الحلويات و المخللات و المتبلات .. من كنافة إلى مشمشية إلى قطايف إلى مكسرات و يرتفع استهلاك اللحم في شهر رمضان فتقول لنا الإحصاءات بالأرقام إنه يصل إلى الضعف و يصبح شهر رمضان هو شهر
    الصواني و الطواجن

    و بين كل مائة مصل أكثر من تسعين يقفون بين يدي الله و هم شاردون
    مشغولون بصوالحهم الدنيوية يعبدون الله وهم في الحقيقة يعبدون
    مصالحهم و أغراضهم و يركعون الركعة لتقضى لهم هذه المصالح و
    الأغراض

    و قد عاش بابوات القرون الوسطى في ترف الملوك و السلاطين و سبحوا
    في الذهب و الحرير و السلطة و النفوذ , و امتلكوا الإقطاعيات و القصور
    باسم الدين الذي يقول إن الغنى لن يدخل ملكوت الله إلا
    إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة

    بأنهم تصوروا أنهم امتلكوا الجنة فباعوها صكوكا لطالبي الغفران
يعمل...
X