***
سافر أبوالعلاء إلى بغداد وفيها كانت مجالس الشعراء والأدباء وكل يعرض ما عنده ويتفاخرون بلغتهم العربيه.
فقصد أبوالعلاء أكبر مجلس من هذه المجالس وهو مجلس الشريف الرضي .
وكان أبوالعلاء من عشاق المتنبى وكان يحفظ شعره كله
وكان الشريف الرضي لا يحب المتنبى ولا يحب شعره
وجاءت سيرة المتنبى فى الجلسه فغضب الشريف الرضي فدافع أبوالعلاء عنه وقال للشريف الرضى والله لو لم يقل المتنبى سوى هذه القصيده فهذه القصيدة حسبه وأنشد:
لك يا منازل فى القلوب منازل
أقفرتِ أنتِ وهن منكِ أواهلُ
فغضب الشريف الرضى وثار وهذا الرجل معروف عنه الحلم والعقل وقال أخرجوا هذا الأعمى من بيتى مسحوبا على وجهه وبالفعل أخرج أبو العلاء بتلك الطريقه.
وتعجب الجمع مما حدث وأنتظروا حتى هدأ الشريف الرضى وسألوه عن سبب فعلته فقال أنه لم يقصد البيت الأول ولكنه قصد بيت فى نفس القصيدة يقول:
وإذا أتتك مذمتى من ناقص
فهى الشهادة لى بأنى كامل
فتعجب الجمع من ذكاء المعرى ومن ذكاء الشريف الرضى
ورجع المعري لبيته ولم يخرج منه بعدها ولهذا سمى برهين المحبسين
****************************
هاذان الشاعران من فحول شعراء الشعر العربي ....
قال الشيخ الطنطاوي عن الشريف الرضي (( كان أعظم شعراء الحب العذري في أدب العرب ، -بل سأقولها ولا أبالي - كان أعظم شعراء الدنيا ، هتف للجمال وغنى للحب وصور نوازع النفس وصبوات القلب ولوعات الهوى ، ولذات الوصال ، ولقد قرأت أكثر أشعار لامارتين وموسه وبيرون وغوته ، فما وجدت فيهم من قال في هذه المعاني ، أدق ولا أرق ولا أحلى ولا أشرف مما قال شاعرنا )) وقال في موضع آخر (( الشاعر الذي كان إماما في العلم وفي المنصب ، شرب الكأس وترك للشعراء الثمالة . وورد الصافي وخلى لهم العكر )) وهذا طبعا رأي شخصي يخص الأديب الطنطاوي رحمه الله ..
أما الشاعر الثاني أبو العلاء المعري ، فكان من فحول الشعراء وعلم من أعلامهم ، وهو من أميز الشعراء في قوة الجزالة الشعرية وبراعة ألأساليب في تركيب المعاني وسبك الأبيات بل كان عبقريا فيلسوفا ، ويكفي فيه قول الأديب الكبير والناقد العبقري عباس محمود العقاد حين قال (( أبو العلاء المعري كان هو الشاعر الذي يتلاعب بالمعاني ))... علما أن الشاعر قد أتهم بالإلحاد والزندقة ، لما جاء في كتابه المشهور رسالة الغفران ، وقد نافح عنه ابن العديمم وهو أحد العلماء وألف كتاب إسمه ( دفع الإفتراء عن أبي العلاء ) ولكن مع ذلك فقد ثبت نصوص إن صحت نسبتها إليةه فلا شك أنها نصوص إلحادية ... ومن قصائده التي يضرب بها المثل في الجزالة .. ( ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل ..
والتي منها البيت المشهور
وإني وإن كنت الأخير زمانه *** لآتي بما لم تستطعه الأوائل