الهاجري
15 / 07 / 2003, 33 : 08 AM
احد الاخوان الكرام طلب ان كنت اعرف قصيدة محمد المهادي ابن قرمله . ابن وضحى
ووعدته ان انقلها هنا مثل ما وردت في كتاب شعراء وفرسان من الصحراء .
وتتجلى هذه القصه في معاني الكرام وحق الجار على جاره التي اعتنى بها الرعيل
الاول رحمهم الله رحمة واسعه واسكنهم فسيح جناته وفي القصيده ستجد الموعظه ورفعة
النفس على طلب العلا في الشهامه والكرم .
وتبدا القصه :
خرج محمد المهادي ، من أمراء قحطان ذات يوم في غزوة مع قبيلته كعادتهم . ولكنه أصيب بطلق أعياه .. فقفلوا راجعين إلى ديارهم والألم يبرح بمحمد المهادي من إصابته.
وفي الطريق مروا بالقرب من قبيلة سبيع من بني عامر ، فقال المهادي لجماعته : اتركوني في ضيافة هؤلاء القوم حتى تبرأ إصابتي بعلاجهم فلن أستطيع مواصلة ركوب دابتي وأنا بهذه الحالة .
واستقبل مفرج محمد المهادي مرحبا به . وقام على علاجه حتى شفي وأصبح الاثنان من أوفى الأصدقاء وأخلصهم .
وذات يوم لمح المهادي فتاة رائعة الجمال تندفع بالقرب منه وهي تحاول مداراة وجهها في خفر وحياء . وخفق قلب المهادي في صدره بشدة واولع بالفتاة ولم يستطع أن يداري أمره عن صديقة مفرج فباح له بأمره .
وأنصت مفرج للمهادي وهو يصف له الفتاة ويطنب جمالها فعرفها وأنها ابنة عمه وسأل مفرج المهادي : وهل تعرف الفتاة إذا رايتها، فأجابه: وهي يخفى علينا القمر .
واصطحب مفرج صديقه وسار به حتى أتيا إلى أحد بيوت الديرة وصاح مفرج ينادي الفتاة باسمها .. فجاءت ، ولما رآها المهادي خر مغشيا عليه .... ولما أفاق قال لصديقه مفرج : نعم هي التي سلبت لبي . قال مفرج : إنها ابنة عمي وسأزوجك إياها فليس لها حجير إلا أنا وسأتخلى عنها لك شخصيا وليس لغيرك .
ولكن بعض الرواة يقولون أن مفرج كان قد عقد عليها فعلا قبل ذلك بيومين دون أن يعرف المهادي .
ومهما يكن من شي فان مفرج عندما روى القصة لآبيه حبذ ما فعله مفرج قائلا : زين ما فعلت يا ولدي .
وتم عقد قران محمد المهادي على الفتاة ، وأدخلت عليه في نفس الليلة ، ولكنه فوجىء بها تبكي ، ولما استفسر منها عن سبب بكائها قالت : لاشيء . ولكنه ألح عليها أن تخبره بجلية الأمر ، فقالت له : كنت البارحة زوجة رجل .. واليوم ها أنذا زوجة لرجل آخر .
وارتعش المهادي واختل توازنه وكاد أن يقع لولا أن تساند وسألها أن تفسر له الأمر ... قائلا : ومن كان زوجك البارحة ؟ قالت له : انه صديقك مفرج الذي آثرك على نفسه ، وطلقني ثم زوجني لك .
وعندما سمع المهادي ذلك منها تراجع عنها دون أن يمسها . وفي الصباح خلع خاتمه الذي يحمل اسمه من إصبعه وقدمه للفتاة قائلا : اذكروني إذا ألمت بكم ضائقة أو أعوزكم شيء ، فستجدونني لكم ملبيا .
بعد ذلك تزوج مفرج ابنة عمه بعد أن طلقها المهادي .وبعد خمس أو ست سنوات أجدبت ارض سبيع وصارت (محل) ولم يستطيع القوم أن يهتدوا إلى حل . وعندما لاحظت زوجة مفرج حيرته ، قدمت له خاتم محمد المهادي وهي تقول : إن صديقك المهادي قد طلب منا أن نذكره إذا حز بنا أمر من الأمور فلم لا تقصده .
ورحل مفرج من ديرة سبيع إلى ديرة قحطان حيث يوجد صديقه المهادي ، فرحب به بشده وأكرم وفادته . وكان عند المهادي زوجتان كل منهما تقيم وحدها في بيت شعر ، فطلب من احديهما أن تخرج من بيتها وليس عليها سوى ثوبها ، وأن تخلي البيت بما فيه لمفرج وأهله .
ومن المصادفة أن الزوجة التي خرجت ، وتركت بيتها كان لها ولد يذهب لصيد الغزلان والحبارى وغيرها .. ثم يعود لينام عند أمه .
وقالت أم الولد لزوجة مفرج : إذا حضر ابني فأخبريه أن أمه قد انتقلت إلى البيت الثاني ... وخشيت أم الولد أن يقتله مفرج إذا رآه في بيته وهو لا يعلم أنه أعتاد أن ينام عند أمه .
وحضر الابن من الصيد ، ورقد بجوار زوجة مفرج ، وهو يحسبها أمه ... وكانت زوجة مفرج قد استغرقت أيضا في النوم ، ولم تشعر بالولد عندما رقد بجوارها .
وعندما رجع مفرج من عند صديقه المهادي ، وجد هذه المفاجأة الغير سارة في انتظاره .. ولم يفكر لحظه واحده في الأمر .. بل استل سيفه ، وأغمده في صدر أبن المهادي .
واستيقظت زوجة مفرج من نومها فزعة ..... وتذكرت ما قالته لها أم الولد فصاحت في زوجها : لقد قتلت ولد المهادي .
وسألها مفرج أن تقص عليه القصة ، وما السبب الذي جاء من أجله ولد المهادي إلى هذا البيت . وروت له زوجته القصة من بدايتها وكيف أن أم الولد قد طلبت منها أن تخبره بان أمه قد رحلت من البيت ولكن النوم غلبها فلم تفعل
وأحس مفرج بمدى الورطة التي وقع فيها ، ولم يجد بداً من الذهاب إلى محمد المهادي وإبلاغه بالأمر .
وبقدر حيرة وعذاب مفرج خشية إيلام صديقه ، بقدر الهدوء والسكينه التي استقبل بها المهادي القصة .. إذ قال لمفرج : انه أمر الله وليس بيدنا شيء .
وطلب المهادي من صديقه مفرج أن يكتم سر هذه القصة فلا يبوح بها لأحد ، وكذلك أوصاه بان يطلب من زوجته نفس الأمر .
وحمل المهادي جثة ولده إلى المكان الذي اعتاد أن يرتاده لكي يلعب فيه مع أقرانه من عيال قحطان .
وعثر الناس على جثة ابن الأمير المهادي ، ولكنهم ترددوا في إبلاغه خشية أن يتهموا يقتله ، ولكن الخبر لم يلبث أن شاع وانتشر حتى وصل للأمير . الذي تصنع الحزن والألم وافتعل الغضب ، وطلب من القبيلة أن تبحث عن قاتل ولده .
ولما مضى الوقت دون أن يهتدوا إلى الجاني ، حمل القوم جميعاً مسؤولية قتل ولده ، وطالبهم بالاشتراك في دفع ديته ، من كل واحد عشر من الإبل .
وتجمع لدى المهادي سبعمائة ناقة ، أعطى مائة منها لزوجته أم ولده . وقال لمفرج إن الستمائة ناقة الباقية تخصك . ولكنني سأحتفظ بها لك بعض الوقت ريثما ينشغل القوم بما ينسيهم الحادث ثم أعطيها لك .
وبر المهادي بوعده وتسلم مفرج الإبل . وأصبح من أيسر القوم وأغنيائهم وأصبح اقرب أصدقاء المهادي لا يكاد يفترق عنه يوما .
وكان للمهادي ابنة بارعة الجمال ، أحبها احد أبناء مفرج وأصبح شديد الولع بها ... ولم يكن كفؤا للزواج منها.. فصار يطاردها ويتعرض لها صباح مساء. والفتاة تزوغ منه وتتجنبه ولكن إعراضها زاده إصراراً حتى ضاقت به الفتاة وعيل صبرها... فأخبرت أباها بأمره .
ولكن المهادي حرصا منه على صداقته بمفرج طلب من ابنته أن تبتعد عن الولد وتتجنبه . ولكنه ظل على عبثه وغيه ... ومضت الأيام والشهور والأعوام دون أن يتراجع أو يعي . فقالت الفتاة لأبيها : ألا تجد حلا أو تفعل شيئا وإلا تقع الكارثة .
وهنا فقط بدا المهادي خطته .. فدعا صديقة مفرج إلى لعب الدامه معه ، وصار كلما نقل حجرا قال : ارحلوا وإلا رحلنا .. ارحلوا وإلا رحلنا .
واخذ مفرج يحاول أن يعرف ما يقصده المهادي من عبارته دون جدوى فقد أعيته المحاولة وأدركه التعب ... ولم يسعفه ذهنه بشيء . وفي الصباح رحل مفرج وأسرته .
وفي المساء عاد مفرج على فرسه ، وانزوى في مكان قريب من مجلس المهادي وجلس ينتظر عله يظفر بكلمه أو حديث ينير له ذلك اللغز .
وأخيرا عندما انفض مجلس المهادي وأصبح وحده تناول ربابته ومضى ينشد يقول :
[poet font="Arial,5,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,2,darkblue" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter="":e4cbff1ac2]
يقول المهادي والمهادي محمد=بي علة كل الملا ما درى بها
أنا وجعتي من علة باطنية=بأقصى الظماير ما درى وين بابها
تقد الحشا قد ولا تنثر الدما=ولا يدري الهلباج عما لجا بها
إن أبديتها بانت لرماقة العدا=وان أخفيتها ضاق الحشا بالتهابها
أربع سنين وجارنا مجرم بنا=وهو مثل واطي جمرة ما درى بها
لو كان وطاها بكبد الرجل حتى تمكنت=ما كان يطفي بارد الماء التهابها
ترى جارنا الماضي على كل طلبه=لو كان ما يلقى شهود غدا بها
وياما حضينا جارنا من كرامه=بليل ولا نبغي الغبا ما درى بها
وياما عطينا جارنا من سبيه=لا قادها قوادها ما انثنى بها
ونرفى خمال الجار لو داس زله=كما ترفي البيض العذارى ثيابها
ترى عندنا شاة القصير بها أربع=يحلف بها عقارها ما درى بها
تنال بالمهادي ثمان كوامل=تراقي وتشدي بالعلا من اصعابها
لا قال منا خير فرد كلمه=بحضرات خوف للرزايا وفا بها
الأجواد وان قاربتها ما تملها=والأنذال وان قاربتها عفت ما بها
الأجواد وان قالوا حديث وفوا به=والأنذال منطوق الحكايا كذابها
الأجواد مثل العد من ورده ارتوى=والأنذال لاتسقى ولا ينسقى بها
الأجواد تجعل نيلها دون عرضها=والأنذال تجعل نيلها في رقابها
الأجواد مثل الزمل للشيل ترتكي=والأنذال مثل الحشو كثير الرغا بها
الأجواد لو ضعفوا وراهم عراشه=والأنذال لو سمنوا معايا صلابها
الأجواد يطرد همهم طول عزمهم=والأنذال يصبح همها في رقابها
الأجواد تشبه قارة مطلحبه=لا دارها البردان يلقى الذرا بها
الأجواد تشبه للجبال الذي بها=شرب وظل والذي ينهقا بها
الأجواد صندوقين عنبر ومسك=لا فتحت أبوابها جاك ما بها
الأجواد مثل البدر في ليلة الدجى=والأنذال ظلما تايه من سرى بها
الأجواد مثل الدر في شامخ الذرا=والأنذال مثل الشري مر شرابها
الأجواد وان حايلتهم ما تحايلوا=والأنذال أدنى حيلة ثم جابها
الأنذال لو غسلوا يديهم تنجست=نجاسة قلوب ما يسر الدواء بها
يارب لا تجعل للأجواد نكبه=من حيث لا ضعف الضعيف التجى بها
أنا أحب نفس يرخص الزاد عندها=يقطعك يا نفس زهابها هبابها
يا عل نفس ما للأجواد عندها=وقار عسى ما تهتني في شبابها
عليك بعين السيح لا جيت وارد=خل الخبارى فان ماها هبابها
والى سرت منا يا سعود بن راشد=على حرة نسل الجديعي ضرابها
سرها وتلقى من سبيع قبيلة=كرام اللحى في طوع الايدي لبابها
فلا بد ما نرمى سبيع بغاره=على جرد الأيدي لدرعوها زهابها
وانا زبون الجاذيات المهادي=الى عزبوا ذود المصاليح جابها
عليها من أولاد المهادي غلمه=اليا طعنوا ما ثمنوا في اعقابها
محا الله عجوز من سبيع بن عامر=ما علمت غرانها في شبابها
لها ولد ما حاش يوم غنيمة=سوى كلمة عجفا تمزا وجابها
يعنونها عسمان الأيدي عن العضا=محا الله دنيا ما خذينا القضا بها
عيون العدا كم نوخن من قبيلة=لا قام بذاخ الاجاعر يهابها
وانا أظن دار شد منها مفرج=حقيق يا دار الخنافي خرابها
وانا أظن دار ينتويها مفرج=لابد ينبت زعفران ترابها
فتى ما يظم المال إلا وداعة=ولو يملك الدنيا جميع صخى بها
رحل جارنا ما جاه منا رزيه=وان جتنا منه ماجاه منا عتابها
وصلوا على سيد البرايا محمد= ما لعلع القمري بعالي هضابها
[/poet:e4cbff1ac2]
[align=center:e4cbff1ac2]
وعندما استمع مفرج لقصيدة المهادي وهو ينشدها بمصاحبة ربابته أدرك سر قول صاحبه : ارحلوا والا رحلنا .
وتحمر وجهه من الغضب وعاد إلى داره وهو يعرف أن احد أولاده هو السبب ، ولكن من ؟ انه لا يعرف.
أن لديه ثلاثة أولاد فمن منهم الذي ارتكب هذا العمل المشين .
ودعا أبنائه واحدا واحدا ، وصار يقول لكل منهم الم تصادف في طريقك ابنة صديقنا المهادي الرائعة الجمال ... وما رأيك فيها .. وألم تغازلها ، لقد كنت في سنك لا اترك واحدة في جمالها دون أن أصيب شيئا منها .
واخذ يستدرج أبنائه واحدا واحدا ، واستنكر اثنان منهما أن يكون هذا شأنهما مع ابنة صديق أبيهم الحميم ومضيفهم المهادي .
أما الثالث وهو أصغرهم فقد بادر أباه بفرحة وهو يقول : لقد كنت أهم بأن أطلعك على هذا الأمر ولكنك سبقتني .
وسأله أبوه كيف كان ينوي أن ينالها ، فقال له انه قد اعد حبلا يربطها به وهو يهددها بخنجره . ثم ينال مأربه .
واستل مفرج سيفه وحز به راس ولده ووضعه في كيس وطلب من احد أبنائه أن يحمل الكيس إلى صديقه المهادي ويضعه أمامه دون أن يتفوه بكلمه واحدة ويعود إليه .
وفعل ابنه ما أمر به وعاد لأبيه ينبئه بأنه قد نفذ مهمته .
امل ان تحوز على رضاكم وان تكون لنا درس في معرفة حقوق الجار
ولكم خالص التحيه والتقدير[/align:e4cbff1ac2]
ووعدته ان انقلها هنا مثل ما وردت في كتاب شعراء وفرسان من الصحراء .
وتتجلى هذه القصه في معاني الكرام وحق الجار على جاره التي اعتنى بها الرعيل
الاول رحمهم الله رحمة واسعه واسكنهم فسيح جناته وفي القصيده ستجد الموعظه ورفعة
النفس على طلب العلا في الشهامه والكرم .
وتبدا القصه :
خرج محمد المهادي ، من أمراء قحطان ذات يوم في غزوة مع قبيلته كعادتهم . ولكنه أصيب بطلق أعياه .. فقفلوا راجعين إلى ديارهم والألم يبرح بمحمد المهادي من إصابته.
وفي الطريق مروا بالقرب من قبيلة سبيع من بني عامر ، فقال المهادي لجماعته : اتركوني في ضيافة هؤلاء القوم حتى تبرأ إصابتي بعلاجهم فلن أستطيع مواصلة ركوب دابتي وأنا بهذه الحالة .
واستقبل مفرج محمد المهادي مرحبا به . وقام على علاجه حتى شفي وأصبح الاثنان من أوفى الأصدقاء وأخلصهم .
وذات يوم لمح المهادي فتاة رائعة الجمال تندفع بالقرب منه وهي تحاول مداراة وجهها في خفر وحياء . وخفق قلب المهادي في صدره بشدة واولع بالفتاة ولم يستطع أن يداري أمره عن صديقة مفرج فباح له بأمره .
وأنصت مفرج للمهادي وهو يصف له الفتاة ويطنب جمالها فعرفها وأنها ابنة عمه وسأل مفرج المهادي : وهل تعرف الفتاة إذا رايتها، فأجابه: وهي يخفى علينا القمر .
واصطحب مفرج صديقه وسار به حتى أتيا إلى أحد بيوت الديرة وصاح مفرج ينادي الفتاة باسمها .. فجاءت ، ولما رآها المهادي خر مغشيا عليه .... ولما أفاق قال لصديقه مفرج : نعم هي التي سلبت لبي . قال مفرج : إنها ابنة عمي وسأزوجك إياها فليس لها حجير إلا أنا وسأتخلى عنها لك شخصيا وليس لغيرك .
ولكن بعض الرواة يقولون أن مفرج كان قد عقد عليها فعلا قبل ذلك بيومين دون أن يعرف المهادي .
ومهما يكن من شي فان مفرج عندما روى القصة لآبيه حبذ ما فعله مفرج قائلا : زين ما فعلت يا ولدي .
وتم عقد قران محمد المهادي على الفتاة ، وأدخلت عليه في نفس الليلة ، ولكنه فوجىء بها تبكي ، ولما استفسر منها عن سبب بكائها قالت : لاشيء . ولكنه ألح عليها أن تخبره بجلية الأمر ، فقالت له : كنت البارحة زوجة رجل .. واليوم ها أنذا زوجة لرجل آخر .
وارتعش المهادي واختل توازنه وكاد أن يقع لولا أن تساند وسألها أن تفسر له الأمر ... قائلا : ومن كان زوجك البارحة ؟ قالت له : انه صديقك مفرج الذي آثرك على نفسه ، وطلقني ثم زوجني لك .
وعندما سمع المهادي ذلك منها تراجع عنها دون أن يمسها . وفي الصباح خلع خاتمه الذي يحمل اسمه من إصبعه وقدمه للفتاة قائلا : اذكروني إذا ألمت بكم ضائقة أو أعوزكم شيء ، فستجدونني لكم ملبيا .
بعد ذلك تزوج مفرج ابنة عمه بعد أن طلقها المهادي .وبعد خمس أو ست سنوات أجدبت ارض سبيع وصارت (محل) ولم يستطيع القوم أن يهتدوا إلى حل . وعندما لاحظت زوجة مفرج حيرته ، قدمت له خاتم محمد المهادي وهي تقول : إن صديقك المهادي قد طلب منا أن نذكره إذا حز بنا أمر من الأمور فلم لا تقصده .
ورحل مفرج من ديرة سبيع إلى ديرة قحطان حيث يوجد صديقه المهادي ، فرحب به بشده وأكرم وفادته . وكان عند المهادي زوجتان كل منهما تقيم وحدها في بيت شعر ، فطلب من احديهما أن تخرج من بيتها وليس عليها سوى ثوبها ، وأن تخلي البيت بما فيه لمفرج وأهله .
ومن المصادفة أن الزوجة التي خرجت ، وتركت بيتها كان لها ولد يذهب لصيد الغزلان والحبارى وغيرها .. ثم يعود لينام عند أمه .
وقالت أم الولد لزوجة مفرج : إذا حضر ابني فأخبريه أن أمه قد انتقلت إلى البيت الثاني ... وخشيت أم الولد أن يقتله مفرج إذا رآه في بيته وهو لا يعلم أنه أعتاد أن ينام عند أمه .
وحضر الابن من الصيد ، ورقد بجوار زوجة مفرج ، وهو يحسبها أمه ... وكانت زوجة مفرج قد استغرقت أيضا في النوم ، ولم تشعر بالولد عندما رقد بجوارها .
وعندما رجع مفرج من عند صديقه المهادي ، وجد هذه المفاجأة الغير سارة في انتظاره .. ولم يفكر لحظه واحده في الأمر .. بل استل سيفه ، وأغمده في صدر أبن المهادي .
واستيقظت زوجة مفرج من نومها فزعة ..... وتذكرت ما قالته لها أم الولد فصاحت في زوجها : لقد قتلت ولد المهادي .
وسألها مفرج أن تقص عليه القصة ، وما السبب الذي جاء من أجله ولد المهادي إلى هذا البيت . وروت له زوجته القصة من بدايتها وكيف أن أم الولد قد طلبت منها أن تخبره بان أمه قد رحلت من البيت ولكن النوم غلبها فلم تفعل
وأحس مفرج بمدى الورطة التي وقع فيها ، ولم يجد بداً من الذهاب إلى محمد المهادي وإبلاغه بالأمر .
وبقدر حيرة وعذاب مفرج خشية إيلام صديقه ، بقدر الهدوء والسكينه التي استقبل بها المهادي القصة .. إذ قال لمفرج : انه أمر الله وليس بيدنا شيء .
وطلب المهادي من صديقه مفرج أن يكتم سر هذه القصة فلا يبوح بها لأحد ، وكذلك أوصاه بان يطلب من زوجته نفس الأمر .
وحمل المهادي جثة ولده إلى المكان الذي اعتاد أن يرتاده لكي يلعب فيه مع أقرانه من عيال قحطان .
وعثر الناس على جثة ابن الأمير المهادي ، ولكنهم ترددوا في إبلاغه خشية أن يتهموا يقتله ، ولكن الخبر لم يلبث أن شاع وانتشر حتى وصل للأمير . الذي تصنع الحزن والألم وافتعل الغضب ، وطلب من القبيلة أن تبحث عن قاتل ولده .
ولما مضى الوقت دون أن يهتدوا إلى الجاني ، حمل القوم جميعاً مسؤولية قتل ولده ، وطالبهم بالاشتراك في دفع ديته ، من كل واحد عشر من الإبل .
وتجمع لدى المهادي سبعمائة ناقة ، أعطى مائة منها لزوجته أم ولده . وقال لمفرج إن الستمائة ناقة الباقية تخصك . ولكنني سأحتفظ بها لك بعض الوقت ريثما ينشغل القوم بما ينسيهم الحادث ثم أعطيها لك .
وبر المهادي بوعده وتسلم مفرج الإبل . وأصبح من أيسر القوم وأغنيائهم وأصبح اقرب أصدقاء المهادي لا يكاد يفترق عنه يوما .
وكان للمهادي ابنة بارعة الجمال ، أحبها احد أبناء مفرج وأصبح شديد الولع بها ... ولم يكن كفؤا للزواج منها.. فصار يطاردها ويتعرض لها صباح مساء. والفتاة تزوغ منه وتتجنبه ولكن إعراضها زاده إصراراً حتى ضاقت به الفتاة وعيل صبرها... فأخبرت أباها بأمره .
ولكن المهادي حرصا منه على صداقته بمفرج طلب من ابنته أن تبتعد عن الولد وتتجنبه . ولكنه ظل على عبثه وغيه ... ومضت الأيام والشهور والأعوام دون أن يتراجع أو يعي . فقالت الفتاة لأبيها : ألا تجد حلا أو تفعل شيئا وإلا تقع الكارثة .
وهنا فقط بدا المهادي خطته .. فدعا صديقة مفرج إلى لعب الدامه معه ، وصار كلما نقل حجرا قال : ارحلوا وإلا رحلنا .. ارحلوا وإلا رحلنا .
واخذ مفرج يحاول أن يعرف ما يقصده المهادي من عبارته دون جدوى فقد أعيته المحاولة وأدركه التعب ... ولم يسعفه ذهنه بشيء . وفي الصباح رحل مفرج وأسرته .
وفي المساء عاد مفرج على فرسه ، وانزوى في مكان قريب من مجلس المهادي وجلس ينتظر عله يظفر بكلمه أو حديث ينير له ذلك اللغز .
وأخيرا عندما انفض مجلس المهادي وأصبح وحده تناول ربابته ومضى ينشد يقول :
[poet font="Arial,5,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,2,darkblue" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter="":e4cbff1ac2]
يقول المهادي والمهادي محمد=بي علة كل الملا ما درى بها
أنا وجعتي من علة باطنية=بأقصى الظماير ما درى وين بابها
تقد الحشا قد ولا تنثر الدما=ولا يدري الهلباج عما لجا بها
إن أبديتها بانت لرماقة العدا=وان أخفيتها ضاق الحشا بالتهابها
أربع سنين وجارنا مجرم بنا=وهو مثل واطي جمرة ما درى بها
لو كان وطاها بكبد الرجل حتى تمكنت=ما كان يطفي بارد الماء التهابها
ترى جارنا الماضي على كل طلبه=لو كان ما يلقى شهود غدا بها
وياما حضينا جارنا من كرامه=بليل ولا نبغي الغبا ما درى بها
وياما عطينا جارنا من سبيه=لا قادها قوادها ما انثنى بها
ونرفى خمال الجار لو داس زله=كما ترفي البيض العذارى ثيابها
ترى عندنا شاة القصير بها أربع=يحلف بها عقارها ما درى بها
تنال بالمهادي ثمان كوامل=تراقي وتشدي بالعلا من اصعابها
لا قال منا خير فرد كلمه=بحضرات خوف للرزايا وفا بها
الأجواد وان قاربتها ما تملها=والأنذال وان قاربتها عفت ما بها
الأجواد وان قالوا حديث وفوا به=والأنذال منطوق الحكايا كذابها
الأجواد مثل العد من ورده ارتوى=والأنذال لاتسقى ولا ينسقى بها
الأجواد تجعل نيلها دون عرضها=والأنذال تجعل نيلها في رقابها
الأجواد مثل الزمل للشيل ترتكي=والأنذال مثل الحشو كثير الرغا بها
الأجواد لو ضعفوا وراهم عراشه=والأنذال لو سمنوا معايا صلابها
الأجواد يطرد همهم طول عزمهم=والأنذال يصبح همها في رقابها
الأجواد تشبه قارة مطلحبه=لا دارها البردان يلقى الذرا بها
الأجواد تشبه للجبال الذي بها=شرب وظل والذي ينهقا بها
الأجواد صندوقين عنبر ومسك=لا فتحت أبوابها جاك ما بها
الأجواد مثل البدر في ليلة الدجى=والأنذال ظلما تايه من سرى بها
الأجواد مثل الدر في شامخ الذرا=والأنذال مثل الشري مر شرابها
الأجواد وان حايلتهم ما تحايلوا=والأنذال أدنى حيلة ثم جابها
الأنذال لو غسلوا يديهم تنجست=نجاسة قلوب ما يسر الدواء بها
يارب لا تجعل للأجواد نكبه=من حيث لا ضعف الضعيف التجى بها
أنا أحب نفس يرخص الزاد عندها=يقطعك يا نفس زهابها هبابها
يا عل نفس ما للأجواد عندها=وقار عسى ما تهتني في شبابها
عليك بعين السيح لا جيت وارد=خل الخبارى فان ماها هبابها
والى سرت منا يا سعود بن راشد=على حرة نسل الجديعي ضرابها
سرها وتلقى من سبيع قبيلة=كرام اللحى في طوع الايدي لبابها
فلا بد ما نرمى سبيع بغاره=على جرد الأيدي لدرعوها زهابها
وانا زبون الجاذيات المهادي=الى عزبوا ذود المصاليح جابها
عليها من أولاد المهادي غلمه=اليا طعنوا ما ثمنوا في اعقابها
محا الله عجوز من سبيع بن عامر=ما علمت غرانها في شبابها
لها ولد ما حاش يوم غنيمة=سوى كلمة عجفا تمزا وجابها
يعنونها عسمان الأيدي عن العضا=محا الله دنيا ما خذينا القضا بها
عيون العدا كم نوخن من قبيلة=لا قام بذاخ الاجاعر يهابها
وانا أظن دار شد منها مفرج=حقيق يا دار الخنافي خرابها
وانا أظن دار ينتويها مفرج=لابد ينبت زعفران ترابها
فتى ما يظم المال إلا وداعة=ولو يملك الدنيا جميع صخى بها
رحل جارنا ما جاه منا رزيه=وان جتنا منه ماجاه منا عتابها
وصلوا على سيد البرايا محمد= ما لعلع القمري بعالي هضابها
[/poet:e4cbff1ac2]
[align=center:e4cbff1ac2]
وعندما استمع مفرج لقصيدة المهادي وهو ينشدها بمصاحبة ربابته أدرك سر قول صاحبه : ارحلوا والا رحلنا .
وتحمر وجهه من الغضب وعاد إلى داره وهو يعرف أن احد أولاده هو السبب ، ولكن من ؟ انه لا يعرف.
أن لديه ثلاثة أولاد فمن منهم الذي ارتكب هذا العمل المشين .
ودعا أبنائه واحدا واحدا ، وصار يقول لكل منهم الم تصادف في طريقك ابنة صديقنا المهادي الرائعة الجمال ... وما رأيك فيها .. وألم تغازلها ، لقد كنت في سنك لا اترك واحدة في جمالها دون أن أصيب شيئا منها .
واخذ يستدرج أبنائه واحدا واحدا ، واستنكر اثنان منهما أن يكون هذا شأنهما مع ابنة صديق أبيهم الحميم ومضيفهم المهادي .
أما الثالث وهو أصغرهم فقد بادر أباه بفرحة وهو يقول : لقد كنت أهم بأن أطلعك على هذا الأمر ولكنك سبقتني .
وسأله أبوه كيف كان ينوي أن ينالها ، فقال له انه قد اعد حبلا يربطها به وهو يهددها بخنجره . ثم ينال مأربه .
واستل مفرج سيفه وحز به راس ولده ووضعه في كيس وطلب من احد أبنائه أن يحمل الكيس إلى صديقه المهادي ويضعه أمامه دون أن يتفوه بكلمه واحدة ويعود إليه .
وفعل ابنه ما أمر به وعاد لأبيه ينبئه بأنه قد نفذ مهمته .
امل ان تحوز على رضاكم وان تكون لنا درس في معرفة حقوق الجار
ولكم خالص التحيه والتقدير[/align:e4cbff1ac2]