العنود
09 / 05 / 2007, 15 : 01 AM
في تصديره لبحثه يقول محمود بن عبد الرازق: "إن أخطر ما يواجه به المسلمون اليوم، ذلك الغزو الوافد إلينا عن طريق القنوات التلفزيونية الفضائية، تلك الفتنة التي لم يبق بيت من بيوت العرب إلا دخلته. فمع بداية كل يوم، تبدأ جيوش من وسائل الإعلام نشاطها المحموم لتغزو العالم الإسلامي، وتقتحم علي المسلمين في الغرفات خلوتهم. مئات من الفضائيات تلعب دورا خطيرا في قلب مفاهيم الشباب واهتماماتهم، وتفتح أبوابها وأبواقها وتسخر أدواتها وإمكانياتها للفكر الانحلالي الغربي".
ويتابع بأن بحثه هذا، إنما هو بحث في "العلاقة بين الفضائيات ومكامن الثغرات التي يتسلل منها الغزو الفكري إلي الشباب وسائر فئات المجتمع الإسلامي ... وكيف يتسلل الغزو الفكري إلى الفضائيات ذات البرامج المختلطة، تلك الفضائيات المتنوعة في برامجها بين النذر اليسير من البرامج الدينية والإخبارية والثقافية، والكم الكبير من البرامج التي تمثل امتدادا لقضية الغزو الفكري التي تبناها العدو عبر مراحل صراعه مع الإسلام والمسلمين، سواء كانت هذه البرامج هي بذاتها برامج غربية، أو محاكاة لها في الفكرة والهيكل، أو خططوا لها دون وعي من القائمين على هذه الفضائيات".
ويقر بالبدء بأنه "استغلالا للتقنية الإعلامية الحديثة في انتشار الصورة المرئية عبر القنوات الفضائية ظهرت حرب الفضائيات كغزو جديد، غزو لا تشارك فيه الطائرات ولا الدبابات ولا القنابل والمدرعات، غزو ليس له في صفوف الأعداء خسائر تذكر، ولا نفقات كبيرة تبذل، ولكنه على الرغم من ذلك يؤدي إلى هدم جيل الشباب في صفوف المسلمين .
إن هذا الغزو القادم إلينا من الفضاء يفعل ما لا تفعله الطائرات ولا الدبابات، ولا الجيوش الجرارة، إنه يهدم العقائد الصحيحة والأخلاق الكريمة والعادات الحسنة والشمائل الطيبة والشيم الحميدة والخصال الجميلة".
2- ينقسم البحث إلى عشرة مطالب كبرى، أفردها الكاتب للبحث في أثر الفضائيات على سلوكيات الشباب تحديدا، وعلى المجتمع الإسلامي بوجه عام:
+ بالمطلب الأول ("الغزو الفكري والفضائيات ذات البرامج المختلطة")، يحدد الكاتب معنى الفضائيات المختلطة بالقول: هي "تلك الفضائيات المتنوعة في برامجها بين النذر اليسير من البرامج الدينية والإخبارية والثقافية، والكم الكبير من البرامج التي تمثل امتدادا لقضية الغزو الفكري التي تبناها العدو عبر مراحل صراعه مع الإسلام والمسلمين، سواء كانت هذه البرامج هي بذاتها برامج غربية أو محاكاة لها في الفكرة والهيكل، أو خططوا لها دون وعي من القائمين علي هذه الفضائيات، أو أنها تقدم من قبل الحكومات لتصوير المسلمين بالصورة التي يرغب الغربيون أن نكون فيها، خشيه التهديد بختم الإرهاب والرجعية".
إن نسبة 85 % من جمهور المشاهدين، يقول الكاتب، يحرصون على مشاهدة القنوات التي تعرض المناظر الإباحية، ونسبة 53% من الفتيات " قلت لديهن تأدية الفرائض الدينية، ونسبة 32% فتر تحصيلهن الدراسي، ونسبة 42% يتطلعن للزواج المبكر ولو كان عرفيا، و22% تعرضن للإصابة بأمراض نسائية، نتيجة ممارسة عادات خاطئة".
ومن تأثير الغزو العقدي الناجم عما تبثه كثير من الفضائيات المختلطة، بزعم المؤلف، "التشبه بالكفار والانبهار بعاداتهم وتقاليدهم. وذلك أن معظم ما تبثه كثير من هذه الفضائيات يظهر المجتمعات الغربية المنحلة بوجهها الجميل فقط، وجه القوة والنظام والإنتاج والإبداع. ولا غرابة في ذلك، إذ أن إنتاج تلك المواد الإعلامية هو تحت نظر وسمع الغرب والمنبهرين بهم، المتشبهين بثقافاتهم". لكن، يتابع المؤلف، "أين ذلك التصوير الحقيقي لحياتهم التي يعيشونها الآن، من إحساس الغرب بالخواء الروحي المرير والشقاء والحيرة والاضطراب والتفكك الأسري والانحلال الخلقي، والتشتت الاجتماعي والذي يهربون منه إلى جحيم المخدرات والمغامرات الحمقاء، والشذوذ في مختلف مناحي الحياة، الشذوذ في الحركات والمظاهر واللباس والطعام، الشذوذ الأخلاقي والسلوكي الذي أورث أمراضا عصبية ونفسية لا حصر لها، وجعلتهم لا يجدون في الحياة ما هو جدير بالبقاء بها".
ومن الأضرار والمخاطر التربوية والأخلاقية، يذكر الكاتب، "العزوف عن الزواج، والاكتفاء بالمناظر المحرمة. فالشباب الذين تأثروا بمناظر العري والفاحشة التي هي المادة الرئيسية في معظم القنوات الفضائية المختلطة، ظهر من توجهاتهم عزوف عن الزواج ورغبة عنه، وربما يتعلل الشاب بأن الزواج مسئولية وتكاليف".
ومن أضرار هذه القنوات أيضا، يؤكد الكاتب، "الإخلال بهوية المجتمعات الإسلامية، والقضاء علي البقية الباقية مما لديها من تراثها وأخلاقياتها. ومن محص ما تعرضه القنوات الفضائية المختلطة، فإنه يلحظ أنها تقدم النموذج الغربي المتحلل من الأخلاق على أنه هو محل التقليد والإعجاب، مع تنحيتها للأخلاق والآداب الإسلامية في أغلب الأحيان، وبذلك دخل المجتمع المسلم في نفق التبعية والتقليد لما فيه هلاكه".
أما في جانب الإخلال بالأمن، فيعتقد المؤلف أن "هذه الفضائيات دأبت على استساغة الجريمة واعتيادها من خلال عرض أفلام الجريمة، المسماة بالأفلام البوليسية. وتكرار هذه المناظر للجريمة على أنظار الناس بمختلف طبقاتهم وأعمارهم، يجعل الجريمة في أنفسهم أمرا اعتياديا، حتى يصبح المجتمع ويمسي وروح الجريمة يدب فيه، وتكون بمثابة الأحداث اليومية من حياة الناس".
+ بالمطلب الثاني ("الغزو الفكري والفضائيات الإخبارية") يحدد المؤلف مضمون هذه الفضائيات بالقول: إن "الفضائيات الإخبارية هي التي يغلب عليها الطابع الإخباري في برامجها. وهذه الفضائيات غالبا ما تقدم نفسها على أنها فضائيات نزيهة محايدة، أو ليس لها مصلحة مع طرف ينازع طرفا آخر، وأنها تعطي كل طرف فرصة إبداء الرأي، وتوضيح وجهة النظر دون انحياز أو تمييز، بغض النظر عن توجهاته الفكرية حتى لو كان ضيفها رأس اليهودية".
لم تتواجد هذه الفضائيات إلا من وقت قريب، يلاحظ الكاتب، حيث لم يكن في البلاد العربية، قبلها، إلا القنوات المحلية التي لم تكن معنية بصورة أساسية إلا بأخبار القادة في كل قطر. لكنها مع ذلك، أتاحت الفرصة أمام مفكرين وكتاب وأصحاب رأي، ممن ضاقت بهم أجهزة الإعلام الرسمية لطرح أرائهم وأفكارهم دون وصاية أو ضغط، وإن كان الأمر لم يخل من تدخل من هنا أو من هناك.
الظاهرة في مجملها، يتصور المؤلف، ظاهرة إيجابية "أثرت في القائمين سلفا علي أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وكانت ذات تأثير كبير علي الرأي العام، وترتب على ذلك تحريك الماء الراكد في الإعلام العربي، حتى يصبح علي مستوي المنافسة. وقد تنامى تأثير هذه الفضائيات بفعل الحرب الأمريكية في أفغانستان، واستمر مواكبا للحرب المستمرة على العالم الإسلامي حتى الآن، وكذلك حرب الإبادة الجارية للمسلمين في فلسطين".
لكنها، في الآن ذاته، يعتقد المؤلف، من الوسائل الحديثة للغزو الفكري لأنها تحتوي علي سلبيات وثغرات يحصرها في:
°- كونها تعمد إلى التقديم لمتحدثين إسرائيليين، واستضافتها لأكبر رجال دولتهم مع هالة من الاحترام، "تعطي انطباعا لدى المشاهد على أنه يمثل صورة حضارية، وهو في حقيقته محتل غاصب قاتل للمواطن العربي المسلم، وفي ذلك دعوة ضمنية لقبولهم والتطبيع معهم".
°- كون البرامج المفتوحة للحوار، كالاتجاه المعاكس وما يدار في حوار المستقلة والمنار وغير ذلك وبالصور الحالية "من أكبر الأخطار، التي تفعل ما لا يفعله جند مسلحون بأنكى أسلحة الغزو الفكري، فربما تستضيف قناة الجزيرة علمانيا حاقدا على الإسلام كارها للالتزام ليقابل داعيا إسلاميا، وبأخطاء فادحة من المحاور، يبدو للنظر أن العلماني متفوق في فكره على الإسلامي، والشيعي أصدق من السني" وهكذا.
°- كونها تدفع بجهة "خلق وصناعة بنية مزاجية ونفسية ومعنوية للمواطن العربي المسلم، تؤسس لثقافة معولمة ولحالة عربية مبهورة، أسيرة ومسلوبة للثقافة الغربية".
+ بالمطلب الثالث ("الغزو الفكري والفضائيات الانحلالية") يتحدث الكاتب عن تلك القنوات العربية التي "لا تراعي حرمة الدين، ولا مبادئ أخلاقية، ولا قيود اجتماعية، بل هي حرب فضائية وغزو جديد، غزو الشهوات، غزو الكأس والمخدرات، غزو المرأة الفاتنة والراقصة الماجنة والشذوذ والفساد، غزو الأفلام والمسلسلات والأغاني والراقصات، وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات، إنه غزو لعقيدة المسلمين في إيمانهم".
ويعتقد الكاتب أن برامج هذه الفضائيات من شأنها "تغيير نمط تفكير الشباب والفتيات لمفهوم الهوية والعادات والتقاليد. فلم يعد ينظر باهتمام بالغ للهوية الإسلامية وخاصة من قبل الشباب، بل بات الأمر الهام هو كيف يحقق كل من الشاب والشابة حلمهما في تحقيق السعادة والمتعة، وكيف يجاريان فتيات الفضائيات في تغنجهن ودلالهن ولباسهن ومكياجهن الأنيق. بالتالي، ضعفت العلاقة بين الشباب وبيئتهم المحلية، وباتوا ينظرون لما هو موجود في الخارج من أنواع الفساد العصري، ويبحثون عن نمط الحياة والمعيشة والعلاقات كما تعرضه لهم الفضائيات الانحلالية، وهذا كله قاد في وقت قصير إلى تبديل المستوي الفكري لرؤية المفاهيم كالهوية والقيم والأخلاق والالتزام".
ويستشهد الكاتب بدراسة بحثية ميدانية حول أخلاقيات الفضائيات وأثرها في المجتمعات، أفادت فيها الباحثة جيهان البيطار أن 89% من الإعلانات الموجهة للشباب تحتوي قيما سلبية كالشراهة والتبذير والانحلال، وأن 93% من الفضائيات تستخدم السيدات، وأن 73% منها يتم تقديمها من خلال حركات المرأة ومفاتنها، وأن 58% منها تحتوي تجاوزا في اللغة، وأن أكثر من النصف يحتوي إثارة في المضمون.
+ بالمطلب الرابع ("الغزو الفكري والفضائيات الإباحية") يذكر الكاتب بالدور الذي قام ويقوم به المبشرون بغرض نشر الجهل والفقر والمرض، "للتغلغل بين شعوب الأمم من خلال وسائل الإعلام التقليدية من كتب ومطبوعات وإذاعة وتلفاز وأشرطة سمعية ومرئية، فضلا عن المخيمات والتعليم والطب، إلى جانب الأنشطة الاجتماعية الإنسانية والإغاثية الموجهة لمنكوبى الفتن والحروب، مسخرين إمكاناتهم الضخمة لتحقيق مآربهم".
لكنه يذكر في الآن ذاته، بأن هؤلاء بات لديهم اليوم فضائيات تبشيرية إباحية، لا تكلفهم الجهد والمشقة التي بذلوها في السابق وتبث من إيطاليا بلد الفاتيكان، ومن قبرص وإسرائيل ولبنان وغيرهما من البلدان الأوربية.
يقول الكاتب بهذه النقطة: "لإخراج المسلم من هويته وتشكيكه في دينه، أتونا عن طريق الشبهات أو الشهوات أو بهما معا. والتركيز حاليا على باب الشهوات الذي فتح على مصراعيه، ومن وسائله ما يسمي بالغزو الفكري أو قل الغزو الفضائي، أو ضمن عناصر ما يسمى بالعولمة. فهو مما دخلوا به على المسلمين وغزوهم فكريا بوسائل الإعلام، والاتصالات المعلوماتية الحديثة بإمكانياتها الكبيرة ذات القدرة التأثيرية المباشرة. وقد ركز أعداء الإسلام على توجيه هذه الوسائل للقضاء على مقومات الأمة الإسلامية، وهدم قيمها وعمدوا إلى الشباب عماد الأمة وسر نهضتها وتقدمها".
ويلاحظ المؤلف أن آثار هذه القنوات الإباحية إنما تتمثل في "ضياع الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، ووأد الفضيلة، وقتل الحياء، وتلبس الوجه رقعة من الصفاقة والوقاحة والسواد والظلمة". كما أن النظر إليها ومتابعتها تعتبر "من أعظم أسباب الزنا، وانتهاك الحرمات حتى مع المحرمات"، مما يؤدي إلى "كثرة جرائم الاغتصاب والشذوذ واللواط، وإهدار كرامة المسلمين ذكورا وإناثا، مما يهيج العداوات، ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة والزاني".
ويتابع: "ما زال الصليبيون يتربصون الدوائر بأهل الإيمان وينصبون لهم الشباك، ويضعون الخطط للوقيعة بالمسلمين. ولئن كان ذلك في الأزمان السابقة خفيا وبعيدا عن الأنظار، فإنهم اليوم يصرحون بحقدهم الدفين من خلال القنوات التبشيرية الإباحية، وما تخفي صدورهم أكبر".
ويتابع بأن بحثه هذا، إنما هو بحث في "العلاقة بين الفضائيات ومكامن الثغرات التي يتسلل منها الغزو الفكري إلي الشباب وسائر فئات المجتمع الإسلامي ... وكيف يتسلل الغزو الفكري إلى الفضائيات ذات البرامج المختلطة، تلك الفضائيات المتنوعة في برامجها بين النذر اليسير من البرامج الدينية والإخبارية والثقافية، والكم الكبير من البرامج التي تمثل امتدادا لقضية الغزو الفكري التي تبناها العدو عبر مراحل صراعه مع الإسلام والمسلمين، سواء كانت هذه البرامج هي بذاتها برامج غربية، أو محاكاة لها في الفكرة والهيكل، أو خططوا لها دون وعي من القائمين على هذه الفضائيات".
ويقر بالبدء بأنه "استغلالا للتقنية الإعلامية الحديثة في انتشار الصورة المرئية عبر القنوات الفضائية ظهرت حرب الفضائيات كغزو جديد، غزو لا تشارك فيه الطائرات ولا الدبابات ولا القنابل والمدرعات، غزو ليس له في صفوف الأعداء خسائر تذكر، ولا نفقات كبيرة تبذل، ولكنه على الرغم من ذلك يؤدي إلى هدم جيل الشباب في صفوف المسلمين .
إن هذا الغزو القادم إلينا من الفضاء يفعل ما لا تفعله الطائرات ولا الدبابات، ولا الجيوش الجرارة، إنه يهدم العقائد الصحيحة والأخلاق الكريمة والعادات الحسنة والشمائل الطيبة والشيم الحميدة والخصال الجميلة".
2- ينقسم البحث إلى عشرة مطالب كبرى، أفردها الكاتب للبحث في أثر الفضائيات على سلوكيات الشباب تحديدا، وعلى المجتمع الإسلامي بوجه عام:
+ بالمطلب الأول ("الغزو الفكري والفضائيات ذات البرامج المختلطة")، يحدد الكاتب معنى الفضائيات المختلطة بالقول: هي "تلك الفضائيات المتنوعة في برامجها بين النذر اليسير من البرامج الدينية والإخبارية والثقافية، والكم الكبير من البرامج التي تمثل امتدادا لقضية الغزو الفكري التي تبناها العدو عبر مراحل صراعه مع الإسلام والمسلمين، سواء كانت هذه البرامج هي بذاتها برامج غربية أو محاكاة لها في الفكرة والهيكل، أو خططوا لها دون وعي من القائمين علي هذه الفضائيات، أو أنها تقدم من قبل الحكومات لتصوير المسلمين بالصورة التي يرغب الغربيون أن نكون فيها، خشيه التهديد بختم الإرهاب والرجعية".
إن نسبة 85 % من جمهور المشاهدين، يقول الكاتب، يحرصون على مشاهدة القنوات التي تعرض المناظر الإباحية، ونسبة 53% من الفتيات " قلت لديهن تأدية الفرائض الدينية، ونسبة 32% فتر تحصيلهن الدراسي، ونسبة 42% يتطلعن للزواج المبكر ولو كان عرفيا، و22% تعرضن للإصابة بأمراض نسائية، نتيجة ممارسة عادات خاطئة".
ومن تأثير الغزو العقدي الناجم عما تبثه كثير من الفضائيات المختلطة، بزعم المؤلف، "التشبه بالكفار والانبهار بعاداتهم وتقاليدهم. وذلك أن معظم ما تبثه كثير من هذه الفضائيات يظهر المجتمعات الغربية المنحلة بوجهها الجميل فقط، وجه القوة والنظام والإنتاج والإبداع. ولا غرابة في ذلك، إذ أن إنتاج تلك المواد الإعلامية هو تحت نظر وسمع الغرب والمنبهرين بهم، المتشبهين بثقافاتهم". لكن، يتابع المؤلف، "أين ذلك التصوير الحقيقي لحياتهم التي يعيشونها الآن، من إحساس الغرب بالخواء الروحي المرير والشقاء والحيرة والاضطراب والتفكك الأسري والانحلال الخلقي، والتشتت الاجتماعي والذي يهربون منه إلى جحيم المخدرات والمغامرات الحمقاء، والشذوذ في مختلف مناحي الحياة، الشذوذ في الحركات والمظاهر واللباس والطعام، الشذوذ الأخلاقي والسلوكي الذي أورث أمراضا عصبية ونفسية لا حصر لها، وجعلتهم لا يجدون في الحياة ما هو جدير بالبقاء بها".
ومن الأضرار والمخاطر التربوية والأخلاقية، يذكر الكاتب، "العزوف عن الزواج، والاكتفاء بالمناظر المحرمة. فالشباب الذين تأثروا بمناظر العري والفاحشة التي هي المادة الرئيسية في معظم القنوات الفضائية المختلطة، ظهر من توجهاتهم عزوف عن الزواج ورغبة عنه، وربما يتعلل الشاب بأن الزواج مسئولية وتكاليف".
ومن أضرار هذه القنوات أيضا، يؤكد الكاتب، "الإخلال بهوية المجتمعات الإسلامية، والقضاء علي البقية الباقية مما لديها من تراثها وأخلاقياتها. ومن محص ما تعرضه القنوات الفضائية المختلطة، فإنه يلحظ أنها تقدم النموذج الغربي المتحلل من الأخلاق على أنه هو محل التقليد والإعجاب، مع تنحيتها للأخلاق والآداب الإسلامية في أغلب الأحيان، وبذلك دخل المجتمع المسلم في نفق التبعية والتقليد لما فيه هلاكه".
أما في جانب الإخلال بالأمن، فيعتقد المؤلف أن "هذه الفضائيات دأبت على استساغة الجريمة واعتيادها من خلال عرض أفلام الجريمة، المسماة بالأفلام البوليسية. وتكرار هذه المناظر للجريمة على أنظار الناس بمختلف طبقاتهم وأعمارهم، يجعل الجريمة في أنفسهم أمرا اعتياديا، حتى يصبح المجتمع ويمسي وروح الجريمة يدب فيه، وتكون بمثابة الأحداث اليومية من حياة الناس".
+ بالمطلب الثاني ("الغزو الفكري والفضائيات الإخبارية") يحدد المؤلف مضمون هذه الفضائيات بالقول: إن "الفضائيات الإخبارية هي التي يغلب عليها الطابع الإخباري في برامجها. وهذه الفضائيات غالبا ما تقدم نفسها على أنها فضائيات نزيهة محايدة، أو ليس لها مصلحة مع طرف ينازع طرفا آخر، وأنها تعطي كل طرف فرصة إبداء الرأي، وتوضيح وجهة النظر دون انحياز أو تمييز، بغض النظر عن توجهاته الفكرية حتى لو كان ضيفها رأس اليهودية".
لم تتواجد هذه الفضائيات إلا من وقت قريب، يلاحظ الكاتب، حيث لم يكن في البلاد العربية، قبلها، إلا القنوات المحلية التي لم تكن معنية بصورة أساسية إلا بأخبار القادة في كل قطر. لكنها مع ذلك، أتاحت الفرصة أمام مفكرين وكتاب وأصحاب رأي، ممن ضاقت بهم أجهزة الإعلام الرسمية لطرح أرائهم وأفكارهم دون وصاية أو ضغط، وإن كان الأمر لم يخل من تدخل من هنا أو من هناك.
الظاهرة في مجملها، يتصور المؤلف، ظاهرة إيجابية "أثرت في القائمين سلفا علي أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وكانت ذات تأثير كبير علي الرأي العام، وترتب على ذلك تحريك الماء الراكد في الإعلام العربي، حتى يصبح علي مستوي المنافسة. وقد تنامى تأثير هذه الفضائيات بفعل الحرب الأمريكية في أفغانستان، واستمر مواكبا للحرب المستمرة على العالم الإسلامي حتى الآن، وكذلك حرب الإبادة الجارية للمسلمين في فلسطين".
لكنها، في الآن ذاته، يعتقد المؤلف، من الوسائل الحديثة للغزو الفكري لأنها تحتوي علي سلبيات وثغرات يحصرها في:
°- كونها تعمد إلى التقديم لمتحدثين إسرائيليين، واستضافتها لأكبر رجال دولتهم مع هالة من الاحترام، "تعطي انطباعا لدى المشاهد على أنه يمثل صورة حضارية، وهو في حقيقته محتل غاصب قاتل للمواطن العربي المسلم، وفي ذلك دعوة ضمنية لقبولهم والتطبيع معهم".
°- كون البرامج المفتوحة للحوار، كالاتجاه المعاكس وما يدار في حوار المستقلة والمنار وغير ذلك وبالصور الحالية "من أكبر الأخطار، التي تفعل ما لا يفعله جند مسلحون بأنكى أسلحة الغزو الفكري، فربما تستضيف قناة الجزيرة علمانيا حاقدا على الإسلام كارها للالتزام ليقابل داعيا إسلاميا، وبأخطاء فادحة من المحاور، يبدو للنظر أن العلماني متفوق في فكره على الإسلامي، والشيعي أصدق من السني" وهكذا.
°- كونها تدفع بجهة "خلق وصناعة بنية مزاجية ونفسية ومعنوية للمواطن العربي المسلم، تؤسس لثقافة معولمة ولحالة عربية مبهورة، أسيرة ومسلوبة للثقافة الغربية".
+ بالمطلب الثالث ("الغزو الفكري والفضائيات الانحلالية") يتحدث الكاتب عن تلك القنوات العربية التي "لا تراعي حرمة الدين، ولا مبادئ أخلاقية، ولا قيود اجتماعية، بل هي حرب فضائية وغزو جديد، غزو الشهوات، غزو الكأس والمخدرات، غزو المرأة الفاتنة والراقصة الماجنة والشذوذ والفساد، غزو الأفلام والمسلسلات والأغاني والراقصات، وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات، إنه غزو لعقيدة المسلمين في إيمانهم".
ويعتقد الكاتب أن برامج هذه الفضائيات من شأنها "تغيير نمط تفكير الشباب والفتيات لمفهوم الهوية والعادات والتقاليد. فلم يعد ينظر باهتمام بالغ للهوية الإسلامية وخاصة من قبل الشباب، بل بات الأمر الهام هو كيف يحقق كل من الشاب والشابة حلمهما في تحقيق السعادة والمتعة، وكيف يجاريان فتيات الفضائيات في تغنجهن ودلالهن ولباسهن ومكياجهن الأنيق. بالتالي، ضعفت العلاقة بين الشباب وبيئتهم المحلية، وباتوا ينظرون لما هو موجود في الخارج من أنواع الفساد العصري، ويبحثون عن نمط الحياة والمعيشة والعلاقات كما تعرضه لهم الفضائيات الانحلالية، وهذا كله قاد في وقت قصير إلى تبديل المستوي الفكري لرؤية المفاهيم كالهوية والقيم والأخلاق والالتزام".
ويستشهد الكاتب بدراسة بحثية ميدانية حول أخلاقيات الفضائيات وأثرها في المجتمعات، أفادت فيها الباحثة جيهان البيطار أن 89% من الإعلانات الموجهة للشباب تحتوي قيما سلبية كالشراهة والتبذير والانحلال، وأن 93% من الفضائيات تستخدم السيدات، وأن 73% منها يتم تقديمها من خلال حركات المرأة ومفاتنها، وأن 58% منها تحتوي تجاوزا في اللغة، وأن أكثر من النصف يحتوي إثارة في المضمون.
+ بالمطلب الرابع ("الغزو الفكري والفضائيات الإباحية") يذكر الكاتب بالدور الذي قام ويقوم به المبشرون بغرض نشر الجهل والفقر والمرض، "للتغلغل بين شعوب الأمم من خلال وسائل الإعلام التقليدية من كتب ومطبوعات وإذاعة وتلفاز وأشرطة سمعية ومرئية، فضلا عن المخيمات والتعليم والطب، إلى جانب الأنشطة الاجتماعية الإنسانية والإغاثية الموجهة لمنكوبى الفتن والحروب، مسخرين إمكاناتهم الضخمة لتحقيق مآربهم".
لكنه يذكر في الآن ذاته، بأن هؤلاء بات لديهم اليوم فضائيات تبشيرية إباحية، لا تكلفهم الجهد والمشقة التي بذلوها في السابق وتبث من إيطاليا بلد الفاتيكان، ومن قبرص وإسرائيل ولبنان وغيرهما من البلدان الأوربية.
يقول الكاتب بهذه النقطة: "لإخراج المسلم من هويته وتشكيكه في دينه، أتونا عن طريق الشبهات أو الشهوات أو بهما معا. والتركيز حاليا على باب الشهوات الذي فتح على مصراعيه، ومن وسائله ما يسمي بالغزو الفكري أو قل الغزو الفضائي، أو ضمن عناصر ما يسمى بالعولمة. فهو مما دخلوا به على المسلمين وغزوهم فكريا بوسائل الإعلام، والاتصالات المعلوماتية الحديثة بإمكانياتها الكبيرة ذات القدرة التأثيرية المباشرة. وقد ركز أعداء الإسلام على توجيه هذه الوسائل للقضاء على مقومات الأمة الإسلامية، وهدم قيمها وعمدوا إلى الشباب عماد الأمة وسر نهضتها وتقدمها".
ويلاحظ المؤلف أن آثار هذه القنوات الإباحية إنما تتمثل في "ضياع الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، ووأد الفضيلة، وقتل الحياء، وتلبس الوجه رقعة من الصفاقة والوقاحة والسواد والظلمة". كما أن النظر إليها ومتابعتها تعتبر "من أعظم أسباب الزنا، وانتهاك الحرمات حتى مع المحرمات"، مما يؤدي إلى "كثرة جرائم الاغتصاب والشذوذ واللواط، وإهدار كرامة المسلمين ذكورا وإناثا، مما يهيج العداوات، ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة والزاني".
ويتابع: "ما زال الصليبيون يتربصون الدوائر بأهل الإيمان وينصبون لهم الشباك، ويضعون الخطط للوقيعة بالمسلمين. ولئن كان ذلك في الأزمان السابقة خفيا وبعيدا عن الأنظار، فإنهم اليوم يصرحون بحقدهم الدفين من خلال القنوات التبشيرية الإباحية، وما تخفي صدورهم أكبر".