المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وعد بلير أم وعد بلفور ؟


جهاد غريب
27 / 04 / 2003, 12 : 11 AM
ربما كانت مشكلتي أن تفاؤلي كدولاب خلفي لسيارة ذات دفع أمامي، إنها بحاجة إلى من يدفعها إلى الأمام، أنا أرى العالم من زاوية أشك أنها نافذة للأحلام أقرب إلى الكوابيس من الرؤية، هذه الكوابيس تتمثل في شعلة حذر داخل نفق مظلم، ربما هو مستقبل الشرق الأوسط، إن قراءتي للمستقبل بحاجة إلى أقراص تفاؤل، خاصة بعد انتشار موجة طويلة من الإحباط العام في معظم الأجواء والتي بثتها شاشات التلفزة خلال فترة الحرب على العراق.
إن من يتتبع مسارات التاريخ يجد ألا مجال للتفاؤل، فالكل يعلم أن القدس سقطت منذ عام 1948، وبقيت حتى الآن 2003، لا جديد فكل يوم جرحى وقتلى، وبناء مستعمرات جديدة لإسرائيل... إلخ، ما زالت القضية الفلسطينية على رفوف الأمم المتحدة منذ 55 عاماً، لاحظ أنا أقول 55 عاماً. يوم السبت 10 صفر 1424 قرأت في "الوطن" عنواناً: الأمريكيون يبحثون عن 55 قيادياً عراقياً على رأسهم صدام حسين، لم يكن الرقم رهن الصدفة، إنه التاريخ يعود من جديد... نعم تاريخنا كله أرقام، لقد خضعت فلسطين قبل 55 عاماً لحاكم بريطاني، وتخضع العراق الآن لحاكم أمريكي، لقد تناثرت أشلاؤنا في فلسطين حتى بلغت العراق اليوم، لقد طالت المسلمين في البوسنة والهرسك وما زالت تتناثر في أفغانستان. هل سيتوقف تمزيق الأجساد وتطاير أشلائها في العراق؟ أم إن الغيمة السوداء في بغداد اليوم ستنتقل إلى تراب عربي آخر.
إذا كان الرقم 55 محض صدفة، فهل من المصادفة أيضاً أن يعقد مؤتمر سلام في مدريد فنفس اليوم التي سقطت فيه غرناطة عام 1453!؟. كما هي الأرقام تتكرر فإن الحروف في هذا التاريخ أيضاً لا تأتي دائماً صدفة، نعم إنه التاريخ الذي يتكرر منذ وعد بلفور حتى وعد بلير، فلم يأت حرف الباء عبثاً ليجمع بين "بلير" و"بلفور"، إن حرفي اللام والراء يؤكدان تكرار التاريخ، فالرجلان من بريطانيا وكلاهما يتعهد بالحفاظ على أمن إسرائيل.
من المناسب استعراض موقفهما، وسأبدأ بالرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية في الثاني من نوفمبر عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، إن هذه الرسالة تعتبر أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين. وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين. حيث جاء في نص الرسالة ما يلي:
عزيزي اللورد روتشيلد، "يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى. وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح" المخلص آرثر بلفور.
أما بلير رئيس وزراء بريطانيا فقد كتب مقالاً خاصاً لـ"الوطن" في 30 مارس 2003، تحدث فيه إلى العرب، ربما بعث بمثله لصحف صهيونية يتحدث فيه إلى إسرائيل، إن كان كذلك، فمن المؤكد أن المقال سيكون مختلفاً تبعاً لاختلاف المقام، فتعهده لإسرائيل سيختلف عنه مع العرب، لقد جاء في مقاله أنه ملتزم مع الرئيس بوش بالتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة بالتفاوض في عام 2005 تتمثل في إقامة دولة قابلة للاستمرار والحياة للشعب الفلسطيني وبتوفير الأمن لإسرائيل.
إنها الأشياء تتكرر والظروف والتعهدات، فما زال التاريخ يرصد تصريحات البريطانيين تجاه أمن إسرائيل، أما الآن وقد انتهت الحرب على العراق فما عسى أن يفعله بلير؟ السؤال المهم الآن: هل يفاجئنا وعد بلير بارتدائه لباس وعد بلفور، أم إنه مكمل له حيث بلغ الفرات الآن؟. لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال سوى التاريخ!
أعتقد أن مفعول أقراص التفاؤل التي حصلت عليها من صيدلية التاريخ لأمتنا المجيدة التي تناولتها للتو، ومنها قرص القادسية، وقرص اليرموك، وقرص حطين، قد جاء مفعولها، حيث تقافز أمامي سؤالان: كم دولة عربية بعد 55 سنة مقبلة ستصمد أمام خارطة الطريق؟ وهل ستتماسك حدودها في الألفية الثالثة؟ وهل سيعود صلاح الدين الثاني أم بلير الخامس؟.
إذا كانت الأرقام والحروف تتكرر في هذا التاريخ فللأسماء نصيب أيضاً، حيث إن إعلامنا ما زال يتكرر في تشويه الحقيقة! منذ تصريحات الإعلامي الشهير أحمد سعيد من إذاعة صوت العرب... "لقد بلغنا تل أبيب" إبان حرب 67، إلى تصريحات وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف... "العلوج الأمريكان محاصرون في بغداد داخل دباباتهم"، لقد تقاطعت الشخصيتان الإعلاميتين عند اسم "سعيد"، يا لهذا التكرار العجيب في التاريخ... ألم أقل بأن التاريخ يعيد نفسه؟.
أرجو ألا يفهم من هذا المقال على أنه استبصار للمستقبل بقدر ما هو مجرد تقليب في دفتر التاريخ.

جهاد غريب - الرياض

المصدر : جريدة الوطن ، العدد (940) الأحد 25 صفر 1424 هـ الموافق 27 أبريل 2003 م

أبو فـلاح
27 / 04 / 2003, 48 : 11 AM
اخي جهاد غريب ..مقالة رائعة ...حقيقة هي تقليب في دفاتر التاريخ لكنها في واقعنا المرير تقليب لمواجع أمة تحولت الى رماد تذروه الرياح ........

اخي جهاد تشابه الأرقام وتقاطع الأسماء في تاريخنا المعاصر ...ذكرني بالمتشابهات في لعبة الكلمات المتقاطعة ..


تقبل تحياتي

ناصر بن سالم
27 / 04 / 2003, 28 : 07 PM
شكراً جهاد غريب


فعلاً هناك تكرار للمواقف والتاريخ


وهناك تشابه في المواقف والأسماء


لكن دعني اقتبس من كلامك ثم اسأل


أما الآن وقد انتهت الحرب على العراق فما عسى أن يفعله بلير؟ السؤال المهم الآن: هل يفاجئنا وعد بلير بارتدائه لباس وعد بلفور، أم إنه مكمل له حيث بلغ الفرات الآن؟. لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال سوى التاريخ



اخ جهاد اين نحن من كل هذا؟


أين المسلمين والعرب؟


بلفور يقرر وبلير يقرر وبوش يؤكد


ونحن مجرد قطيع


فهل نحن قطيع من الأسود تقوده................


اعتقد


ولك تحياتي

جهاد غريب
14 / 05 / 2003, 51 : 07 PM
[align=center:7e0e040703]حسان
ناصر بن سالم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثرت قبل مغادرتي المكان أن أقول لكما
شكراً على مروركما هنا
وما كان من طرفكما
ما هو إلا إضافة جميلة لما كتبته
تحياتي الصادقة لكما
جهاد غريب [/align:7e0e040703]

أبوماجد
14 / 05 / 2003, 59 : 07 PM
أخي وصديقي جهاد 0 قد عزمت الرحيل وآثرت تركنا وهجرنا فوالله لقد ألامني ذلك ولكن ياعزيزي مادمت قد نويت 00000 فبدون مؤاخذه أنا قد تبرعت لك بخمسمائة نقطه 0وقد منحتك إياهاعلى سبيل التشجيع فإن كنت ترى أن ترد الأمانات لأهلها لعلي أتبرع بها لمن سيشترك على سبيل التشجيع أكون لك من الشاكرين0

جهاد غريب
14 / 05 / 2003, 59 : 11 PM
[align=center:57e44f6cf5]أبو ماجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالنسبة للأمانة
هي لك فأفعل بها ما تريد
وداعاً[/align:57e44f6cf5]

أبوماجد
15 / 05 / 2003, 15 : 12 AM
عفواً ياجهاد هي خمسة ألاف نقطه وليست خمسمائه0

جهاد غريب
27 / 09 / 2005, 36 : 10 AM
أبو ماجد
لقد تذكرت هذه الحادثة
وضحكت جدا
لأنني علمت أنه اسلوبك الذي لن يتغير
هو متورط بك .. وليس العكس
اليس كذلك يا صديقي
كن بخير
ورمضان كريم

البحر المحيط
27 / 09 / 2005, 01 : 04 PM
أخي جهاد:

التاريخ لايعيد نفسه

فهو لم يذهب ليعود

والمصيبه لم ترحل لتعود

والهزيمه هي الهزيمه ولكن بوجوه متعدده

شكراً على هذه المقاله الرائعه