المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملفـــات


المسردي
27 / 08 / 2003, 59 : 07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



ذات يوم كنت نائماً في حجرتي ما بين الحلم و اليقظة..



‏فتحت عيني فوجدت نفسي في حجرة غريبة جداً!!. ‏حجرة امتلأت بالملفات الضخمة على كل حوائطها من الأرض إلى السقف. ‏و كانت الملفات كبيرة و قديمة مثل التي تُستخدم في الشركات و المكتبات.





‏اقتربت من الحائط لأدقق النظر، و كان أول ملف لفت نظري كان بعنوان "‏أعز أصدقائي" ‏فتحته لأتفحصه، و لكنى أغلقته بسرعة إذ صُدمت عندما تعرفت على الأسماء المكتوبة فيه و عندئذ عرفت أين أنا......‏في حجرة ملفات حياتي.... ‏هنا كُتبت كل أفعالي كبيرة و صغيرة..‏كل ثانية في حياتي مسجلة .



‏هنا انتابني شعور برعب شديد ممزوج بحب الاستطلاع، وبدأت أستكشف باقي الملفات... ‏بعضها أعاد لي الذكريات وبعضها ملأني بالندم الشديد....‏حتى أنني كنت أنظر حولي لأتأكد من عدم وجود أحد معي في الحجرة. ‏كانت المواضيع كثيرة ومتنوعة، منها "‏كتب قرأتها"‏، " ‏أصدقاء خنتهم"‏، "‏أكاذيب قلتها"‏، "‏كلمات تعزية قلتها"‏، "‏نكت ضحكت عليها".. ‏والبعض كان شديد الدقة في التبويب، مثل "‏المرات التي صحت فيها في وجه أخي"‏، "‏أشياء فعلتها و أنا غضبان"‏، "‏شتائم قلتها في سرى".



‏كانت المحتويات عجيبة...‏بعضها أكثر مما أتوقع و البعض الآخر أقل مما كنت أتمنى.... ‏كنت أتعجب من كم الملفات التي كتبتها في سنواتى العشرين، هل كان عندي وقت لأكتب ما يقرب من المليون ورقة!! ‏و لكنها الحقيقة. ‏كانت الأوراق مكتوبة بخط يدي وتحمل إمضائي



فتحت ملف اسمه "‏أغاني استمعت إليها"...‏كان ممتلئاً عن أخره، لدرجة أنى لم أصل حتى نهايته فأغلقته بسرعة.. ‏ليس فقط خجلاً من نوعية الأغاني، بل خجلاً أيضاً من الوقت الذي أضعته و أنا أستمع إليها.



‏عندئذ رأيت ملفاً أخر يحمل عنوان "‏أفكار شريرة".. ‏سرت في جسدي برودة، لم أرد أن أعرف حجم الملف فأخرجت ورقة واحدة فقط.. ‏ولم أطق أن أتصور أن حتى هذه اللحظات سُجلت. ‏فقررت عندئذ أن أُدمر هذه الحجرة بما فيها !!!!



‏لا ينبغي أن يرى أحد هذه الحجرة و لا حتى أن يعلم بوجودها...‏أخرجت الملف الأخير، وحاولت تقطيعه و لكنى فزعت عندما لم يتقطع الورق وكأنه مصنوع من حديد.. ‏أعدته إلى مكانه و أسندت رأسي على الحائط، بدأت أتنهد وأبكى.. ‏ثم لاحظت ملفاً آخر بعنوان " ‏الأشخاص الذين قدمت لهم وشهدت بالحق أمامهم" ‏كان الملف جديداً، وكأنه غير مستعمل...‏فتحته فوجدت عدد الأشخاص يُعد على أصابع اليد الواحدة. ‏بدأت دموعي تنساب، ثم تحولت إلى بكاء مُر.. ‏ركعت على ركبتي.... ‏و أخذت أبكى من الخجل والندم، ونظرت إلى الحجرة بعيون مملوءة دموع.. ‏لابد أن أغلقها بسرعة ثم أُخفي المفتاح.



‏عندها تخيلت كيف سيكون حالي حين يتطلع الله تعالى على الملفات ملفا ملفا وصفحة بعد صفحة!! ‏لا لا لا أريده أن يرى هذا. ‏كأني به يفتح الملفات ويقرأ ويتطلع على أسوأ الملفات...‏لماذا يقرأ كل ورقة..‏؟!



‏بدأت دموعي تنساب ... "‏فهذه أعمالي السيئة" ‏أكره أن يراها الله تعالى ... ‏عندئذ سجدت لله وأنا أقول: " ‏الآن يا إلهي أكتب أعمالي تبعاً لأقوالك"



- منقول