أعتذر لتأخري
نظر الي كمن يقول ولماذا هذا السؤال الان؟؟
لم اجد تفسيرا لتوقيت سؤالي فحاولت ان افسر سبب السؤال على الاقل..
- انا قدرت عمرك في اول يوم رأيتك, باثنين وعشرين عاماً.. الان بعد ان علمت انك تحضر الماجستير وتعمل في الجامعه اصبحت اشعر بأنك أكبر من ذلك...
- ضحك وقال لا انا لست بأكبر من ذلك بكثير .. ولدت في السابع من فبراير قبل اربع وعشرين سنة.. هذا يعني انني في الخامسة والخمسين أليس كذلك؟...
- هل انت واثق انك تدرس الاقتصاد وليس الاثار؟
ضحك ليث وقال:
- لا لا الاقتصاد ولكنني لا احفظ جدول الضرب..
شعرت بأنني ارى جانبا جديدا في شخصيته وانه يملك روحاً مرحةً بشكل كبير..
- اوه نحن الان في منتصف نوفمبر.. لم يبقى سوى شهرين ونصف تقريبا ونغني لك بعيد ميلادك..
- وأنت هل سنراك تكبرين؟ ام ان النساء لا يكبرن..
- أظنني أكبر بسرعة ..
- انا ولدت في نهاية هذا الشهر..
- هذا جميل...اذا هو قريب,,
- كيف تعودت الاحتفال بعيد ميلادك؟
- احتفل به بين اخوتي وامي وابي.
- وهذه السنة..
- سؤال صعب يا ليث, ربما لانه ليس لي اصدقاء في هذه الجامعة بعد,
سأحتفل به وحدي مع سيدة,,
- هل تسمحين لي ان انظم اليكم؟
- هذا يفرحني..
- قراتسي نورا..
- هل نبدأ الدرس؟
- نعم يجب ان نبدأ..
وبدأ الشرح...
كان شرحا هادئا بسيطا عن محتويات الجهاز واجزائه, للمرة الاولى احسست بأن ليث استاذ او مدرس فعلا..
كان يشير الي بأن اكتب جميع ما يقوله لكي اراجعه بعد خروجه وسيكون عليّ المراجعه دون وجود الجهاز لذلك يجب ان ارسم بعض الاشياء احيانا..
استمر الدرس لمدة ساعة كاملة دون انقطاع وبجدية تامة, نظر ليث الى ساعته وقرر نهاية الدرس.. اغلق الجهاز ووضعه في حقيبته اغلقها.. وقف وحمل الحقيبة وأستأذن للانصراف.. حاولت انتزاع الصفحات التى استخدمتها من الدفتر الصغير لاعيد اليه الدفتر والقلم ولكنه قال..
- اشتريته هذا الصباح خصيصا لطالبتي الاسبانية , يمكنك الاحتفاظ به..
- اوه هذا كثير يا استاذ, يجب ان ادفع لك اتعاب الدرس بدلا من توفر لي مواد الدرس ..
- لا , كنت في مكتبة صغيرة واعجبني هذا القلم وقررت انه لك..
- سأحتفظ به ليذكرني بأستاذي العربي..
- يجب ان أذهب الان..
- قراتسي ميل ليث,,
أوصلته الى باب الشقة ... تردد قليلا ..
ثم قال:
- اسمحي لي ان اشكرك على الغداء اللذيذ, والجو العائلي الذي افتقده كثيرا..
- لا تشكرني, لانني أحس بأنني اثقل عليك, وخصوصا انك تقتطع الكثير من وقتك لتعليمي,,
- لا يا نورا انا لم امزح عندما قلت لك ان هذا يحسسني بأنني قريب من امي ووطني..
- هّلا شكرتي زيا سيدة بالنيابة عني..
- هي تنام قليلا بعد الغداء لولا هذا لكانت هنا لتودعك بنفسها,,
- حسنا نورا يجب ان انصرف الان, بونا نوتي سنيوريتا..
- بونا نوتي ليث..
اغلقت الباب وناديت سيدة وشكرتها واوصلت لها شكر ليث, وذهبت الى غرفتي..
كأنني اعود من رحلة جميلة, عاد الي ذلك الشعور القديم الذي ينتابي عندما اعود من رحلة جميلة مساء يوم الجمعة مع ابي وامي واخوتي..ذلك الشعور بالتعب والسعادة والامتنان, تعب بعد جري ولعب, سعادة لوجود من احبهم بجانبي يشاركونني اللعب والضحك, سعادة لا تشبه سعادة الكبار, سعادة ليس لها وصف, وامتنان لوالدي لما قدماه لنا طوال يوم رائع..
شعرت بألامتنان لليث على هذه الامسية البسيطة التى منحها لي دون ان يعلم ما يعني لي ان امضي مسائي مع انسان مهذب وكريم أعطاني الشعور بوجودي وسط اسرتي..
عاد ذلك الوحش الصغير الذي ينطنط في غرفتي كلما احسست بالامتنان لما يقدمه لي ليث, عاد يذكرني بكذبي, ينبهني لانانيتي, تربع هناك فوق تسريحتي ليواجهني وانا اجلس في سريري في يدي دفتر قدمه لي ليث قبل دقائق وقلم جميل سيظل لونه الترابي يذكرني بزيارتي للعراق في شعر السياب بلسان ليث..
تربع واخذ ينظر الي وضع يده تحت دقنه وظل يبحلق بي, ينقل نظره من وجهي الى يدي التي تمسك بالدفتر, ينقلها الى القلم ويظل يبحلق بالقلم طويلا,, قال لي لماذا لم تعترفي له اليوم؟!
هل مازال اللعب يستهويكِ؟ الا زلت تتمتعين بأنانيتك الطفولية؟ لن اسمح لكِ ان تلعبي اكثر.. الا تنوين الاعتراف؟ لنفرض ذلك..لا لست معي في أي امر لأفرض ذلك وحدي, سأفرض انك تستكملين اللعب! الى متى؟ سأفترض يوما انه اكتشف هذا الكذب, هل سيفهم انك تعبثين؟ وبماذا؟ هل سيقول ان هذه الشابة كانت تكذب لان شقاوة كشقاوة الاطفال تسكنها؟!
هل سيصدق ليث انك لا تقصدين ايذاء مشاعره؟ هل سيفهم انها مجرد مزحة؟!
اي نوع من الصبايا انتِ؟
حسنا حسنا, لن اتحدث اليكِ اكثر..مازلتِ عنيدة كما كنتِ..ولكن انا احذرك لن تكون هذه المرة سهلة ابداً..هو ليس مصطفى اللذي لعبت معه يوما وقلت له انك راحلة خلال شهر, وانك ستتركين المدرسة وتتركي دمشق ايضا..
اتذكرين كيف بدء مصطفى يحزن وانت تراقبين حزنه؟! هل تذكرين كيف جمع مصروفة ليقدم لكِ سلسة الفضة لتذكريه بها..لن تنسي فأنت مازلت تحتفظين بها الى اليوم في صندوق حليُّك الصغير..
هل تذكرين ماذا فعل عندما اكتشف انك كنت فقط تمارسين لعبك معهم... صرخ في وجهك وانصرف...
يومها اتيت لي تبكين, قلت انك قصدتي اللعب فقط, لم تقصدي ان تغضبيه, ساعدتك يومها لتسترجعي ثقة مصطفى البائس ..
ليث ليس كمصطفى وانت لست تلك الطفلة...انا احذركِ..
رفعت رأسي اليه لاتأكد من نواياه فلم اجده, أختفى كعادته عندما يغضب من تصرفاتي ويقرر الرحيل..
لم يرحل ابدا بقى يظهر ويغيب, ظل كشبح ضخم يغطي رؤيتي, يحسسني بظلمي لليث حتى وانا اشرب الماء اراه في قاع الكوب..
لم اعد قادرة على الجلوس, حاولت صرف هذا الشعور بالذنب ولم استطع..بدلت ملابسي واخذت دراجتي وخرجت, قبل ان اخرج عدت الى كيس الاشرطة حيث تركته في الغرفة واخذت شريطا لمحمد عبده كنت اشتريته في الصيف قبل مجيئي الى مودنا...
اخذت معي حقيبة ظهري ووضعت الووكمن بداخله..
لم اكن اعرف اين سأذهب ولا ماذا سأفعل..
كنت قد سمعت هذه الاغنية قبل ان اشتري الشريط فأعجبتني.. سمعتها بعد ان اشتريته مرتين او ثلاث لا اذكر وكانت بعض مقاطعها تطير بي في عالم آخر..
وضعت الهدفونز وضغت التشغيل, اتجهت الى لا شيء, اخذتني دراجتي الى حيث تشاء, وأخذني صوت ابو نورة الى عالم نسيت معه ذلك الذي يؤنبني طوال الوقت..
"ناديت ما كن السنين اللي مضت راحت, كنا افترقنا البارحة والبارحة صارت عمر...ياجمرة الشوق الخفي نسيت انا نسيت انا وجرحك وفي"..
بدأت اطرب واعود لجو حميمي..احسست انني انام على رجل امي وهي تحكي لي حكايات الصغار,, رأيتني اكبر وانا على ركبتها وقصصها تكبر لتحكي حكاية الصبيّة والاصرار على التحدي والنجاح,, وكبرت وانا على ركبتها اسمعها تخبرني عن بنت صديقتها وكيف اصبحت عروس...
سمعت صوتها وهي تذكرني ان اضع مصحفي الصغير في شنطة يدي قبل ان اذهب الى المطار... اخذني صوته يغني عن السنين الى الكثير الكثير..
اكتشفت انني ادور حول حديقة الحي القريبة,, والتي لم يبقى بها من الاطفال والامهات احد, ذهبو جميعا بعد ان اصبح البرد اشد من ان يحتمله رضيع او جدة عجوز...
لم يبقى سوى بعض الاصدقاء في شلل من اولاد وبنات ينتمون جميعا الى مدرسة الحي الثانوية..اصبحت اعرف اشكالهم جميعا لانني اراهم كل صباح وقت خروجي للجامعة..
ابتعدت عن الحي وقررت الذهاب الى مواقف الجامعة ربما اجد بعض زملائي فأتسلى معهم... عندما بدت المواقف من بعيد علمت انني واهمة فلا يوجد احد سواي في ليلة الاحد يسمع اغنية من خلال ووكمن ويركب دراجة في الساعة التاسعة..في هذا الوقت في اي مكان في اوروبا الجميع يكمل استعداده للخروج مع صديقته او صديقه او مع زوجته او زوجه..
اقتربت اكثر وقررت ان ادور في المكان لاكمل سباحتي في صوت محمد عبده وماضي جاء مع اغنيته...
لم انظر الى مبنى الجامعه في هذا الليل لم يكن ليستهويني النظر للمباني في الظلام, كان النظر للاشياء في الليل يحسسني بالخوف واحيانا يأخذني لخيال مرعب يمكن ان يستدعي صراخي,,, امضية ليلي في الصراخ مرةً وانا في السابعة عندما رأيت دراجة اخي الصغير في منتصف الليل وقد بدت لي وكأنه كلباً ضخم يقف في غرفتي..
اخذت احوم المكان, احسست بأن شيئا ما يتحرك في الظلام, حاولت ان احدد مكان الحركة ولكن الظلام كان اقوى من ان استمر في البحث.. ابعدت الهدفونز عن اذني علني اسمع شيئا.. ولكنني لم استطع الاستمرار كثيرا.. قررت الانصراف ..لا ليس الانصراف بل الهرب مرعوبةً...
في هذه اللحظه بان لي خيال رجل طويل كان يجلس على الدرج في احد مداخل المباني التى تواجه مواقف الجامعة.. لم ارد ان اظهر خوفي وقررت ان انعطف عكس اتجاهي ولو كان هذا سيطيل الطريق علي...
يتبع....... :غمزه:
نظر الي كمن يقول ولماذا هذا السؤال الان؟؟
لم اجد تفسيرا لتوقيت سؤالي فحاولت ان افسر سبب السؤال على الاقل..
- انا قدرت عمرك في اول يوم رأيتك, باثنين وعشرين عاماً.. الان بعد ان علمت انك تحضر الماجستير وتعمل في الجامعه اصبحت اشعر بأنك أكبر من ذلك...
- ضحك وقال لا انا لست بأكبر من ذلك بكثير .. ولدت في السابع من فبراير قبل اربع وعشرين سنة.. هذا يعني انني في الخامسة والخمسين أليس كذلك؟...
- هل انت واثق انك تدرس الاقتصاد وليس الاثار؟
ضحك ليث وقال:
- لا لا الاقتصاد ولكنني لا احفظ جدول الضرب..
شعرت بأنني ارى جانبا جديدا في شخصيته وانه يملك روحاً مرحةً بشكل كبير..
- اوه نحن الان في منتصف نوفمبر.. لم يبقى سوى شهرين ونصف تقريبا ونغني لك بعيد ميلادك..
- وأنت هل سنراك تكبرين؟ ام ان النساء لا يكبرن..
- أظنني أكبر بسرعة ..
- انا ولدت في نهاية هذا الشهر..
- هذا جميل...اذا هو قريب,,
- كيف تعودت الاحتفال بعيد ميلادك؟
- احتفل به بين اخوتي وامي وابي.
- وهذه السنة..
- سؤال صعب يا ليث, ربما لانه ليس لي اصدقاء في هذه الجامعة بعد,
سأحتفل به وحدي مع سيدة,,
- هل تسمحين لي ان انظم اليكم؟
- هذا يفرحني..
- قراتسي نورا..
- هل نبدأ الدرس؟
- نعم يجب ان نبدأ..
وبدأ الشرح...
كان شرحا هادئا بسيطا عن محتويات الجهاز واجزائه, للمرة الاولى احسست بأن ليث استاذ او مدرس فعلا..
كان يشير الي بأن اكتب جميع ما يقوله لكي اراجعه بعد خروجه وسيكون عليّ المراجعه دون وجود الجهاز لذلك يجب ان ارسم بعض الاشياء احيانا..
استمر الدرس لمدة ساعة كاملة دون انقطاع وبجدية تامة, نظر ليث الى ساعته وقرر نهاية الدرس.. اغلق الجهاز ووضعه في حقيبته اغلقها.. وقف وحمل الحقيبة وأستأذن للانصراف.. حاولت انتزاع الصفحات التى استخدمتها من الدفتر الصغير لاعيد اليه الدفتر والقلم ولكنه قال..
- اشتريته هذا الصباح خصيصا لطالبتي الاسبانية , يمكنك الاحتفاظ به..
- اوه هذا كثير يا استاذ, يجب ان ادفع لك اتعاب الدرس بدلا من توفر لي مواد الدرس ..
- لا , كنت في مكتبة صغيرة واعجبني هذا القلم وقررت انه لك..
- سأحتفظ به ليذكرني بأستاذي العربي..
- يجب ان أذهب الان..
- قراتسي ميل ليث,,
أوصلته الى باب الشقة ... تردد قليلا ..
ثم قال:
- اسمحي لي ان اشكرك على الغداء اللذيذ, والجو العائلي الذي افتقده كثيرا..
- لا تشكرني, لانني أحس بأنني اثقل عليك, وخصوصا انك تقتطع الكثير من وقتك لتعليمي,,
- لا يا نورا انا لم امزح عندما قلت لك ان هذا يحسسني بأنني قريب من امي ووطني..
- هّلا شكرتي زيا سيدة بالنيابة عني..
- هي تنام قليلا بعد الغداء لولا هذا لكانت هنا لتودعك بنفسها,,
- حسنا نورا يجب ان انصرف الان, بونا نوتي سنيوريتا..
- بونا نوتي ليث..
اغلقت الباب وناديت سيدة وشكرتها واوصلت لها شكر ليث, وذهبت الى غرفتي..
كأنني اعود من رحلة جميلة, عاد الي ذلك الشعور القديم الذي ينتابي عندما اعود من رحلة جميلة مساء يوم الجمعة مع ابي وامي واخوتي..ذلك الشعور بالتعب والسعادة والامتنان, تعب بعد جري ولعب, سعادة لوجود من احبهم بجانبي يشاركونني اللعب والضحك, سعادة لا تشبه سعادة الكبار, سعادة ليس لها وصف, وامتنان لوالدي لما قدماه لنا طوال يوم رائع..
شعرت بألامتنان لليث على هذه الامسية البسيطة التى منحها لي دون ان يعلم ما يعني لي ان امضي مسائي مع انسان مهذب وكريم أعطاني الشعور بوجودي وسط اسرتي..
عاد ذلك الوحش الصغير الذي ينطنط في غرفتي كلما احسست بالامتنان لما يقدمه لي ليث, عاد يذكرني بكذبي, ينبهني لانانيتي, تربع هناك فوق تسريحتي ليواجهني وانا اجلس في سريري في يدي دفتر قدمه لي ليث قبل دقائق وقلم جميل سيظل لونه الترابي يذكرني بزيارتي للعراق في شعر السياب بلسان ليث..
تربع واخذ ينظر الي وضع يده تحت دقنه وظل يبحلق بي, ينقل نظره من وجهي الى يدي التي تمسك بالدفتر, ينقلها الى القلم ويظل يبحلق بالقلم طويلا,, قال لي لماذا لم تعترفي له اليوم؟!
هل مازال اللعب يستهويكِ؟ الا زلت تتمتعين بأنانيتك الطفولية؟ لن اسمح لكِ ان تلعبي اكثر.. الا تنوين الاعتراف؟ لنفرض ذلك..لا لست معي في أي امر لأفرض ذلك وحدي, سأفرض انك تستكملين اللعب! الى متى؟ سأفترض يوما انه اكتشف هذا الكذب, هل سيفهم انك تعبثين؟ وبماذا؟ هل سيقول ان هذه الشابة كانت تكذب لان شقاوة كشقاوة الاطفال تسكنها؟!
هل سيصدق ليث انك لا تقصدين ايذاء مشاعره؟ هل سيفهم انها مجرد مزحة؟!
اي نوع من الصبايا انتِ؟
حسنا حسنا, لن اتحدث اليكِ اكثر..مازلتِ عنيدة كما كنتِ..ولكن انا احذرك لن تكون هذه المرة سهلة ابداً..هو ليس مصطفى اللذي لعبت معه يوما وقلت له انك راحلة خلال شهر, وانك ستتركين المدرسة وتتركي دمشق ايضا..
اتذكرين كيف بدء مصطفى يحزن وانت تراقبين حزنه؟! هل تذكرين كيف جمع مصروفة ليقدم لكِ سلسة الفضة لتذكريه بها..لن تنسي فأنت مازلت تحتفظين بها الى اليوم في صندوق حليُّك الصغير..
هل تذكرين ماذا فعل عندما اكتشف انك كنت فقط تمارسين لعبك معهم... صرخ في وجهك وانصرف...
يومها اتيت لي تبكين, قلت انك قصدتي اللعب فقط, لم تقصدي ان تغضبيه, ساعدتك يومها لتسترجعي ثقة مصطفى البائس ..
ليث ليس كمصطفى وانت لست تلك الطفلة...انا احذركِ..
رفعت رأسي اليه لاتأكد من نواياه فلم اجده, أختفى كعادته عندما يغضب من تصرفاتي ويقرر الرحيل..
لم يرحل ابدا بقى يظهر ويغيب, ظل كشبح ضخم يغطي رؤيتي, يحسسني بظلمي لليث حتى وانا اشرب الماء اراه في قاع الكوب..
لم اعد قادرة على الجلوس, حاولت صرف هذا الشعور بالذنب ولم استطع..بدلت ملابسي واخذت دراجتي وخرجت, قبل ان اخرج عدت الى كيس الاشرطة حيث تركته في الغرفة واخذت شريطا لمحمد عبده كنت اشتريته في الصيف قبل مجيئي الى مودنا...
اخذت معي حقيبة ظهري ووضعت الووكمن بداخله..
لم اكن اعرف اين سأذهب ولا ماذا سأفعل..
كنت قد سمعت هذه الاغنية قبل ان اشتري الشريط فأعجبتني.. سمعتها بعد ان اشتريته مرتين او ثلاث لا اذكر وكانت بعض مقاطعها تطير بي في عالم آخر..
وضعت الهدفونز وضغت التشغيل, اتجهت الى لا شيء, اخذتني دراجتي الى حيث تشاء, وأخذني صوت ابو نورة الى عالم نسيت معه ذلك الذي يؤنبني طوال الوقت..
"ناديت ما كن السنين اللي مضت راحت, كنا افترقنا البارحة والبارحة صارت عمر...ياجمرة الشوق الخفي نسيت انا نسيت انا وجرحك وفي"..
بدأت اطرب واعود لجو حميمي..احسست انني انام على رجل امي وهي تحكي لي حكايات الصغار,, رأيتني اكبر وانا على ركبتها وقصصها تكبر لتحكي حكاية الصبيّة والاصرار على التحدي والنجاح,, وكبرت وانا على ركبتها اسمعها تخبرني عن بنت صديقتها وكيف اصبحت عروس...
سمعت صوتها وهي تذكرني ان اضع مصحفي الصغير في شنطة يدي قبل ان اذهب الى المطار... اخذني صوته يغني عن السنين الى الكثير الكثير..
اكتشفت انني ادور حول حديقة الحي القريبة,, والتي لم يبقى بها من الاطفال والامهات احد, ذهبو جميعا بعد ان اصبح البرد اشد من ان يحتمله رضيع او جدة عجوز...
لم يبقى سوى بعض الاصدقاء في شلل من اولاد وبنات ينتمون جميعا الى مدرسة الحي الثانوية..اصبحت اعرف اشكالهم جميعا لانني اراهم كل صباح وقت خروجي للجامعة..
ابتعدت عن الحي وقررت الذهاب الى مواقف الجامعة ربما اجد بعض زملائي فأتسلى معهم... عندما بدت المواقف من بعيد علمت انني واهمة فلا يوجد احد سواي في ليلة الاحد يسمع اغنية من خلال ووكمن ويركب دراجة في الساعة التاسعة..في هذا الوقت في اي مكان في اوروبا الجميع يكمل استعداده للخروج مع صديقته او صديقه او مع زوجته او زوجه..
اقتربت اكثر وقررت ان ادور في المكان لاكمل سباحتي في صوت محمد عبده وماضي جاء مع اغنيته...
لم انظر الى مبنى الجامعه في هذا الليل لم يكن ليستهويني النظر للمباني في الظلام, كان النظر للاشياء في الليل يحسسني بالخوف واحيانا يأخذني لخيال مرعب يمكن ان يستدعي صراخي,,, امضية ليلي في الصراخ مرةً وانا في السابعة عندما رأيت دراجة اخي الصغير في منتصف الليل وقد بدت لي وكأنه كلباً ضخم يقف في غرفتي..
اخذت احوم المكان, احسست بأن شيئا ما يتحرك في الظلام, حاولت ان احدد مكان الحركة ولكن الظلام كان اقوى من ان استمر في البحث.. ابعدت الهدفونز عن اذني علني اسمع شيئا.. ولكنني لم استطع الاستمرار كثيرا.. قررت الانصراف ..لا ليس الانصراف بل الهرب مرعوبةً...
في هذه اللحظه بان لي خيال رجل طويل كان يجلس على الدرج في احد مداخل المباني التى تواجه مواقف الجامعة.. لم ارد ان اظهر خوفي وقررت ان انعطف عكس اتجاهي ولو كان هذا سيطيل الطريق علي...
يتبع....... :غمزه:
تعليق