الحس الأخلاقي والذات الانسانيه

[brain storm]

الحس الاخلاقي والذات الانسانيه... ..

جرت العاده..على ان يظل البحث العلمي متجردا وبل وخاليا من كل عاطفه ..وذلك في منهجية شبه قاسيه فرضها العلماء والباحثون من القدم..تجنبا لاي تحيز او مجاراة لراي او وجهة نظر دون غيرها..!!
كان المنطق والحس التجريدي البحت ومبدا الاستقراء والاستقصاء هو المعمول به من اجل الوصول للهدف واكتشاف الحقيقه..كل ذلك ليس عيبا ..ولا مخالفة فيه للعمل الفكري والبحثي والتجريبي ايضا..
لكن هنالك جزئية جديرة بالنقاش والبحث فيها..الا وهي هل يجب ان نغفل العاطفه والحس الانساني اثناء رحلة البحث عن الحقيقه ؟؟هل يقتضي منا التجرد ان نتجاهل الحس الانساني والمجتمعي؟؟هل علينا ان نفكر كالألة..؟؟وهل اعمال الفكر يتعارض مع تطعيم البحث والفكر بالحس والعاطفه وجماليات الحقيقه..؟؟

في نقاش ( مقطع من فيلم غربي) دار بين عميد كلية الطب وبين احد الطلاب المتدربين والذي كان يرفض وبشدة المنهج والاسلوب التقليدي في المعالجة والتطبيب..حيث كانت وجهة نظر العميد انهم وجدوا ليتغلبوا على الموت ان استطاعوا ومساعدة اكبر عدد من المرضى على البقاء على قيد الحياه..وذلك بنمط شبه آلي وللتخفيف دعونا نطلق عليه النمط الروتيني المقيد...

لكن وجهة نظر الطالب كانت مختلفة تماما..حيث أكد انهم ليسوا في حرب فقط مع الموت والمرض..انهم في حرب مع خطر انتفاء الحس الانساني والاخلاقي للعملية برمتها.. حيث اكد على انه الى جانب المنهج العملي والعلمي الروتيني .يظل المريض بحاجة للدعم العاطفي والنفسي وكذلك المجتعمي ..وذلك من اجل انجاح عملية الشفاء..وفي شرحهه لوجهة نظره قال ايضا: ان حس الدعابه والدعم العاطفي والاهتمام بالمريض كما لو كان شريكا لنا من شانه ان يحسن حالته النفسيه ويسرع في شفائه..

الا ان العميد اصر على رايه ..وحذر الطالب من الخروج على النظام العريق والتقاليد والبروتوكولات المتبعه من قبله..

اعجبتني جدا جمله ختم بها الطالب حديثه مع العميد ..حيث قال له..نحن لسنا في صراع رقمي..ولسنا محاسبين ومنظرين للاحصاء..لم نوجد هنا لنقيم على اساس كم حالة نجت وكم حالة لازات تصارع الموت..نحن وجدنا هنا لاجل معالجة الوضع الانساني للمريض..ورفع معنوياته لاقصى حد..ووتفعيل الشراكه فيما بيننا..وقال ايضا ..كم من الامراض نستطيع معالجتها ..لكننا نقتل في الوقت نفسه شعلة الحياه داخل المريض..ولذلك نحن نقتله ببطء وبشكل غير مباشر..بانانيتنا وترفعنا الزائد..وصراعنا وحربنا الضروس مع الارقام والاحصاءات..لكننا نغفل دائما عن الرقم الاول والعنصر الفريد..وهو الروح الانسانيه..!!!!

قد يكون حديث ذلك الطالب مفرطا في الرومانسيه والعاطفيه..وقد يكون تنظيرا حالما..لكننا بحاجة له..نحن في امس الحاجة لتفعيل الحس الانساني المشترك ..وتقدير الذات البشريه ..تلك الذات التي حملت العبء ولا تزال..اظن ..انه من الواجب الان..ان نفعل الحس البشري..ونحترم خصوصية وتفرد ذات كل شخص..

كل ما تحتاجه البشريه هو التقدير والاهميه الناتجه عن اقتناع بتفرد الخلق الانساني وسمو مكانته..وانها ليست رخيصه لتمتهن وتذل وتعامل كرقم آخر يدخل ويخرج ويسجل في لوحات الاعلانات واحصاءات التجاره او الوفيات...
انا واثق تمام الثقه..من انه لو تم تفعيل وتعميم الحس الانساني في كل تعاملاتنا..وتم احترام وتقدير الذات البشريه المتفرده..فاننا حتما سنصل لآفاق ارحب واوسع من الناحية العلميه..وكذلك سنكتشف ونؤطر لبعد جديد من الجماليات والسحر الخلاق المحيط بالذات البشريه..

نحن اروع خلق الرب..فان كان الرب قد كرمنا وابدع خلقتنا...أليس من باب اولى ان نحترم ذواتنا وذوات الاخرين ونقدر تلك النعمه العظيمه..نعمة الوجود والعقل..نعمة الحياه ونعمة قيمة الذات..
ملحوظه: جميع الاديان السماويه وختامها الاسلام قد حضت على احترام الذات البشريه وتقديرها..وتلك ليست نقطة النقاش..انما..هل فعلنا ذلك؟؟وهل قمنا بما فرض علينا..وما امرنا به؟؟ذاك هو لب السؤال...!!!