المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجواب على اللغز


اخو فريال
30 / 04 / 2003, 35 : 09 AM
الجواب علي السؤال اللغز


الصدمة والفاجعة التي حلت علي الشعوب العربية بسقوط مدينة بحجم بغداد وعمقها الحضاري وكونها عاصمة العراق، والآمال الكبيرة التي عقدت علي تصريحات حكام العراق من الرئيس وحتي ضباط الحرس الجمهوري والشعب، لا يمكن أن توصف. وقد شعر الكثيرون بالحرقة والإحباط والانقباض لنكبة العراق وسقوطه في براثن الاستعمار من جديد، علي الرغم من الترسانة العسكرية التي أنهكت اقتصاد الدولة وحكمت علي الشعب بالعيش تحت ذل الفقر وهيمنة حزب البعث بحجة بناء عراق قوي يجابه أعداءه ويحمي القطر من أي عدوان.
وبكل جوارحنا، وليس من اجل صدام، أملنا أن تصمد بغداد وأن تلقن الشر الأمريكي الاستعماري درسا يقترن في الذاكرة الأمريكية بحرب فيتنام، وأن يفضل الأوغاد الانتحار علي أسوار بغداد كما وعد الرئيس المخلوع صدام حسين قبل المعركة. ولكننا وبدلاً من ذلك كله، شهدنا انتحار بغداد النظام ومعها آمال وطموحات الأمة تحت نعال الاحتلال الأمريكي، وبصق علينا بوش بقاذفاته وسخر منا التافه رامسفيلد بابتسامته الخبيثة الملعونة المسمومة، وسرعان ما أصابهم الذهول والاندهاش من نصر سريع علي بغداد الحضارة بغطرسة لم يحلموا بها في أجمل أحلامهم الاستعمارية.
وإذا سقط العراق وهو ما قيل عنه أقوي دولة عربية عسكرياً وأكثر الجيوش خبرة بسبب حروبه، بهذه السهولة المذلة، فلن يكون من الصعب علي دويلة مثل إسرائيل تصنع آلاتها الحربية بنفسها وتنافس الدول الصناعية علي اكثر قطاعات السوق التكنولوجية وتحتل المراكز الأولي من حيث البحوث والدراسات العلمية، ان تحتل العالم العربي المشرذم بأسره خلال شهر واحد! إذن لماذا سقط العراق وأين الجيوش المدربة وأين الطيران والخطط العسكرية التي تجعل الأوغاد العلوج ينتحرون علي أسوار بغداد؟ لماذا لم تتحرك؟ ولماذا خلعت بغداد ملابسها طواعية للمغتصب الأمريكي البغيض رغم ان الموت في مثل هذه الحالات كان ارفع وسام شرف وعفة، لا يفوقه وسام.
كيف يمكن أن نفسر سقوط بغداد تحت نعال المحتل الأمريكي؟ لقد أعطي الجواب علي هذا الرئيس اليمني عبد الله صالح حينما قال كلمة حق علي نفسه وعلي زملائه الحكام العرب، حيث قال جيوشنا مجهزة لقمع شعوبنا ، فهي ليست معدة لمقاومة احتلال او عدوان. جيوشنا لا تعرف سوي التدريب علي قتل الأبرياء من علمائنا ومواطنينا ومفكرينا ونسائنا وأطفالنا، فكيف بالله عليكم يمكن ان ننتصر علي الأوغاد وحكامنا هم ألد الأعداء لنا وأكثر الحاقدين علينا واشد من أعدائنا قمعاً لنا وفتكاً بنا وجرأة علي حرماننا من خيرات بلادنا.
إن سقوط بغداد يجب أن يؤدي إلي الإطاحة بجميع هذه الأنظمة المتعفنة، غير المأسوف عليها. علينا ان نسعي الي استبدالها بالكتابة أو تنظيم الصفوف أو الضغط الإعلامي، فبداية التغيير مجرد أفكار تطرح ويلتف حولها الناس لتأتي اللحظة المناسبة والظروف المواتية وتتحقق الأفكار وتصبح واقعية، كما حدث مع الضباط الأحرار في مصر سنوات الخمسينات. هذه الأنظمة الطاغية يجب أن تسقط ليقام نظام حكم عربي ديمقراطي حر وشريف ملتزم بالقومية العربية والامتداد الحضاري الإسلامي، ويسعي إلي توحيد الأمة من المحيط إلي الخليج، بالتكامل الحضاري والثقافي والتكافل الاجتماعي ودمج الفقر بالغني وتوزيع الثروات وإعطاء الأولوية للعلم والتطور التقني والتركيز علي نقاط الضعف في الأمة من طيران حربي وقدرة علي تصنيع وسائل حربية تحمي الأمة من اعتداءات المعتدين والاغتصاب الاستعماري للحضارة العربية الإسلامية. يجب أن يطاح بالحكام العرب الفاسدين الذين قهروا الشعوب العربية وأذلوها، لا يملكون زمام أمور شعوبهم ويستندون إلي القوي الاستعمارية، همهم الأكبر كيفية السيطرة علي العرش وجعل موارد الأمة مصدرا لثرائهم وثراء عائلاتهم علي حساب الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج وفي المهجر. فإذا كان العراقيون شعروا بالفرحة لاغتصاب بغداد، فلا بد أن بغداد كانت مقهورة ومحتقرة ومذلة علي الرغم من الكبرياء الذي أمدنا به الرئيس العراقي وجعلنا ننصهر في هذا الكبرياء العربي، الذي لا يمكن أن يغدر بأخيه في ساعة محنته. وهللنا لصدام لأن كلماته كانت تليق ببغداد، ولكن عند سقوط بغداد لم يعد الكلام ينفع وانكشفت حقيقة الإهانة والذل التي كانت تشكو منها بغداد، وهي تعتقد أن أي ثمن وكل ثمن قادم ستدفعه سيكون اقل مما كانت تدفعه ذلا ومهانة، وهو حال كل العواصم العربية الرازحة تحت أحقاد وأمراض هؤلاء الحكام.


منقول