المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إطلالة من نافذة السعادة


أبو ياسر
31 / 08 / 2007, 57 : 11 PM
لمشاهدة مشاركات هذا القسم يجب ان تكون مشاركاتك 10 أو أعلي. عد مشاركاتك حالياً 0 .

مرحباً يا سادة اشتقت لكم كثيراً .. أرجوا أن تكونوا بخير من الله و عافية ..
بعد أيام قلائل ستنتهي إجازة العام و يعود الناس إلى محلات عملهم و مقاعد مدارسهم ليطل من جديد وجه الحياة العابس .. فكنت أفكر ملياً في رقم مقالة أنفس فيها عن إخواني و أخواتي الأعزاء في منتديات جاش .. فخطر لي أن أحدثكم عن السعادة .. فاستلهمت يراعي فأنشأ يقول .. - مهلاً مهلاً أعلم بأن المقالة طويلة :31: و لكنها تحوي قصة ممتعة قد لا تريدون تفويتها:5: -..
السعادة مطلب تشرأب له الأعناق و تتطلع له الأنفس و يقضي بني الإنسان أعمارهم طرقاً على أبوابها .. و كانت حكمة المولى جل و علا قد اقتضت أن يتباين الناس في تفسير السعادة ليحصل الخلاف المؤدي للاتفاق – أي اتفاق الحياة و ديمومتها - .. قد يبدوا هذا الكلام متناقضاً نوعاً ما و لكن عند التأمل ستدرك ذلك .. أفرأيتم لو كان الناس على سبيل واحد و ينهلون من منهل واحد و يطلبون جميعاً مطلباً واحد هل ستستقيم عندها الحياة وتتفق لنا السعادة في نواحيها أبداً لا يمكن ذلك.. لذا كانت السعادة لها صور متعددة في الحياة و لكل من البشر وجهة هو موليها ..يقول الأستاذ الأديب عباس محمود العقاد: إن له صديقاً رساماً ؛ يتخيل الأشياء، فتخيل السعادة ذات يوم، ورسمها فتاة في سن العشرين, تركض ذات اليمين، وذات الشمال في توقّد وحركة وحيوية، وشعرها يتطاير يمنة ويسرة، وهي في قمة السرور واللهو والبهجة، وعرضها عليّ؛ فقلتُ له لا أتخيل السعادة كذلك..
ولست أبالغ إذ أقول أنه يمكننا أن نكون سعداء إذا نحن أردنا ذلك فالخيار بأيدينا و لا علاقة لهذه السعادة بسعة أو جدة .. لذا ترون من الناس من يملك سيارة فارهة و منزلاً فسيحاً وزوجة صالحة و مع ذلك كله فهو غير سعيد وآخر في المقابل لا يملك من مقومات العيش إلا ما يقيم به صلبه و ترونه يطير سعادة و هناء .. إذاً هناك سر ؟ وجوابه .. أن السعادة فن يمكننا أن نتعلمه إذا أردنا ذلك ..
دَوَاؤُكَ فِيكَ وَمَا تُبْصِرُ
وَدَاؤُكَ مِنْكَ وَمَا تَشْعُرُ

وَتَزْعُمُ أَنَّكَ جُرْمٌ صَغِيرٌ
وَفِيكَ انْطَوَى الْعَالَمُ الْأَكْبَرُ
قرأت قبل أيام قصة جميلة ما إن انتهيت منها حتى وقفت لها دهشة وإكبار .. فما رأيكم أن أقصها عليكم..
حسناً.. كان هناك مريضان هرمين في غرفة واحدة. كلاهما معه مرض عضال. أحدهما كان مسموحاً له بالجلوس في سريره لمدة ساعة يوميا بعد العصر. ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة. أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام، دون أن يرى أحدهما الآخر، لأن كلاً منهما كان مستلقياً على ظهره ناظراً إلى السقف. تحدثا عن أهليهما، وعن بيتيهما، وعن حياتهما، وعن كل شيء وفي كل يوم بعد العصر، كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر من النافذة، ويصف لصاحبه العالم الخارجي. وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج: ففي الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط. والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء. وهناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة. والنساء قد أدخلت كل منهن ذراعها في ذراع زوجها، والجميع يتمشى حول حافة البحيرة. وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة. ومنظر السماء كان بديعاً يسر الناظرين وفيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع. ثم يغمض عينيه ويبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى. وفي أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً. ورغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها. ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه. وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل. ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة. فحزن على صاحبه أشد الحزن. وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة. ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه. ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده. ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة. وتحامل على نفسه وهو يتألم، ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر العالم الخارجي. وهنا كانت المفاجأة!!. لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية. نادا الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها، فأجابت إنها هي!! فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة. ثم سألته عن سبب تعجبه، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له. كان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له: ولكن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم، ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت ..

إذا أغلقت الأبواب فلابد وأن هناك نافذة لسعادة في الجوار و ما علينا إلا البحث عنها .. وحاذروا قد تكون هذه النافذة في صدوركم..
تقبلوا من أخيكم أجزل التحايا و أعبقها ..
وكل عام و رواد جاش بألف خير

سلطان آل حيدان
01 / 09 / 2007, 33 : 03 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يا هلا والله ومرحبا بك عودا حميدا وكم إشتقنا إلى مواضيعك الشيقة

سبحان الله العظيم والله قصة جميلة جداً
أشكرك أخي مجمع البحرين على هذه القصة


تحياتي

الكاظم
03 / 09 / 2007, 21 : 02 PM
قصة معبرة جداً .. شكراً لك مجمع البحرين

أبو فـلاح
03 / 09 / 2007, 02 : 03 PM
مقال رائع لكاتب رائع ...إشتقنا لطرحك الراقي ...
هذه الإطلالة دعوة للإقبال على الحياة بسعادة ..والبحث عن نوافذ تزيدها جمالا ...

دمت مبدعا ياكاتبنا الكبير

زائر الليل
03 / 09 / 2007, 46 : 03 PM
مقال رائع من كاتب رائع ............
وفي رأئي المتواضع أعتقد أن السعادة مرتبطة دائماً بطاعة الله ....... فمن أطاع الله وجد لذة وسعادة دائمة لا تكدر صفوها الهموم والمشاكل .... عكس من يطلب السعادة بمعصية الله واتباع الشهوات والملذات التي لا تحقق له سوى سعادة وهمية قصيرة ما تلبث أن تنتهي ويخيم عليه بعدها كآبة شديدة تطبق على أنفاسة وتضيق عليه الدنيا بما رحبت نسأل الله العافية والسلامة ...
أهلاً بعودتك أيها المبدع

شبيه الريح
04 / 09 / 2007, 34 : 10 AM
مقال رائع من كاتب رائع ............
وفي رأئي المتواضع أعتقد أن السعادة مرتبطة دائماً بطاعة الله ....... فمن أطاع الله وجد لذة وسعادة دائمة لا تكدر صفوها الهموم والمشاكل .... عكس من يطلب السعادة بمعصية الله واتباع الشهوات والملذات التي لا تحقق له سوى سعادة وهمية قصيرة ما تلبث أن تنتهي ويخيم عليه بعدها كآبة شديدة تطبق على أنفاسة وتضيق عليه الدنيا بما رحبت نسأل الله العافية والسلامة ...
أهلاً بعودتك أيها المبدع

لاجديد أخي مجمع البحرين فنحن نجمع على أنك تملك قلما يستحق أن لانفوت ما ينقشه ....السعادة كما قال زائر الليل تبدأ من طاعة الله فهي تصفي النفس ...

أبو ياسر
08 / 09 / 2007, 16 : 12 AM
الأخوة النبلاء - سلطان آل حيدان - الكاظم - أبوفلاح - زائر الليل - شبيه الريح
مرحباً بكم .. بحق لقد كانت زيارتكم لهذا الموضوع مثرية .. فشكراً جزيلاً لكم
استاذي الكريم .. زائر الليل .. أحسنت لا سعادة إلا في طاعة الله جل و علا وهي النافذة التي لاتغلق أبدا ..