البحر المحيط
10 / 09 / 2008, 49 : 06 AM
قصـــــ 1413ــــة مقالـــــ 1429ـــه
1413هــــ
لملم وريقاته وذهب مسرعاً بعد أن لبس أجود ثيابه وقد قال لأمه :- من المهم يأمي أن أذهب للإثنينيه الثقافيه ولا اريد أن أتأخر .. فساعدته أمه فكوت ملابسه وأعطته عقال والده وتهندم امام المرآه وأمه تغدق عليها بالنظرات والبتسامات ... ...(وقد رأت أمه فيه.. صبي قمحي الوجه ... نحيل .... مقبول الشكل في السادسه عشر من عمره ... كان ذو عينين متوقدة .... يكاد أن يقول من رآها أنها عينان تطرح الأسئلة ...).قالت أمه وهي تنظر أليه وهو أمام المرآة :- عند فراغك من الندوة عد للمنزل مباشره ولا تتأخر .... فأومأ برأسه إيجاباً ..
خرج من المنزل وهو يُمني نفسه بعالم مثالي ينتظره في ذالك التجمع الثقافي وسيناقشون معه كل ما يريد مناقشته ... سيتفهمون وجهة نظره ... سيأخذون بيده كما قال له أستاذه في المدرسة ذات مره ( أنت شاب تجيد طرح أرأيك ومناقشتها مع الآخرين كما لاحظت أن عندك ملكة تعبير جيده فحاول أن تحتك بالمثقفين أنهم على استعداد بمناقشة أفكارك ومطارحتك أرائك كما أنهم سيدلونك على كتب ومراجع ستفيد منها وسيرعون ملكاتك لتطويرها ) .
كانت عبارات أستاذه تمنحه الطاقة والتفاؤل فيسرع بخطاه وينتشي بحماسه وكأنه ذاهب إلى أنُاس طال شوقهم لانتظاره ... تذكر انه قال لإستاده ذات مره... (أستاذ خالد أنك قلت لي أن المثقفون سيناقشونني في ما أريد مناقشته واني أريد مناقشه الوضع الحالي ...... وما هو الحل الذي يوجد في يد المجتمع لإيجاد حل للإشكال السياسي والاقتصادي الراهن .. وتطبيقه .. - فقطب الأستاذ خالد حاجبه وقال -... مثل هذه الأمور لا تناقش في مثل تلك الأماكن ولا مع منهم في مثل عمرك انت لست سوى موهوب صغير ...ولكن على كل حال أنا متأكد أنك ستجد بينهم من سيأخذ بيدك ...في كل ما تريد أنت فقط أذهب) ... حين ما تذكر كلمة أستاذه قال في نفسه لابد أن بينهم من سيأخذ بيدي لنجد حلاً ..
أثناء مسير داهمته أحلام اليقظة فخيل له أنه واقف أمام جمهور غفير وهو يطرح مشاكل الفساد وسوء توزيع الثروات .... ويناقش حلولها مع الآخرين من مسرح عالي ... ويؤيد هذا... ويعارض ذاك .....والجمهور الغفير .... تانهال عليه بالتصفيق ....والتبجيل ... وتقول له نعم هذا ما نريد ....وهو يقول لهم هدوءا لو سمحتم من أجل سماع صوت الآخر واحترام حريته في طرح رأيه .. فيصيح الجمهور الله على احترام الرأي الأخر ...ويضجون باسمه وكأنه حاكم عربي يلوح يده وهو وسط سيارته المكشوفة والجماهير على شاطئي الطريق تهتف له عاش الريس ..عاش الريس ....عاش الريس ..
ولكنه ذهن من حلمُه وضحك على نفسه .... وقال ( حلم ساذج ومضحك..... بل ومخجل حتى ) .
كان كل ما يريده هذا الصبي أن يسأل ويجد الجواب بدون توبيخ ..... والصبر على إفهامه... وشرح بعض المسائل التي يرى أنها مصيريه ... على الأقل في مفهومه .
1429هــــ
كان المكان يعج بالمثقفين ( يقال لهم مثقفين مجازاً لتفريق بينهم وبين بني أدم ) أعني أولاك الذي تشعر أنك لست في حاجه للاستماع لهم ... فهم يتكلمون عن مواضيع مثل ( تأثيرات الجندر في شخصية بطل الرواية ) بدون ذكر مدى تأثير ارتفاع أسعار الرز على مسيرة بطل الرواية ..أو ( الإسقاط المثالي في مينلوج النص ) ولم يذكر سقوط الدولار الذي سحب معه الفقير العفو ربه الاخ / ريال السعودي ...و ( الترابط التماثلي في حراك الشخصيات الريدكاليه ) ولم يأتوا برابط منطقي واحد في تفاوت الوفرة النقدية الواردة لخزانة ألدوله مع الزيادات الحكومية الزهيدة في المقابل...... ولكثير من تلك العبارات والدراسات التي باستطاعتك أن تجهلها او تتجاهلها ولن يسبب لك ذلك في أي شعور بالفقد او الجهل . ..
كنت هناك بدعوة من صديقي أحمد ( أبن صاحب الاثنينيه الثقافيه ) ...وصدقوني لو قابلت الأستاذ/ ظاهره كلاميه في الشارع لما عرفته إلا حين ما حضرت إثنينية القوم .
كالعادة حضرت لأمرين الأول (لأستمع) والثاني (لأستفيد) تحققت الأولى جدلاً ....ولا اعلم عن الثانية شياً ...يقال أنها هاجرت لجبوتي وقد سرها المكان هناك .... كان أحد المثقفين إياهم جالساً مقابلاً لي وكان ينظر لي بعينين جائرتين في النظرة .....وكنه يرى لا أحد ... فبادلته النظرة بأحسن منها .... وكأني لا أرى أحد ... بقينا نتسارق النظرات وقد قلت في نفسي لعل هذا شخص أسأت له في ما مضى أو ربما شبه علي أحدهم من من يتذكرهم بسلبيه كبيره .... عيناه لا تصرح بالمعنى ولكنه قد صرحت بالمضمون (الكره الشديد) .
فرغ أحد المحنطين من خطبه العدم التي مسدنا بها طوال الثلاثين دقيقه عن رواية لأحدهم (تحت الطبع) وقال سيتكلم الأستاذ / فلان بن علان عن النمط الصوري في الرواية ... فإذا بصاحبي ذو العيون الجريئة هو المعني ... أصخت السمع لعلي اعرف كنهه ... كان ابيض ألبشره طويل عريض المنكبين قد بداء الشيب يغزوا شعر رأسه والذي برز في أعلى عارضيه والمسدول على إذنيه وعينين صغيرتين وحاجب كثيف .
لم أتفاجأ حين بدأ بدون الحمد لله وصلاة على النبي ... بل سلام ثم أكال المديح كيلاً للمحنط الذي سبقه حتى شعرت أنه يعني الجاحظ ..... صبرنا وما صبرنا إلا بالله ..حتى فرغ من المديح .. ورام دخول أصل الموضوع والذي قال المحنط عنه ( النمط الصوري في الروايه ) .
تنحنح وسعل وعطس وكح وقال : أن ألصوره النمطية لرواية الأستاذ الكبير _ وأشار بيده إلا أحدهم ( صاحب الرواية على ما أظن) _ لم تختلف عن رواياته ألسابقه كانت تحمل نفسه وإسلوبه في تراجيديه الصور ... وتراتب الخلفيات لابطال الروايه وهو يتميز بذلك النوع من التصوير الخلفي في كتاباته عن بقية رواة العالم وأدبائهم ..( يا كبرها) .. وأسترسل يصف التصوير في الروايه ... يقول أن أختيار الاستاذ لألوان الخلفيات وملابس الأبطال كان منطلقاً من ذائقه فنيه أرى أن لا عيب في أن يستفيد منها الرسامون التشكيليون في الرسم فالبطل في الفصل الأول لبس كذا وحين ما كان الفصل الثاني في الرواية الفلانيه كان لونه مختلف متناسقاً مع الأحداث الدائرة في ذلك الفصل والخلفية لذلك النص ....وهلم جرى ...
بعد أن فرغ الأخ ابو شلاخ البرمائي ... عاد فجلس مكانه ...وقد بادرني النظره قبل أن يستوي جالساً ... فقلت في نفسي هذا من الأهمية بمكان ... أن يراني قبل أن يطمئن في جلسته .
جاء بعده مثله .....ثم نودي بالعشاء .... على أن تكون تكملة الندوة بعد وجبة العشاء ..
بعد فراغي من الطعام وعند خروجي من المغاسل على يمين باب المجلس او القاعة .. فاجأني الخ ذو النظرات الناريه يبادرني بذكر أسمه ...قال معك فلان بن علان .. فرديت عليه مرحبا أي خدمه ...ولم أعرفه باسمي ليقيني أن ذلك كان هدفه ... فقال ما تعرفنا على الأخ قلت له مدعو ومن دعاني يعرفني ... تريد شي آخر .. فقطب حاجباه وأدبر ... للقاعه.
دخلت القاعه وغيرت مكان جلوسي فجلست في الجهة اليمنى ... وكانت القاعه تدوي دوي النحل ...
هذا يعرف بأحدهم لصديقه :- أعرفك على الأستاذ الشاعر الكبير / (نكره بن مجهول) ... فقال المعرف له ... الله الله .. هذا معروف ومن لا يعرف الشاعر الكبير مرحبا مرحبا ...ومن لا يعرفك أستاذي .... ( فكدت أن ارفع يدي وأقول انأ لا عرفه)
وهناك أحدهم يقول لصاحبه ... فرغت من كتابه مقال وارغب منك أن تكلم فلان يكلم لي علان من اجل أن يتوسط في نشره في الصحيفة الفلانيه ..ولا مانع لدي من أن ينقحها إذا أراد ..او حتى يغير وجهة ألفكره ... فأنا مستعد !! ( قلت في نفسي لماذا تكتب إذاً ...ليكتب هو ويذيلها باسمك !)
وآخرون هناك اجتمعوا على أحدهم وكادوا ان يسبحون بحمده لولا تواضع الأخير ...( قلت في نفسي .. أثينية أمسكلي وأقطعلك ......أمدحني وأمدحك) ..
طب طب ( تحرك المكرفون ) خف الدوي وبداء الحضور يأخذون مقاعدهم ...
1413 هــــ
اقترب الصبي الحالم من مجلس الاثنينيه .... وصعد الدرج كان يتوقد حماساً مخفياً وراء ذلك ارتباكه .... نظر للمرآة التي على يسار الداخل مع الباب عند المغاسل بلمحه سريعه – هه العقال على مكانه والشماغ مرتب بشكل جيد تمام – واصل ودخل القاعه ليلفحه موجة من الهواء البارد التي تضخها وحدات التكيف ألمركزي في تلك القاعه... صأحبها موجة من الارتباك حين رأى العدد المهول من ذوي الهيئة الحسنه والهندام الراقي قد ملوا المقاعد تقريباً ..وكان مكبر الصوت يدوي ... فسمع حينها المتكلم يرحب بالحضور ويثني على بعض الأشخاص الذي سبق أسمائهم لقب (دكتور) .
مشى بخطوات متخوفه يريد أن يجد مكان قريب من ألمقدمه وفي نفس الوقت كان يحاول احترام المكانه ولباقة الجلوس فذهب وجلس في الجهة ليسرى في أخر كرسي فارغ من المقاعد ألطوليه على جانبي القاعه والتي أخذت شكل حلقه ووضع وريقاته على فخذيه وبداء الاستماع ...
رحب صاحب الكلمه بالدكتور / فلان إستاذ في الجامعه الفلانيه والذي سيلقي على أسماعكم بداية موضوع هذه الليله فليتفضل مشكوراً .. تقدم الاستاذ إلى ذلك الكرسي على المنصه وجلس وسلم على الحضور .. وشكر المقدم على الإطراء ... ومدح بعض الحضور ..
حينها لفت انتباه الصبي شي ما في الجهة ألمقابله للمنصة على يمينه حينها رأى المقاعد قد غصت بالحضور .... فقال في نفسه ... ماذا سيكون مستوى تفاعلهم معي خاصتاً إن موضوعي يمس معيشتهم وحياتهم الخاصة .... سرح في تأملاته وعاد قراءة وريقاته وبداء يرتب نصه فمسح وأضاف .. لتليق بهذا الجمهور الكبير ... وأثناء ذلك أنتبه أنه قد فاته متابعة الدكتور وقال في نفسه (لا يجوز أن لا أنتبه لحديث الآخرين ... وأطالبهم أن ينتبهوا لحديثي ... طوى أوراقه وشدد انتباهه لمحاضره الدكتور .
كان الحديث يدور حول تاريخ الإحساء في أدب الجزيرة العربية .... - موضوع لم يرق له ..مع حبه لشعر -... فتذكر انه سمع من أحد الأدباء ذات يوم : أن الشعر ينطلق من الإنسان لا المكان ... ففي كل بلد شعراء .... وسيبقى الشعر مادام هناك إنسان يقوله وإنسان يتلذذ لسماعه .... وأن جغرافية الشعر ... هي التي جعلت الشعر ... خطوط حمراء كلتي في الخرائط ... التحديد الحدود ألسياسيه) استرسل في أفكاره ورحل عن مضمون الندوة التي لم ترق له ليستعيد أحاديث مطوله مع أصدقائه ومعلميه وبعض أبناء عمومته عن الشعر والأدب وأجود القصائد والشعراء ... ( ونسي أنه لا يجوز أن لا ينتبه لحديث الآخرين )
استفاق من سرحانه على صوت المحاضر يقول هل أحد من الأخوة الحضور يعرف أبيات لشاعر من شعراء الإحساء في القرن الماضي ... شعر ألصبي أنها فرصته للوصول للميكرفون ولو بطريقه ليست مباشره للموضوع الذي يريد مناقشته ..... فلما هم بالمداخلة ...بدأت تزداد ضربات قلبه ويندفع الدم في وجهه وشعر بتعرق كفاه ..... فشد على نفسه ورفع يده ...
يتبع
1413هــــ
لملم وريقاته وذهب مسرعاً بعد أن لبس أجود ثيابه وقد قال لأمه :- من المهم يأمي أن أذهب للإثنينيه الثقافيه ولا اريد أن أتأخر .. فساعدته أمه فكوت ملابسه وأعطته عقال والده وتهندم امام المرآه وأمه تغدق عليها بالنظرات والبتسامات ... ...(وقد رأت أمه فيه.. صبي قمحي الوجه ... نحيل .... مقبول الشكل في السادسه عشر من عمره ... كان ذو عينين متوقدة .... يكاد أن يقول من رآها أنها عينان تطرح الأسئلة ...).قالت أمه وهي تنظر أليه وهو أمام المرآة :- عند فراغك من الندوة عد للمنزل مباشره ولا تتأخر .... فأومأ برأسه إيجاباً ..
خرج من المنزل وهو يُمني نفسه بعالم مثالي ينتظره في ذالك التجمع الثقافي وسيناقشون معه كل ما يريد مناقشته ... سيتفهمون وجهة نظره ... سيأخذون بيده كما قال له أستاذه في المدرسة ذات مره ( أنت شاب تجيد طرح أرأيك ومناقشتها مع الآخرين كما لاحظت أن عندك ملكة تعبير جيده فحاول أن تحتك بالمثقفين أنهم على استعداد بمناقشة أفكارك ومطارحتك أرائك كما أنهم سيدلونك على كتب ومراجع ستفيد منها وسيرعون ملكاتك لتطويرها ) .
كانت عبارات أستاذه تمنحه الطاقة والتفاؤل فيسرع بخطاه وينتشي بحماسه وكأنه ذاهب إلى أنُاس طال شوقهم لانتظاره ... تذكر انه قال لإستاده ذات مره... (أستاذ خالد أنك قلت لي أن المثقفون سيناقشونني في ما أريد مناقشته واني أريد مناقشه الوضع الحالي ...... وما هو الحل الذي يوجد في يد المجتمع لإيجاد حل للإشكال السياسي والاقتصادي الراهن .. وتطبيقه .. - فقطب الأستاذ خالد حاجبه وقال -... مثل هذه الأمور لا تناقش في مثل تلك الأماكن ولا مع منهم في مثل عمرك انت لست سوى موهوب صغير ...ولكن على كل حال أنا متأكد أنك ستجد بينهم من سيأخذ بيدك ...في كل ما تريد أنت فقط أذهب) ... حين ما تذكر كلمة أستاذه قال في نفسه لابد أن بينهم من سيأخذ بيدي لنجد حلاً ..
أثناء مسير داهمته أحلام اليقظة فخيل له أنه واقف أمام جمهور غفير وهو يطرح مشاكل الفساد وسوء توزيع الثروات .... ويناقش حلولها مع الآخرين من مسرح عالي ... ويؤيد هذا... ويعارض ذاك .....والجمهور الغفير .... تانهال عليه بالتصفيق ....والتبجيل ... وتقول له نعم هذا ما نريد ....وهو يقول لهم هدوءا لو سمحتم من أجل سماع صوت الآخر واحترام حريته في طرح رأيه .. فيصيح الجمهور الله على احترام الرأي الأخر ...ويضجون باسمه وكأنه حاكم عربي يلوح يده وهو وسط سيارته المكشوفة والجماهير على شاطئي الطريق تهتف له عاش الريس ..عاش الريس ....عاش الريس ..
ولكنه ذهن من حلمُه وضحك على نفسه .... وقال ( حلم ساذج ومضحك..... بل ومخجل حتى ) .
كان كل ما يريده هذا الصبي أن يسأل ويجد الجواب بدون توبيخ ..... والصبر على إفهامه... وشرح بعض المسائل التي يرى أنها مصيريه ... على الأقل في مفهومه .
1429هــــ
كان المكان يعج بالمثقفين ( يقال لهم مثقفين مجازاً لتفريق بينهم وبين بني أدم ) أعني أولاك الذي تشعر أنك لست في حاجه للاستماع لهم ... فهم يتكلمون عن مواضيع مثل ( تأثيرات الجندر في شخصية بطل الرواية ) بدون ذكر مدى تأثير ارتفاع أسعار الرز على مسيرة بطل الرواية ..أو ( الإسقاط المثالي في مينلوج النص ) ولم يذكر سقوط الدولار الذي سحب معه الفقير العفو ربه الاخ / ريال السعودي ...و ( الترابط التماثلي في حراك الشخصيات الريدكاليه ) ولم يأتوا برابط منطقي واحد في تفاوت الوفرة النقدية الواردة لخزانة ألدوله مع الزيادات الحكومية الزهيدة في المقابل...... ولكثير من تلك العبارات والدراسات التي باستطاعتك أن تجهلها او تتجاهلها ولن يسبب لك ذلك في أي شعور بالفقد او الجهل . ..
كنت هناك بدعوة من صديقي أحمد ( أبن صاحب الاثنينيه الثقافيه ) ...وصدقوني لو قابلت الأستاذ/ ظاهره كلاميه في الشارع لما عرفته إلا حين ما حضرت إثنينية القوم .
كالعادة حضرت لأمرين الأول (لأستمع) والثاني (لأستفيد) تحققت الأولى جدلاً ....ولا اعلم عن الثانية شياً ...يقال أنها هاجرت لجبوتي وقد سرها المكان هناك .... كان أحد المثقفين إياهم جالساً مقابلاً لي وكان ينظر لي بعينين جائرتين في النظرة .....وكنه يرى لا أحد ... فبادلته النظرة بأحسن منها .... وكأني لا أرى أحد ... بقينا نتسارق النظرات وقد قلت في نفسي لعل هذا شخص أسأت له في ما مضى أو ربما شبه علي أحدهم من من يتذكرهم بسلبيه كبيره .... عيناه لا تصرح بالمعنى ولكنه قد صرحت بالمضمون (الكره الشديد) .
فرغ أحد المحنطين من خطبه العدم التي مسدنا بها طوال الثلاثين دقيقه عن رواية لأحدهم (تحت الطبع) وقال سيتكلم الأستاذ / فلان بن علان عن النمط الصوري في الرواية ... فإذا بصاحبي ذو العيون الجريئة هو المعني ... أصخت السمع لعلي اعرف كنهه ... كان ابيض ألبشره طويل عريض المنكبين قد بداء الشيب يغزوا شعر رأسه والذي برز في أعلى عارضيه والمسدول على إذنيه وعينين صغيرتين وحاجب كثيف .
لم أتفاجأ حين بدأ بدون الحمد لله وصلاة على النبي ... بل سلام ثم أكال المديح كيلاً للمحنط الذي سبقه حتى شعرت أنه يعني الجاحظ ..... صبرنا وما صبرنا إلا بالله ..حتى فرغ من المديح .. ورام دخول أصل الموضوع والذي قال المحنط عنه ( النمط الصوري في الروايه ) .
تنحنح وسعل وعطس وكح وقال : أن ألصوره النمطية لرواية الأستاذ الكبير _ وأشار بيده إلا أحدهم ( صاحب الرواية على ما أظن) _ لم تختلف عن رواياته ألسابقه كانت تحمل نفسه وإسلوبه في تراجيديه الصور ... وتراتب الخلفيات لابطال الروايه وهو يتميز بذلك النوع من التصوير الخلفي في كتاباته عن بقية رواة العالم وأدبائهم ..( يا كبرها) .. وأسترسل يصف التصوير في الروايه ... يقول أن أختيار الاستاذ لألوان الخلفيات وملابس الأبطال كان منطلقاً من ذائقه فنيه أرى أن لا عيب في أن يستفيد منها الرسامون التشكيليون في الرسم فالبطل في الفصل الأول لبس كذا وحين ما كان الفصل الثاني في الرواية الفلانيه كان لونه مختلف متناسقاً مع الأحداث الدائرة في ذلك الفصل والخلفية لذلك النص ....وهلم جرى ...
بعد أن فرغ الأخ ابو شلاخ البرمائي ... عاد فجلس مكانه ...وقد بادرني النظره قبل أن يستوي جالساً ... فقلت في نفسي هذا من الأهمية بمكان ... أن يراني قبل أن يطمئن في جلسته .
جاء بعده مثله .....ثم نودي بالعشاء .... على أن تكون تكملة الندوة بعد وجبة العشاء ..
بعد فراغي من الطعام وعند خروجي من المغاسل على يمين باب المجلس او القاعة .. فاجأني الخ ذو النظرات الناريه يبادرني بذكر أسمه ...قال معك فلان بن علان .. فرديت عليه مرحبا أي خدمه ...ولم أعرفه باسمي ليقيني أن ذلك كان هدفه ... فقال ما تعرفنا على الأخ قلت له مدعو ومن دعاني يعرفني ... تريد شي آخر .. فقطب حاجباه وأدبر ... للقاعه.
دخلت القاعه وغيرت مكان جلوسي فجلست في الجهة اليمنى ... وكانت القاعه تدوي دوي النحل ...
هذا يعرف بأحدهم لصديقه :- أعرفك على الأستاذ الشاعر الكبير / (نكره بن مجهول) ... فقال المعرف له ... الله الله .. هذا معروف ومن لا يعرف الشاعر الكبير مرحبا مرحبا ...ومن لا يعرفك أستاذي .... ( فكدت أن ارفع يدي وأقول انأ لا عرفه)
وهناك أحدهم يقول لصاحبه ... فرغت من كتابه مقال وارغب منك أن تكلم فلان يكلم لي علان من اجل أن يتوسط في نشره في الصحيفة الفلانيه ..ولا مانع لدي من أن ينقحها إذا أراد ..او حتى يغير وجهة ألفكره ... فأنا مستعد !! ( قلت في نفسي لماذا تكتب إذاً ...ليكتب هو ويذيلها باسمك !)
وآخرون هناك اجتمعوا على أحدهم وكادوا ان يسبحون بحمده لولا تواضع الأخير ...( قلت في نفسي .. أثينية أمسكلي وأقطعلك ......أمدحني وأمدحك) ..
طب طب ( تحرك المكرفون ) خف الدوي وبداء الحضور يأخذون مقاعدهم ...
1413 هــــ
اقترب الصبي الحالم من مجلس الاثنينيه .... وصعد الدرج كان يتوقد حماساً مخفياً وراء ذلك ارتباكه .... نظر للمرآة التي على يسار الداخل مع الباب عند المغاسل بلمحه سريعه – هه العقال على مكانه والشماغ مرتب بشكل جيد تمام – واصل ودخل القاعه ليلفحه موجة من الهواء البارد التي تضخها وحدات التكيف ألمركزي في تلك القاعه... صأحبها موجة من الارتباك حين رأى العدد المهول من ذوي الهيئة الحسنه والهندام الراقي قد ملوا المقاعد تقريباً ..وكان مكبر الصوت يدوي ... فسمع حينها المتكلم يرحب بالحضور ويثني على بعض الأشخاص الذي سبق أسمائهم لقب (دكتور) .
مشى بخطوات متخوفه يريد أن يجد مكان قريب من ألمقدمه وفي نفس الوقت كان يحاول احترام المكانه ولباقة الجلوس فذهب وجلس في الجهة ليسرى في أخر كرسي فارغ من المقاعد ألطوليه على جانبي القاعه والتي أخذت شكل حلقه ووضع وريقاته على فخذيه وبداء الاستماع ...
رحب صاحب الكلمه بالدكتور / فلان إستاذ في الجامعه الفلانيه والذي سيلقي على أسماعكم بداية موضوع هذه الليله فليتفضل مشكوراً .. تقدم الاستاذ إلى ذلك الكرسي على المنصه وجلس وسلم على الحضور .. وشكر المقدم على الإطراء ... ومدح بعض الحضور ..
حينها لفت انتباه الصبي شي ما في الجهة ألمقابله للمنصة على يمينه حينها رأى المقاعد قد غصت بالحضور .... فقال في نفسه ... ماذا سيكون مستوى تفاعلهم معي خاصتاً إن موضوعي يمس معيشتهم وحياتهم الخاصة .... سرح في تأملاته وعاد قراءة وريقاته وبداء يرتب نصه فمسح وأضاف .. لتليق بهذا الجمهور الكبير ... وأثناء ذلك أنتبه أنه قد فاته متابعة الدكتور وقال في نفسه (لا يجوز أن لا أنتبه لحديث الآخرين ... وأطالبهم أن ينتبهوا لحديثي ... طوى أوراقه وشدد انتباهه لمحاضره الدكتور .
كان الحديث يدور حول تاريخ الإحساء في أدب الجزيرة العربية .... - موضوع لم يرق له ..مع حبه لشعر -... فتذكر انه سمع من أحد الأدباء ذات يوم : أن الشعر ينطلق من الإنسان لا المكان ... ففي كل بلد شعراء .... وسيبقى الشعر مادام هناك إنسان يقوله وإنسان يتلذذ لسماعه .... وأن جغرافية الشعر ... هي التي جعلت الشعر ... خطوط حمراء كلتي في الخرائط ... التحديد الحدود ألسياسيه) استرسل في أفكاره ورحل عن مضمون الندوة التي لم ترق له ليستعيد أحاديث مطوله مع أصدقائه ومعلميه وبعض أبناء عمومته عن الشعر والأدب وأجود القصائد والشعراء ... ( ونسي أنه لا يجوز أن لا ينتبه لحديث الآخرين )
استفاق من سرحانه على صوت المحاضر يقول هل أحد من الأخوة الحضور يعرف أبيات لشاعر من شعراء الإحساء في القرن الماضي ... شعر ألصبي أنها فرصته للوصول للميكرفون ولو بطريقه ليست مباشره للموضوع الذي يريد مناقشته ..... فلما هم بالمداخلة ...بدأت تزداد ضربات قلبه ويندفع الدم في وجهه وشعر بتعرق كفاه ..... فشد على نفسه ورفع يده ...
يتبع