المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إقرأ ـ لماذا العراق؟


faisal_UK
30 / 03 / 2003, 46 : 11 PM
اكثر من هدف استراتيجي دفع امريكا الي هذه المغامرة العسكرية الكبيرة في العراق.
فقد تلاقت في العراق مصالح کلوبيات ضاغطة داخل الولايات المتحدة.
فاليمين المسيحي المتطرف ينظر الي العراق علي انها ارض مقدسة، والي دجلة والفرات كأنهار للتعميد.. ولوبي السلاح وجد في الساحة العراقية معملا نموذجيا لتجريب السلاح المتطور الذي كان معدا لمواجهات شاملة مع الاتحاد السوفييتي المنهار.
كما ان اللوبي الصهيوني وجد في حرب العراق خدمة مجانية لتحطيم قوة عربية ما زالت مصدر قلق لنمو واستقرار اسرائيل. اضافة الي لوبي (الاعلام) الذي يريد اخبارا ملتهبة لتسيير الآلة الاعلامية الهائلة. وهذا لا يكون الا بخلق عدو للامريكيين ثم بافتعال حرب ضده كي يكون المشاهد متابعا للاخبار وملتصقا بشاشة التلفزيون.
ثم يأتي النفط كعامل مغرٍ واساسي، وكجائزة لا يمكن التردد في اقتناصها بالسيطرة المباشرة علي احتياطات العراق منه. سبب استراتيجي اخر ومهم وهو فشل الكيان الصهيوني علي مدي خمسين عاما من الدعم المالي والعسكري المتواصل في ترويض نفسية العرب تجاه فلسطين.
اذ بعد هذه الجهود الجبارة في اقامة الكيان الغاصب ما زالت القدس في ضمير الشعوب العربية. بل ازدادت القضية توهجا مع تزايد الوحشية الشارونية في قمع الانتفاضة. ولهذا فقد جاءت امريكا هي بنفسها لتتولي اذلال العرب واحتلال أعز بلادهم فتكون الهزيمة مضاعفة في العراق كما هي في فلسطين. ان الخوف الامريكي حقيقي وواضح من تنامي الشعور الاسلامي الخاص بقضية القدس.

فالقضية عقائدية بالدرجة الاولي وليست سياسية ولهذا نجد الانهماك الاسرائيلي في ضرب واغتيال قيادات حماس والجهاد هو ذاته السبب في الضربة الوحشية القاسية التي وجهتها امريكا في بداية الحرب ضد معسكرات انصار الاسلام والجماعة الاسلامية (الاخوان المسلمون) في كردستان في ثاني ايام الحرب الحالية.
ويلاحظ ان تصريحات المسئولين الامريكيين تتحدث عن استهداف سوريا بعد العراق، وذلك لتصفية وجود حماس والجهاد من علي اراضيها.
ومن هنا نفهم سبب الاصرار الامريكي والصهيوني علي تنصيب محمود عباس ابو مازن رئيسا لوزراء فلسطين. فالرجل معروف بعدائه الشديد لحركتي حماس والجهاد وتعيينه في هذا المكان وبصلاحيات واسعة كي يكون اداة قمع اسرائيلية ضد الحركتين.
في ظل هذه الاندفاعة الامريكية ضد العراق لا ننسَ سببا نفسيا تعاني منه ادارة بوش، وجعل من ضرب العراق أمرا لا بد منه. وهو النصر الباهت في افغانستان فرغم ضخامة الاساطيل وانهيار طالبان وتفتيت القاعدة الا ان كل ذلك لم يشف رعب سبتمبر.

والانكي من ذلك فان طالبان والقاعدة تشنان حربا استنزافية تجلت معالمها واضحة في الضربات الصاروخية ضد القواعد الامريكية داخل افغانستان وذلك في اليوم الذي انطلقت فيه الحرب علي العراق. هل تستطيع الولايات المتحدة وبريطانيا تحقيق كل هذه الاهداف؟؟ الايام الاولي من الحرب لا تشجع علي ذلك.
فقد برزت قضايا لم تكن في حسبان المخطط الامريكي. موقف تركيا، والخلافات الكردية، ثم تلك المقاومة الشعبية الشرسة المنطلقة من وحدة وطنية عراقية قلبت مسار الحرب. وربما وضعت المشروع الامريكي علي كف عفريت. ومن يدري فلعل العراق الضعيف والمحاصر يكون لامريكا كما كانت افغانستان للاتحاد السوفييتي، سببا في انهيار امبراطورية متغطرسة تحكمها ادارة حاقدة بقيادة شخص بليد.

عدنان بومطيع ـ بريطانيا