المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحد(ن) ياقط، وأحد(ن) يتمنّى الشنينة


ناصر بن هذال
28 / 05 / 2006, 07 : 02 AM
الاخوه الاعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...وبعد
تعلمون مالاولادنا من اهميه في حياتنا وكم يملكون من المحبه في قلوبنا..
ورغم مايثيرونه من متاعب ومشاغبات الا انهم يبقون زينة الحياة الدنيا..
الاخوه الاعزاء كثيرة هي حكاوي اولئك الصبيه والبنات الصغار الا اني ساورد لكم الحكايه التاليه وهي تحمل اظرف ماقرات وماسمعت عسى ان تنال استحسانكم
"منقوله من الساحات"...وقتا" ممتعا....
================================================== =
تراقصَ هاتفي النقّالُ منتفضاً على وقعِ رسالةٍ جاءتْ في ثلثِ الأخيرِ، وهو وقتٌ مشبوهٌ عادةً لأي زوجٍ يُعاني من قبضةٍ حديديةٍ لزوجهِ الغيورِ، وكنتُ حينها أتبادلُ اللكماتِ والضرباتِ مع ثُلّةٍ ميمونةٍ من تماسيحي الصغارِ، وبينما أنا مستعدٌ عجِلاً وجِلاً لآخذَ الهاتفَ وأنظرَ في الرسالةِ الواصلةِ، إذ بيدِ المدامِ تبتدرُهُ قبلي كأنّها لبوةٌ تهجمُ على فريسةٍ وقد أمضّها الجوعُ، لتنظرَ في الرسالةِ وتتأكّدَ منها ومن مصدرِها، فإن كانتْ رسالةً تحملُ عبقاً من نسيمِ العاطفةِ ووشْي الوجدِ وبوحِ الشجنِ من رقمٍ غيرِ معروفٍ، فإنَّ ليلتي سوفَ تتحوّلَ إلى بؤسٍ وتعاسةٍ وأنواعِ التحقيقِ، كحالِ السجينِ يُخفرُ إلى مراكزِ الأمنِ السياسيِّ في إحدى دولِ العالمِ الثالثِ، وتنهالُ عليهِ الأسئلةُ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، مع القسمِ يميناً مغلّظةً أنّي سوفَ أقولُ الحقيقةَ ولا شيءَ غير الحقيقةِ.
,
حملت المدام الهاتفَ، وأنا أتمتمُ في نفسي قائلاً: اللهمَّ حوالينا ولا علينا!!، يا رب تكون رسالة الاتصالاتِ التعيسةَ : لقد اقتربَ حدك الائتمانيِّ من الانتهاء!!، يا شيخ إن شاءَ الله حتى تكون رسالة من أغث صديق بثر على وجه الكرةِ الأرضيّة يقول بسيّر عليك الآن وأتقهوى عندك، المهم لا تكون رسالة ورديّة أو فوشيّة.
,
أخذتُ حينها أهذي من الخوفِ والقلقِ، وصارَ حالي كحالِ أولئكَ الذين إذا ركبوا في الفلكِ دعوا اللهَ مُخلصينَ لهُ الدّينَ لئن أنجيتنا من هذه لنكوننَّ من الشاكرينَ، وقمتُ أتمثّلُ بأنواعِ أدعيةِ الكربِ وكشفِ الغمّةِ، وكانت ساعاتٍ عصيبةً جداً، يخفقُ قلبي فيها سريعاً، والعرقُ يتصبّبُ، وهي وأطفالُها قد قاموا متجاورين كأنهم هيئةُ المحلّفينَ في المحكمةِ ينظرونَ شزراً وأنا الجاني المتهم، فلمّا رأت أنَّ الرسالةَ من أخٍ وصديقٍ عزيزٍ، ذهبَ عنّي عنها الرّوعُ، وتلفتتْ عنّي منشغلةً بترتيبِ ما تبقّى من شغلِها وعينُها تتطايرُ شرراً.
,
أمّا أنا فبالكادِ كنتُ ألتقطُ أنفاسي، فقد نجوتُ من ليلةِ تحقيقٍ عاصفةٍ، فهاتفي لا يهدأ لهُ رنينٌ، والرسائلُ تترى، منها شيءٌ من الأهلِ والأصدقاءِ وبعضِ ذوي المصالحِ والأعمالِ الخاصّةِ، ومنها شيءٌ لا أعرفُ لهُ مصدراً، والهاتفُ بالنسبةِ للمدامِ هو الخصمُ الأوّلُ والعدوُّ اللدودُ – مع الإنترنت طبعاً - ، وكم هي المقالبُ السخينةُ التي أكلناها من الصحبِ والرفاقِ، كادت حياتُنا الزوجيّةُ تذهبُ ضحيّتها، ناهيكَ عن الأموالِ الطائلةِ ورشى الأطقمِ الذهبيّةِ والساعاتِ والسفراتِ لاستجلابِ رضاها، مع تقديمِ يمينِ الولاءِ بين الركنِ والمقامِ أن لا أعودَ لمثلِها أبداً.
,
الرسالةُ حملت اسمَ الشيخِ الحبيبِ إلى القلبِ والرّوحِ أخي وقرّةِ عيني: أبي عبدِ اللهِ بندر بن عبدِ اللهِ الشويقيِّ، أحدِ الرجالِ القلائلِ الذين أحملُ لهم في صدري مودّةً خاصّةً، حفرها لهُ في قلبي ما لمستهُ منهُ من معاني الولاءِ والمروءةِ وخِصالِ المعروفِ والنّدى وسخاءِ النفسِ ولينِ العريكةِ، هذا فضلاً عن علمهِ ونقاءِ سريرتهِ وزكاءِ معدنهِ، أحسبهُ كذلك واللهُ حسيبهُ ولا أزكّي على اللهِ أحداً.
,
كانَ الشيخُ يُبشّرني فيها بأنَّ اللهَ قد وهبهُ مولودةً جديدةً – باركَ اللهُ لهُ فيها وأنبتها نباتاً حسناً وجعلها لهُ من مواليدِ الخيرِ والبركةِ وقُرّةِ العينِ - ، وهذه البُشرى جاءتْ على قلبي بشيءٍ من الأسى، فأنا من القديمِ أرغبُ في أن تنجبَ زوجي سحليّةً ورديّةً تغمرُ البيتَ حناناً وبِشراً، وتفيضُ عليهِ أُنساً وروحاً، وفي كلِّ مرّةٍ تحملُ فيهِ نفزعُ بالآمالِ إلى البنتِ، فيُقدّرُ اللهُ غيرَ ذلكَ، وليسَ الذكرُ كالأنثى، وصار المنزلُ بعد إجدابِ بطنِ الزوجِ ملاذاً لثُلّةٍ من التماسيحِ الصغارِ القشرانِ، يسرحونَ ويمرحونَ، يأتونَ فيهِ على الأخضرِ واليابسِ، فيهم من الخشونةِ واليبوسةِ وشقوةِ الصغارِ ما لا مزيدِ عليهِ، وقد سمعتُ كثيراً عن مزحِ الصبيةِ الصغارِ وعنفهم فيهِ، أمّا كصبيتي الصغارِ فلا واللهِ ما رأيتُ، وإن أهونَ المزاحِ لدى أحدِهم أن يأتيَ مسرعاً ليركلكَ في بدنكَ، ثمَّ يولّي هارباً لا ترى منهُ إلا غبارهُ.
,
وهذا جسدي قد صارَ مسرحاً لشقوتِهم – أصلحَ اللهُ حالهم وشأنهم -، فهنا عضّةٌ، وهنا غُرسَ نابٌ، وهناك دُقَّ ظفرٌ، وفي هذا المكانِ من الوجهِ ثمّةَ شجّةٌ غائرةٌ لأنَّ أحدَ التماسيحِ لاعبني فرمى لوجهي بكأسٍ زجاجيٍّ، وأمّا كُتبي وأسفارُ العلمِ فهي حمى مباحٌ، ما بينِ مزعٍ وتشقيقٍ وشخمطةٍ مع تظاهرهم بالثقافةِ وحُبِّ القراءةِ، وإذا يمّمتُ وجهي للقبلةِ مُفتتحاً صلاةً جاءَ أصغرهم فتمثّلَ أمامي متربّعا، كأنّما أنا عاكفٌ على جسدٍ أو قائمٌ على تمثالٍ، وعينهُ لا تُفارقُ عيني، وهو يتبسّمُ ابتسامةً صفراءَ مُتخللاً بلسانهِ بين أسنانهِ النص استوا، مُقسماً فيها على نفسهِ أن يُفسدَ الصلاةَ، فإذا تظاهرتُ أمامهُ بشيءٍ من الخشوعِ معتمداً في ذلكَ على إغماضِ عيني مُختاراً لقولِ من يراهُ مُتمّماً للخشوعِ مستدعياً لهُ، إذ بهِ يقولُ في نفسهِ: على مين يا حلو!!، فيُبادرني فوراً دونَ تردّدٍ وبثقةٍ متناهيةٍ قائلاً: بابا!، بابا! وش فيك؟!، وأنا أتميّزُ غيظاً وأسناني تصتكُ حسرةً، فلا تكادُ تنتهي صلاتي إلا وفي العزمِ إعادتُها.
,
وهذا الصغيرُ – ما شاء الله عليه – لا يكادُ يفترُ لهُ فمٌ عن المضغِ وبلعومٌ عن البلعِ ومعدةٌ عن الهضمِ، فهو آكلٌ دهرهُ كلّهُ، لا تكادُ تمرُّ عليهِ ساعةٌ دون أن يلتهمَ شيئاً، مع أنّهُ أدقُّ جسماً منّي – وأنا في هذا مضربٌ للمثلِ - ، وأنحلُ من عودٍ، وعندما أناديهِ لا أُناديهِ إلا بكعكي!، ذلك الوحشُ الصغيرُ الأكولُ في مسلسل " افتح يا سمسم "، زادهُ اللهُ بسطةً في الهضمِ والقضمِ، وحماهُ شرَّ كلِّ ذي شرٍّ، وهنأهُ بما يأكلُ ويزدردُ.
,
وهم أئمّةٌ في التملّقِ والدِهانِ واللفِّ والدورانِ – طالعين على أمّهم أكيد - ، إذا أرادوا شيئاً قدّموا له بأنواعِ الرشاوى اللطيفةِ، من تقبيلِ الأنفِ، وتقريبِ الطيبِ، وإحضارِ الشماغِ، ورفعِ الكتبِ وإعادتِها إلى مكانِها، فإذا رأيتُ منهم هذه الخدمةَ الراقيةَ عرفتْ أنَّ أولئكَ الذئابَ الصغارَ لا يهرولونَ عبثاً، وأنَّ وراءَ الأكمةِ ما وراءها، وعندَ التحقيقِ معهم يظهرُ ما كانَ مستوراً، وإذا بالطلباتِ: بابا نبغى نروح العثيم!، ليه ما تودينا هرفي!، خلينا نروح على الصيني، وأمّا أعذبُهم لساناً فهو ذلك الصغيرُ الذي لم تستقمْ لسانهُ بعدُ، فهو ينطقُ الصيني : الشيني!.
كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدرٍ، وقد يستغربُ البعضُ كيفَ أتمنّى البناتِ مع أنّهُ يخالفُ عوائدَ الكثيرِ من النّاسِ الباحثينَ عن الذكرِ بكلِّ سبيلٍ وطريقةٍ، ولكن هذا أنا، وهذه روحي، وتلك منيتي، وذلك حلمُ حياتي، في كلِّ مرّةٍ أطيرُ هائماً أنشدُ السعادةَ في البنتِ، فإن لاحَ عارضُ الحملُ استبشرنا خيراً، وتناشدنا الناسَ أطيبَ الأسماءِ وأعذبَ المعاني وتخيّرنا أجملَ ما يخطرُ على البالِ من الألبسةِ والأكسيةِ والمصوغاتِ والحُلْي، فلا يكادُ يدومُ الحالُ طويلاً، حتّى نُبشّرَ بالمولودِ الذكرِ، والعجيبُ أنَّ الطبيبةَ تستبشرُ مُظهرةً سروراً عظيماً لتُخبرنا أنَّ المولودَ ذكرٌ!، وكأنّهُ أقصى أمانينا وغايةُ مطلبِنا!.
,
لأبنائي في قلبي من الحبِّ والتهيامِ والصبابةِ شيءٌ لا يحدهُ وصفٌ أو يقومُ بهِ بيانٌ، فهم أُنسُ الروحِ، وبلسمُ الجروحِ، وبهجةُ الحياةِ، وزهرةُ الدّنيا، وهم مأرزُ السعادةِ، ومكمنُ الراحةِ، مع أنّي تارةً أضيقُ ذرعاً بقسوتِهم وشقوتِهم وكيدِهم– ونذالتهم أحياناً - على حداثةِ سنّهم وخفّةِ أحلامهم، فلم تستقمْ عقولُهم بعدُ على طبائعِ الحيلةِ والمكرِ، لكن هكذا هم الصغارُ، ملاحتُهم في حركتِهم، فيهم خفّةُ الطيرِ، وتمرّدُ الرّيحِ، وعنفوانُ الموجِ، وفيهم رقّةُ النّدى، ونعومةُ الوردِ، وعذوبةُ الأنهارِ، إنّما يجملونَ بهذه الثنائيةِ البهيجةِ.
,
هناكَ الكثيرونَ ممّن أعرفُ وتعرفونَ، دفعوا أموالاً طائلةً يبحثونَ عن طفلٍ صغيرٍ ولو كانَ معاقاً، يملأ حياتهم بهجةً وأُنساً، فلم ينالوا شيئاً، ونحنُ – من فضلِ اللهِ وتوفيقهِ – نرتعُ في خيرٍ كثيرٍ، غيرَ أنّهُ لا غنى لنا عن بركةِ اللهِ جلَّ جلالهُ، ونبحثُ عن الأنثى، ونستشرفُ لها، ولا عيبَ في التكثّرِ من الولدِ والذرّيّةِ، بل كانَ خيرُ هذه الأمّةِ يحُثُّ على التكثّرِ من الولدِ، وقد تزوّجَ فأكثرَ، وأمرَ بالإنجابِ، ولكلٍّ من الذكرِ والأُنثى نكهتهُ الخاصّةُ وطابعهُ الفردُ.
.
ما مثلي ومثلُ هؤلاءِ إلا كالمثلِ النجديِّ القائلِ : أحد(ن) ياقط، وأحد(ن) يتمنّى الشنينة، فهذا يكثرُ عندهُ اللبنُ حتّى يصنعَ منهُ إقطاً، وذلك لا يكادُ يجدُ منهُ إلا قليلاً فيُكاثرهُ ويشوبهُ بالماءِ.

مناحي السادس عشر
28 / 05 / 2006, 13 : 02 AM
مشكور خاي ناصر بن هذال ال شري
طويييييييييييييييييييييييييلة
بس حلوه

كابتن ماجد
28 / 05 / 2006, 24 : 02 AM
يبيلها قعدة ولي عودة

ماهر الماهر
28 / 05 / 2006, 38 : 08 AM
يعطيك العافيه ابو هذال ويحفظك النشا الله

عزووز
28 / 05 / 2006, 05 : 10 AM
الله يعطيك العافيه

ناصر بن هذال
28 / 05 / 2006, 56 : 03 PM
شكرا عالمرووور

عزووز
28 / 05 / 2006, 12 : 07 PM
لا عادي نمر