المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضيه وحوار


محمد بن خالد آل حيدان
16 / 01 / 2010, 39 : 01 PM
قضية وحوار




العنوسة والبطالة والفراغ والحرمان العاطفي.. وراء "ابتزاز" الفتيات للشباب
التهديد بالقتل أو الفضيحة أو الضرب لمن يتوقف عن دفع "الإتاوة" الشهرية للفتاة
أبها: نادية الفواز
في الحلقة السابقة من هذا التحقيق حذر علماء الاجتماع والصحة النفسية والدين وخبراء العلاقات الأسرية ورجال القانون الشباب من الوقوع في الفخ الذي "تنصبه" بعض الفتيات لابتزاز الشباب.
وطالبوا الشاب باليقظة حتى لا يُفاجأ بأنه أصبح مجرد "خيخة" تعبث به أي فتاة، وتُخضعه لسيطرتها، وتسلبه أمواله، وتَفرض عليه "الإتاوات" فلا يجد إلا التسليم لأوامرها، والإذعان لمطالبها.
قالوا: إن ابتزاز الفتيات للشباب يبدأ ببطاقة هاتف، ويمر بسداد فواتير الاتصالات لبعضهن، ثم الهدايا الذهبية، وينتهي بسداد الشاب تكاليف زواج الفتاة من رجل غيره.
وفي هذه الحلقة الثانية والأخيرة يكشف العلماء والخبراء وأساتذة الجامعات خفايا جديدة لهذه الظاهرة .
يؤكدون أن العنوسة، والبطالة، والفراغ، والحرمان العاطفي، وعدم وجود دخل مادي ثابت لكثير من النساء.. وراء تزايد حالات "ابتزاز" الفتيات للشباب.
ويحذرون من أن حالات ابتزاز عديدة شهدت "تهديدات" بالقتل، أو الفضيحة، أو الإيذاء الشديد بالضرب لمن يتوقف عن دفع "الإتاوة" الشهرية للفتاة.
ويلفتون إلى أنه تم "توريط" بعض الشباب في قضايا مخدرات، وإطلاق نار، وتحطيم ممتلكات الآخرين.. بسبب عمليات "الابتزاز".
ويؤكدون أن بعض الفتيات يُعاقبن "المتمردين" على أوامرهن الرافضين لمطالبهن بأيدي الشباب أنفسهم، وذلك بتسليط بعضهم على بعض، وتحريض كل منهم على إيذاء الآخر، تحت ضغوط عمليات الابتزاز.
العلماء والخبراء يحذرون من أن ارتفاع تكاليف الزواج، وزيادة أعباء المعيشة، ونقص التوعية تُشجع عمليات "النصب العاطفي" التي تمارسها بعض الفتيات ضد الشباب.
ويجزمون بأن 60% من مجموع سكان المملكة في مرحلة الشباب، ويطالبون بوضع "استراتيجية" متكاملة لرعايتهم، وحل مشكلاتهم.
كما يُطالبون بتفعيل "الضبط الاجتماعي" داخل الأسرة، وتنمية الوازع الديني لحماية الشباب من الانحراف، والتفسخ، والانحلال.
وفي السطور التالية نتوقف أمام المزيد من آراء العلماء والخبراء ومقترحاتهم لمواجهة هذه القضية.
في البداية.. يلفت الدكتور خالد جلبان استشاري طب الأسرة والمجتمع ووكيل كلية الطب بجامعة الملك خالد إلى أن وراء ظاهرة ابتزاز الفتيات للشباب رغبة قوية من الفتاة في "التباهي" بعلاقاتها بأكثر من شاب أمام زميلاتها وصديقاتها، فيما يُشبه استعراض نفوذ لتحقيق الذات أمامهن.
ويوضح أن الشعور بالتباهي يصيب الشباب والفتيات على حد سواء، مؤكدا أنّ الابتزاز من أسوأ الوسائل التي تسعى من خلالها الفتيات للحصول على الأموال والهدايا، فيما يُشبه "التسول" بالإكراه، أو سلب المال بطريقة غير مشروعة، لإرضاء الذات معنويا وماديا.
ويشير إلى أن الفتاة المبتزة لغيرها تتخفى دائما وراء شعورها بالحصانة المعنوية في المجتمع، لأن الجهات الرقابية تقف ـ غالبا ـ في صف الفتاة ضد الشاب الذي يشعر بأنه مُعرّض دائما للخطر، والضغط النفسي.
ويؤكد أن تلك الظاهرة الاجتماعية تحتاج إلى دراسة واعية، خاصة أن المجتمع أصبح يشهد تحولات خطيرة لم نعهدها من قبل، فقد تعوّدنا سماع أخبار وقصص ابتزاز الشباب للفتيات، أما الآن فالعكس هو الذي يحدث، حيث تبتز الفتيات الشباب، الأمر الذي يؤكد ضرورة تضافر جهود مؤسسات المجتمع وهيئاته لمواجهة تلك الظاهرة، والقضاء على أسبابها، والتخلص من آثارها.

إستراتيجية لرعاية الشباب
ويقول الدكتور جلبان: إن أهم أسباب تنامي ظاهرة ابتزاز الفتيات للشباب "العزل" المبالغ فيه بين الجنسين، وأنا لا أطالب بالاختلاط، ولكني ألفت إلى أن هناك مبالغة في العزل حتى على مستوى الأسرة الواحدة، إضافة إلى مشكلات العنوسة، والبطالة، وعدم وفاء مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل.
ويضيف أنه من الأسباب أيضا عدم وجود عمليات تثقيف شاملة حول العلاقات بين الشباب والشابات، وفقدان الخبرات الكافية عن أساليب التعامل الصحيح بين الرجل والمرأة، إضافة إلى عدم وجود برامج ترفيهية، واجتماعية، وثقافية جادة ومدروسة تخدم الشباب من الجنسين.
ويشدد على أن الإحصاءات الحديثة تكشف أن نسبة 60 % من سكان المملكة من الشباب والشابات الأقل من عمر 30 سنة، وأن 45% أقل من 15 سنة، و5% أكبر من 65 سنة، الأمر الذي يبرز أهمية بذل المزيد من العناية بالشباب الذين يمثلون أغلبية سكان المملكة.
ويطالب بإجراء دراسات علمية مسحية حول تلك الظاهرة، وإيجاد هيئات ترعى حقوق الشباب والشابات، ووضع إستراتيجية لرعاية الشباب، وأخرى لحل مشكلات المجتمع، مشيرا إلى أهمية مناقشة مشكلات الشباب في وسائل الإعلام المختلفة، ووضع الحلول المناسبة لها بعد إجراء الدراسات الاجتماعية الشاملة.

"نصب" عاطفي!
أما الدكتور علي زائري استشاري الطب النفسي بمركز النخيل في جدة فيؤكد أنه صادف ـ من خلال عمله ـ العديد من الحالات "المرضية" لشباب يتعرضون لعمليات ابتزاز ونصب عاطفي على أيدي بعض الفتيات.
ويوضح أن هناك قصصا غريبة، بل ومخيفة يتناقلها كثيرون عند الحديث عن ابتزاز الفتيات للشباب، منها قصص تحمل تهديدا بالقتل إذا توقف الشاب عن دفع "المصروف"، أو بالأحرى "الإتاوة" التي فرضتها عليه الفتاة، أو التهديد بالتشهير، وكذلك الإيذاء بالضرب.
ويُحذّر من أن بعض الفتيات تستغل علاقاتها مع أكثر من شاب في "تسليط" بعضهم على بعض، لإيذاء الشاب الذي يتمرد على محاولاتها الابتزازية، ولا ينصاع لرغباتها، ولا يُنفذ طلباتها، ولا يخضع لأوامرها، لافتا إلى أن هناك قصصا واقعية كثيرة في هذا المجال.
ويشير إلى أن مشكلة البطالة، وعدم وجود دخل مادي ثابت لكثير من الفتيات يُعدّان أهم أسباب تنامي تلك الظاهرة.

تفرقة في المعاملة
ويتوقف الدكتور زائري أمام قضية مهمة بقوله: إن أغلب الآباء يمنحون "المصروف" للشباب دون الفتيات، فهناك تفرقة واضحة بين ما يُعطى للفتاة، وما يُعطى للشاب، الأمر الذي يجعل كثيرات يشعرن بالظلم والاضطهاد من قبل الأسرة، بسبب تلك التفرقة في المعاملة بين الأولاد والبنات.
ويبرز أسبابا أخرى عديدة تساهم في انتشار قضية الابتزاز بين الفتيات، ومن أهمها الحرمان العاطفي الذي يعانيه الشباب، وارتفاع تكاليف الزواج، وزيادة أعباء المعيشة، وعدم وقوف المؤسسات الحكومية إلى جانب الشباب من خلال التوعية والرعاية والتوجيه، لحمايتهم من السقوط في تلك الظواهر المعيبة، الأمر الذي أدى إلى وجود ما يُمكن تسميته الجوع العاطفي.
ويضيف أنه من أسباب تلك الظاهرة أيضا الفصل التام بين الفتيات والشباب، وهجرة بعض الشباب إلى الخارج، واختلاطهم بثقافات مختلفة عن ثقافة مجتمعنا وقيمه وأخلاقه وتقاليده، وتورّط العديد من الشباب في ديون وأقساط، وقلة خبرة بعض الشباب في التعامل مع المرأة، ونقص خبرة المرأة في التعامل مع الرجل، وسهولة استخدام التقنيات الحديثة في الاتصال بين الجنسين، خاصة الإنترنت، وبحث الفتيات عن الاكتفاء المادي من خلال عمليات النصب، وانخفاض مستوى تعليم الأولاد مقارنة بالبنات، وارتفاع مستوى ذكاء الفتاة.

علاج نفسي
ويوضح الدكتور زائري أن حالات الشباب الذين يشتكون من النصَب العاطفي تتراوح من حالتين إلى 3 حالات يوميا، أي بنسبة 10 % من الشباب الذين يعانون مشكلات تتطلب علاجا نفسيا.
ويلفت إلى أنه تم توريط بعض الشباب في كثير من قضايا المخدرات، وإطلاق النار، وتكسير السيارات بسبب مثل هذه المشكلات.
ويجزم بأن الحل يكمن في إعادة هيكلة العلاقات بالمجتمع، ليعيش كل فرد فيه حياته الطبيعية، باعتباره مجتمعا طبيعيا متجانسا، حتى لا تتحول العلاقة بين الشاب والفتاة إلى علاقة مرضية، فالشاب متربص بالفتاة من ناحية، كما أنه مطمع لها من ناحية أخرى، بينما الشباب في الخارج يتعاملون بشكل تلقائي وبعلاقة طبيعية بين الرجل والمرأة.
ويُطالب بعدم إبعاد الشباب عن الحدائق العامة والأسواق، وعدم إشعارهم بالإقصاء والمنع. ويحذر من أن البعض ينظر إلى الشاب على أنه مشكوك فيه دائما، وأنه يُعامل كالمجرم، مشيرا إلى أهمية دمج الشباب في المجتمع، وعدم إقصائهم بكلمة "نعم" للعوائل و"لا" للشباب.

مواجهة حاسمة
الدكتور عبد الرازق الزهراني استشاري علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود يصف "ابتزاز" الفتيات للشباب بأنه من القضايا العامة التي أصبحت تتطلب مواجهة حاسمة من جميع فئات المجتمع.
يقول: إننا نحن نعيش في عالم مادي، وهناك أزمة في المجتمع تكمن في طغيان المادة على الجانب الروحي والنفسي لدى الكثيرين، وطغيانها كذلك على القيم والأخلاق، الأمر الذي يؤثر سلبا على المجتمع، ويؤدي إلى تزايد الضغوط الاجتماعية، كما يؤثر على التنشئة الاجتماعية للأجيال الجديدة، خاصة الفتيات اللاتي يجب أن تتم تنشئتهن على الأخلاق الحميدة، والحياء، والقيم الفاضلة.
ويشير إلى أن وسائل الإعلام والاتصال، خاصة التلفزيون والإنترنت، أصبحت تتدخل في عمليات التنشئة، الأمر الذي أدى إلى الجرأة، والانفتاح، وظهور إفرازات غريبة لم يتخيل أحد منا أن تحدث في يوم من الأيام.
ويُحذر من طغيان القيم المادية على علاقة المودة والرحمة بين الزوجين، لما لذلك من آثار سلبية على جميع أفراد الأسرة.
ويؤكد أهمية دعم دور التعليم في زرع قيم الستر والحياء والصبر في نفوس الأجيال الجديدة، إضافة إلى رعاية القيم الأخلاقية والروحية داخل الأسر.

مخاطر الفراغ
ويقول الدكتور الزهراني: لا يمكننا أن ننسى مخاطر الفراغ على جميع أفراد الأسرة، حيث أكدت جميع الدراسات الاجتماعية والنفسية الآثار السلبية والمدمرة للفراغ والتي قد تؤدي إلى الوقوع في الجريمة.
ويُشدد على ضرورة التركيز على التربية كحل أمثل لهذه المشكلة، سواء في المدرسة، أو المنزل، إضافة إلى الاهتمام بالبعد البنائي للشخصية، وزرع القيم الفاضلة في الشباب والفتيات، وربط الأجيال الجديدة بالله عز وجل، وبقيم الحياة، وتقديم الجوانب الروحية على المادية.
ويُطالب بتفعيل الضبط الاجتماعي داخل الأسرة، ودراسة مشكلات الشباب والفتيات، ووضع الحلول المناسبة لها، وفتح الباب أمام الفتيات للعمل في العديد من المجالات التي تناسب طبيعتهن، وحماية الشباب من التفسخ والانحلال. ويدعو إلى إبعاد هؤلاء الشباب عن كل ما يثير العواطف، ويلهب المشاعر، ويحرك الغرائز، وإيجاد بدائل لإشباع تلك العواطف والمشاعر بطرق شرعية، مؤكدا أن جميع مشكلات الشباب تحتاج إلى دراسة، ووضع استراتيجية علاجية إعلامية، وتربوية، وأسرية لمواجهتها، والتخلص منها.

ملاك الجنووووب
20 / 01 / 2010, 17 : 05 PM
موضوع رائع جدآ
أشكرك أخي من كل قلبي..

محمد بن خالد آل حيدان
20 / 01 / 2010, 26 : 10 PM
تشرفت بمرورك ملاك الجنوب

مهباد
20 / 01 / 2010, 17 : 11 PM
كنق جاش تسلم يمينك

مبدع

محمد بن خالد آل حيدان
20 / 01 / 2010, 56 : 11 PM
ولاهنت على المرور وتشرفت اخي مهباد بمرورك