المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسفة الذاكرة........


brain storm
05 / 08 / 2005, 21 : 05 PM
في كتابه ( الذاكرة الكونية) يقول الدكتور فايز( فيلسوف وفلكي سوري) ان الفعل الذاكرتي فعل موحد يتخلل الذات والذوات الاخرى والكون...ويقول انه لا يكفي ان نتحسس الم الاخرين بل علينا ان نتذوقه لحظة وقوعه..وكانه ينظر للذاكرة الحدثية..تلك الذاكرة المرتبطة بالانفعال والشعور لحظة الحدث..
ويقول ايضا: اننا لا نستطيع استشفاف المعنى المجرد للحياة ان لم نوسع الخطاب الداخلي مع الذاكرة الكونية...في اشارة منه الى ذاكرة عملاقة ملهمة خلاقة مبدعه هي سر من اسرار الكون واعجاز رباني اختص به الرب وحده في تفرد عظيم لا مثيل له اطلاقا... ويقول ايضا: لو كان العالم الارضي هو مصدر المعلومات الاساسية لرأيناه جميعا بنفس الصورة ولخلق لدينا نفس الافكار والانعكاسات ولما كانت هناك فوارق ولآل الجميع للتطابق بموجب برنامج مورثي دنيوي...وهو هنا كان يقصد فكرة الادراك..باعتبار ان الادراك مرتبط ارتباطا وثيقا بتلك الذاكرة العليا وحسب درجة النقاء والصفاء العقلي تنساب المدركات الحسيه بين كلا الذاكرتين( الكونية والفردية)
الا يستشعر احدنا سلوكا خاصا به يصعب تفسيره في بعض الاحيان؟؟ ذلك الشعور ليس الا تجربة للذاكرة الفردية في بحثها عن الامثلة المتفردة من رحم الذاكرة الكونية.....ويؤكد على ان التفرد الذاكرتي الكوني هو المسبب للفوارق في الادراك بين البشر مع جملة اسباب ثانوية اخرى ( كالتربية-الضمير- الاخلاق- الفضول-الاثارة العقلية) وكان يستدل بامثلة العباقرة والذين تفردوا بابداعات وانجازات اشبه بخيال وبدئها كان تصورا ذاكرتيا ولحظة صفاء غير معهوووودة..كالمتنبي-وبيتهوفن-واينشاتين وغيرهم..
يقول..ان العالم الذي يولد فيه طفل هو غير العالم الذي ولد فيه آخرون قبله..في اشارة صريحة منه على ان عالمنا مزدحم بفرضيات جديدة آخرها الطفل ذاته المولود حديثا..وهنا يحق لنا البحث عن معنى فلسفي مقنع للادراك..ويمكن لنا ان نوجزه في انه اشبه بعملية ارتطام الذاكرة الكونية مع فرضية جديدة هي لحظة الان...
واجهزتنا الحسية..تتلقى كما هائلا من ورادات عشوائية ليضفي عليها العقل البشري النظام والترتيب والفرز الملائم للذاكرة الفردية..بل ان العواطف المبنية على النقاء والصفاء هي بلا شك منظم عظيم للافكار والافعال...
وفي وصفه للعلاقة بين النقاء وارتباط الذاكرتين..يقول: ان النقاء والصفاء المطلق سيعمل في خواء..ان لم يقترن بعملية ضخ معرفية لا حدود لها تكون اسسها وشرارة انطلاقها منسابة من ذاكرة الكون وهوامشها عن طريق ورادات العالم الارضي العشوائية..وعندما طرح سؤاله: كيف يصبح الانسان مجنونا؟؟اجاب بانه شخص بلغ من النقاء الذروة وافتقد بشكل كلي للارتباط الحاصل بين ذاكرته الدنيا والذاكرة العليا..مما افقده حس المعرفة واضمحل ادراكه بشكل قارب الصفر....
الذاكرة الفردية ليست الا تصنيفا وفرزا وربطا لمدركات عليا نقية وهوامش عشوائية ارضية....
ومبدا التعددية افضى بنا الى تخصيص كل انا (ذات) بحيز ذاكرتي مختلف عن حيز الذات الاخرى..واشار بسخرية لاذعة ممن دعو للتطابق الذاكرتي الفردي..انه لو زرع دماغ شخص في شخص آخر لتخلقت مفارقة كونية عظمى..ولاختلطت حدود وحيز الذات الاولى مع الذات الثانية..وهذا ضد المنطق وحكمة الخلق ..ومبدا انسياب الذاكرة..
والسؤال هنا: ما العامل او جملة العوامل التي تحفز الذاكرة الفردية للتصال بذاكرة الكون والقدرة على الابداع؟؟؟كان من جملة ما ذكره ان الضغوط البيئية والمجتمعية كانت سببا رئيسا للابداع الذاكرتي.....والا لما استطاع الرسامون القدماء ان يبدعوا وينقشوا ويرسموا لوحاتهم على جدران كهوفهم ومعابدهم ولكان انصرافهم لمواجهة تلك الظغوطات خيرا لهم.!!!
وعليه يكون الابداع الذاكرتي..هو الدافع والملهم للاستقطاب الجماعي وتكوين الحضارات..
نحن نعلم جيدا ان الدماغ مقسم الى نصفين ( ايمن وايسر) ورغم التخصص الظاهر في عمل الدماغ الانه يعمل كقناة وحيدة متفردة..وهذا يشير الى ان التخصص الدماغي ليس امرا حتميا ..بل هو اشبه بتوفير البدائل..ونحن نعلم ان الجزء المصاب او المعطوب من الدماغ يثير نشاط المنطقة القريبة منه والمتاخمة له كي تؤدي بعض وظائفه..في دليل صريح على ان التخصص ليس الا تقسيما مؤقتا ومخازن للبدائل في حال احتياجها..
ومن اجمل ما قاله: اننا لا نغالي عندما نقول ان الاشياء الخارجية ( السلوكيات) هي شواهد اثبات لاحوالنا الداخلية..وتساءل ..: الا يعتبر تخريبنا للبيئة شاهدا لقلق ذاكرتي عميق مرده فشل المادة في الارتباط بالحس والانفعال...
ان العالم الارضي ليس مسرحا للمرئيات والمسموعات فقط..انه عالم غير محدد تتخلله موجات ذاكرتية لا نهائية ..وهناك وفي عمق الذات تتحول الموجات الى قيم محسوسة ومفهومة..
والدماغ النشيط هو ذلك الدماغ المندفع الى التوحد مع الكون بكلية وارادة صاحبه..ان الفكر يتجاوز كل شيء ويتسع مع الكون ليصل لحدود اللانهايات ويظل هناك ..منتظرا وقابعا ما تجود به ذاكرة الكون من ابداع والهام... الحديث يطول ويطول وذو شجون..ونختمه بمقولة جميلة هي : لا ذاكرة بلا آن..ولا آن بلا زمن..لكن الزمن ليس عنصرا خارجا عن الذاكرة بل هو آلية محايدة لترتيب احداث الذاكرة...
الى اللقاء......
==========================================