العودة   منتديات بوابة جاش > المنتديات العامه > نزف المحـابر
   
 
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : [1]  
قديم 03 / 02 / 2012, 15 : 09 PM
أبو ياسر
 


Exclamation هكذا فقدت صديقي!!




أيها الأخوة و الأخوات ، كثيراً ما أنقر على هذا الجهاز ، أعني جهازي المحمول الذي بين يدي الآن ، فأنا أجد لذة في الكتابة عليه لا يعدلها أي لذة، وأختار من الوقت أثمنه ، وأجمل أوقات الكتابة في ساعة غفوة الكون ، أهيئ مكان السهرة كمن يريد أن يفاجئ زوجته بحفلة ، أطفئ الأنوار و أبقي ضوء خافتاً شاعري ، وأختار مقطعاً صوتي يملأ الصمت سحر، هون عليك! فطربي خاص لا يتعد دائرة المباح ، و لا يجاوز حدود الرب – سبحانه و تعالى - ، وأبدأ بالكتابة و أجمل حالتي عندما أسترسل دون توقف فأشعر عندها برعشة المتعة !!
غير أن هناك من لا يريدني بهذا الهدوء ، إنه ابني(ياسر) – أصلحه الله - فلا يروقه أبداً جلوس والده على الجهاز طويلاً ، ويعتقد أنها تأخذ من وقته ، فقرر دون أن يعقب أن يضع لهذا حداً، فانقض على جهازي في غفلة ، واقتلع أربعة أحرف من لوح الأحرف ، والمصادفة أن عددها يوافق عدد حروف اسمه ، وهي ( م ، ر ، ط ، ئ ) ، حاولت أن أركب منها كلمة مفهومة فلم أستطع ، عفى الله عنك يا بني لما فعلت هذا..
أتعلمون أشعر أني أضعت وقتكم !!، فدعونا ندخل الموضوع مباشرة و لكن ألا ترون أني لدي مشكلة فحرفي(الميم و الراء) مكون أساس في كتابتي ، فأنا لا أملك خزينة واصل بن عطاء اللغوية ، فروى لنا الجاحظ في كتابه البديع (البيان و التبيين) أن واصلاً كان عنده عاهة في نطق حرف الراء ، فكان يتجنب الكلمات التي فيها الراء و يقيم مع ذلك كلاماً مبهراً يسحر العقول حتى يخيل لمن يسمعه أن لا عاهة عنده، هذا فضل الله !! بأي حال مشكلتي في النقر لا النطق سأتدبر أمري !!
الوحدة هناك من الناس من يتجنبها ، و يوصف الإنسان الوحيد بأنه حزين يرثى لحاله، ولكني لست كذلك إطلاقاً – والحمد الله – فأنا خدين الوحدة منذ زمن ، وآنس بها كل الأنس ، ومنتهى أملي أن أخلو عن كل شغل لأجلس إليها ، ولكني لست فارغاً بمعنى لا أجلس في زاوية أضم فيها ساقي و أدفن وجهي بين ركبتي!! ، لا أنا مشغول جداً في خلوتي بمجموعة من الكتب أقلب صفحاتها ، و لوحات نثرية أرسمها على جهازي الحاسوب ، منها ما أنشره في المنتديات ، ومنها ما لو فككت قيده جرني من عقبي إلى الحبس، أتعلمون ما حلمي بعد رضىا الله و صلاح أبنائي ، هو أن أسكن في منزل من طين في قرية قصية، خالية من بهرج المدنية، بجواره مزرعة صغيرة و في زاويتها مسجد من طين سجاده التراب الذي منه خلقت ، و سقفه من عسف النخل ، و أبوابه من الخشب العتيق، يحتوي على مكتبة صغيرة لها نافذة تطل على المزرعة أجلس فيها أقرأ و أكتب ، و أتدارس مع من حولي آي القران و نصوص السنة ، و نتداعى لليقظة من سكرة الدنيا ، التي أخذت ألباب البشر ، ونتواصى على البر و التقوى حتى اليقين ، لا أدري قد أحقق هذا الحلم يوماَ !
أحياناً أفكر بهذه الطريقة فلست أأمل في هذه الدنيا الشيء الكثير ، أليست هذه نداءات الوحدة!! ، ربما! تكون الوحدة هي من تدعوني لهذا التفكير ، فالوحدة عشت في أكنافها منذ قرأت الكتاب و أمسكت القلم، و من يغرم بالكتابة و القراءة تجنح نفسه إلى الوحدة على ما أظن! ، ولكن الوحدة تكون محمودة حتى تضر بواجبات الإنسان الدينية أو الاجتماعية أو إذا كانت فارغة لا خير يملؤها أو هي مليئة بما يغضب الله تعالى.
و أقر حقيقة أنها أضرتني من الناحية الاجتماعية ، فهناك من أصدقائي و أفراد أسرتي من يعتب على انقباضي عنهم ، ومنهم من يفسرها بتفسيرات لا أحب ذكرها فمجرد ذكرها يحزنني ، وعلى الرغم من ذلك فأنا بحمد الله كونت في حياتي صداقات أعتز بها ، منهم ما أنا على تواصل معهم أشاطرهم الهم و أتحد معهم في الفكر، و منهم من خطفته الفاتنة ( الدنيا) بعد أن محت أيام الوصل الجميلة بمنديلها ، وأخرجت من علبة تبرجها أحمر الشفاه و راحت تكتب لمفتونها دوراً جديداً لا يصلح له ، و هو في سكرة فتنتها لا ينفك ينظر إليها و يبتسم ، فينتفض قلبي عند رؤيته كطير جريح و تجيبه دمعة تترقر في عيني حائرة تدفعها الشفقة و تحبسها ِالأنفة!
غير أن لي صديقاً لا زلت أذكره ، تباً!! وهل نسيته يوماً حتى أذكره!! ، أحبه أشد ما يحب صديقاً صديقه ، دارت بيني وبينه كأس الود سنوات ، وضربت أمواج الحب الهائجة ساحل إخائنا، وهبت نسائم الصفاء العطرة في سماء وصالنا، ولكني فقدته يا أخوة و كم أنا آسف لذلك!!، والسبب أنه لم يسطع أن يتقبل ميلي للوحدة و الاعتزال ، فيعتقدها أمارة كره ، و يراها علامة جفاء ، و كان يطالبني دائماً أن أتحدث إليه و أن أجالسه ، و طالما حاولت أن أشرح له أن هذه صفتي وأن عليه تقبلها ولكني لم أفلح في إقناعه ، كنت إذا لقيته بعد أن أنهي السلام و السؤال عن الحال أسرد عليه معاذيري و أتأسفا عن كل لحظة قضيتها في البعد عنه ، و أسأله بما بيننا من أيام جميلة أن لا يؤاخذني ، وهو يهز رأسه أن نعم! ، وبمرور الأيام بدأت علاقتنا تنزح للفتور، و صارت مذبذة بين درجتي الخلة و الأخوة وهي إلى الأخيرة أقرب ، ولم أستطع أن أنساه فإن لم يطرأ ذكره في صحوتي رأيته في منامي ، و كلما سمعت عنه أو التقيته خفق قلبي ، لعله يقرأ الآن و تعود أيام القرب كما كانت !! فأنا أكن له حباً لو انتشر في السماء حجب شمسها ، و إن نزل في الأرض أخرج ماءها و مرعاها !! هل سمعت بالمبالغة في الأدب ، أنا أرجوك أن لا تصنف كلامي هذا من قبيل المبالغة!!
عدت إليك – عزيزي القارئ –لعلك تتساءل و أنا ما الذي يعنيني من كلامك هذا كله ، كل ما أريد قوله هو ضرورة أن يحدث كل منا توازناً في حياته بين هواياته و واجباته ،ومهما كانت هوايته في نظره علية، لا يجب أن تطغى على حياته بحيث تؤثر على جانب آخر مهم ، و الثانية التي أريد إيصالها أن تحرص غاية الحرص على صفيك من الناس فإذا وجدته صديقاً صدوقاً يوافقك الهم فتشبث به و اصبر نفسك معه! ، واعتذر إذا أخطأت في حقه ولا تستح ، ولتكن الحكمة الخالدة حاضرة في ذهنك دائماً ( إن كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تجد من تصادقه) ، وتذكر أن لا أحد خال من العيوب و لا كامل إلا وجه الله تعالى ، فلابد أن تجد عيباً في صديقك فلا تتركه لأجل هذا العيب ، شريطة أن تكون حسناته تغلب سيئاته ..
وداعاً

التعديل الأخير تم بواسطة أبو ياسر ; 03 / 02 / 2012 الساعة 18 : 10 PM
رد مع اقتباس
   
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04 : 06 PM.


جميع المشاركات ملك لكاتبيها
 
مجموعة ترايدنت العربية