المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فعلا جدير بالقراءة


faisal_UK
27 / 03 / 2003, 53 : 01 AM
قلعة الكرامة .. مقال رئيس تحرير أخبار الخليج البحرينية
قلعة الكرامة

أنور عبدالرحمن
في خلال الأيام الخمسة الماضية، أمطرت قوات الغزو العراق بآلاف من القنابل وصواريخ كروز. ولم يتضح بعد حتى الآن حجم الدمار الرهيب الذي خلفته، ولا أعداد الضحايا الذين سقطوا. والمثير للسخرية أن كل هذا يتم تحت شعار "تحرير العراق". إذا كان هذا هو "التحرير"، فماذا يكون العدوان إذن؟. أي حرية وأي ديمقراطية هذه التي يتم باسمها حصد أرواح الأبرياء وتدمير بيوتهم، وتشريدهم؟
والشعب العراقي يرزح تحت حصار وحشي ظالم منذ أكثر من 13 عاما. ومع هذا، أظهر هذا الشعب العربي شجاعة وتصميما وإرادة في المقاومة والقتال باستماتة دفاعا عن أرضه.
وفي الخطاب الذي ألقاه أمس الرئيس صدام حسين، أظهر مشاعر هي خليط من الاعتزاز والفخر، والأسف والأسى، لكنه لم يترك أي مجال للشك بأن استراتيجية "الصدمة والترويع"، الأمريكية، لم تنل من عزيمته وإرادته وإصراره.

شرح الرئيس العراقي لشعبه وللعالم كيف أن العراق بذل كل ما في وسعه لتجنب هذه الحرب. لكن الحقيقة التي بات العالم يعرفها هي أن قرار العدوان على العراق قد اتخذه جورج بوش والصقور في إدارته بعد ستة أيام فقط من هجمات 11 سبتمبر.
وواقع الأمر أن أيديولوجية الحرب الأمريكية التي يجري ترجمتها الآن، قد تمت صياغتها منذ عام 1997 صاغتها آنئذ مجموعة من يسمون بالمحافظين الجدد، على رأسهم ديك تشيني وبول ولفوتز نائب وزير الدفاع الأمريكي الصهيوني المعروف. هذه المجموعة أصدرت في ذلك العام وثيقة أطلقوا عليها "القرن الأمريكي الجديد".

الهدف المحوري للاستراتيجية التي صاغها هؤلاء هو الحيلولة دون بروز أي قوة عالمية تنافس أمريكا، بما في ذلك أوروبا، وأن يكون لأمريكا الحق في أن تضرب أي قوة تجرؤ على ذلك. وطرحت وثيقة هؤلاء أن هذه الاستراتيجية تجب المبادرة بتنفيذها، بمجرد تعرض أمريكا لكارثة على أراضيها مثل كارثة بيرل هاربر. وهذا هو ما حدث بالضبط بعد 11 سبتمبر، مما يلقي شكوكا كثيرة حول حقيقة من خططوا لهذه الهجمات.
هذا ما يقوله كثير من المحللين حتى في أمريكا نفسها.

وفي نفس الوقت، فإن أباطرة الصناعات العسكرية في أمريكا هم الممولون الأساسيون لهذه الحرب، التي هي أيضا ساحة لتجريب أحدث أسلحة الدمار والشر. وتؤكد المصادر المستقلة الموثوقة أن هؤلاء الأباطرة قدموا ما قيمته 80 مليار دولار من المعدات العسكرية منحة لتمويل الحرب الحالية ضد العراق. فعلوا هذا على أمل الحصول على عقود لتقديم معدات عسكرية في المستقبل تصل قيمتها إلى ما يزيد على 600 مليار دولار. الغزاة الذين يشنون الحرب على العراق اليوم ينتظرون "الجائزة العراقية الكبرى" مستقبلا. فالعراق يمتلك 112 بليون برميل من الاحتياطات النفطية بالإضافة إلى نحو 220 مليار برميل إضافية في أراضيه.

وقد كتبت مجلة "نيوزويك" بصراحة تقول إن هذه هي الفرصة الذهبية كي تستعيد الشركات العملاقة ملكية الذهب الأسود. إذن، وباعترافهم هم، فإن ما تريده الشركات النفطية العملاقة في العراق، هو أن تستعيد السيطرة على حقول النفط في المنطقة كلها، وهي السيطرة التي فقدتها منذ نحو خمسة عقود مع عمليات التأميم.
قبل أن تندلع هذه الحرب، كانوا في أمريكا يعتقدون أن عملية الغزو ستكون مجرد نزهة عسكرية. لكن ها هو شعب العراق يثبت لهم كم كان اعتقادهم هذا خطأ فادحا. أثبت شعب العراق أن لديه من العزيمة والإرادة والإصرار على الدفاع عن أرضه ووطنه ما يكفي كي يفجر مقاومة بطولية في مواجهة قوات أكبر دولة عظمى مسلحة بأحدث الأسلحة في العالم.

بغض النظر عن النتيجة التي سوف تنتهي بها هذه الحرب، إلا أن الحقيقة الساطعة اليوم سطوع الشمس هي أن شعب العراق لم ينخدع، ولن يركع، وسيقاوم بكل ما يملك دفاعا عن أرضه ووطنه وعروبته.