المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطاب : غيفار الذي لنا .................( المرثيه المحرمه)


البحر المحيط
01 / 04 / 2008, 24 : 02 AM
خطـّــاب : غيفارا الذي لنا … ” المرثية المحرمة .



لمشاهدة مشاركات هذا القسم يجب ان تكون مشاركاتك 10 أو أعلي. عد مشاركاتك حالياً 0 .



… على عـَـجـَـل … قبل أن يضيع الغـُـبار الفـِـضـّـي الـمـُـتـَـطـَـاير كالسحر من صورَتـِـكَ على الشاشة …

قبل أن تغيض الصورة و يـُـقـلـِـع القلب إلى حيث مقعده القديم … على عجل : .. مثل حـيـَاتِـك .. كرحيلك .. كشريط فيديو صامت مدتهُ أربع دقائق ٍ و ربع يقول بأنك موجود ٌ أكثر من أي وقت ٍ مضى …

على عجـَـل … فقد حفظت اليوم درسي …

قبل أن أعود ُ فأنسى كيف أجيب على السؤال القديم : هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ على عـَـجـَـل ٍ أكتب ، مرثية محرمة ، لن تـُـنشر في صفحة كاملة في جريدة “الرياض” ، ففي بلادي هذة ، أصدق ُ المراثي ، هي ما تمنع من النشر …

على عـَـجـَـل ، في ضجيج المراثي … يا خطـّاب …

لم تكن قد ولدتَ بعد عندما اغتيل ” تشي غيفارا ” في صمت ِ الغابات البوليفية ، بيد المخابرات الأمريكية الظاهرة و يد خفية للرفيق كاسترو .. عام 1967 م … غيفارا ، الشيوعي المخلص ، الطبيب الثائر ، المحارب الشاعري الذي افتتنت به نساء أمريكا اللاتينية حتى الموت …

دخـَـل بعد مقتله ، على جثمانه مصوّرٌ محترف ، نـَـسـَـخ َ صورته ُ الأبدية ، كان نحيلا ً ، بذقن ٍ طويلة ، كذقن خطاب ، و شعر أهوج فوضوي ، كشعر ِ خطـّـاب .. ” بدا لحظتها و كأنه الناصري ” قال المـُـصـَـوّر الذي التقط الصورة يومها .. و دخلت الراهبات و اقتطعن خصلات ٍ من شعره ِ ليحتفظن ببركاته كقديس لا متناهي الوجود .. ثـُـم دخـَـل من قتله غيله و قطع يده ُ كي يثبت للقيادة العامة في كوبا أنه قـُـتِـل فعلا ً - لا كما قطعت يد خطاب ليثبت انه حي تماما ً - .. و ضج ّ العالم من أقصاه إلى أقصاه : غيفارا مات ! (السؤال الكريه يعودني و أنا أشاهد نشرة الأخبار للمرة الرابعة هذا اليوم فقط كي أرى صورتك : هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … أجيب : انا لا أؤمن بقتل المدنيين … و أدير ظهري و أمضي … )

غيفارا الذي مات … الرجل ذو الصورة الشهيرة بطاقيته ِ العسكرية و نظرته ِ الفولاذ .. تلك الصورة الشهيرة التي لا تزال ترتفع كل يوم ٍ فوق رؤوس الصبية في كولومبيا و جنوى و سياتل و القاهرة و بورتو أليغري و في كل مؤتمر تجاري يقتطع ُ من لحوم البشرية و يشرب ُ دمها .. الصورة تلك .. رفض مـُـصورها أن يتقاضى ثمنا ً ممن يستغلونها و اعتبر أن مجرد التقاطها كان أهم حدث في حياته ، و أن تلك الصورة أعظم من أي ثمن … … خطــّــاب : كم قبـَـض غائلوك ؟

.. كم للمصوّر ؟ كم للسم ؟ كم لشريط فيديو فارغ جــُــلـِـبَ من حانوت صغير في ضواحي موسكو ؟ .. بكم ثمـّـنوا معلوماتك الإخبارية ؟ بكم باعوك ؟ و بكم اشتروك ؟

الصورة المجانية لــ( غيفارا ) لا تزال هي التعبير الأعلى عن روح الشباب ، منذ تظاهرات عام 1968 المجنونة التي اكتسحت العالم …. : ثلاثون عاما ً لا تقتل الإيمان … فبكم باعوا صورتك يا خطاب ؟ هل رضوا بالدولار أم بالباوند ؟ .. : هذا عالم يجهل قيمة الأشياء .. و الصور .. و البشر .. و حتى الأبطال …

بالمناسبة .. ، قبل أن ترحل : لماذا لم تتخذ لك لقبا ً ؟ لماذا لم تسمح لمحبيك َ بأن ينعتوك بـ( سيدي ) أو ( الشيخ البطل المجاهد ) ؟ لماذا لم تـُـشـبـِـع رغباتهم البشرية الباحثة دائما ً عن الأوثان ؟ لماذا لم تحترم رغباتهم الطوطمية و التي ما فتئت تعبر عن نفسها عبر كل هذا التاريخ : منذ أزمان السامري الذي صنع العجل ذو خوار ، و حتى حلقة من رفاق رسول الله الذين قالوا ( إجعل لنا ذات انواط ) .. و حتى أيامنا الحاضرة ؟ .. لماذا يا خطاب لم تصـّـدق في نفسك وليا ً و لم تطوّب ذاتك قديسا ً .. ؟ فعلها غيرك .. لماذا كل هذا الصمت و الخجل يا رجل ؟ هه ! … (السؤال يمزق ُ اعصابي : هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … أجيب هذة المرة : لماذا الهروب من مواجهة ما هو واقع وطني ؟ )

واقع ٌ و طني …. ؟ ! …. الواقع الوطني هو أنهم - يا خطاب - يحرموننا من انتسابك لنا و ينكرونك علينا : و ينفوننا نحن و جوازتنا الخضراء خارج حدودك القارية : بدون …

(السؤال يطرق رأسي كثقل ٍ من حديد : هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … أجيب : أكره ُ الشعارات الكبيرة ، إنها تـُـخيفني .. تـُـشعرني بالعبث أكثر من أي وقت ٍ أخر … …. الشعارات الكبرى ؟ …

لماذا تفوح ، في كل كتاب ٍ ، عـن ذكرى غيفارا ، رائحة عطر الليمون ؟ … لماذا يطير ” بوبي ساندز ” - الثائر الآيرلندي الذي أضرب عن الطعام حتى الموت من أجل آيرلندا ، و كان أيضا ً ذا ذقن ٍ وشعر ٍ طويلين - أقول لماذا يطير بوبي ساندز في الحكايات الآيرلندية بجناحين من ورق الغار ؟

لماذا يـُـمنح ليش فاليسا المحارب البولندي جائزة نوبل للسلام ؟ لماذا تصير قصة وليم والاس / المحارب الأسكتلندي ، فيلما ً سينمائيا ً عظيما ؟

لماذا أرث انا وحدي الفلسفة العدمية الأوروبية بينما يتظاهر شباب جنوى من أجل عالم ٍ أفضل ؟ ( السؤال يصير صفعة : هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … أجيب : لا أحترم أشرطة الفيديو السخيفة التي تسربها قنوات ٌ مشبوهة .. لا احترم الباحثين عن العـَـظـَـمـَـة و الشهرة .. لا أحترم الأبطال المنبريين ..) أشرطة فيديو ؟ …

على فكرة يا خطـّــاب : هل تعرف ُ أنك اختلفت كثيرا ً عن أول مرّة رأيتـُـكَ فيها ؟ أعني تلك المقابلة الفريدة لك في بدايات قناة الجزيرة .. ماذا جرى ؟ … لم يكن وجهك الوديع يومها يشي بأن نظرتك ستصير شرسة إلى هذة الدرجة ؟ … بالمناسبة : لماذا كان شريط الفيديو الوحيد لك ، هو شريط وفاتك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ( هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ …السؤال يصير صداعا ً يفلق الرأس )

المشهد الجنائزي يتكرر بغبارة الفضي السحري ، على الشاشة … ثم ينتقل إلى رأسي كالهلاوس … .. هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … قبل أن تتلاشى الصورة : لماذا يعتبر هذا العالم أن ” غيفارا ” بطل ، و ” خطــّــاب ” إرهابي ؟ الغبار الفضي يزيد ، الصورة واشكت التلاشي …

هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … الهلاوس الفضية أسطورية الجمال تزيد ، و تفيض من الشاشة ، وسواس داخلي : إلى أي درجة بمقاييس هذا العصر يجب أن تكون همجيا ً لتكون بطلا ً ؟ … إلى أي درجة يجب ان تكون عدميا ً / ذاتيا ً / صغيرا ً / لتكون متحضرا ً ؟

هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ الغبار الفضي يخنقني .. مثل الأوكسجين … : كم من فكرة ” التحضر ” مبني على أساس احتياجات و رغبات ” الآخر ” ؟

: هل تؤمنين بالكفاح المسلح ؟ … كفى ! .. كفى ! …

هل ………………………..؟ ( نعم .. نعم .. نعم : أتركني و شأني .. هل رضيت ؟ .. نعم ، نعم .. أؤمن ..

أؤمن .. رغما عن معارفي أؤمن ، رغما عن نفسي أؤمن .. رغما ً عن الأنماط القبيحة للوجود و الموت أؤمن ، مع كل هذا التلقين أؤمن ، غصبا ً عن أنف الذين يصطنعون البطولة أؤمن … أؤمن .. من أجل كل العمالقة الصامتين : خطـّـاب …

أؤمن .. بسبب الغيفاريين في كل العالم : أليس خطـّـاب هو غيفارا خاصتنا ؟ أؤمن .. بسبب المظهر الفوضوي و حسن السـّـمت و شريط الفيديو الوحيد …

أؤمن .. للغبار الفضي ، للبطل الذي لا يبحث عن المنبر ، لأن الكلمات الكبيرة لا شئ فعلا ً ، لكن الأفعال الكبيرة كل شئ ) على عجل … قبل أن تتلاشى صورتك - خطاب - و التي أعرف أن أحدا ً لن يرفعها أو يقدرها كما يرفعون صورة غيفارا ، ليس لأن غيفاراهم أفضل .. لكن لأننا نجهل معنى ان يكون لنا بطلنا .. : غيفارا الذي لنا ..

على عجل … ذكــّـِـرنا الذي نسينا … قبل أن تتلاشى الصورة من صدر الأخبار …

على مهل .. تتساقط آخر ذرة من الغبار الفضي . تلتقطها كف . تورق الفضة في الأنامل . تصير درعا ً . تصير ُ سيفا ً . تصير ُ قمرا ً سحريا ً سـُـباعي الوجوه . تصير عينا ً حارسة . تصير بطلا آخرا ً و جديدا ً مثل التاريخ / الحضارة / الإنسانية / الوجود ، مثل غيفارا الذي لنا : ببريق نظرته الفولاذ .


كتبته الجواهر في الساحة السياسية - 28 - 4 - 2002
منشوره في موقع الصعاليك ....للمدون الشيخ / حسن مفتي زاده (الخفاش الاسود)
مدونة الصعاليك أضغط هنا (لمشاهدة مشاركات هذا القسم يجب ان تكون مشاركاتك 10 أو أعلي. عد مشاركاتك حالياً 0 .)

ابو مي
01 / 04 / 2008, 08 : 05 AM
حسن مفتي

تدري أني آقراء كل جديد لذا الكاتب

يأخي حتى تعليقة على الأخبار وعلى الأحداث بتروي وعقلانية بطابع ساخر وفريد


يكفيك أنه أشهر كاتب على الأنتر نت فاق حتى كتاب الصحف والمجلات ...

الله يجزاك خير

طالب الجنان
03 / 04 / 2008, 54 : 11 AM
بارك الله في الكاتب والناقل ...... عندما رأيت صورة خطاب أنتابني شعور غريب ، أرجو من الله أن يجمعنا به في جنات عدن وأن يكثر من أمثاله .

أخي البحر المحيط جزاك الله خير .

الكاظم
08 / 04 / 2008, 07 : 09 AM
الله يرحمه فعلا مجاهد عظيم ..

أبو فـلاح
09 / 04 / 2008, 01 : 01 AM
رحم الله خطاب ..كان مجاهدا نذر حياته لنصرة الإسلام ثم مات شهيدا ...

تبرأنا منه لأن هناك من شهوه صورة المجاهد بشكل ضاعت فيه المثل ...

نقل مميز يابحر

أبو ياسر
09 / 04 / 2008, 02 : 02 PM
رحم الله خطاب و بلغة درجة الصديقين و الشهداء ..
كتابة رائعة جداَ أشكرك على إثباتها أخي الكريم / البحر المحيط ..