المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حذارِ.. أنديتنا في وجه العاصفة


ياسر الكاسر
16 / 02 / 2010, 16 : 09 PM
اذا صدقت الأنباء المتوترة بأن نادي الهلال قد بلغت مصروفاته خلال الموسم الجاري قرابة 250 مليون ريال قرابة (66.66 مليون دولار) فإن ذلك يعني بأن كرة القدم السعودية دخلت في نفق مظلم يخشى عليها منه.

هذا الرقم وإن عدَّ رقماً تافهاً في سوق كرة القدم العالمية، إذا ما علمنا فقط أن مصروفات ريال مدريد على صفقاته في الصيف الماضي بلغت 252 مليون يورو، قرابة (1.258 مليار ريال)؛ لكنه رغم ذلك يعد رقماً فلكياً بكل الاعتبارات في سوق الرياضة السعودية، ولذلك فلست مبالغاً في حديثي عن دخول كرة القدم لدينا ذاك النفق المظلم الذي يتهددها في ظل أزمة اقتصادية لازالت تضرب أطنابها بقوة على الأندية الأوربية، ولعل من يتابع شؤون الكرة الانجليزية يدرك ذلك، إذ بات شبح الانهيار يهدد أندية كبرى هناك.

مثل الهلال أندية أخرى تجاوزت مصروفاتها المائة مليون ريال، كالنصر والشباب والاتحاد وأيضاً الأهلي، وهي أرقام تعد كبيرة أيضاً، إذا ما قورنت بضعف إيرادات الأندية التي تعتمد في إيراداتها على مصادر محدودة للتمويل تكاد لا تتجاوز الرعاية، والنقل التلفزيوني، ودخل المباريات، وكلها مصادر ضعيفة، إذ تعتبر قيمتها غير عادلة اقتصادياً إذا ما قيستا بقيمة تلك الأندية الفنية والإعلامية والجماهيرية.

بالطبع لا تخفى عليَّ الهبات التي يقدمها رؤساء الأندية وأعضاء الشرف كمورد للأندية؛ لكنه أيضا مورد لم يعد يشبع نهم السوق الرياضية؛ بدليل أن أكثر من نصف الأندية السعودية التي تعتمد على هذا المورد كأساس في ظل غياب الراعي، باتت تشكو لطوب الأرض من فقرها المدقع الذي جعلها تئن تحت وطأة الفاقة.

حتى تلك الهبات السخية التي تجدها بعض الأندية يعتبرها مسيروها مصدر قلق لهم؛ لأنها مصدر دخل غير ثابت، فإن وجدت اليوم فقد لا توجد غداً، وهو السبب الذي يجعل عضو شرف الهلال الأمير عبدالله بن مساعد المتأبط لملف الاستثمار وأحد ممولي النادي يعلن دون مواربة عن أن مخاوفه على النادي في القادم من الأيام تنصب على توفير السيولة المالية، التي تجعله قادراً على تلبية احتياجاته، وهو المأزق الذي قد يدخله الهلال وغيره من الأندية في ظل الصرف غير المحسوب، والتدافع غير المبرر على رفع الموازنات، وهو ما قد يدخل الأندية في مآزق أخرى كثيرة، وهو ما لمسناه بوضوح في نادي الاتحاد الذي كان حتى وقت قريب أكثر ناد سعودي يصرف ببذخ شديد، بل كان مسيروه السابقون السبب الرئيس فما وصلت له عقود اللاعبين من تضخم، إلا إنه بات اليوم يعجز حتى عن تجديد عقود لاعبيه.

في أوربا لم يتردد القيصر الألماني فرانس بكنباور من وصف حالة التضخم في أسعار اللاعبين بأنه "ضرب من الجنون"، وشاطره في ذلك رئيس الاتحاد الأوربي ميشيل بلاتيني، ولكن بتصريح مسؤول حينما قال: "هذه التعاقدات تحدٍ لمبدأ اللعب النظيف، والتوازن المالي في مسابقاتنا"، فإذا كان هذا رأي اثنين من أهم صناع الكرة في أوربا، وهما الأدرى بحجم ما تدره كرة القدم من أموال هناك، فكيف سيكون رأينا في ظل سباق الصرف (الجنوني) لدينا على الأندية التي لم تدخل بعد مرحلة الكيانات التجارية.

* نقلاً عن صحيفة "الرياض" السعودية