المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية الفريق الشاذلي !


أبو فـلاح
01 / 04 / 2003, 01 : 10 AM
[align=center:14b2d19f35]بقلم : د. فاروق عبد السلام *

28مارس 2003

هذه الحرب القذرة التي أعلنتها قوى الشر والبغي بقيادة أمريكا وبريطانيا على العراق الشقيق مضى عليها الآن عشرة أيام ورغم أن نتيجتها النهائية والفاصلة ما زالت في رحم الغيب وفي علم الله ، إلا أن ما قدمه العراق البطل حتى الآن يسجل له على صفحات التاريخ بأحرف من نور وعلى أي وضع وبأي نتيجة تنتهي هذه الحرب لن يقلل ذلك من شأن العراق المجيد وما أنجزه شرف له ولأمته العربية والإسلامية بكل المقاييس .

لقد كانت آخر حروبنا المجيدة حرب أكتوبر 73 إلا أنها خلفت بعدها على لسان الرئيس السادات أمرين أو مقولتين تركتا في نفس كل حر غصة في الحلق ومرارة في النفس .

المقولة الأولى راح السادات يكررها مررا ويقول فيها : لا قبل له بحرب أمريكا ولا يستطيع حرب أمريكا!!

وليس من مهمة الزعماء أبدا أن يكونوا من المثبطين لشعوبهم ، وهب أن أمريكا رغبت في استعمار مصر يوما هل نقول لهم ادخلوا مصر آمنين ، فرئيسنا لا يقدر على حربكم !!

و المقولة الثانية تكراره لكلمة (آخر الحروب) ومهما كانت نواياه فلا يرددها مسلم يعلم أن رسول الله قال :"الجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر جائر ولا عدل عادل" صدق رسول الله.

ولا يردد مقولة آخر الحروب مصري مسلم يعلم أن رسول الله أوصى صحابته خيراً بمصر بالذات لأن فيها جنداً هم خير أجناد الأرض لأنهم في رباط إلى يوم القيامة .

وعلى جناح هاتين المقولتين البائستين انزلق السادات على طريق طلب السلام أو الاستسلام المهين .

وها هو العراق المجيد يعيد للأمة ثقتها بنفسها ويحارب اليوم بضراوة ، ويحارب من ؟!

أمريكا نفسها ومعها بريطانيا وغيرهم ، ويحاربهم حرب الند للند طوال هذه المدة ، وليس ببعيد ولا بخاف علينا عدم قدرة مصر ودول الطوق مجتمعة على الصمود أمام إسرائيل أكثر من ستة أيام في حرب 67 .

إن هذا الصمود المذهل وهذه الوقفة الشجاعة من جانب العراق لابد لها من تفسير وتحليل ، كيف يحارب العراق بمفرده أمريكا بصلفها وغرورها وقوتها ويصمد رغم ظروفه الصعبة والمستعصية من حيث الزمان والمكان .

من حيث الزمان حيث مضى على العراق أكثر من عشرين عاما في حروب ومكابدة ومعاناة، ومن حيث المكان ، حيث جيرانه كلهم أعداء له ومع أمريكا باستثناء إيران من الشرق ، فمن الجنوب في الكويت وقطر وبقية دول الخليج تمر وتنطلق الطلعات الوحشية من القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة هناك ومن الغرب في الأردن تمر قوات أمريكية ومن بينها قوات إسرائيلية في هيئة أمريكية وتقدم لهم الأردن المرشدين اللازمين في وقت تطرد فيه الدبلوماسيين العراقيين ،وفي الشمال الأكراد متحفزين ، وتركيا متنمرة وفي ظل كل هذه الظروف يصمد العراق ويقاتل ولابد لذلك من تفسير !!

وتفسيره في جانب كبير منه تجده عند الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان والبطل العسكري لحرب أكتوبر المجيدة ، فالفريق الشاذلي له رأي على درجة من الأهمية ترقى به لمستوى النظرية .

هو يؤمن باختصار شديد بأن الحرب هي السبيل الوحيد أو أفضل السبل لتعلم الحرب .

وهذا حق لأن الدراسات النظرية لا تكفي وحدها لتعلم الحرب وفنون القتال وحتى المناورات العسكرية التي اعتادت جيوش العالم القيام بها بصفة دورية لا تكفي أيضاً ، فالمجند والمقاتل فيها يعلم جيدا ً ويحس مسبقاً أنها محسوبة ومخططة بالصورة التي لا يقع فيها ضحايا من قتلى أو جرحى أم الذي يُعلم الحرب فعلاً فهو الحرب لأن الخطأ فيها فاتورته غالية والثمن مدفوع بالغالي من قتلى وجرحى ومعوقين ومشوهين ولا ينسى المخطأ خطأه أبدا ويتعلم منه كي يتفاداه في حرب أخرى !!

ونعتقد أن صمود العراق في حرب اليوم راجع بالدرجة الأولى لسابق حربه مع نفس العدو أي أمريكا منذ عقد واحد من الزمان أي في أوائل تسعينات القرن الماضي ونصف الجيش العراقي على الأقل ممن شاركوا في حرب الخليج الثانية واستفادوا منها وتعلموا ما نفعهم حتما في حرب اليوم .

وهذا لا يعني بالطبع أن نختلق حروبا لكي نتعلم منها وإنما يكفي ألا نجبن وألا نتردد في خوض حرب يفرضها علينا شرع الله، والحروب قائمة في كل زمان سنة الله في خلقه وعلى سبيل المثال من واقعنا المعاصر يفرض عليك دينك اليوم يا كل مسلم في أي مكان في العالم أن تحارب مع أخيك الفلسطيني ضد السفاح شارون وعصابته وهو فرض عين عليك وكان عليك فرض عين أيضا أن تحارب في أفغانستان يوم غزاها الأمريكان، وفرض عين عليك اليوم أن تحارب مع أخيك في العراق واعلم أن عدونا لا يريد لنا أن نتعلم الحرب وبالذات الحديثة وكل حرب من جانبنا ولو كانت زودا عن الأرض والعرض والعقيدة يسميها إرهاباً ويريدون أن يكون سلاح الدمار الشامل بشتى أنواعه من حقهم هم وحدهم وتلك من أهم أسباب هجمتهم الإجرامية الشرسة على بغداد التي تناديكم ، بغداد المنصور والرشيد والمعتصم ومنارة العلم والحكمة والمعرفة على عهد المأمون،

والعراق بلد أبي الأنبياء إبراهيم ومثوى الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، والعراق منبت صلاح الدين يناديكم فهل من مجيب ؟

وا حر قلباه عليك يا بغداد !!
ويا أرض دجلة والفرات عليك ألف سلام.

شارك برأيك


--------------------------------------------------------------------------------

* طبيب حر وكاتب إسلامي مصري

له العديد من المؤلفات في المكتبة العربية والإسلامية [/align:14b2d19f35]