جهاد غريب
11 / 05 / 2004, 24 : 03 PM
[align=center:f00eec2a19]قالوا أن العنقاء .. من المستحيلات
لكنني أزعم أن الغربة هي العنقاء ذاتها
كل شيء يحتمل الوصف عندما نتخيل الغربة والعنقاء
هنا سأحاول أن أستفز الذاكرة
لتنتحر بين السطور على ورق الغربة
المليء بالتنهدات
دعوني أحكي لكم حكاية من حكايات الغربة أقصد العنقاء
(1)
لقد كان يوماً أنتصف فيه الليل مع النهار عند العصر
خرجت وقتئذ لأتسوق كعادتي قبل سفري بيوم واحد فقط
لقد اشتريت أغلب احتياجاتي
كان أغلبها هدايا لأحبابنا في الغربة
أهمهم معلمتي (ماري ويلسون)
لقد كانت من فئة أنجلو أندياً
يعني هندية من نسل بريطاني
وكانت اللغة الأم لديها هي الإنجليزية
عودة للقصة :
هناك في السوق استوقفني " مفرش سرير " أبيض كبير
كان بيد أحد الباعة
لقد كان يرقبني بحرص
وكان يحاول ترغيبي لأبتاع منه هذا المفرش الأبيض
كنت أعلم جيداً بأنني لست بحاجة إليه
لكنني اشتريته وقلت في نفسي
لعلي أعطيه لمعلمتي ماري إلى جانب هديتها
ربما انتفعت هي به
لقد احتفظت به المعلمة في دولاب خاص في بيتها
ونسيت أنا أمر المفرش الأبيض
(2)
أما الجانب الأخر من القصة يقول :
تعودت أن أزور عائلة معلمتي كي أختلط بأهل الدار
بغرض أن أتعلم اللغة الإنجليزية
لقد كنت أستمتع بالجلوس إلى رجل مسن هو والد ماري
لقد كان لا يشعرني بأنه يمل جلستي
فبالرغم من أن لغتي الإنجليزية آنذاك كانت أشبه بطفل يحبوا على أربعته
لقد كانت لغتي معطوبة
إلا أنه يقول لي دائماً أجلس وأقرأ لي أخبار الصحيفة هذا اليوم
هو لم يقرأها لكنه يعلم ما بها
لأنه متابع جيد للراديو
لقد كنت أقرأ اللغة الإنجليزية في الصحيفة اليومية وهو يستمع إلّي
كنت اشعر أنني لم ابلغ حتى قطار يمشي على الفحم الحجري وأنا أقرأ له ما بالصحيفة
كان المسن صبوراً علي وكان يصلح عطب اللغة
لقد تقاسمنا الفائدة
فبينما هو يستمتع – مع أنني أشك في هذا - في قراءة الأخبار
فأنا أيضاً كنت اصلح العطب وأقبض على قراءتي المشوهة
والأربعين حرامي ( أخطائي المتكررة في قراءة اللغة الإنجليزية )
كنت أجتهد في القبض بلا هوادة على اللصوص ( الأخطاء)
وأحاول أن لا أبق منهم أحداً
إلى هنا إنتهي الجانب الأخر من القصة
(3)
أما بقية القصة فهي كالتالي :
ذات ليلة غافلني النعاس وأغرقني السهاد بعد طول السهر
وانتابني قلق لا أعرف مصدره
لقد رأيت الرجل المسن في حلمي
كان يصارع الموت ولم يصمد في مقاومته طويلاً
أستسلم العحوز المسكين بسرعة فسقط في قبضة الموت
رأيته وقد أرتدي كفناً
وكنت أرى في منامي أيضاً ماري ( معلمتي الأربعينية )
تجلس على أريكة وسط المنزل تستقبل التعازي
لقد كان وجهها أشبه
بمنشفة شنقتها عصارة غسالة منزلية
لم تفلح أن تخلصها من الدموع
قمت فزعاً من نومي عند الخامسة والنصف فجراً
فتلوت حلمي لأصدقاء كانوا يتقاسمون مع الليل والسهر
هم أصدقاء يسكنون معي في منزل العنقاء ( الغربة )
نهضت من فوق الكرسي بلا تردد وخاصمت الفطور ،ثم عانقت ماء الدش
كنت أمسح إرهاقي من الحلم العنيف
ارتديت ملابسي وخرجت متجهاً للجامعة
قررت أن أزور المعلمة في منزلها بعد عودتي من الكلية
لقد عدت بعد محاضرتين في طريقي إلى منزل المعلمة
عند أول الطريق إلى هناك استقبلني صديق من تلوت عليهم الحلم !
وقتها ! سقط قلبي في يدي عندما رأيته
لم يكن بالعادة أن يزور صديقي هذا .. المعلمة
في مثل هذا الوقت
لقد ضمني إلى صدره بحنان وشفقه بالقرب من باب منزل المعلمة
لقد رأيت جمع كبير شهد المكان
قال صديقي : حضرت أبنة المعلمة إلينا عند الساعة السابعة والنصف صباحاً أي بعد خروجي من المنزل بحوالي نصف ساعة
قال صديقي أيضاً : أنها كانت تبحث عنك
فوالدتها ماري هي التي أرسلتها
قلت له: لا تكمل لقد مات والد المعلمة
أجاب : نعم لقد كان حلمك حقيقة فقد روته لنا الفتاة وكأننا نسترجع ما سمعناه منك
وقد تأكدنا من ذلك : عندما قالت لنا أن الوفاة حصلت عند الساعة الخامسة والنصف فجراً
يا ألهي نفس التوقيت الذي خرجت فيه أنا من كابوسي
لقد اتجهت مسرعاً إلى داخل المنزل أبحث في كل الوجوه عن وجه معلمتي
ركّزت أنا على الأريكة التي كانت تجلس عليها معلمتي في كابوسي
نعم لقد كان هو المكان نفسه والمنظر ذاته
المشهد كان يتكرر
نعم نفس الوجه الحزين والدموع
وقفت المعلمة وأخذتني إلى حيث ترقد الجثة
قالت : أنظر إليه إنه يرقد في هدوء حيث كفناه
بالمفرش الأبيض الذي أحضرته لي مع الهدايا
يا ألهي لقد كنت أحمل كفناً لوالد معلمتي
إنها الغربة ، المأساة ، الحزن ، الألم ، العنقاء
سامح الله العنقاء[/align:f00eec2a19]
لكنني أزعم أن الغربة هي العنقاء ذاتها
كل شيء يحتمل الوصف عندما نتخيل الغربة والعنقاء
هنا سأحاول أن أستفز الذاكرة
لتنتحر بين السطور على ورق الغربة
المليء بالتنهدات
دعوني أحكي لكم حكاية من حكايات الغربة أقصد العنقاء
(1)
لقد كان يوماً أنتصف فيه الليل مع النهار عند العصر
خرجت وقتئذ لأتسوق كعادتي قبل سفري بيوم واحد فقط
لقد اشتريت أغلب احتياجاتي
كان أغلبها هدايا لأحبابنا في الغربة
أهمهم معلمتي (ماري ويلسون)
لقد كانت من فئة أنجلو أندياً
يعني هندية من نسل بريطاني
وكانت اللغة الأم لديها هي الإنجليزية
عودة للقصة :
هناك في السوق استوقفني " مفرش سرير " أبيض كبير
كان بيد أحد الباعة
لقد كان يرقبني بحرص
وكان يحاول ترغيبي لأبتاع منه هذا المفرش الأبيض
كنت أعلم جيداً بأنني لست بحاجة إليه
لكنني اشتريته وقلت في نفسي
لعلي أعطيه لمعلمتي ماري إلى جانب هديتها
ربما انتفعت هي به
لقد احتفظت به المعلمة في دولاب خاص في بيتها
ونسيت أنا أمر المفرش الأبيض
(2)
أما الجانب الأخر من القصة يقول :
تعودت أن أزور عائلة معلمتي كي أختلط بأهل الدار
بغرض أن أتعلم اللغة الإنجليزية
لقد كنت أستمتع بالجلوس إلى رجل مسن هو والد ماري
لقد كان لا يشعرني بأنه يمل جلستي
فبالرغم من أن لغتي الإنجليزية آنذاك كانت أشبه بطفل يحبوا على أربعته
لقد كانت لغتي معطوبة
إلا أنه يقول لي دائماً أجلس وأقرأ لي أخبار الصحيفة هذا اليوم
هو لم يقرأها لكنه يعلم ما بها
لأنه متابع جيد للراديو
لقد كنت أقرأ اللغة الإنجليزية في الصحيفة اليومية وهو يستمع إلّي
كنت اشعر أنني لم ابلغ حتى قطار يمشي على الفحم الحجري وأنا أقرأ له ما بالصحيفة
كان المسن صبوراً علي وكان يصلح عطب اللغة
لقد تقاسمنا الفائدة
فبينما هو يستمتع – مع أنني أشك في هذا - في قراءة الأخبار
فأنا أيضاً كنت اصلح العطب وأقبض على قراءتي المشوهة
والأربعين حرامي ( أخطائي المتكررة في قراءة اللغة الإنجليزية )
كنت أجتهد في القبض بلا هوادة على اللصوص ( الأخطاء)
وأحاول أن لا أبق منهم أحداً
إلى هنا إنتهي الجانب الأخر من القصة
(3)
أما بقية القصة فهي كالتالي :
ذات ليلة غافلني النعاس وأغرقني السهاد بعد طول السهر
وانتابني قلق لا أعرف مصدره
لقد رأيت الرجل المسن في حلمي
كان يصارع الموت ولم يصمد في مقاومته طويلاً
أستسلم العحوز المسكين بسرعة فسقط في قبضة الموت
رأيته وقد أرتدي كفناً
وكنت أرى في منامي أيضاً ماري ( معلمتي الأربعينية )
تجلس على أريكة وسط المنزل تستقبل التعازي
لقد كان وجهها أشبه
بمنشفة شنقتها عصارة غسالة منزلية
لم تفلح أن تخلصها من الدموع
قمت فزعاً من نومي عند الخامسة والنصف فجراً
فتلوت حلمي لأصدقاء كانوا يتقاسمون مع الليل والسهر
هم أصدقاء يسكنون معي في منزل العنقاء ( الغربة )
نهضت من فوق الكرسي بلا تردد وخاصمت الفطور ،ثم عانقت ماء الدش
كنت أمسح إرهاقي من الحلم العنيف
ارتديت ملابسي وخرجت متجهاً للجامعة
قررت أن أزور المعلمة في منزلها بعد عودتي من الكلية
لقد عدت بعد محاضرتين في طريقي إلى منزل المعلمة
عند أول الطريق إلى هناك استقبلني صديق من تلوت عليهم الحلم !
وقتها ! سقط قلبي في يدي عندما رأيته
لم يكن بالعادة أن يزور صديقي هذا .. المعلمة
في مثل هذا الوقت
لقد ضمني إلى صدره بحنان وشفقه بالقرب من باب منزل المعلمة
لقد رأيت جمع كبير شهد المكان
قال صديقي : حضرت أبنة المعلمة إلينا عند الساعة السابعة والنصف صباحاً أي بعد خروجي من المنزل بحوالي نصف ساعة
قال صديقي أيضاً : أنها كانت تبحث عنك
فوالدتها ماري هي التي أرسلتها
قلت له: لا تكمل لقد مات والد المعلمة
أجاب : نعم لقد كان حلمك حقيقة فقد روته لنا الفتاة وكأننا نسترجع ما سمعناه منك
وقد تأكدنا من ذلك : عندما قالت لنا أن الوفاة حصلت عند الساعة الخامسة والنصف فجراً
يا ألهي نفس التوقيت الذي خرجت فيه أنا من كابوسي
لقد اتجهت مسرعاً إلى داخل المنزل أبحث في كل الوجوه عن وجه معلمتي
ركّزت أنا على الأريكة التي كانت تجلس عليها معلمتي في كابوسي
نعم لقد كان هو المكان نفسه والمنظر ذاته
المشهد كان يتكرر
نعم نفس الوجه الحزين والدموع
وقفت المعلمة وأخذتني إلى حيث ترقد الجثة
قالت : أنظر إليه إنه يرقد في هدوء حيث كفناه
بالمفرش الأبيض الذي أحضرته لي مع الهدايا
يا ألهي لقد كنت أحمل كفناً لوالد معلمتي
إنها الغربة ، المأساة ، الحزن ، الألم ، العنقاء
سامح الله العنقاء[/align:f00eec2a19]