الأســـتاذ
11 / 11 / 2008, 46 : 04 PM
سيارتي العظيمة غسلتها هذا اليوم ، فقد تحملت أرتالا من الرمل و بعض الجثث النخرة لبعض الحشرات الطائرة ، التي كانت تصتدم بي أثناء قيادتي المتهورة نوعا ما ... و ما أبهجني كثيرا أن الغسيل كان مجاناً فقد غيرت الزيت لدى بنشر الحارة و كان قد وضع يافطة في أعلى المحل بخط بائس نحيل قد أحاط به الغبار : " غيار الزيت + غسيل مجاناً " ... صحيح أن أسعار الزيت قد أفسدت علينا فرحتنا بهبوط أسعار الوقود فما نقص هنا استوفته شركات البترول من هناك ، و مع أن كليهما يخرجان من بئر واحدة ، ومن بقعة واحدة ، بل عبر أنبوب واحد ، إلا أنها سياسة الشحن العربية – هكذا أُسْمِيها- فلكي تكسب العديد من الحناجر التي تلهج باسمك و تعلي من ذكرك و تسبح بحمدك لابد وأن ترفع يدك عن جيوبهم بعض الوقت لحين ايجاد مورد آخر يأتي على ما تراكم في هذه الجيوب طيلة فترة التطبير تلك !!
استقليت سيارتي و كتمت غيظي و هممت بالخروج من مشرحة الزيوت ، و توجهت صوب المغسلة ... ناولت المغسل فاتورة الغسيل فلما علم أني قد ظفرت بغسيل مجاني تغيرت خطوط وجهه الشاحبة و بدأت بالتكاثر و التراكم حتى غدت جبهته لفيفا من العروق الشجرية المتراكمة ... و أمرني أن أصطف في طابور طويل ، لم يسعفني الحظ فيه إلا بعد ساعتين من الصمود أمام تلك المثبطات ...
خبر آخر سار ملأ قلبي سرورا و حبورا ، فقد صرت خالاً لأول مرة، للوهلة الأولى أحسست بقدر كبير من المسؤولية لم أشعر به من قبل -إن لم أشعر به مطلقاً- ... فقد نبت من بعدنا جيل جديد ينتظرن منا الأخذ على أيديهم في خضم تلك الحروب الأخلاقية الطاحنة التي تحيط بنا لتفتك بما بقي لدينا من بذر الشيم و الأخلاق ... وانطوى جيل قديم يشرف الآن على بوابة الانقراض ...
جميل أن يرى الإنسان أولاده من ظهره يمشون في الأرض، يطرب بحديثهم و تقر عينه برؤية وجوههم التي تكسوها البراءة و الحياء ، لكن ما ينغص سعادته و أنسه أن يعلم هذا النشء محتاج بإلحاح قبل أن يفكر في شحن جوفه بالطعام أن يشحن ذاته بشمائل الإسلام ... و هو الميدان الذي قصر فيه الأباء ، فتراهم لا يفترون عن جلب أشهى المأكولات و أفضل الألعاب و ما لذ من المشروبات ثم يغدقون عليهم الأموال الكثيرة، و كأنهم يهيئون قطيعا من البهائم لموسم الذبح ، فما نفع الفتيان إن لم يحملوا بين جوانحهم أخلاقا تسمو بهم عن مرتع الجهال و أشباه البغال ، و أدباً يزينهم أمام الرجال ، و ديناً يعصمهم من الزلل في مستنقع الرذائل ، و علما يمنعهم من استحكام الضلال !!
نعود إلى أختي المحترمة ... فقد دخلت عليها في خدرها و هي قائمة على غلامها تغسله و تلفه ، رأيت إليه ... لم يكن على قدر كبير من الجمال ، على الرغم من استعجالي بالحكم على الصغير ، إلا أن هذا لم يكن مستغربا ...فخاله الأنيق لكأنما صب في قالب من البشاعة و القبح حين ولادته لا يعدله نظير ، حاولت أن أظهر التصنع بعض الشيء و الاحتفاء بالمولود لكن أختي عرفت شعوري المبدئي عن طفلها فنظرت إلي بمكر ثم فتحت فاها بعد أن ألقى في روعها شيطان الجاهلية النظرية البدوية التي تربط بين المولود و خاله سواء في الخير أو الشر ، وألقت على سمعي كما هائلا من ألفاظ التنديد و التهريج و أن السبب في هذا هو محاضن القبح التي تسلسل عبرها طفلها المسكين فنحن لم نكن نملك تلك السحنة الشامية الصافية و لا تلك الوسامة المبهجة ، لم يكن لي من بد في تلك اللحظة من الصراخ أيضا فأقسمت الأيمان المغلظة أن جينات ابنها الفاخرة ليس فيها خيط جيني واحد مني! و أن الإنسان إنما يستمد تكوينه من أصوله لا من حواشيه ، ثم خرجت من عندها بعد أن كنت أوسعها ضربا هي و ابنها ، لعلكم تعذرون تهوري بعض الشيء لكن لم أعد أحتمل ، لقد تسرب إلى قناعاتي أن الجدل مع النساء حول مواضيع كهذه سينتهي بلا جدوى فلكي تقنع امرأة أن صغيرها و فلذة كبدها من غرس الظلام أشبه بمن يتطلب أكل النار بملاعق من خشب ، قد أكون مبالغا نوعا ما إلا أنه الحقيقة بالنسبة لي ...
ختام النشرة ... وداعاً
استقليت سيارتي و كتمت غيظي و هممت بالخروج من مشرحة الزيوت ، و توجهت صوب المغسلة ... ناولت المغسل فاتورة الغسيل فلما علم أني قد ظفرت بغسيل مجاني تغيرت خطوط وجهه الشاحبة و بدأت بالتكاثر و التراكم حتى غدت جبهته لفيفا من العروق الشجرية المتراكمة ... و أمرني أن أصطف في طابور طويل ، لم يسعفني الحظ فيه إلا بعد ساعتين من الصمود أمام تلك المثبطات ...
خبر آخر سار ملأ قلبي سرورا و حبورا ، فقد صرت خالاً لأول مرة، للوهلة الأولى أحسست بقدر كبير من المسؤولية لم أشعر به من قبل -إن لم أشعر به مطلقاً- ... فقد نبت من بعدنا جيل جديد ينتظرن منا الأخذ على أيديهم في خضم تلك الحروب الأخلاقية الطاحنة التي تحيط بنا لتفتك بما بقي لدينا من بذر الشيم و الأخلاق ... وانطوى جيل قديم يشرف الآن على بوابة الانقراض ...
جميل أن يرى الإنسان أولاده من ظهره يمشون في الأرض، يطرب بحديثهم و تقر عينه برؤية وجوههم التي تكسوها البراءة و الحياء ، لكن ما ينغص سعادته و أنسه أن يعلم هذا النشء محتاج بإلحاح قبل أن يفكر في شحن جوفه بالطعام أن يشحن ذاته بشمائل الإسلام ... و هو الميدان الذي قصر فيه الأباء ، فتراهم لا يفترون عن جلب أشهى المأكولات و أفضل الألعاب و ما لذ من المشروبات ثم يغدقون عليهم الأموال الكثيرة، و كأنهم يهيئون قطيعا من البهائم لموسم الذبح ، فما نفع الفتيان إن لم يحملوا بين جوانحهم أخلاقا تسمو بهم عن مرتع الجهال و أشباه البغال ، و أدباً يزينهم أمام الرجال ، و ديناً يعصمهم من الزلل في مستنقع الرذائل ، و علما يمنعهم من استحكام الضلال !!
نعود إلى أختي المحترمة ... فقد دخلت عليها في خدرها و هي قائمة على غلامها تغسله و تلفه ، رأيت إليه ... لم يكن على قدر كبير من الجمال ، على الرغم من استعجالي بالحكم على الصغير ، إلا أن هذا لم يكن مستغربا ...فخاله الأنيق لكأنما صب في قالب من البشاعة و القبح حين ولادته لا يعدله نظير ، حاولت أن أظهر التصنع بعض الشيء و الاحتفاء بالمولود لكن أختي عرفت شعوري المبدئي عن طفلها فنظرت إلي بمكر ثم فتحت فاها بعد أن ألقى في روعها شيطان الجاهلية النظرية البدوية التي تربط بين المولود و خاله سواء في الخير أو الشر ، وألقت على سمعي كما هائلا من ألفاظ التنديد و التهريج و أن السبب في هذا هو محاضن القبح التي تسلسل عبرها طفلها المسكين فنحن لم نكن نملك تلك السحنة الشامية الصافية و لا تلك الوسامة المبهجة ، لم يكن لي من بد في تلك اللحظة من الصراخ أيضا فأقسمت الأيمان المغلظة أن جينات ابنها الفاخرة ليس فيها خيط جيني واحد مني! و أن الإنسان إنما يستمد تكوينه من أصوله لا من حواشيه ، ثم خرجت من عندها بعد أن كنت أوسعها ضربا هي و ابنها ، لعلكم تعذرون تهوري بعض الشيء لكن لم أعد أحتمل ، لقد تسرب إلى قناعاتي أن الجدل مع النساء حول مواضيع كهذه سينتهي بلا جدوى فلكي تقنع امرأة أن صغيرها و فلذة كبدها من غرس الظلام أشبه بمن يتطلب أكل النار بملاعق من خشب ، قد أكون مبالغا نوعا ما إلا أنه الحقيقة بالنسبة لي ...
ختام النشرة ... وداعاً