المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشعر النبطي


محسن المسردي
23 / 05 / 2003, 37 : 07 PM
نقلا عن موقع النداوي الشعبي


لعل من نافلة القول أن الشعر النبطي الشعبي يلتقي في بحوره مع بحور الشعر العربي الفصيح ذلك لأنه امتداد طبيعي له حيث أن أصل الشعر النبطي يرجع للشعر الفصيح الا انه استنبط كلهجة جديدة محدثة استنبطها بنو هلال القبيلة العربية المعروفة كما تشير أغلب المصادر وسار الشعر النبطي على لهجتها حتى عصرنا هذا بدليل أنه يصطنع لغة واحدة على الرغم من وجود اختلافات بين لهجات القبائل العربية المختلفة والمتفرقة التي ينتسب اليها هذا الشعر وتذكرنا هذه الظاهرة بما وصلنا من شعر الجاهلية فهو بلغة واحدة على الرغم من انتماء الشعر لقبائل مختلفة توجد بين لهجاتها فروق في نطق بعض الكلمات واستخدام بعض الاساليب أو دلالاتها ولعل هذه الوحدة اللغوية التي تبدو في الشعر النبطي راجعة الى اتخاذ الشعراء من جميع القبائل اللهجة الهلالية اساسالهذا الشعركما اتخذ العرب في الجاهلية اللغة القرشية أساساً لشعرهم , إذاً فهو شعر عربي اصيل تعمقت جذوره في العروبة. ..

الإيقاع الشعري :-

للشعر موسيقى يصدرها اللسان وتستقبلها الاآذان ويعيها القلب ومن هذا المنطلق فإن الشعر قراءةًوتنغيما وإنصاتا لنبرات مقاطعه وانسياب موسيقاه ورنين إيقاعه درب ملكته المتذوقة وأصبح قادراً على تمييز الأوزان الشعرية ومعرفتها معرفة سليمة وادرك ماهو سليم الوزن وماهو مختله دون عناءٍ أو مشقة واستطاع بالتالي أن يهتدي في يسر وسهولة إلى مواطن الخلل فيصلح ماعانى اللحن كما لايغيب عنها خلل الوزن المنسي لحنه..ولمعرفة الإيقاع أهمية بالغة لاغنى عنها لمن له صلة بالشعر ونقده ذلك لتميز الشعر عن النثر من خلال وحدته الإيقاعية المطردة التازماً والتي تختلف من نظام شعري الى اخر والإيقاع هو الظاهرة الصوتية التي تفصل النص بعد استيفائه النظام الايقاعي من مجال النثر إلى مجال الشعر وهي الصفة الأساسية التي لايكون الشعر شعراً بدونها وهذه الإيقاعات تحكمها وحدات تفعيلية وهي لاتعني شيئاً سوى كونها معايير يقاس بها كلمات البيت أو أجزائه من حيث المدة الزمنية التي يستغرقها التلفظ بها أي أنها حوامل للحركات والسكنات المصوّرة في الموزون المقابل ,فالبيت من الشعر يقسم إلى مقاطع صوتية تعرف بالتفاعيل بغض النظر عن بداية الكلمات ونهايتها فقد ينتهي المقطع الصوتي أو التفعيلة في آخر كلمة وقد ينتهي في وسطها وقد يبدأ في نهاية كلمة وينتهي ببدء الكلمة التي تليها, غير ان الشعر النبطي لم يتخذ (الوزن العروضي)أي هذه الوحدات التفعيليه التي اتخذها الشعر الفصيح مقاساً لوزنه لضبط وتنظيم الإيقاعات والأنغام الموسيقية وإقامة ميزان الشعرولكنها تنطبق عليه تماماً كما تنطبق على الشعر الفصيح وأهميتها تكمن في حفظ الأوزان عن الضياع والرجوع إليها لمعرفة وزن القصيدة والتأكد من سلامته ..فالبنسبة للشعر النبطي فإنه يعتمد في وزن القصيدة على الغناء حيث ينظم الشاعر شعره بالغناء ويعايره به أي (يقيسه)بمعنى أن الشاعر حينما تتبادر إلى ذهنه خاطرة أو يحس بهاجس الشعر يقوم بالتعبير عن خواطره في قوالب من الالفاض والعبارات يركّبها على لحن غنائي معروف إيقاعاته منتظمة على وتيرة واحدة إلى بحرٍ معين ويستمر في عملية النظم أثناء تداعي المعاني على نفس اللحن حتى نهاية القصيدة ويكون الموسيقي المرهف فالأذن غير المدربة تدريباً جيدا قد يغيب عنها خلل اللحن أو الوزن إذ أن (الشدة) مثلا تتسبب في اضطراب الجرس الموسيقي إذا جاءت ضمن كلمة يرفضها انسيابه والعكس صحيح إذا وُضعت في سياق البيت كلمة يستدعيها الجرس الموسيقي مشددة وكانت غير ذلك فإنها تحدث فيه إختلالاً,وكمثال على ذلك نورد هذين النموذجين لنوضح الخلل لدى المبتدىْ في كتابة الشعر الذي يعاني من صعوبة ضبط الوزن بمحاولاته الشعرية نظرا لدقته وصعوبة السيطرةعليه بسهولة..
النموذج الاول:-
(جسمه رشيقٍ حاوي كل المحاسن ... سبحان ربٍ أكمل اوصاف جسمه)
هذا البيت المنظوم على بحر المسحوب ,وتفعيلاته هي( مستفعلن مستفعلن فاعلاتن) لكلا الشطرين وبالتالي نجد الخلل هنا كامن في كلمة(حاوي) حيث لايقبل الوزن (الياء) فيها,مما يستدعي تغييرها بكلمة اخرى مثل كلمة(الياء) أوتنوينها بكسرتين تحتها مع حذف (كل) وإضافة لام الجر لكلمة المحاسن فيكون(جسمه رشيقٍ حاويٍ ل لمحاسن) وبهذا يستقيم شطره بالاضافة الى قافيته(جسمه) لكونها غير مشددة والنغم الموسيقي يقتضيها مشددة وبطبيعة الحال لايمكن تشديدها لأنه مبنية صرفياً على ذلك وإنما يمكن تغييرها بكلمة مشددة مثل(يهمّه.مذمّه.يشمّه) ..الخ
وهذا الخلل الدقيق يقع فيه الكثير من الشعراء الذين لايتمتعون باذن موسيقية مرهفة وبعضهم يجيزه كما ان كلمة (رشيق) لايقبلها الوزن إلا منوّنة بكسرتين تحتها ولو جاءت مجرّدة من ذلك لأدت إلى كسر الشطر وكذلك كلمة (رب) ويمكن استقامة الشطر أيضا بوضع (ياء) المتكلم إلى هذه الكلمة لتصبح(ربي) لذا نجد الشاعر حين يقرأ قصيدة منشورةً بديوان شعري أو مطبوعة صحفية أو غير ذلك وكلمات بعض ابياتها غير منوّنة وهذا مانجده فالغالب فإنه يعرف موقع التنوين لأي كلمة من اشطر القصيدة وذلك بفضل السليقة الموسيقية التي تكونت لديه نتيجة الخبرة والمراس وكذلك هضم الأوزان الشعرية مما يجعله يكتشف وزن القصيدة من مطلعها وعلى ذلك يدرك من المستقيم فيها...والان دعونا نرى البيت بعد التعديل
(جسمه رشيقٍ حاويٍ للمحاسن ... سبحان ربٍي كمّل اوصاف جسمه)

والنموذج الثاني:-
(وفي لحظة ألم فتّحت عيني...لقيت اني على أحلى المواني)وهذا البيت نظم على بحر الصخري الملتقي مع الوافر ,,وتفعيلاته هي(مفاعلتن مفاعلتن فعولن) لكل شطر من القصيدة ,لو نطقنا كلمة (فتحت ) غير مشددة التاء الثانية لاختل الوزن بذلك الشطر لكنها لو جاءت في (فتحت القلب لك يانور عيني) كما نلاحظ أن الشطر الثاني من البيت السابق يتطلب وضع الهمزة على الألف في كلمة(أحلى) في حين يرفضها هذا الشطر(وفي حبك بنيت احلى الأماني).لذا نجد الشاعر حين يلقي القصيدة يتشكل نطقه للكلمات تشكلا متباينا وهذا التشكل لايفتعله من نفسه وإنما يستدعيه وزن القصيدة لكي تنساب النغمة الموسيقية انسياب سلساً بين عبارات القصيدة ومفرداتها وهذا سيلاحظه المبتدىْ أثناء نظم شعره بالغناء إذ سيجد الغناء هو المتحكم في نطق الكلمات وتشكيلها وفق الوزن الذي اختاره لقصيدته,ونظم الشعر بالطريقة التي أشرنا إليها سالفا أي بواسطة الغناء ضروري جدا بالنسبة للمبتدئين
أما بالنسبة للمتمرسين فأنهم يستطيعون وزن القصيدة بطريقة تلقائية عفوية كما يستطيعون الحكم على أحد ابياتها إذا كان مكسوراً أو مستقيما من مجرد سماعه نتيجة الخبرة والمراس والدُربة فقد طبعت بأذهانهم الموسيقى الشعرية لكافة بحور الشعر النبطي,, أما لو أردنا استخدام المقياس الفاصل بين البيت السليم موسيقيا من عدمه فيكون بعملية تقطيعه إلى مقاطع موسيقية وفق تفاعيل بحره أو وزنه بعد اختيار لحن موسيقي ينطبق تماما عليه وكمثال على ذلك:-
البارحه يوم الخلايق نياما...بيحت من كثر البكا كل مكنون
وهو على بحر المسحوب وتفاعيله:
مستفعلن / مستفعلن / فاعلاتن ...مستفعلن / مستفعلن / فاعلاتن
وعملية تقطيع شطره الأول هكذا:البارحه / يوم الخلا / يق نياما .
اي يقابل التفعيلة الاولى من ناحية الوزن الموسيقي(البارحه) ويقابل التفعيلة الثانية بنفس الوزن(يوم الخلا) ويقابل التفعيلة الأخيرة موسيقياً(يق نياما) فلو تغنيناه بوزن كل تفعيلةٍ على حده بلحن موسيقي معين لوجدناه مطابقاً لكل جزء من اجزاء ذلك الشطر الشعري الذي قطعنها إلى مقاطع موسيقية.والشطر الثاني من البيت عملية تقطيعه تكون هكذا:بيحت من /كثر البكا /كل مكنون .. وتفاعيله نفس الشطر الأول(مستفعلن / مستفعلن / فاعلاتن )..ومما هو جدير بالذكر أنه يجب أن تكون القصيدة النبطية موزونة
على وزن واحد ويستمر هذا الوزن من بدايتها حتى نهايتها ولايجوز أبداً إخلال الوزن في أحد الأبيات أو ادخال وزن جديد عليهاغير الوزن الذي بُني عليه مطلعها(اي البيت الأول)إلا في حالة كون البيت الأول على وزنين أي كل شطر على وزن معين شريطة أن يستمر هذا الوزن حتى نهاية القصيدة وهذا ماسنعرفه في بحور الشعر والذي انشاء الله سوف اطرحه لكم قريبا,,

واتمنى لكم التوفيق

عـــ(الموج)ـــاصف

منتدى الجوارح

ناصر بن سالم
24 / 05 / 2003, 03 : 12 AM
مشكور ابو نايف


مجهود طيب واتمنى من الجميع الاطلاع عليه


ولك تحياتي