أحمد العرفج
22 / 07 / 2003, 17 : 12 AM
[align=center:05be890f64]ثَرْثَرَتُنَا: كَثَافَةٌ فِي الإنْتَاجِ وَسُوءٌ فِي التَّوْزِيعِ..!!
نُشر بصحيفة الاقتصادية بتاريخ 21/5/1424هـ
رغم كثرة الثرثرة، وتحريك الحناجر آناء الليل وأطراف النهار، إلا أن هذا (الإنتاج اللفظي)، لا يحمل قيمة معرفية، أو معلومة قيّمة، أو قولاً معروفاً، استجابة لقول الحقّ جلّ وعزّ: (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ).. إننا ننتج إنتاجاً هائلاً من الكلام، ولكنه يخلوا من الفائدة، أو المتعة، أو حتى قول الحقّ.. ألم يكن كاتم الحق شيطاناً أخرص..؟! إن ما دفعني لهكذا (كتابة)، ما أراه من احتيال بشري، ومماطلة عربية في كتم ووأد عبارات الثناء لكل من يستحق، غالباً ما نجد أن أحدهم يُعجب بشيء أو يحبّه، ولكنه يكتم إعجابه، ويُخفي حبه بخلاً و(خُبثاً وغروراً)..!! ولو بحثت عن الأسباب التي تجعل الفرد منا يبخل في الإفصاح للآخرين عن مشاعره الإيجابية تجاههم، لوجدتها مُبرّرة بقولهم: (لست أنا الذي أقيّمك أنت، فأنت أكبر من تقييمي)، أو قولهم: (إنك لا تحتاج إلى ثنائي، فأنت تجاوزت حاجز الضوء)، أو قولهم: (أنت فوق مستواي).. الخ..!! والمجتمع حين يسوده هذا البخل في المشاعر الإيجابية، ويستولي عليه هذا الجحود، يتوارى فيه النجاح شيئاً فشيئاً، حتى يصل لدرجة الغياب والتلاشي.. إن إخبارك لشخص "ما" بمواهبه، أو بشيء يجيده ويحسنه، أو بعمل يقوم به ويُتقنه، من أفعال البراءة، ومن مُعطيات التعاون على البر والتقوى.. ناهيك أن الأمر لا يتطلب أكثر من تحريك اللسان، والصدق في الوجدان.. وفي المقابل، فإن عملاً كهذا يجعل الآخرين ـ أصحاب المواهب ـ يتمدّدون في مواهبهم، ويشعرون بأن الحياة تستحق السعي في مناكبها، والانتشار في مجالاتها..!! إضافة إلى أن هذا الإطراء والتّشجيع يُعدّ فضيلة من قائله، حين يحقِّق قول الله جلّ وعزّ: (وقولوا للناس حسناً)..!! تحضرني هنا لفتة نبيلة ذكرها الدكتور ريتشارد كارلسون، بقوله: (بالأمس كنت في أحد محال البقالة، وشاهدت عرضاً رائعاً للصّبر.. لقد تعرضت موظفة فحص المشتريات لهجوم قاس من أحد الزبائن، وكما هو واضح دون سبب، وبدلاً من الرّد على الزّبون بالمثل، امتصت الموظفة غضب الزّبون عن طريق الاحتفاظ بهدوئها، وعندما جاء دوري لدفع ثمن مشترياتي، قلت للموظفة: لقد أعجبتني جداً الطريقة التي تعاملت بها مع هذا الزّبون، فحدّقت في وقالت: شكراً لك يا سيدي، هل تعلم أنك أول إنسان يجاملني في هذا المتجر..؟! لقد استغرق تعبيري لها عن مشاعري مجرد ثوانٍ، ومع ذلك فقد كان هذا الحدث أهمّ ما حدث في هذا اليوم بالنسبة لي ولها على حد سواء)..!! لن أطالب قومي أن يكونوا مثل الدكتور ريتشارد، ولكن إذا لم يستطيعوا أن يقولوا للمحسن: أحسنت، فليتوقفوا عن القول للمسيء: أحسنت.. وذلك أضعف التقوى، وأقل الإنتاج..!!
ـــــــــــــــــــــ
أحمد عبد الرحمن العرفج[/align:05be890f64]
نُشر بصحيفة الاقتصادية بتاريخ 21/5/1424هـ
رغم كثرة الثرثرة، وتحريك الحناجر آناء الليل وأطراف النهار، إلا أن هذا (الإنتاج اللفظي)، لا يحمل قيمة معرفية، أو معلومة قيّمة، أو قولاً معروفاً، استجابة لقول الحقّ جلّ وعزّ: (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ).. إننا ننتج إنتاجاً هائلاً من الكلام، ولكنه يخلوا من الفائدة، أو المتعة، أو حتى قول الحقّ.. ألم يكن كاتم الحق شيطاناً أخرص..؟! إن ما دفعني لهكذا (كتابة)، ما أراه من احتيال بشري، ومماطلة عربية في كتم ووأد عبارات الثناء لكل من يستحق، غالباً ما نجد أن أحدهم يُعجب بشيء أو يحبّه، ولكنه يكتم إعجابه، ويُخفي حبه بخلاً و(خُبثاً وغروراً)..!! ولو بحثت عن الأسباب التي تجعل الفرد منا يبخل في الإفصاح للآخرين عن مشاعره الإيجابية تجاههم، لوجدتها مُبرّرة بقولهم: (لست أنا الذي أقيّمك أنت، فأنت أكبر من تقييمي)، أو قولهم: (إنك لا تحتاج إلى ثنائي، فأنت تجاوزت حاجز الضوء)، أو قولهم: (أنت فوق مستواي).. الخ..!! والمجتمع حين يسوده هذا البخل في المشاعر الإيجابية، ويستولي عليه هذا الجحود، يتوارى فيه النجاح شيئاً فشيئاً، حتى يصل لدرجة الغياب والتلاشي.. إن إخبارك لشخص "ما" بمواهبه، أو بشيء يجيده ويحسنه، أو بعمل يقوم به ويُتقنه، من أفعال البراءة، ومن مُعطيات التعاون على البر والتقوى.. ناهيك أن الأمر لا يتطلب أكثر من تحريك اللسان، والصدق في الوجدان.. وفي المقابل، فإن عملاً كهذا يجعل الآخرين ـ أصحاب المواهب ـ يتمدّدون في مواهبهم، ويشعرون بأن الحياة تستحق السعي في مناكبها، والانتشار في مجالاتها..!! إضافة إلى أن هذا الإطراء والتّشجيع يُعدّ فضيلة من قائله، حين يحقِّق قول الله جلّ وعزّ: (وقولوا للناس حسناً)..!! تحضرني هنا لفتة نبيلة ذكرها الدكتور ريتشارد كارلسون، بقوله: (بالأمس كنت في أحد محال البقالة، وشاهدت عرضاً رائعاً للصّبر.. لقد تعرضت موظفة فحص المشتريات لهجوم قاس من أحد الزبائن، وكما هو واضح دون سبب، وبدلاً من الرّد على الزّبون بالمثل، امتصت الموظفة غضب الزّبون عن طريق الاحتفاظ بهدوئها، وعندما جاء دوري لدفع ثمن مشترياتي، قلت للموظفة: لقد أعجبتني جداً الطريقة التي تعاملت بها مع هذا الزّبون، فحدّقت في وقالت: شكراً لك يا سيدي، هل تعلم أنك أول إنسان يجاملني في هذا المتجر..؟! لقد استغرق تعبيري لها عن مشاعري مجرد ثوانٍ، ومع ذلك فقد كان هذا الحدث أهمّ ما حدث في هذا اليوم بالنسبة لي ولها على حد سواء)..!! لن أطالب قومي أن يكونوا مثل الدكتور ريتشارد، ولكن إذا لم يستطيعوا أن يقولوا للمحسن: أحسنت، فليتوقفوا عن القول للمسيء: أحسنت.. وذلك أضعف التقوى، وأقل الإنتاج..!!
ـــــــــــــــــــــ
أحمد عبد الرحمن العرفج[/align:05be890f64]