المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أثر القرآن الكريم في الثقافة الشعبية


أ.د/طرثوثــ
23 / 05 / 2005, 57 : 04 AM
لقد كان للقرآن أثر كبير وواضح في الثقافة الشعبية الليبية، كما لمسنا ذلك واضحاً في القصائد الشعبية، وبالتحديد تلك القصائد التي قيلت في اثناء الإحتلال، وامتد هذاالتأثير إلى اللهجة الليبية، حيث نجد دخول بعض المفردات الفصيحة في اللهجة. وهي مفردات جاءت من القرآن الكريم، ولم يكن لليبيين عهد بها، وإضافة إلى ذلك نجد فهماً لقواعد النحو، يتضح ذلك في قول الشاعر عبد المطلب الجماعي:

وهذي اسماها عالبلا سموها
امغير اسمها بالجزم جا خاطيها

يعني هذا أن الشاعر يعرف النصب، والجزم وغيرها من أدوات الضبط في اللغة العربية، وهذا ليس بالغريب، فقد كانت قراءة القرآن في المنتجعات شيئا دائماً، حتى خلال الإحتلال، لم يثنيهم الغاصب عن دينهم، وهذا هو الذي أدى إلى حفظ اللغة العربية وإلى شحذ النفوس لملاقاة العدو ... يقول خالد بورميلة:

وفي نجعنا مازال لاذان والقرآن
بالدرس وكلام الله والع فيها

ومع القرآن يدرسون أدوات الضبط العربية بالطريقة القديمة المعروفة (أليف يقرأ .. بالفتحة أ بالكسرة إ ... إلخ). لذلك كان من الطبيعي أن يمتد التأثير حتى يشمل اللهجه نفسها، يقول الشاعر محمد قنانه:

يامن بلاني بش ما هو عندي
إن ترميه في سامر كثير حطبها

انظر إلى كلمة (سامر) فهي في اللهجة تعني (الساهر)، ولكن بفضل القرآن رجعت الكلمة إلى معناها العربي الصحيح. وإننا نجد بعض الأبيات التي تذكرنا على الفور بآية قرآنية، كقول الشاعر:

والبل خلقها وعزها مولاية
على حسن صورتها اللي جت فيها
هي والسما والأرض جت في لاية
ونزلت في القرآن يتلو فيها

والشاعر هنا يشير إلى قول الله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) وبذلك الشاعر أمامنا الشك باليقين بالآية الكريمة السابقة الذكر، فجاءت الآية تدعيما لبيان البيت، وقوة تأثيره، ومن قوة التعبير وجودة البيان البلاغي في القرآن الكريم، استقى الشعراء الشعبيون بلاغيهم وثقافتهم، بل وامتد هذا التأثير إلى النفس،تماماً كما كان المسلمون في صدر الإسلام، حيث المقولة القائلة : "ليس بيني وبين الجنة إلا عنق عدوي"، نعم لقد شحذ القرآن همم المجاهدين الليبيين ودفعهم إلى الموت في سبيل الجنة، يقول الشاعر هيبة بوريم :

أول مبادى بالصلاة عالهادي
الصلاة عالرسول اتباعد الشيطان
ابجاه الجلاله ومن قرا الرسالة
ان تجعل حسانكم فوق كل إحسان
واللي مات يومه طاح فإول قومه
مكاتب رسومه جنة الرضوان

وبنفس متحررة من الذل خشية الموت يقول حسين لحلافي:

اللي ايموت مونادم ايجي للجنة
الموت سهم طايش كل حد تصيبه

إنهم يدافعون، ولا يهابون الموت، لأنهم يدافعون من أجل مباديء وأهداف بنفوس وأقدام ثابتة، فالجنة في انتظارهم والموت عندهم اختصار لحياة فانية للدخول في حياة خالدة، ولذلك كان جهادهم سباقاً من أجل الفوز، ويرجع الفضل في ذلك إلى القرآن الذي كانوا يعودون إليه في كل شىء استعصى عليهم في حالة الشدة يقول عمر ابو عوينة:

حوال من شبكهن أمغير طلبه
ساهل عليه فككهن
إن كانهن ذنوب برحمته يتركهن
وإن كان خير مو واعر عليه ايجيبه
ما في الكتب ربنا أحوال ايبكن
امفيت ما صهيد النار وتلهليبه
بدر ابتوبه قبل ما ينصكن
بواب الفرج للي ايتوب قريبه

الله وحده الرزاق الأحد وبمشيئته كل شىء:

الرزق عند الله هو اللي ايجيبه
بلا الله حتى شى ما يمكنه
من غير حكم الله ما بنطيروا
اللى رايده مولاي ما يتحول
سوى جايك بدري وإلا طول


الرضى بالقضاء والقدر ، وعدم الإنحراف بسببهما:

تفكر رقاد القبر وقت ايظلم
واسكت علي مولاك لا تتكلم
ورب القضاء يصعب عليك عناده
إن كان غير مولاك حرج
وباعك ودارلك عديلة
اتشيلها سوى خف و إلا ثقيلة
وإن كان هو رجع فيك ساهل
ارجاعك تخليلة
ويجيب الفرج بين حطه و شيلة

والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة شعار يحرض على اختيار الموت الذي يعقبه الخلود:

أول كلامي وفتح اسوالي
بالله الكريم الواحد المعبود
الدنيا قديمة ما تدوم بحالة
امغير اتقلب ميش دار الخلود

ويظهر أثر القرآن واضحا في هذه الأبيات، حيث تبدو كلماتها واضحة بالإضافة إلى الصبغة الإسلامية والأفكار التي جاءت بها المضامين من حيث الموضوع، يشبه الخطبة الدينية، يقول خالد بورميلة:

اوحق فارز الدين مالروم
وكل شيخ مرفوع شانه
وفارض الصلوات والصوم
علي عابدين الديانة
وحاسب النهارات باليوم
وكل يوم مشهور وانه

إن كلمة (وانه) التي جاءت في البيت تعني (الأوان)، وهي عربية ولكن حُرّف لفظها في البيت، كذلك ما جاء به القرآن من إعجاز في خلق الليل والنهار والحساب وعظمة التفصيل الإلهي للزمن، ويشابه هذا البيت قول الشاعر صالح بو مازق:

المولى كريم واجدات ارزاقه
وحاسب أيام العمر بالتفقيد
طالبين فضله ما يكن علينا
خالق الخلايق عالي المقدار
ونزيده وجاهة بالرسول نبيه
الهادي اللي شاعن عليه أنوار
انشاالله في ساعة ايعاود بي
ومعاي جملة المسلم الكل حضار

وثمة شىء آخر نلمسه في أغلب القصائد الشعبيه، ألا وهو الإهتمام بالنحوم، ومواقعها، وبالشمس والقمر، حتى أنهم اهتدوا بها في سيرهم ليلاً وبالتوقيت بالأهلة، يقول الشاعر:

يوفي غضب ليام ويميحن له
وليام هن والدهر كيف الهلة
أوقات بيدنلك قمر يجله
وتالي دواميس الظلام ايجنه

ولذلك كان المسلمون هم أسبق الشعوب إلى شتى العلوم وخاصة علم الفلك، هذه المعارف التي بشر بها القرآن، وأثبتها ومازال يثبتها العلم الحديث، فالقرآن علم وأدب وحرية ومساواة، ولذلك لم يُغلب أجدادنا أبداً.


بقلم : أ.د/طرثوثـــ

أ.د/طرثوثــ
24 / 05 / 2005, 57 : 02 AM
شكرا على موضوعي


ويعطيني العافيه على كتابته



وأنتظروا مني المزيد





( الظاهر الخدمه ذاتيه هنا ) أخدم نفسك بنفسك


نظام مطاعم

أبو فـلاح
25 / 05 / 2005, 05 : 12 AM
أ.د/طرثوثــ

يعطيك العافية ياغالي ..ولاتستعجل ترى هنا كلنا على الطاقة الشمسية
يعني بعد كم يوم راح يوصل عدد الردود 5 :4:

لاتستعجل وعطنا فرصة نثبت لك عكس هالنظرية ..


تحياتي

أ.د/طرثوثــ
05 / 03 / 2007, 56 : 03 AM
لرفع


بمناسبة مرور 10 أشهر على هذا الموضوع تم رفعه من أجل الذكرى العشريه

في خانت العشرات من القيمه المنزليه للعدد الموجود ضمن (99)

شبيه الريح
05 / 03 / 2007, 37 : 11 AM
موضوع راقي أخي الغالي ....
وحسنا فعلت عندما رفعته أخي لأن مثل هذه المواضيع لاتلقى إقبالا من الأعضاء المتواصلين هنا لأنهم لايحبذون العضو الذي يكتب موضوعه ثم يرحل ردحا من الزمن قبل أن يعود لكتابة شكره لهم .لذا البعض يختصر الأمر على نفسه ولايرد ..

للأمانة تملك قلم رائع أتمنى أن أبحر معه في مواضيع قادمة وأعدك أن يكون ردي آليا على كل مايطرح قلمك فقط أرني مايمكن أن يفعله بنا هذا الفكر النير ياغالي ...

أخوك/شبيه الريح