السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتبِ = في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ
بيضُ الصفائحِ لا سودُ الصحائفِ في = متونهن جلاءُ الشكِّ والريبِ
والعلمُ في شُهبِ الأرماحِ لامعةً = بين الخميسين لا في السبعةِ الشهبِ
عجائباً زعموا الأيامَ مجفلةً = عنهن في صفرِ الأصفارِ أو رجبِ
وخوفوا الناسَ من دهياءَ مظلمة = إذا بدا الكوكبُ الغربي ذو الذنبِ
وصيروا الأبرجَ العليا مرتبةً = ما كان منقلباً أو غيرَ منقلبِ
يقضونَ بالأمرِ عنها وهي غافلةُ = ما دارَ في فلكٍ منها وفي قطبِ
فتحُ الفتوح تعالى أن يحيطَ به =نظمٌ من الشعرِ أو نثرٌ من الخُطَبِ
فتحٌ تُفتح أبوابُ السماءِ له =وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ
يا يومَ وقعة عمّورية انصرفتْ =منك المنى حُفَّلاً معسولةَ الحَلَبِ
أتتهم الكربة السوداء سادرة =منها وكان اسمُها فرّاجة الكُرَبِ
جرى لها الفأل برحاً يوم أنقره =إذ غودرتْ وحشةَ الساحاتِ والرُّحَبِ
لما رأت أختها بالأمس قد خربت =كان الخرابُ لها أعدى من الجربِ
كم بين حيطانها من فارس بطل =قاني الذوائب من آني دمٍ سَربِ
بسنة السيف والخطى من دمه =لا سنةِ الدينِ والإسلامِ مختضبِ
والحربُ قائمةٌ في مأزقٍ لجج = تجثو القيامُ به صغراً على الركبِ
كم نِيلَ تحت سناها من سنا قمرِ = وتحت عارضها من عارضٍ شنبِ
كم كان في قطع أسبابِ الرقابِ بها = إلى المخدّرة العذراءِ من سببِ
كم أحرزتْ قضبُ الهندي مُصلتة =تهتزُ من قُضبٍ تهتزُ في كثبِ
بيضٌ إذا انتضيت من حجبِها رجعتْ =أحقَّ بالبيضِ أتراباً من الحُجُبِ
خليفةَ اللهِ جازي اللهُ سعيَك عن =جرثومِة الدينِ والإسلامِ والحسبِ
لقد تركتَ أميرُ المؤمنينَ بها =للنارِ يوماً ذليلَ الصخرِ والخشبِ
غادرتَ فيها بهيمَ الليلِ وهو ضحىً =يشلهُ وسطَها صبحٌ من اللهبِ
حتى كأنَّ جلابيبَ الدجى رغبتْ = عن لونها وكأنّ الشمسَ لم تغبِ
ضوءٌ من النارِ والظلماءُ عاكفةٌ = وظلمةٌ من دُخَانٍ في ضُحَىً شحبِ
فالشمسُ طالعة من ذا وقد أفلتْ =والشمسُ واجبة من ذا ولم تجبِ
تصرّح الدهرُ تصريحَ الغمامِ لها =عن يوم هيجاءَ منها طاهرٍ جنبِ
لم تطلعِ الشمسُ فيه يومَ ذاك على = بانٍ بأهلٍ ولم تغربْ على عزبِ
ولا الخدودُ وقد أدمينَ من خجلٍ =أشهى إلى ناظري من خِّدها التربِ
سماجةٌ غنيت منا العيونُ بها = عن كلِ حسنٍ بدا أو منظرٍ عجبِ
تدبيرُ معتصمٍ باللهِ منتقم = لله مرتقب في الله مرتغبِ
ومُطعم النصر لم تكهم أسنتهُ = يوماً ولا حُجبت عن روحِ مُحتجبِ
لم يغزُ قوماً ولم ينهد إلى بلد = إلا تقدمه جيشٌ من الرعبِ
لو لم يقد جَحفلاً يوم الوغى لغدا =من نفسه وحدها في جحفلٍ لجبِ
رمى بك اللهُ برجيها فهدّمَها = ولو رمى بك غيرُ اللهِ لم يصبِ
من بعد ما أشبوها واثقينَ بها = واللهُ مِفتاحُ بابِ المعقلِ الأشبِ
عداك حَرُّ الثغورِ المستضامةِ عن =بردِ الثغورِ وعن سلسالها الحصبِ
أجبته معلناً بالسيف منصلتاً = ولو أجبتَ بغيرِ السيف لم تجبِ
حتى تركتَ عمودَ الشركِ مُنعفراً = ولم تُعرجْ على الأوتادِ والطنبِ
خليفةَ اللهِ جازي اللهُ سعيكَ عن =جرثومةِ الدينِ والإسلامِ والحسبِ
بَصُرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها = تُنَالٌ إلا على جسر من التعبِ
إن كان بين صروفِ الدهرِ من رحمٍ = موصولةٍ أو ذمامٍ غيرُ منقضبِ
فبين أيامكِ اللاتي نُصرتَ بها = وبين أيامِ بدرٍ أقربُ النسبِ
[/poet:7c3cc29192]