المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخطاؤنا في التربية ...


طالب الجنان
30 / 09 / 2006, 18 : 03 PM
رسائل الأبناء إلى الآباء الجزء الأول ...

هذه رسائل من بعض الأبناء إلى بعض الآباء ...
يبثون فيها شكواهم ، ويعبرون على صفحاتها عن مشاكلهم ، ويسطرون من خلال حروفها عن أمانيهم وآمالهم وآلامهم ...
يرفعونها لكم معاشر الآباء مع الحب كله .. والشوق كله .. والعرفان كله .
فيقولون لكم : جزاكم الله عنا نحن الأبناء كل خير ورزقنا بركم وطاعتكم في دنياكم ، ولكم المنة بعد الله علينا فطالما حرمتم أنفسكم من أجلنا ، ولطالما أشقيتم أرواحكم من أجل سعادتنا ....

فأبشروا بالأجر من الله تعالى ، فما قدمتموه وما عملتموه وما بذلتموه في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، قال تعالى : { لا يضل ربي ولا ينسى } ولكن رحمتكم بنا ، وعطفكم علينا ، وإخلاصكم لنا شجعنا أن نقدم لكم بعض العتاب عن أخطاء وقعت في تربيتنا ، منشؤها العاطفة الغالبة ، أو الثقة المفرطة ، أو الصوارف الملهية ، أو الشغل العارض وإنما كل ذلك بدافع الحب و الرحمة ، وبوازع العطف والشفقة وكلنا ذوو خطأ .

المُنى كل المُنى أن تتقبلوها منا بقلوب واعية ، وآذان صاغية فتكسبنا أكفاً داعية ونفوساً راضية .
قال تعالى : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد }


************************************

هذا شاب يقول :

والدي الغالي :
استمع إلى شكواي أبثها إليك ، ومشكلتي أضعها بين يديك ...
فمشكلتي .. يا والدي .. أنك مشكلتي ...
فأين أنت .. يا أبتاه ؟!
بيتك الذي بنيته .. يناديك ...
عشك الذي راعيته .. يناجيك ...
إبنك الذي نسيته .. يبحث عنك .. ليدنوا منك ...
أعمالك .. شركاتك .. عقاراتك .. رفاقك .. إنهم جميعاً
ألد أعدائي .. لأنهم أخذوك مني وأبعدوك عني ، بالرغم من علمي أنك
لا تعمل بها ولا فيها إلا من أجلي وإخوتي ...
ولكن يا والدي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لربك عليك
حقاً ، ولنفسك عليك حقاً ، ولأهلك عليك حقاً ، ولولدك عليك حقاً ، فأعط
كل ذي حق حقه ) ، وقال ( وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ) ...

فأنا أريدك يا والدي ...
أتمنى أن أضع رأسي على صدرك وأبثك همي وحزني ...
أحلم أن أدس وجهي بين يديك ، وأعبر عن حبي لك ، وشوقي إليك
ولهفتي عليك ...
أريدك أن تداعبني ، تعلمني ، تفهمني ، تؤدبني ...
أرغب في أن أحس أنك معي ولي وبي ...
فأين .. أين أنت يا أبتاه .. ؟!

طالب الجنان
30 / 09 / 2006, 23 : 03 PM
هذا شاب أخر يقول :

والدي الغالي :
دعني أقدم لك الشكر كله على ما بذلته من أجلي وفي سبيل راحتي وسعادتي ...
فأنت قد جلبت لي أفضل المطايب و المشارب والمراكب ...
وأسكنتني أجمل وأهنأ المساكن ...
وبذلت لي أسباب الراحة و الرفاهية على قدر جهدك وطاقتك ...

ولكنك – يا والدي – قد قصرت في أهم الجوانب وأعظم المطالب ...
إنها مطالب الروح و القلب والإيمان ، وكل هذه الأمور غذاؤها الطاعة
وزادها التقوى ووقودها العبادة ، وبلسمها العمل الصالح ...
فهل قمت بحقوقها كما قمت بحقوق الجسد ؟!
فمتى أخذت بيدي يوماً وذهبت بي إلى محاضرة قيمة يزداد فيها
علمي وعملي ؟!
ومتى دخلت علي يوماً بشريط إسلامي مفيد يُعمر به وقتي وتكثر
به حسناتي ؟!
ومتى أهديتني كتاباً دينياً يأخذ بيدي وينير لي دربي في هذا الزمان
الذي كثرت ظلماته وادلهمت شبهاته وشهواته ؟!
ومتى ألصقت قدمي بقدمك وكتفي بكتفك لأداء الصلاة امتثالاً لأمر الله ، قال
تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }
والتزاماً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها ) ؟!
ومتى حفظتني القرآن ؟!
ومتى علمتني السنة ؟!
ومتى فقهتني في الدين ؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته )

طالب الجنان
30 / 09 / 2006, 26 : 03 PM
هذا شاب أخر يقول :

والدي الغالي :
هل رأيت يوماً قارباً صغيراً تصارعه أمواج البحر في عتو واستكبار ؟!
أو أبصرت زهرة ندية تقاوم – على ضعفها – سطوة إعصار ؟!
أو لمحت طائراً ضعيفاً مكسور الجناح تطارده سباع وضباع في نهم وسعار ؟!

إني - يا والدي – أضعف من هؤلاء جميعاً في جو الفتن والشهوات والشبهات الذي أعيشه ليلاً ونهاراً ...
فالعين لا ترى إلا ما يسحرها ...
والأذن لا تسمع إلا ما يطربها ...
والجوارح لا تعيش إلا ما يغريها ...
والقلب لا يشعر إلا بما يفتنه ...
والعقل لا يدرك إلا ما يضله ...
لقد هيأت لي – يا والدي – جو المعصية وأحطتني بسياج الخطيئة ، فتنفست رائحة الشهوة في الشهيق فأخرجت ذلك معصية لله تعالى مع الزفير ...
إن قنوات التلقي عندي لا تلتقط إلا ما يفتن فأصبح البث ممزوجاً بالخطايا والرزايا والبلايا ...
ألقيتني – يا والدي – في بحر الشهوات ولم تلبسني طوق نجاة ثم تريدني بعد ذلك أن أكون ملكاً معصوماً !!!
هيهات .. هيهات ...

يا والدي : إني لا أريد أن أكون خصيماً لك يوم القيامة ، فأمسك بتلابيبك فأقول :
يا رب خذ لي مظلمتي من والدي ...
يا رب إنه رآني على المعصية فلم ينهني ...
يا رب إنه أبصرني محجماً عن المعروف فلم يأمرني ...
يا رب إنه بذل لي أسباب المعصية ، وزين في عيني الخطيئة وألقاني في نار الشهوات ، فأحرقت إيماني والتهمت حسناتي ...

والدي الغالي : إني أمانة في عنقك .. وأنت مسؤول عني أمام ربي وربك ..
فاشغلني بطاعة الله حتى لا أشغل نفسي بمعصيته ...
استعملني في مرضاة الله حتى لا أقع فيما يغضبه ...
سخرني في قربات الله كي لا أجترح ما يسخطه ...
قال تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } .

يا والدي :
برني صغيراً حتى أبرك كبيراً ولا تعقني صغيراً كي لا أعقك كبيراً فكما تدين تدان ، وما تزرعه اليوم تحصده غداً ومن أراد النجاة أخذ بأسبابها ...

طالب الجنان
30 / 09 / 2006, 34 : 03 PM
هذا شاب أخر يقول :

والدي الغالي :
إنني أعيش في تخبط عجيب وصراع غريب ...
وذلك لأني أراك تأمرني بأمور أنت لا تفعلها ...
وتنهاني عن أمور أنت ترتكبها .. ؟!
فهل تريدني أن أقتدي بأقوالك أو بأفعالك التي بينها بعد المشرقين ؟!
فأنت تأمرني بالصدق وتحثني عليه ، وترغبني فيه ، وتحذرني من
الكذب وتنهاني عنه ...
وأراك في مواضع كثيرة تمارس ما نهيتني عنه وحذرتني منه .. ؟!
فتكذب تارة بل وتأمرني بالكذب تارة أخرى ..!!

فهل تذكر – يا والدي – عندما طرق علينا طارق يريدك و يبغيك فأمرتني أن أقول له : إن والدي غير موجود ..!!
فألزمتني أن أقول بلساني ما تكذبه عيني ...
وأتحدث بفمي ما يأباه قلبي .. ويغضب ربي ...

وتأمرني – يا والدي – بأن آكل الحلال ، وأكون أبعد ما أكون عن الحرام ، وتحدثني بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به )
وإذا بك ترسلني كي أشتري لك علبة دخان أو أوقد لك مئذنة الشيطان ...

لقد أصبحت المثل والقيم التي تعلمني إياها في نظري كلاماً نظرياً لا يمت للواقع بصلة ، فقد ألفيتني أتعلم منك كلاماً في الصباح وأرى ما يخالفه أفعالاً في المساء ..!!

اسمح لي – يا والدي – أن أهمس في أذنك قول ربي وربك { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون }

والدي الغالي : لا ألفينك يوم القيامة ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يجاء بالرجل يوم القيامة ، فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه " أمعاءه " ، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه ، فيقولون :
يا فلان ! ما شأنك ؟
ألست كنت تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ؟!
فيقول : كنت أمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن الشر وآتيه )


أعيذك بالله – أيها الحبيب – أن تكون منهم ، وأن يكون حالك كحالهم ...

طالب الجنان
30 / 09 / 2006, 40 : 03 PM
هذا شاب أخر يقول :
والدي الغالي :
أني أشكو إليك من نفسي التي ما قدرت على مقارعة الخطوب ولا مواجهة الحياة . فهي مطيتي في حال الرخاء ، لكنها عدوتي في حال الشدة . وأجدني أسير بدونك ــ يا والدي ــ في مضمار الدنيا كمقاتل يحارب في ساح المعركة بدون سلاح ، أو كهشيم تذروه الرياح ، أو كقارب صغير يعاني من لطم الأمواج وفقد الملاح .
وأعود بالذاكرة للوراء قليلا وأفتش في صفحات الماضي ، فأجد السبب في هذا الضعف الذي أعيشه وهذا الخور الذي أعاني منه هو : تدليلك الزائد لي . فقد عودتني على أن تكون طلباتي مجابة ورغباتي محققة ، فالقول الجميل قولي ، والفعل الحسن فعلي ، والزلل مني في عينك حسنة ، والخطأ مني في نظرك صواب.
تعودت أن أكون مخدوما لا خادما ، وأخذا لا معطيا ، وآمرا وناهيا ، وحين فقدتك ــ يا والدي ــ فقدت كل شيء .. وأصبحت بعدك لا شيء .!!!
عشت على كلمات المدح والثناء ، فمن لي بتحمل الكلام النقيض ؟!
ترعرعت على احتياجاتي الملباة ، فكيف بي إذا واجهت الحرمان البغيض ؟!
نشأت في السراء ، فكيف أطيق صبرا على الضراء ؟!
تعودت على كلمات الحب والإطراء ، فكيف أغض الطرف عن كلمات الكره والبغضاء ؟!
ألفت ركوب قوارب السعادة ، فكيف أركب ملزما قوارب الشقاء ؟!
تربيت على اليسر ، فمن لي بقلب يتحمل العسر ؟!
تعودت أن يطرق سمعي نسيم ( نعم ) ، فماذا أقول إذا تفجر في مسمعي
بركان( لا ) ؟!
فيا ليتك إذا أعطيتني حرمتني ، وإذا رغبتني رهبتني ..
فعشت متزن الشخصية سوي النمو ، ما بين قسوة مغلفة بالرحمة وغلظة ممزوجة بحنان .



منقول بتصرف من كتاب ( أخطاؤنا في التربية )
للشيخ عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
حفظه الله

أبو ياسر
01 / 10 / 2006, 33 : 02 PM
رسائل جميلة رصدها لنا الأخ الغالي/ طالب الجنان
أشكرك حقاً على هذا الجهد الموفق الذي اعتدناه منك .. طالب الجنان استمر و توفيق الله يحوطك ..
تحيااااااتي

رماح الحب
01 / 10 / 2006, 11 : 06 PM
اخي طالب الجنان
رسائل مؤثرة و رائعه من البناء الى الاباء و تكون لا نحب بصورة او باخرى فهل من متعض؟

جزاك الله اخي كل خير عنا و عن كل من قراء الموضوع الى يوم الدين

طالب الجنان
03 / 10 / 2006, 58 : 02 AM
أخي مجمع البحرين وأختي رماح الحب
اشكركما على المرور والتعقيب وبارك الله فيكما
وتقبلوا تحياتي ....